ألقوش ترفع هامتها بإتجاه نصب إبنها الشامخ
ســِفرُ ألقوش مجلــّد ٌ سميك تزخر صفحاته بكل ما يشرّف الأنسانية, في كل صفحة من هذا السفر تلقى ومضة نور من شعاعات الحياة الوهاجه, ففي الدين كانت موسومة بروميه الثانيه , و بالفكراليساري الوطني التقدمي فهي الموصوفة بموسكو الثانيه , أما في مواقفها القومية فهي ظهير هذه الأمة الساند لصوت الوحدة القوميه ,في طلب العلم والمعرفه قلما خلا بيت ٌ من شهادة علميه ,وفي تحدي الظلم والطغيان كانت الوحيدة التي أوصدت ابوابها بوجه الظالم المتبختر, أما في النخوة والكرم فحدث ولاحرج لما في مواقفها التاريخية من نبل وأصاله مع القاصي والداني.الوفاء ميزة الاصلاء, ورد جمائل العظام سمة النجباء وخصال المتواضعين مهما ضاقت بهم السبل , في إلتزام الذات بأداء ما عليها تستطيع الامم ان تبقى و الجغرافية أن تصمد أمام مخالب الطبيعة وتعريات سيولها الجارفه, من هذه المناهل بنت المدينة لنفسها وبأذرع أبنائها أرشيفا يحتذى بغناه ورقيه .
الكلام عن صفحة المرحوم توما توماس, فهي إستثناء ملفت و شارة زينة لهذا المجلــّد , صفحة هذا الرجل الاسطوري أغنت أرشيف البلدة وعمــّقت جذورها الضاربه الاف السنين ,حاشا ان نقول المديح بحق أهله من قبيل التعنصر او التكابر , فلسان حال الخصم قبل ألصديق هو الشهادة الحيه لكل ما يقال بحق الرجال ,ما ميّز هذا الرجل عن غيره في سوح النضال والعلاقات الإجتماعيه أضفى على صفحته الزهو والمجد إذ هو إختار من النضال دربا ومسلكا في حياته منذ ريع شبابه وأختتمها في ظيم المهجر.
البعيد قبل القريب والبارتي قبل الرفيق والبعثي قبل ابناء بلدته يحكون لنا عن عفة شخصه وصلابة عود ه ,الكل يحكي لنا عن سمو مواقفه الوطنيه الداعمه لنضال المظلومين ورفعة خلقه المتسامح و أمانته ,تضحياته الجسيمه من أجل مبادئه لم تتوقف الى آخر لحظة من حياته .
قلّما إجتمعت هكذا صفات في رجل عايش فوضى وتعقيدات وضع العراق في القرن العشرين على الأقل, لقد زخرت سنين حياة هذا البطل بسيول من المشاكل والمصاعب التي جاءته بسبب معتقده الفكري وإصراره على سلوك درب الابطال الأمناء الذين لم تزعزعهم مغريات المناصب ولا قرقعات الأنظمة بعكس ما فعله الإنتهازيون ,لقد رحل هذا الرجل ولم يخطر بباله يوما رصد مبلغ يسد فيه كلفة العلم أو الكفن الذي سيلتحفه في توديع أهله, غادر ملاذ الدنيا منذ ريع شبابه ليعلن عن نفسه شيوعيا بطريقته المتميزه كالمارد المتصوف من اجل وطن سعيد وقضية شريفه تاركا وراءه كل ما حازه بعرق جبينه من ماده وأملاك ليبدأ رحلته النضاليه الشيقه , ناضل وقاتل بالطراز الانساني الذي إظطر كارهيه وأجبرهم على أحترامه من شدة خجلهم أزاء اسلوبه النضالي المسامح وطريقة حبه لوطنه وشعبه دون تمييز.
إن كان المرحوم البطل توما توماس من هذا الصنف , فتشييد النصب له في مدخل مدينته هو فخر لكل شريف أحب الوطن وناضل من أجل وحدة شعبه,ما أرقى ان يتضمن هذا الصرح متحفا يعرض للزائر بانوراما أيام حياته ومقتنياته التي كان يستخدمها ونبذا عن مذكراته التي إختطها بقلمه الرشيق, كما اننا نتمنى فتح سجل للزائرين يكتب فيه أهله ورفاقه مذكراتهم عن هذا الرجل الخالد .
بوركت جهود الذين سعوا الى هذا المشروع وبارك الله بكل من ساهم او سيساهم في دعم وإظهار هذا النصب بالمظهر الذي يليق بصاحبه وبشهامة ووفاء أهله ورفاقه.