أمريكا .. أحتلال أم أختلال ؟
لو تقصينا الحقائق وتابعنا المشاهد عن قرب في سياسة أمريكا والتي نصبت نفسها - شرطيا للعالم - وبكل المقاييس وتدخلها في كل كبيرة وصغيرة تحدث في بقاع العالم أجمع , وفي كافة الاحداث .. سياسية وأقتصادية وكأنها الحاكم المطلق في كل ذلك . فتراها تارة تتدخل في سياسات الدول وتارة تأمر وتنهي وتارة تهدد وهكذا, خاصة بعد سقوط وانهيار الأتحاد السوفيتي والتي كانت هي السبب المباشر في ذلك ليسير العالم ومنذ ذلك الحين بسياسة القطب الواحد وما تبعها من تغييرات كبيرة في السياسة العالمية ككل والتحكم في مستقبل ومصير الكثير من الدول .. وخاصة التي ترتبط بهامصالح أمريكا المباشرة وغير المباشرة وسياساتها اللامنتهية والتي لايعرفها أحد .
فعلى سبيل المثال مالذي تفعله أمريكا في بلد فقير مثل أفغانستان؟ والله أعلم ماهي نواياها حاضرا ومستقبلا .. ولماذا تدخلت في الصومال قبل سنين ؟ ولماذا تعارض كل من لايعجبها أو ينفذ ما تريده وتأمر به ! وكما هو معروف أو بات معروفا للجميع أن أمريكا تفعل كل شيء وأي شيء ولاتتردد أبدا طالما كانت مصالحها تتطلب ذلك .
وأذا تناولنا الموضوع أو حاولنا أن نتناوله من كل الجواتب فسوف لن تكفينا مئات من الصفحات فيما يخص سياسة امريكا وتعاملها مع باقي دول العالم وأسرارها وخططها ومخططاتها الكثيرة واللامنتهية , لكننا سنتناول مايخص أحتلالها لبلدنا العزيز العراق ومانتج عنه وماتمخضت عنه سياسات قادتها وأوامرهم وتصرفاتهم كجورج بوش الأبن وديك تشيني وكولن باول وكثيرون غيرهم وما لعبوه من دور قذر في التحضير لاحتلال العراق متذرعين بالكثير من الحجج التي لفقوها بالتعاون مع دول اخرى , كبريطانيا الحليفة الدائمة لأمريكا والمؤيدة لها في كل خطواتها والمباركة لكل مشاريعها.
لقد كان أحتلال العراق وتدميره أرضا وشعبا .. ومانتج عنه من كوارث سياسية وأقتصادية وأجتماعية سيعاني منها شعب العراق ولأمد طويل وسيكون مستقبله مهددا دائما بكل الأشكال ومعاناة شعبه التي لامثيل لها بين دول العالم وبعد أن اصبح ساحة لتصفية الحسابات وحدوده مفتوحة لكل التدخلات من دول الجوار والتي بات يدفع ثمنها الشعب العراقي كل يوم وبكل الأشكال , فتأجيج نار الطائفية التي زرعها الاحتلال والأنتقامات السياسية ومحاربة الأقليات وتهجيرها وتهديد مستقبل البلد ككل والسير به الى الوراء وأبعاده عن ركب العالم المتطور.
كل هذا كان من تخطيط أمريكا وتنفيذها والله أعلم بنواياها المخفي منها والظاهر, ولماذا هذا التوقيت بالذات ! فلماذا لم تتدخل أمريكا قبل ذلك, حينما كان العراق يعاني الكتاتورية المطلقة وويلات الحروب ونتائج الحصار الأقتصادي الذي رجع بالعراق عدة قرون الى الوراء ومن كان وراءه والمخطط له سوى امريكا .
ثم نعود لنقول أحتلت أمريكا العراق وهي كانت ستحتله عاجلا ام آجلا وبمختلف الحجج التي كانت ستقدمها للعالم لتبرير ذلك الفعل لان هذا من ضمن مخططاتها الجهنمية ومصالحها في المنطقة ككل , وبقرار متعجرف من رئيسها السابق بوش الأبن وبعض سياسييه ولالشيء ألا لاأرضاء غروره وغطرسته بحجة أمتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل وتخليص العراق من الدكتاتورية .. فما الذي فعلته امريكا وقدمته بعد الاحتلال ؟ حيث أصبح العراق عبارة عن بلد مدمر وشعب بائس وبكل معنى الكلمة بعد أن كان سيد المنطقة سياسيا واقتصاديا وأقليميا ناهيك عن ثرواته التي كانت ستضعه في مصاف الدول الحديثة والمتطورة , فلماذا لم تحسب أمريكا حساب ما بعد الاحتلال ؟ لماذا لم تتوقع وتأخذ بالحسبان كل الاحتمالات أم أنها هي التي ارادت ذلك وبكل اصرار طالما ان هذا يدخل ضمن مصالحها , ومخططاتها المستقبلية في الهيمنة على المنطقة ككل وأبراز عضلاتها لكل من يعارض سياساتها ! وبعد أن أقتعت العالم باعلامها المفبرك بضرورة تحرير العراق ( أحتلاله ) وتحرره مِن مَن ياللسذاجة , ثم تعلنه بلدا محتلا مدمرا مشتتا بائسا وشعبا محروما متصارعا ومتناحرا فيما بينه هكذا أحتلت أمريكا العراق .. وضعت بداية ولم تحدد نهاية !! وكأنها بذلك حلت مشاكل العالم أو بالاحرى مشاكلها , هذا هو الاختلال بعينه أختلال قادتها وسياسييها وتصرفاتهم اللامبالية واللامسؤولة أختلال أغقبه أحتلال ودون أي وجه حق ولايدخل ضمن أي منطق أو شريعة سوى شريعة المصالح الأمريكية التي تحلل وتحرم ماتراه هي وليس العالم وتهديداتها لكل من يقف في وجه قراراتها ومخططاتها وتدميره نهائيا .. ولماذا لم تغزو امريكا أو تحرر بلدانا أخرى ؟ بلدانا كثيرة هي اعلم بها من الجميع ؟ أم انها قراراتها التي لاتجد من يردعها او يعارضها ويقف ضدها .. ومزاجها ومزاج كبار السياسيين فيها واختلالاتهم التي ستؤدي حتما الى أختلالات قد تكون لها نتائج وعواقب جمة على الصعيد العالمي ككل .
17 / 4 / 2010 / تركيا