Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ألأمم المتحده ..والدور المطلوب في العراق

التطورات الاخيرة على الساحه العراقيه والتي اخذت تشكل هاجسا مخيفا للولايات المتحده وتؤثر على استراتيجيتها في الحرب على الارهاب لعبت دورا بارزا في اقناع الادارة الامريكيه بضروره تحليها بالمرونه اذا ما ارادت مخرجا يحفظ لها ماء وجهها في العراق , والمرونه في الحاله العراقيه لا بد منها بعد مروراربعة اعوام على احتلالها للبلاد وعجزها عن ايجاد حل لدوامة العنف التي ادخلت البلاد بها ولم تعد تستطيع وقفها فراحت تترنح في اختيارها لطبيعة الحلول التي من شأنها التعجيل في ايجاد المخرج الملائم لها..

والدور الذي تؤديه الامم المتحده كان في الكثير من الاحيان خاضعا لارادة الدول الكبرى المسيطرة عليه وفي اغلب الاحيان يكون دورها اداري اكثر مما هو حاسم وفعال , ففي الحالة العراقيه لم تؤدي المنظمه الدوليه دورها على الشكل المطلوب منذ اجتياح صدام للكويت وحتى هذه اللحظه الحاسمه التي يعيشها العراق والتي تحصد فيها الحرب يوميا حياة الالاف من ابناءه , فبدلا من محاصرة الشعب العراقي وتجويعه كان بامكان الامم المتحده والدول الكبرى طرد سفراء النظام من كل دول العالم ومعاقبة الدوله التي تتعامل معه وطرد سفيره من الامم المتحده كأجراء رادع يمكن ان يجعل النظام يتهاوى ويسقط دون ادخال المنطقه بأسرها في دوامه الحرب المشتعله لكنها لم تفعل ذلك وسلكت طريق معاقبة شعبه من خلال تجويعه حتى ينتفض ويسقط النظام لكن ذلك لم يحدث وها هي اليوم تكرر اخطاء الماضي بترك الملف العراقي للدول الاقليميه وتدخلاتها بعد انسحابها من العراق بمقتل مبعوثها هناك سيرجيو ديميلو..

كان من الممكن للامم المتحده ان تلعب دورا مؤثرا وفاعلا في العراق قبل هذا الاوان لكنها استسلمت لضغوط الدول الكبرى حتى اصبح دورها المنفذ لما يطلب منها اكثر من ان تكون مصدرا للقرار الدولي , ولو تفحصنا هذا الدور جيدا لوجدنا العديد من النقاط التي تشكل اوجه القصور في وصول الحاله العراقيه الى ما هي عليه اليوم , ومن غير المنطقي قبول مواقف هذه المنظمه التي تنظر الى القضايا الدوليه بعيون امريكيه لا سيما موضوع احتلال العراق وعدم ادانته كما فعلت في الحاله الكويتيه واللبنانيه وهذه السياسه بحد ذاتها ساهمت الى حد بعيد في انعدام الثقه بالدور الذي تقوم به في اية بقعه من بقاع العالم ...

وحتى بعد الاحتلال الامريكي للبلاد واسقاط الدكتاتوريه وهي الشئ الوحيد الذي شكل ايجابيه في التحرك لكن ذلك لا يعني ابدا جر البلاد الى هذا المستنقع والبقاء في موقع المتفرج لما يحدث على الساحه من تقتيل وتهجير وحرب طائفيه الى محاوله فرض قوانين وتشريعات لا تخدم حالة الاستقرار في البلاد بأي شكل من الاشكال كقانون النفط والغاز والاقاليم وكركوك والكثير من القوانين الاخرى التي لم تكن ذات يوم مصدرا للتأزم كما هو عليه الحال اليوم لان البلد يعيش ظرفا استثنائيا وكان يمكن تأجيل البت بها حتى انتهاء الاحتلال او جدوله انسحاب قواته او ايجاد حل يرضي العراقيين وبالتالي اجراء مناقشات لكل الفقرات التي تشكل موضع اختلاف عندهم ...

التجربه التي خاضتها الولايات المتحده في العراق اثبتت لها ان الحلول العسكريه غير ناجحه في بعض الحالات وتبدو معقده لهذا عادت الى الامم المتحده لتطالبها بلعب دور اكبرفي العراق والتحرك لتلافي تداعيات انهيار محتمل لجيشها في العراق الذي يعاني قسوة الضربات الموجهة اليه من قبل المسلحين..

لم تكن هناك نوايا صادقه توحي بأندفاع لحل المشكله العراقيه من قبل الامم المتحده والا لما وصل الحال بنا الى ملامح دوله فاشله في الوجود كما هي اليوم والتي عجزت حتى هذه اللحظه عن توفير ابسط الخدمات لمواطنيها, العراق اليوم بحاجه الى لجنه دوليه تشرف على ملفه وتنطلق في عملها من دراسه ميدانيه تشخص حالات القصور لكن ذلك بلا ادنى شك سيكون خاضعا لموافقه الاطراف الدوليه المؤثره في الامم المتحده وفي مقدمتها الولايات المتحده وروسيا اللتان تتنافسان على منابع النفط والطاقه في العراق , والعمل على خلق ارضيه ملائمه لاقامه دوله دستوريه يسود فيها القانون وان يتم اعاده صياغه دستور جديد للدوله بعيد عن تأثير القوى السياسيه ويكون تحت اشراف مجموعه من القضاة العراقيين يساعدهم قضاة دوليون ترشحهم الامم المتحده لتلافي خضوعه لهذه الجهة او تلك وهي عمليه غير معقدة اذا ما توفرت النوايا الحقيقيه الصادقه لتجسيدها على ارض الواقع...

ففي الوقت الذي تعمل فيه الامم المتحده المستحيل لتحقيق قراراتها في اماكن عديده من العالم بأندفاع وعزيمه نراها في العراق تتحرك بخجل وفتور في التعليقات التي تتناول العراق ووضعه وهو في امس الحاجه في الظروف الحاليه الى تحرك عاجل يغير مسار الامور فيه بعد ان سيطرة الاحزاب الطائفيه والعرقيه على مصادر القرار والتشريع فيه ورفض الشعب لهذه السيطرة التي لم تحقق له اي نجاح يذكر...

ان التحرك باتجاه حل لقضية العراق التي دخلت اعقد مراحلها يشكل تحديا لمصداقيه الامم المتحده وتأثيرها على الاحداث في العالم ,فمكانها بقي خاليا منذ التاسع عشر من اب 2003 اليوم الذي تعرض فيه مكتبها في بغداد الى تفجير اودى بحياة ممثلها الخاص في العراق, والحلول المتاحه امامها تبدو محدوده للغايه وسط التنافرات التي تعيشها الساحه العراقيه ولا يمكن التعويل على القوى الموجوده لوحدها في العمليه السياسيه وقيام المنظمه الدوليه بدورها على اكمل وجه يحتاج بلا ادنى شك لمساعده من العراقيين انفسهم فحل الخلافات بشأن الدستور واجراء انتخابات جديده وودفع الولايات المتحده لسحب قواتها من العراق وكذلك التركيز على تبني عملية اعادة اعمار العراق واعطاءها بعدا دوليا تشترك فيه معظم دول العالم من شأنها جعل عملية احلال السلام في البلاد امرا ممكن الحدوث اذا ما توفرت النوايا السليمه عند اطراف المعادله السياسيه الحاليه..

لقد تعرض الدور الذي لعبته الامم المتحده في العراق الى انتقادات كثيرة لانها لم تولي الموضوع الاهتمام الكافي سواء بحكم وقوعها تحت ضغوط القوى الكبرى او بحكم دورها السطحي الذي لم يرتقي الى الدور المطلوب والذي كان العراقيون يعولون عليه ويتمنون في قرارة انفسهم ان تؤديه هذه المنظمه تجاههم , لا يمكن القول انها لا تستطيع فعل الكثير لان دورها في اماكن اخرى من العالم يثبت عكس ذلك فقد ساهمت في احلال الامن في صربيا وباقي بلدان يوغسلافيا السابقه ودفعت الدول الكبرى للاشتراك في اعمار هذه المنطقه والغاء ديونها وهي تشهد اليوما تطورا ملموسا يستطيع المتتبع مشاهدته من خلال شاشات التلفزيون..

كان من البدايه دورا خجولا ادى الى وصول العراق الى الحاله المزريه التي يعيشها اليوم ولا يمكن ايجاد حل بسهوله كما يتصور البعض وليس ذلك تشاؤما بقدر ما يعبر عن واقع ملموس تسيطر فيه لغة الموت والرصاص التي عاش لحظاتها الامين العام للامم المتحده بان كي مون في بغداد اثناء زيارته الاخيرة لها والتي شاهد خلالها سقوط قذيفه للهاون بالقرب من المكان الذي كان يعقد فيه مؤتمره الصحفي مع المالكي..

ان العراقيين بلا ادنى شك شعب يتوق للعيش بامان واستقرار حاله حال كل شعوب الارض ولن يرفض الجهود التي تريد الامم المتحده بذلها من اجل تحقيق السلام فيه ووجود العصابات المسلحه والميليشيات لا يمكن ان يقف عائقا امام تحقيق هذا الهدف اذا ما رغبت الولايات المتحده والحكومه العراقيه بذلك فقد اثبتت الاحداث الاخيرة في العراق قدرتهما على بسط الامن متى ماشاءوا تحقيق ذلك , ولعب دور بناء يسهم في انجاح عملها في العراق شرط ان لا تنطلق في عملها من الطاعه للاجنده الامريكيه وحدها فهذا ما سيجعل عملها صعبا للغايه ولا يساهم في انجاحه باي شكل من الاشكال,وفي المرحله الحاليه التي تشهد انسحاب معظم التكتلات السياسيه من الحكومه ومحاوله اسقاطها سيكون لاي دور للامم المتحده تأثيرا ايجابيا ان انطلق كما قلنا من النوايا الحسنه التي لا تعتمد في اطار تحركها على طرف معين بقدر اعتمادها على اعادة الثقه للعراقيين بانها تعمل بجد لانهاء العنف واحلال الامان والاستقرار وربما يستفيد الامريكان من الوضع الجديد بالهروب من مسؤولياتهم في العراق والقاء المسؤوليه على عاتق الامم المتحده تلافيا لهزيمة جيوشهم في العراق والتمهيد لانسحاب فوري غير مدروس يؤدي بالبلاد الى فوضى قد لا تنتهي بسهوله في الامد القريب, ان الجهود المبذوله في هذا الوقت بالتحديد لا توازي التدهور الحاصل على ارض الواقع في العراق او حتى منطقه الشرق الاوسط وتركت للاطراف الدوليه كي تحكم مصالحها واستراتيجياتها على حساب الشرعية والقانون الدوليين..

فالصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين اخذ بعدا خطيرا عجزت الامم المتحده عن التأثير فيه لا من قريب ولا من بعيد وكذلك الموضوع اللبناني الذي اخذت الاطراف الدوليه تتقاذفه دون ان تكون هناك سلطه للمنظمه الدوليه لمنع ما يحدث فيه وهذه الطريقه في التعاطي مع القضايا الدوليه جعل مصداقيه الامم المتحده في مهب الريح حتى اصبح بالامكان المطالبه باجراء تغييرات جذريه في طريقة عملها وكذلك الاعتراض على مكان تواجدها بعد ان كشفت اكثر من دوله تجسس الولايات المتحده على معظم البعثات الدبلوماسيه فيها وفوق ذلك تعتبر عدم التزامها بدفع الاموال المترتبه عليها للمنظمه مما يعني عمليا عدم اعتراف امريكا بهذه المنظمه الا في حالات تخص مصالحها وهزيمتها في العراق لن ينقذها منها كما تعتقد غير هذه المنظمه...

ان العالم الذي نعيش فيه ملئ بالتناقضات وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الدوليه التي تترك انطباعا بان البشريه مقدمه على حرب عالميه جديده لا يستطيع احد التكهن بعواقبها على البشريه اذا ما استمرت الحاله بهذا الشكل من الاهمال والصدام الاعمى الخالي من الشعور بالمسؤوليه تجاه المجتمع البشري ...

ويحق للعراقيين ان لا يتفائلوا بالدور الاممي فيه طالما ان هذه المنظمه لا تستطيع الخروج من الاطار الذي تضعه لها الولايات المتحده وبريطانيا في التحرك ودون امتلاك حقها في تشخيص النواقص والخلل لن تتمكن هذه المنظمه من فعل شئ في العراق لانها لا تستطيع التشهير بالجرائم والمجازر التي ارتكبها جنود الولايات المتحده وبريطانيا في العراق وهذا ما يعلمه كل عراقي جيدا, لذلك يبقى الدور المرتقب لها اسير مدى التأثير الذي تحدثه على دول جوار العراق لمنعها من التدخل في العراق وهذا على الارجح اقصى ما تستطيع تقديمه الامم المتحده في العراق اذا ما فشلت في تغيير دستور البلاد واجراء انتخابات مبكرة ان القرار الاخير 1770 الذي اعطاها صلاحيات موسعة بعض الشئ في العراق وهذا ما يدفع بعملها الى الامام ان تركت الولايات المتحده عمل هذه المنظمه خالي من التوجيهات التي لم تتردد يوما في تلقينها لموظفيها وللامم المتحده تجربه طويله منذ فرق التفتيش التي كانت الولايات المتحده تحركها كما تشاء وان كان الدور ا

لاممي شبيها بتلك الفرق فانه بلا ادنى شك سنقول على العراق السلام... Opinions