أكيتو، راس السنة الكلدانية العراقية 7310
تحتفل كل دول العالم برأس السنة الميلادية و تتعامل مع التقويم الميلادي يومياً ، و بذلك أصبحت رأس السنة الميلادية عيداً عالمياً . بالإضافة الى ذلك ، ما زالت الأمم و الشعوب تحتفظ بتقويمها الخاص و تحتفل به و تعتبره عيدها القومي و الوطني ، مفتخرة في ذلك بتاريخها و حضارتها.وقد ترتبط و تستند أعيادها القومية تلك على اساطيرها القديمة أو حوادث تاريخية مهمة ، كتولي أحد الملوك للعرش ، او عمل قام به ، أو بداية لتقويم قديم ، او بناء مدينة ما او الاستقلال و التحرر من الظلم و غيرها.
فمثلاً يحتفل الكورد و الفرس و الأفغان بعيد نوروز، ويعتبرهذا العيد عند الشعب الكردي بداية السنة الجديدة 2710 وفق التقويم الكوردي و الموافق لـ 2010 ميلادية ، وتبدأ السنة في 21 أذار من كل عام، و يحتفلون به كيوم التحرر من الظلم و الإستبداد حسب اسطورة (كاوة الحداد) ، كما هي بداية لربيع جديد ايضاً.
أما الفرس فيعتبرون نوروز رأس السنة الفارسية و التي تبدأ ايضاً في 21 آذارمن كل عام ، و يقال ان سبب الإحتفال به هو ان جمشيد(ملك فارسي سمي اول يوم من السنة بنوروز) وفّر ماء الحياة للناس و وعدهم بحياة ابدية، كما يعتبره البعض منهم يوم بداية الخليقة. و السنة الفارسية 2569 تقابل السنة الميلادية 2010.
الصينيون ايضاً يحتفلون برأس السنة الصينية و التي تعرف أيضاً بإسم عيد الربيع، و يقيمون الإحتفالات و المهرجانات الكبيرة ، و يعتبرونه بدء لحياة جديدة و موسم الحرث و البذر و تقابل السنة الحالية السنة الصينية 4708.
و يحتفل اليهود برأس السنة العبرية الجديدة ( روش هوشانا) ، و ستوافق في يوم 19 سبتمبر2010 القادم مع بداية السنة العبرية 5771.
و يحتفل المصريون بالسنة الفرعونية او المصرية في 11 سبتبمبر من كل عام و التي ستصادف هذا العام السنة 6252 فرعونية ، مستندين بذلك على أول شهر توت بحسب التقويم الفرعوني الذي أبتكروه عام 4241 ق.م.
والشعب الكلداني ، هذا الشعب الرافديني الأصيل، كباقي الشعوب الأخرى يحتفل بعيد رأس السنة القومية الخاصة به ، و يطلق عليه (أكيتو) ، و الذي يصادف في الأول من نيسان ، و السنة الكلدانية 7310 تقابلها السنة الميلادية 2010 .
وكانت الإحتفالات بهذا العيد سابقاً تبدءاً بالأول من نيسان و لغاية 12 منه ، ويكون الملك و ألآلهة و رجال المعابد لهم الأدوار الرئيسية في مراسيم وطقوس هذا الإحتفال.
كان فكر الإنسان الكلداني و تصوره للحياة في بلاد النهرين يتمحور حول ثلاثة عناصر أساسية وهي : الطبيعة و الآلهة و الإنسان ، و هذا يبدوا واضحاُ من خلال اسطورتي اينوما ايلش و كلكامش ، مع ايمانهم بوجود قوتين رئيسيتين تسّير الكون ، وهما قوى الخير و قوى الشر.لذا نجد ان احتفالات رأس السنة البابلية الكلدانية عبارة عن شعائر و طقوس احتفالية بالطبيعة و الآلهة و الإنسان معاً ، و تتخذ جدلية الموت و الإنبعاث عندهم اشكالاً انسانية واقعية و خاصة في علاقات الحب و الزواج عند الآلهة و من خلال تأليه الملوك و هبوط الآلهة الى العالم السفلي حيث يعيش الإنسان.
لذا فقد كان لهذا العيد و طقوسه أهمية كبيرة لدى الشعب الكلداني و كافة الأقوام التي سكنت بلاد ما بين النهرين ، بصفته رمزاً عظيماً و تعبيراً عن الفكر الإجتماعي و السياسي و الديني في مجتمعاتهم.
و لما كان الإحتفال بعيد أكيتو، رأس السنة الكلدانية يمتد لمدة اثنا عشر يومأً ، بدءاً بالأول من شهر نيسان و الى الثاني عشر منه ، فإن الإحتفال به اليوم بنفس الطريقة السابقة يعد من الأمور المستحيلة نظراً لما طرأ على الإنسان من تغيرات فكرية واجتماعية و دينية و علمية غيرت من طريقة تصور الإنسان لحركة الطبيعة و تفسيراته لتركيبة الكون و طريقة الخلق، بالإضافة الى اختلاف اسلوب و معيشة الانسان وعلاقته الذاتية مع الخالق.
لذا فإستذكار العيد و الإحتفال به اليوم يعبر عن احترامنا و اعتزازنا بتاريخنا و حضارتنا الكلدانية البابلية العريقة و إفتخاراً بمنجزات أسلافنا العظام الذين قدموا للبشرية الكثير من العلوم و الفنون ، كما هي فرصة لبث الوعي القومي و الوطني و تقوية الأواصر الإجتماعية بين ابناء هذه الأمة.
و لما كان تأريخ العراق و بلاد الرافدين يعود الى العام 5300 ق.م حيث الكلدان الأوائل و السومريين ، فإن الإحتفال به يجب ان لا يكون مقتصراً على الكلدان فقط ، بل لكل الشعب العراقي بكافة قومياته المتآخية ، لأن هذا التاريخ يشمل كل الحضارات المتعاقبة على ارض الرافدين من الحضارة الكلدانية و السومرية و الأكدية و البابلية و الى يومنا هذا ، و هذه الحضارات هي ملك كل العراقيين و مصدر فخره و اعتزازه.
و في الختام وبمناسبة حلول عيد أكيتو ، رأس السنة الكلدانية البابلية العراقية ، 7310 أقدم لكل العراقيين و لأبناء شعبنا الكلداني خصوصاً أحر التهاني وأجمل التبريكات ، داعياً من الرب ان يعيده على الجميع بالخير و السلام.
سعد توما عليبك
saad_touma@hotmail.com
عضو الهيئة التنفيذية
الإتحاد العالمي للكتاب و الأدباء الكلدان
نيسان/7310 كلدانية – 2010 ميلادية