Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

( ألقـوش ) موسـكـو الصغـيرة في نهايات الخـمسينات وما بعـدها ( 1 )

تأسّس الحـزب الشيوعي في العـراق عام 1934 وظهرُه متـكـىءٌ إلى دنـﮔـة الإتحاد السوﭭـيـيتي عَـبر مسيرته الطويلة قـدم خلالها قافـلة من شـهداء رَوتْ دماؤهم أرضاً بَـوراً غـير صالحة لزراعة بذور الإلحاد الأجـنبـية فـلم يحالفه الحـظ لإستلام السلطة ولو لأيام ولن ! . وفي زمن مضى وقع أعـضاؤه في مصيدة الجـبهة التقـدمية البعـثية المزعـومة في وقـت كـنا نحـن اللاسياسيّـون نعـرف نواياها الرامية إلى كـشفهم جـميعاً والإنـقـضاض عـليهم بسهـولة ولكن ذلك غاب عـن قادتهم الفـطاحـل أو عـرفـوها وثـوّلوها لأجـل مصالحـهم الآنية في حـينها ، وكانت النهاية مثلما توقعـناها نحـن البسطاء . وقـد كان لي إحـتكاك مع أصدقاء كـثيرين منهم ، نـتجاذب أطراف الحـديث بمواضيع كهذه إنْ كان في فـترة الدراسة الجامعـية أو بعـدها ، ولا شك بأنـني من جانبي كـنتُ ناقـداً ومن جانبهم كانوا مدافعـين عـن مبادئهم وإخـتياراتهم وهـذا شيء طبـيعي ولم يزعـل بعـضنا من الآخـر إلاّ القـلة القـليلة ذوي العـقـول الزرزورية ، وعـندي قـصص كـثيرة بهذا الشأن .
أنا لم أسكـن قـرية الشرفـية المجاورة لألقـوش ولا سكـنتُ الفاو ولا في راوندوز ، ولهذا لا أعـرف بظروفها ولا بوجـود تـنظيم شيوعي هـناك أم لا ، وإنما أنا أعـرف بلدتي ألقـوش وبعـضاً مما دار فـيها أيام زمان ، ورغم إبتعادي عـن أزقة السياسة إلاّ أن هـناك مَن يمزح ويقـول : مِن أعاجـيـب الدنيا السبع ! عـراقي لا يتكلم بالسياسة .
أقـدّم صلواتي إلى الشهداء مِن أبناء شعـبي الذين ناضلوا في سبـيل طريق السلام وإجـتهدوا من أجـل معـرفة الحـق المحَـرّر للإنسان وسـفـكـوا دماءهم عـلى أرض الوطن لتـكـون للشعـب حـياة أفـضل ، وأقـدّم إعـتذاري مقـدّماً إلى السياسيّـين الذين كانوا ساكـنين بعـيداً ولم يكـونوا قـريـبـين مُـعايشين للحـقائق ، وإلى الذين تركـوا السياسة كـمنهج لمستـقـبلهم ، وإلى الذين نشروا نبذة عـن حـياتهم وإشاروا إلى تـغـيـير مسار حـياتهم ( مثـل مار ﭙـولص ) عـن صحـوة ضمير وإرادة حـرّة مكـتوبة بقـلمهم وقـرأناها فـشهـدوا بالحـق عـلى أنـفـسهم وصراحـتهم في إخـتياراتهم غـير مضـطـرّين ، إنهم فعلاً شـجعان رجالاً كانوا أم نساءاً إخـتبروا الحـياة وعـرفـوا إتجاه المصير الصائب ، فأرجـو منهم عـدم المؤاخـذة وليسوا مقـصودين في مقالنا هـذا لا من بعـيد ولا من قـريـب ، إنما أكـتب عـن مَـشاهـد حـدثـتْ قـبل خـمسين سـنة تـقـريـباً ولاحـقاً ، رأيتها في قـصبتي ألقـوش بأم عـيني وليس من أماكـن أخـرى التي قـد يكـون واقعها شيئاً آخـراً ، وحـبذا لو أقـرأ ردّاً - أياً كان مضمونه - ممن له تعـليق عـلى هـذا المقال بإسمه الصريح وليس المستعار ، ومِمَّن عايَـش الحـدث زماناً ومكاناً لأردّ عـليه بأخـُـوّة صادقة وأشـكـره سـلفاً قـبل أن يستهلك وقـته الثمين في حـديث ثـنائي أو ثلاثي في الخـفاء هـنا وهـناك أو في ﮔـهاوي الخـمول ، وإنّ أي ردّ يأتيني ممن لم يـعِـش الحـدث مكاناً وزماناً أو ممن كان يرضع من أمه في حـينها ، فـسوف لن أجـد نـفـسي مضـطـراً للإجابة عـليه للسبب المنطقي البديهي الواضح ، وإذا إدّعى أحـد ( كما إدّعى سابقاً في مناسبات أخـرى ) أنْ ليس لديه قـلم للكـتابة ! فـمشكـلته يمكن حـلـّها إذا إتـصل بنا وسنكـون له قـلماً أنيقاً مَـبْـريّاً ومتعهّـدين أمام الجـميع بأن نـريحَه ونحـن الممنونون .
إنـتـقـلتْ إقامتي الدائمة من كـركـوك إلى ألقـوش قـبل نهاية عام 1958 وأنا في الصف الرابع الإبتـدائي وهـناك أنهـيت دراستي الإعـدادية وإستـمرّ سكـني الدائم فـيها حـتى 1974 وبعـدها كانـت لي زيارات إليها للترفـيه أو للضرورة حـتى عام 1992 فغادرتُ العـراق . ولا يخـفى عـلى الجـميع أن هـيجان المنطقة الشمالية من عـراقـنا إبتـدأ عـند مطلع الستينات من القـرن الماضي ، وكانت لألقـوش الواقعة بـين المطرقة والسنـدان حـصة واضحة من ذلك الإضطراب مما جـعـلها مرصودة مِن قِـبَـل أنـظمة الحُـكم المتعاقـبة في العـراق ، وصارت إسماً مألوفاً لدى الكـثيرين مِن أبناء الشعـب العـراقي في مخـتـلف المحافـظات وأصبحَـتْ مَمَراً ومحـطة إنـطلاق لهم ( شاهـدتُ مثالاً بعـيني ) بُـغـية الوصول إلى الملاجىء المستعـصية والآمنة في جـبال شمالنا الحـبـيـب . ومنذ تلك الأيام وإلى حـد الآن لم تـكن لديّ هـواية تمجـيد ماركس وإنـجـلس وبـيانهما ولا عادة تأليه لينين ولا الإعـجاب بستالين في تعامله الديمقـراطي جـداً مع مُـعارضيه ، ولا كان عـندي وقـتٌ لنشر أخـبار خـروشوف وضربة حـذائه عـلى طاولة الأمم المتحـدة ، لأنـني كـنـتُ ولا أزال مشغـولاً في تمجـيد غـيرهم ممن يحـتـلون مكانة في معـتـقـدي وقـوميتي وشعـبي ، كما لم أضع أقـدامي عـلى آثار أرجـل أيّ عابر سبـيل يتـزحـلق في ظلام مجهـول المسار ، لأن لدي طريقاً نـَـيِّـراً بحـق تـدبّ فـيه الحـياة منذ الأزل ، ولم أتـدفـَّأ بوميض يَراعة ليلاً فالشمس نور وحـرارة للبشرية كـلها نهاراً ، ولا إفـتـخـرتُ بالبلاشفة ولا ذمّـيتُ المناشـفة لأنـنا لا زلنا نـنهـل من مبادىء تربة أرضنا وشعـبنا ولم نشبع منهما بعـدُ ، نعـم كان عـندي حـب الإطلاع عـلى الأفـكار والإستماع إلى حـديث أولئك المهـووسين الذين زوّدوني بكـتبهم فـقـرأتها بشغـف ، ولكن دون أن أنجـرف وراء هـذه الفـكـرة أو تلك الأقـوال أو ذلك المنطِق ، لأن لدي أفـكاري وأقـوالي ومنطِقي ولم يتـطـلـّـب الموقـف مني يوماً أن أكـون تابعاً إلاّ لمانح الحـياة ، وكم من مرة زجـرَني هـذا وسـخـرَ مني ذاك من مقـرّبـين إليّ أو بعـيدين دون أيّ ردّ فعـل مني سوى إشارتي لهم نحـو الطريق والحـق والحـياة مما كان يُـزيد من إستهـزائهم بيّ ، وفي نهاية المطاف صار بعـض منهم في عِـداد المفـقـودين لا في ساحة حـربٍ ولا عـلى أسرّة المستـشفى بل في أحـواض غامضة السوائل أو في معـتـقلات مجـهولة المكان وأنا آسف ومتألم لهـكـذا نهايات التي حَـذرْتُ بعـضـَهم منها يوماً فإستـخـفـّـوا بنـصيحـتي ، فـماذا يجـني الإنسان لو ربح كـلمة ( بـراﭭـو – عـفـية عـليك ) في فـراغ النظريات وخـسر نـفـسه في واقع الزنزانات ؟ والبعـض الآخـر حي يُـرزق اليوم يعـرف قـيمة هـذا الكلام .
أتـذكـر أيام المهـرجانات في ألقـوش الصغـيرة ، ظاهـرها إحـتفالٌ بثورة 14 تموز الوطنية الأصيلة ، وباطنها إبتهاجٌ بثورة أوكـتوبر 1917 الأجـنبـية الدخـيلة كان حـجمها النسبي في تلك الأيام كمظاهـرات ﭙاريس ولندن اليوم ومن بـين تلك الذكـريات خـروجُـنا نحـن أطفال المدارس الإبتـدائية وأكـيد كان معـنا طلاب المدرسة الثانوية في مظاهـرة إحـتجاجـية نطالب فـيها بجعـل يوم الأحـد عـطلة رسمية بالهتاف الجـماهـيري – لا دَوام يوم الأحـد ... من الآن إلى الأبـد – إذن هـذه فـرصة جـيدة لي أنْ أدّعي النضال ، وحالي حال الكـثيرين ( الذين لم نسمع بأسمائهم ولا بنشاط منسوب إليهم سابقاً ) بعـد أن غادروا العـراق إدّعَـوا النضال والكـفاح فـتاهـت الحـسابات ، وصار أخـضر الأغـصان يُـباع بسعـر الوريقات اليابسات ، فـيكـيلون نـضالاتهم بالوزنات وليس بالغـرامات ، ويقـيسون إضطهاداتهم لا بالكـُـشـتـبانات بل بالقـرطالات ( سلات كـبـيرة تـُـحـْـمَـل عـلى البغال لنقـل الفاكهة المحـليّة تـُـنسَج في شمالنا العـزيز من أغـصان رفـيعة ) ويتلـفـَّحـون برداء التـقـدمية والإشتـراكـية واليسارية بأقـمشة أطوالها بالكـيلومترات ، حـمراء مرصّعة بمنجـل والدي الفلاح البسيط ومطـرّزة بـﭽاكـوﭺ جـيرانـنا وأقـربائنا الطيِّـبـين الحـدّادين آل وزّي . أقـول عـن أولئك صاروا يحـكـون لنا اليوم قـصصَ النضال والكـفاح والمجازفات فـهـربوا من بطش السلطات ! إلى أين ؟ إنهم لم يطـلبوا ﭭـيزا الحـماية من بلد الحـرية الأم العـزيزة ( الإتحاد السوﭭـيـيتي المُسيّج بطـَـوق فـولاذي ) ولم يـبحـثـوا عـن الديمقـراطية في ( ألمانيا الديمقـراطية ) ولم يشتاقـوا إلى رفاه الشعـوب في ( الصين الشعـبـية ) بل طلبوا حـق اللجـوء من بلدان رأسمالية تمتص دماء الشغـيلة ( أميركا ) وأنانية مقـيتة ( أستراليا ) ويمينية رجـعـية ( كـندا ) وإحـتـكارية مكـروهة ( إنـﮔِـلـترا ) ولم يخـطـطوا للإستـقـرار في بلد الشعـبَـيْن المتآلفـَـين المنسجـمَـين الـﭽـيك والسلاﭫ ( ﭽـيكـوسـلوﭭاكـيا ) أو الدويلات الخـمس المتحـدة في ( يوغـوسلاﭭـيا ) وإنما هاجـروا بطريق أو بأخـرى متحَـمّـلين المشـقات إلى بلدان التـفـرقة والقـذارة ( أورﭙا ) . أتـذكـّـر البعـض في أيام نهاية الخـمسينات وأوائل الستينات وأنا صبيٌّ ( وهـذا البعـض حيٌّ يُـرزق اليوم تـلـَـوَّنَ متدرجاً بكل ألوان الطيف الشمسي مبتـدئاً بالأحـمر ومنـتهياً بالبنـفـسجي ، من مناضل ضد أنظمة الحـكم إلى بعـثي مخـفي إلى آشوكـلداني ثم ديمقـراطي وبعـدها شعـبي وتـنـظيمي ومسيحي ومَن يدري غـداً ... أوغـندي هـندي ، المهم عـنده الفـلوس وحـيث تكـون الفـلوس تــُـنـتـبَـذ المبادىء ........ ) أقـول عـن أولئك البعـض كان يهمّ في جـمع تـواقـيع الأهالي الأبرياء الواثـقـين بإخـوانهم أبناء بلدتهم عـلى طلباتٍ ظاهـرها حـقـوق قانونية شرعـية إنسانية كالماء النقي والكهرباء لقـصبة ألقـوش وتبليط أزقـتها ، ولم نعـلم بـباطنها إلاّ بعـد أنْ كـبرنا ، فكانت برقـيات تأيـيد إلى جهات وجهات ، لو صرّحـوا بها في وقـتها ما كان يرغـبها كـثير من الآباء والأمهات ، مما خـدع القـيادات وشـوّه التصوّرات وفـقـد عـندهم توازن المعادلات ، فـكانـت توجـيهاتهم إلى قاعـدتهم لا تـتـناسب مع أرض الواقعـيّات ، وكـمثال عـلى ذلك لا الحـصر ، كان المهرجانيون يهتـفـون بأهازيجهم بلحـن أغـنية ( خايف عـليها - لناظم الغـزالي ) ويقـولون : عاش الزعـيمي - عـبد الكـريمي - حـزب الشيوعي بالحـكم مطـلب عـظيمي ـــ يا حـشّاش إش ورّطك - والدولار إش قـشمرَك - يجي يوم نِسَحـْـسِلـَـك (2) - عاش الزعـيمي ........... ، هـذا في موسكـو الصغـيرة ألقـوش فـما بالكم بالكـبـيرة ؟ وإذا كان البعـض لا يرضى بمقالنا البسيط هـذا وأحـداثِه الجارية حـين كـنا صبـياناً ، فـكـيف سيرضى بمقالاتـنا اللاحـقة عـن ظروف وأحـداث أدركـناها حـين أصبحـنا مراهـقـين ثم شُـبّاناً ؟


أوائل تموز 2011
Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
مجلس الرئاسة يدعو الى تشكيل جبهة للمعتدلين والمالكي يسعى الى جمع الكتل للالتفاف الصباح/ يمضي رئيس الوزراء نوري المالكي اكثر من 16 ساعة يوميا في مكتبه لدراسة قضايا البلاد والانتهاء من تشكيلة الحكومة الجديدة الى كتّاب وساسة شعبنا لنقتدي بمجلس مسيحيي كركوك تشكيل مجلس مسيحيي كركوك ، كم هي بسيطة هذه الجملة ، وكم هي رائعة تحمل في طياتها من المعاني الزاخرة بالوعي والمحبة والشعور بالمسؤولية ، إن هذه النخبة من شعبنا ـ رغم التراكمات التاريخية ـ استطاعت ان تهدم الحواجز وتجتاز كل الأشكاليات لتحقق لقاءً وتفاهماً وب ردا على مقالتي (هل هذه هدية لصحيفة المدى ؟)بتاريخ 9/11/2009 ردا على مقالتي (هل هذه هدية لصحيفة المدى ؟)بتاريخ 9/11/2009 كتبت المقالة كعادتي ونشرتها في كل الصحف والمواقع التي انشر فيها والحقيقة اقولها لاول مرة خلال طيلة كتاباتي استلم اكبر عدد من نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي: الخلافات السياسية تحل من خلال لغة الحوار وليس بالتصريحات المتشنجة شبكة أخبار نركال/NNN/ اكد نائب رئيس الجمهورية الدكتور خضير الخزاعي ضرورة الحوار الوطني بين
Side Adv1 Side Adv2