أمة سركيس غابة أسودها من صنع فئرانها
من المعلوم للجميع إن الأمة الأشورية هي واحدة من أقدم الأمم التي نشأت على ارض ما بين النهرين وقد عانت هذه الأمة وناضلت وقاومت كل أشكال الطغيان والاضطهاد الذي مورس ضدها للنيل من اسمها ومكانتها المرموقة التي وصلت إليها بين الأمم ولحد هذه اللحظة فمجرد ذكر اسم الأمة الأشورية فهذا يشيع الرعب والفزع في قلب الكثير من القوميات التي تعيش معنا على ارض الرافدين ولكون هذه الأمة كانت وكما ذكرت هي من الأمم العظيمة راح البعض ممن يملكون القليل من المال على قليل من السلطة والنفوذ بتأسيس واستحداث أمم جديدة لنفسهم مبنية على كل ما هو ضعيف وهش في الأمة الآشورية متخذا من سوء الظروف التي يمر بها وطننا العراق ذريعة لاستحداث مثل هكذا امة ومستفيدا من الظروف السيئة التي يعاني منها أبناء امتنا من تهجير وتشتت ليروج لمشروع أمته الجديدة جاعلا من كل مشاكلنا وهمومنا ومعاناتنا سلعة رخيصة للوصول إلى مبتغاة مدعيا إن مثل هذه المشاريع هي لخدمة أبناء امتنا الكلدان السريان الآشوريين وفي الحقيقة إن هذه المشاريع لا تزيدنا إلا فرقة وعزلة عن باقي مكونات الشعب العراقي ولا تخدم إلا مشاريع من يريد أن يوسع مملكته في خارطة العراق الجديد وما يحاول سركيس اغاجان فعله بمتبعيه هو دليل على رغبته بإنشاء امة تكون تابعة لجهة سياسية معينة تأتمر بأوامرها وتتقيد بقوانينها وأول خطوة لتحقيق هذا المشروع كان الإمساك بلحى رجال الدين حيث جعل من نفسه( الدجاجة التي تبيض لهم ذهبا) ولكونهم لا يقاومون مطلقا إغراء الذهب كانوا هم من أول المساندين له وأول المنخرطين في حاشيته وهو طبعا لم يفعل هذا إلا لعلمه إنهم نقطة الضعف الأكبر في مجتمعاتنا الشرقية وهو يعلم انه برجال الدين يكون قد امسك الأمة من الجرح الذي يؤلمها أما عن رجال الدين فهم بالمقابل لم يخذلوه (وهل يستطيعون ؟) فبيض الذهب ينهال عليهم كالمطر ويعمي بصيرتهم ويغلق أفواههم فأصبحوا له أكثر من أوفياء في هذا المجال فقد وضعوا له أساسا لامته الجديدة وهو مبني على مبدأ( الإيمان المسيس ) ليصبحوا بهذا العمل الجبار رجال دين وسياسة في آن واحد أي بالمختصر أصبحوا رجال ( دياسة ) أي دين وسياسة أما الراغبين للانتماء إلى هذه الأمة من أبناء الرعية فيجب أن يتخلوا عن كل ما ورثوه من قيم ومبادئ وضمير حي وان يتحلوا بالتملق والرياء ونكران الكرامة وان يسكتوا عن الخطأ وان يقبلوا برحابة صدر بالذل والمهانة وان يقولوا للأسود ابيض... والأعوج صحيح... والكافر مؤمن... والزاني عفيف ...والسارق أمين ...والظالم عادل... وبعد هذا كله سيحصلون علة العضوية والانتماء لهذه الأمة المستحدثة مع القليل من قشور بيض الذهب والذي قد يكون مفيدا للكثيرين منهم لكن هل يستحق التخلي عن الشيء الذي لا يقدر بثمن مقابل قشور حتى إن كانت من ذهب ؟لقد طرأت تغييرات عدة على حال الكثير من أبناء امتنا الكلدان السريان الآشوريين ولو تحدثت جدران منازلهم أو حجارة الطرقات والأزقة أو مقاعد الجيخانات وطاولاتها لذكرت لنا أسوء ما يمكنك سماعه من ذم وسب وكلام بذيء قيل في حق رجال الدين ( الدياسة ) وذلك من كثر امتعاضهم من تصرفانهم التي لا تدل إلا عن كونهم بعيدين كل البعد عن الدين وهم اقرب إلى المقاولين والتجار منهم إلى الدين والإيمان لكن المشكلة ليست فيهم فحسب بل هي في كل من يسكت عن تصرفاتهم لأنه لو طلب من احد المتحدثين بالسوء عن رجال الدين بان يواجههم بالحقيقة فانه يسحب نفسه ويدعي الإيمان بالله ويقول وما علاقتنا بهم الله سيحاسبهم هذا وبعد أن ملئت أفواه بعضهم وأقفلت عن الكلام أصبحوا لا يكتفون من السكوت بل ويقدمون ولائهم المطلق لهم مع علهم الكامل وإدراكهم انه لا تحسن طرأ على أي واحد منهم فزاني الأمس هو نفسه اليوم لكن مع تغطية زناه ببيض الذهب وسارق الأمس زاد نهبا وسلبا لأنه ضمن لنفسه حاشية من المتملقين الذين لا هم لهم إلا ملء بطونهم النهمة وهو يعلم انه يملك ما يرضيهم وان فكروا مرة بان يتحدثوا عنه فسيفعلون ذلك خلف الأبواب المغلقة أو في قلوبهم .
فأي امة جديدة هي هذه ؟أي امة هي وهي تبنى على الرياء والتملق والغش والكذب ؟ أي امة هي التي رؤساء كنائسها عيونهم على دجاجة البيض الذهبي منتظرين متى ستبيض وكم سيكون حجم بيضها ؟ أي امة هي التي تقبل يد كاهنها الذي كان يتمرغ بالجنس بأبشع صوره وأمام مذبح الكنيسة المقدس وهو الآن يتباهى ويتبختر بكمية البيض الذي جمعه وكأن ما فعله هو حسنة أو فضيلة . أي امة هي التي حولت كنائسها إلى مقرات سياسية ومنبر الدعاية للأحزاب الغريبة وأصبحت لا تختلف بشيء عن الثكنات العسكرية تحيطها حواجز ترابية وعوارض حديدية مدعين إنها مهددة ؟ أي امة هي هذه وراعي كنيستها يشتكي على أبناء رعيته عند الجهات ذات النفوذ والسلطة وعند الأحزاب الغريبة مدعيا إنهم يعارضون مشاريعه ومخططاته وهو في الحقيقة لا يحمي إلا حصته من بيض الذهب الذي يحصل عليه . أي امة برأيكم هي هذه التي يقبل أبنائها أن يكونوا كالفئران التي تصنع لنفسها اسود كي تحكمها .
لكن السؤال المهم هنا والموجه إلى كل من أبناء هذه الأمة الجديدة من رجال دين وسياسة وغيرهم وهو
(إذا توقفت دجاجة البيض الذهبي من وضع بيضها وقتها على أي أسس ستستند هذه الأمة الجديدة ؟).