Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ألمذهبية .. ستُغرق مركبنا القومي جميعاً

مسيحيون ..أبي آشوري يتبع الكنيسة الشرقية القديمة وأمي سريانية تتبع الكنيسة الأرثذكسية وزوجتي كلدانية تتبع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية جميعنا في مركب واحد .. إن غرق المركب غرقنا جميعاً .

يقال ان السيد المسيح { ع } لم يدلي باي شئ يشير الى تبني مذهب معين , كذلك رسل الأديان السماوية الأخرى لم يشيرو في كنبهم الى اعتماد مذهب معين كما نعلم !!..لكن المذاهب تأسست وبنت قواعدها بعد الرسل واصبح لها جمهور واسع ..... لكن هذا ليس موضوعي . ان موضوعي يتعلق بمن يطرح انتمائه المذهبي بشكل استفزازي وهذا قد يثير المخاوف على مستقبل قوم لطالما افتخر بانتمائه القومي الأشوري دون اي تسمية اخرى , انما قدر لهم اعتناق الديانة المسيحية عبر ثلاث مذاهب كنسية يديرون شؤونهم الحياتية لا اكثر ولا اقل ! ولا ادري ما الذي يجنيه البعض من تأجيج الفرقة عبر التطرف المذهبي بشكله السلبي ..فقبل الأديان بملايين السنين كانت الإبادات البشرية قائمة وأهم اسباب قيامها هو الجهل وعدم المعرفة لأهمية الحفاظ على استمرار حياة النسل البشري وعلى حمايته من الإنقراض ؟ الا ان تعاقب الأزمان ونمو العقل البشري استطاع الأنسان بناء الحضارات والأمبراطوريات , وهنا برزت الصراعات على السلطة حتى وصلت الى مرحلة القتال لينتهي بموت الكثيرين لا لشىء إلا لإشباع رغبة الأنسان آنذاك للسيطرة على الحكم ونشر طقوس آلهته التي يؤمن بها , هكذا كانت طبيعة الحياة . وبعد ان استبشرت الدنيا بقدوم الأديان السماوية التي حملت معها رسائل السلام والمحبة بين البشر لجأ الأنسان للإنتماء اليها طالباً الخلاص والحياة الأبدية . ومن الأوائل الذين اعتنقوا المسيحية بعد ان آمنوا بعظمة السيد المسيح الذي ضحى بحياته من اجل خلاص البشرية هم سكنة بلاد آشور وبابل وما يحيط بهما " بلاد النهرين "... ولست هنا بصدد المسيحية ودورها في ارساء السلام في العالم ..... لكن موضوعي هو التأكيد على ان شعبنا قبل المسيحية كان صاحب اعظم واول حضارة عرفتها البشرية آنذاك لكن هذا الشعب عاش ظروف معينة وحاصرته احداث دامية عبر مراحل تطوره فسقط من قادته من سقط وانقرض من انقرض !... ولذلك علينا الحذر لكي لا تعاد ثانية صراعات الماضي في وقت يعاني فيه وجودنا القومي في العراق الى الظلم والتهجير والتصفية منذ اكثر من مئة عام ! والغريب اننا استبشرنا بتحرير العراق من نظام دكتاتوري وقد صفقنا ابتهاجا بهذا الأنجاز .. لكن المفاجئة كانت حرب حرقت حتى الحجر وإحتلال اجنبي بغيض جلب لنا معه كل انواع التطرف المذهبي الإرهابي وكل انواع الجريمة من قتل واغتصاب ونهب حيث تقوم بها ميليشيات مسلحة ارهابية مذهبية غريبة ومختلفة المناشئ وغير معروفة بحيث اصبح العراق ساحة للحرب وتصفية الحسابات وكأني امام مشهد المحتلون إبان احداث سميلي سيئة الصيت !

واريد ان الفت النظر الى ان ما حدث للعراق القى بظله على نشاطات بعض من ابناء شعبنا حيث قد ظهر في بعض الأوساط الأعلامية داخل العراق وخارجه بعض التأويلات والتصريحات والمقالات المتبادلة بين المذاهب وصفت البعض من رؤوساء كنائسنا او احزابنا المتنوعة بالمتطرفين واحيانا بالمخربين او الخونة ..ومهما يكن فاني ارى ان معالجة مثل هكذا قضايا بحاجة الى تأني وتمحيص دقيق ثم بالحوار والحديث واللقاءات نستطيع تجاوز الأخطاء ثم الركون لترتيب البيت ؟.. اما التشنج والتسرع في اصدار الأحكام فاني ارى ان ذلك يؤشر جهلا وتراجعاً وعدم المقدرة لقيادة شعبنا وحل مشاكله !.. وبما اني لا اميل الى التشكيك باحد فاني اسمع من بعض الأصدقاء بان هناك بعض الأوساط قد فضلت المصلحة الحزبية او الطائفية او غيرها على المصالح العامة للأمة , وانا لا انفي عدم وجود مثل هؤلاء ؟.. ولكن هؤلاء من القلة بحيث لا يمثلون ثقلا مهما في مجتمعنا .. الخطر كما يعتقد البعض يكمن في الذين يسعون لتمزيق الأمة من خلال بناء كيانات جديدة كنسية او تجمعات قومية وهؤلاء قد يكونوا من المغرر بهم او من دعاة المذهبية من الذين تأثروا بما حصل لإخواننا المسلمون الشيعة والسنة في العراق بعد سقوط نظام صدام والذي زاد احتداما في الفترة الأخيرة ..

واذا ما فكرنا قليلا بما يجري اليوم .. فاننا نخلص الى نتيجة مؤداها ان التشكيك بمسيرة احزابنا او رجال كنائسنا من قبل البعض قد يساعد على اعادة ابراز الاحقاد الدفينة التي كانت سائدة قبل الاف السنين لتعود بنا الى الماضي وكأننا اليوم امبراطوريتين نحكم ارض الرافدين ؟

وغالبيتنا قد قرأ في التأريخ ما حدث بين الأشوريين والكلدانيين وغيرهم من صراعات وحروب , بالرغم من ان المسيحية آنذاك لم تكن حاضرة في وجدانهم , ولم يكن العالم قد وصل الى ما نرا اليوم من جهاد بشري جماعي لحماية الأنسان من الإنقراض ! .. ومن هذا الأستنتاج فان ابراز مشاكلنا وصراعاتنا امام الأصدقاء من اتباع الديانات والقوميات الأخرى الذين نتقاسم العيش معهم فانها ستفسح المجال لتدخلهم بحجة مصالحتنا وكأننا مجموعة قوميات ينتمون لدين واحد وان صراعاتنا عميقة وتأريخية وهم { اي الأصدقاء } سينقذوننا من الهلاك . دعني ايها القارىء الكريم ان أصف { بالغباء } اولئك الذين يهاجمون الكنائس او الأحزاب التابعة لشعبنا دون استثناء سواء كانت اشورية او كاثوليكية او سريانية ..... ودعني أسمي الذين يهرعون الى القلم والورقة للتشهير او لتمجيد هذا المذهب او ذاك فان هؤلاء اغبى من الاوائل !.. فلو فكروا قليلا .. لعلموا ان الجميع تبحر في نفس المركب .. ولا يعقل ان لا يغرق الجميع اذا غرق المركب .. !

على ابناء شعبنا الاتعاظ بما يجري اليوم في العراق بالرغم من اننا كعراقيين مخلصين نُدين ونستنكر وبشدة اي فتنة طائفية او مذهبية بين اخواننا المسلمون , لقد كان لغياب التعقل الدور الرئيسي في اشعال ذلك مضافا له دورالأيادي المذهبية والحاقد الخرجية . ان المطلوب من الجميع ان يتراجع عن مواقفه التي تشجع على الكراهية وعليهم ان يعلموا ان الفخ منصوب بعناية للجميع .. وانهم مستهدفون لأسباب تأريخية واخلاقية حيث حضارتهم وقوتهم جعلهم متميزون عن الأخرين منذ نشأت امبراطوريتهم , إبحثوا عن الخلاص الآمن حيث لن يكون هنالك من هو رابح .. فالخاسر هو انتم ونحن وابناءنا جميعا اذا ما تقوقعتم في ذاتكم الصغيرة فانكم لن تربحوا الكثير , إبحثوا عن طرق السلام وجاهدوا لنكران الذات والمصالح الآنية واعتمدوا حسن النية في علاقاتكم ..فالشعب خائف لكي لا يسجل التاريخ سواداً آخر كالذي جرى في { سميلي } حيث لا يمكن محوه خاصة ونحن في عصر بلغ فيه التقدم والتطور التوثيقي اقصى مداه ..انظروا الى الأمام واتركوا وراء ظهوركم العادات والتقاليد والخرافات والمسميات ذات النهج الذي يثير الفرقة والكراهية والعنصرية والتمزق , واعتمدوا ما يشيع في قلوبنا حب الأمة وحب دينها وتأريخها .

اما اخوتي والعاملين في المواقع الأعلامية فارجوهم الأنتباه والحذر لخطورة ما يطرحون والعمل على تقوية اواصر العلاقة بين المذاهب والأبتعاد قدر الأمكان عن محاولة اطفاء الشرعية على تعدد القوميات الداخلة في تكوين شعبنا ذي المذاهب الثلاث وعدم التشكيك في النوايا حيث ان ذلك قد يخلط الأوراق مما سيسهل الإبقاء على شعبنا ممزق ومشتت الى قوميات صغيرة لا تتعدى حقوقه سوى ...{ أكل عيشه وقدسية كنيسته وأمان مدرسته وحرمة بيته } .. وكمثال على ذلك النص الذي قرأته لأحد اساتذتي من الكتاب الذين اكن لهم كل الأحترام , والذي كما اعتقده قد يؤدي الى اثارة وتعزيز مشروعية التوجهات "السلبية" والتي ستنتهي حتما الى احباط شديد سيصيب الغالبية من ابناء شعبنا الرافض للتمييز المذهبي السلبي للأمة ... حيث يؤكد ويرى ... { ان الكلدانييـن مخترقين ، وهنالك قوى سياسية عراقية استطاعت ان تكسب صوت الناخب الكلــــــــداني ومن ثم تهميش المرشـح الكلــداني ... ويضيف ..قرأت مقالاً مفيداً في عنكاوا للأخ سعيد شامايا ، ومقالاً أخراً للأخ جمال مرقص لترتيب البيت الكلداني والكاتب برأيي الشخصي انه يدير البوصلة نحو الأتجاه الصحيح ، وعلى القوى الكلدانيـة ان تستفيد من الوقت في بناء البيت الكلداني . ان الكلدان مطلوب منهم ان يعملوا ويتحركوا ولا يوجد من يمنح لهم المكاسب في طبق من ذهب ، ان امامهم طريق طويل محفوف بالصعوبات عليهم اجتيازه . وعلى القوى السياسية الكلدانيـة ان تستفيد من اخطائها ، كما ان تعزيز الوحدة الفعلية بين القوى السياسية والكنيسة وابناء شعبنا الكلداني في وحدة متماسكة هي الضمانة في تحقيق أي مكسب سياسي } ...

انتهى النص

فبالرغم من ان هذا الطرح قد يكون صائبا وصحيحا وقد يكون غير ذلك , الا اني ارى ان توقيته وطريقة طرحه قد تكون غير موفقة , فالأمة ما زالت في طور حماية شعبها ووجودها وما زالت تبحث عن مخرج لأنقاذ موطنها الأصلي { العراق } من المحتل ومن دعاة الحكم المذهبي والطائفي ولهذا اؤكد باننا اليوم في خطر وعلينا التأني والحذر والبحث عن التوحد إن كنا فعلا صادقين في توجهنا للدفاع عن المصلحة العامة لشعبنا .

ان الواجب التأريخي والديني والأخلاقي اليوم يحتم علينا دعوة الأساتذة الأكارم من كتاب ومفكرين وكذلك العاملين في كل المراكز الأعلامية ان يتخذوا الحيطة والحذر حين يخاطبون الأمة , وان يجعلوا من كتاباتهم جسرا واحدا لعبور كل اطيافنا متحدين نحو الخير والسلام , ولكم مني كل التقدير والله يحفظكم .

ادور ميرزا

استاذ جامعي Opinions