Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أن يرقص الجميع أو لا يرقص أحد (مقالة وفلم)

 

18 تشرين الثاني 2012

 

تبادل الناس على الإنترنت إيميلاً وصلتني نسخاً منه من أكثر من صديق، يحمل صورة ونصاً تحتها: 

(http://www7.0zz0.com/2012/10/05/16/260419494.jpg)

 

" ربما ستظن للوهلة الأولى أنه مزارع بسيط في إحدى القرى النائية أو شيئا من هذا القبيل. لا بل هو : خوسي ألبيرتو موخيكا (1) رئيس دولة الأوروغواي و هو أفقر رئيس، حيث يتقاضى راتب 12.500 دولار أمريكي لكنه يتبرع بــ %90 منه و يحتفظ بمبلغ 1250 دولار في الشهر و سيارته مهترئة.... بعيدا عن كل مظاهر الترف و الرياء الذي غالبا ما يكون على حساب الفقراء"...

رن الإسم في ذاكرتي جرساً، فسارعت إلى كتاب كنت أقرأ فيه بين الحين والآخر: "هوغو شافيز، نفط وسياسة وتحدي أميركا" للكاتب الناشط نيكولاس كوزلوف، ويغطي ما جرى في فنزويلا وتداعياتها على مجمل دول أميركا اللاتينية بشكل عام. وبالفعل وجدت الأسم مشاراً إليه في حديث الكاتب عن مقاومة الأوروغواي، وأنقل منه ما يلي.

ولد خوسيه موخيكا عام 1934 وترتعرع في بيت متواضع في ضواحي مونتفيديو، عاصمة أوروغواي، وكان ناشطاً يسارياً منذ صباه، في ظرف إقتصادي صعب وسياسي مضطرب في بلاده.

وفي هذا الوضع، شهدت الأوروغواي بروز حركة ماركسية مسلحة بإسم "التوباماروس"، (نسبة إلى المعارض الهندي "توباك أمارو". نشطت المنظمة في الستينات ولجأت إلى الخطف من أجل إطلاق سراح سجنائها، كما قامت بعمليات اقتحام لسجونهم. كذلك قاموا بالسطو على البنوك وتوزيع أموالها على الفقراء، معتبرين أنفسهم "روبن هود" أوروغواي. وشارك موخيكا بعمليات جريئة ومارس العمل السري.

وردت أميركا بتدريب شرطة الأوروغواي على وسائل التحقيق والتعذيب، حيث كانت على صلة وثيقة بحكومتها. وكان ممن ارسلتهم إدارة نيكسون عام 1969، دان ميتريوني، الذي كان يعمل في الـ "إف بي آي" حينها، باعتباره مستشاراً للمنظمة الأمريكية "الإنسانية" المعروفة: "وكالة التطوير الدولي" (AID). وكان لميتريوني خبرة سابقة مماثلة في تدريب الشرطة البرازيلية في أوائل وأواسط الستينات، وانتشرت أعمال الإرهاب لشرطة البرازيل ضد خصوم الحكومة وعرفت "فرق الموت" التي كانت تغتال غير المرغوب بهم.

وفي الأوروغواي تركزت مهمة ميتريوني على تدريب الشرطة على التعذيب الكهربائي، ونقل عنه قوله: "النوع المناسب من الألم، في المكان المناسب، وبالكمية المناسبة، لتحقيق النتيجة المرجوة".

وقد قامت التوباماروس باختطاف ميتريوني، وطالبت بإطلاق سراح معتقليها مقابله، لكن الحكومة رفضت فتم قتله.

وحينها قدم فرانك سيناترا وجيري لويس حفلاً لجمع التبرعات في ذكرى ميتريوني وأبّنه متحدث البيت الأبيض بأنه "وهب حياته من أجل التقدم السلمي المنظم في العالم....وسوف يبقى مثالاً للشعوب الحرة في كل مكان"!

 وأعادني إسم المنظمة إلى كتاب آخر قرأته فيه هو "قتل الأمل" وهو سجل يصف فيه الكاتب وليام بلوم تدخلات السي آي أي ومؤامراتها على شعوب العالم لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ووصف البروفسور جومسكي الكتاب بأنه "الأفضل بلا منازع في موضوعه"، وكان لأميركا الجنوبية حصة لا يستهان بها منه.

وفي الفصل المخصص للأوروغواي نقرأ أنه بالرغم أن أوروغواي عرفت التعذيب قبل ميتريوني إلا أنه وفق تصريح لرئيس الشرطة السرية السابق اليخاندرو أوتيرو عام 1970، لأهم صحيفة برازيلية فأن "المستشارين الأمريكان، وبشكل خاص ميتريوني، ثبتوا التعذيب كإجراء أكثر روتينية، وأضافوا إلى "إحداث الألم"، الجانب العلمي، وإلى التعذيب النفسي أضافوا طرق إثارة الإحساس باليأس، مثل جعل المعتقل يصحو في الصباح التالي على صوت شريط لصراخ نساء وأطفال، وإخبار المعتقل بأنها عائلته التي يتم تعذيبها.

ذكرني إسم "ميتريوني" بالسفير الأمريكي الأول في العراق "نيكروبونتي" الذي ربما يشير إسميهما إلى أصل إيطالي، يذكر بالمافيات الإيطالية التي استغلتها أميركا منذ بداية القرن الماضي لضرب اليسار الأمريكي. فقد أثيرت حول نيكروبونتي الكثير من التهم حول عمليات الإغتيال والتعذيب في أميركا الوسطى، إنطلاقاً من هندوراس حيث كان نيكروبونتي سفيراً في ثمانينات ريكان الدموية في تلك القارة، كما في العراق حيث كانوا يدعمون صدام حسين ويلقون بالعراق من حرب إلى أخرى. فهل نقلت تجارب ميتريوني ونيكروبونتي (الذي سبق أن كتبنا عنه، مع عدد من المصادر (2) (3)) وأمثالهما إلى العراق؟ وهل يراد لـ "النوع المناسب من الألم، في المكان المناسب، وبالكمية المناسبة، لتحقيق النتيجة المرجوة"، أن يكون أسلوب عملاء أميركا وخلاياها السرية في العالم، للوصول إلى تلك "النتيجة المرجوة"؟ وما هي هذه "النتيجة المرجوة"؟

هذه الأسئلة مازالت بحاجة إلى البحث، ونعود إلى "الرئيس الفقير" موخيكا ومنظمته "التوباماروس" التي يصفها بلوم بأنها ربما تكون أكثر منظمة سرية عرفها العالم ذكاءاً وإبداعاً في أساليبها، وكتبت "نيويورك تايمز" عنها عام 1970: "على النقيض من منظمات حرب العصابات اللاتينية الأخرى، فأن التوباماروس تتجنب إراقة الدماء إن استطاعت. إنهم يسعون بدلاً من ذلك إلى خلق الإحراج للحكومة وإقلاق النظام".

ويروي الكتاب حادثة سيطرت فيها المنظمة على ناد ليلي للطبقة الراقية في البلاد، وخطت على الحيطان شعارها الذي صار الأكثرشهرة: "أما أن يرقص الجميع، أو لا يرقص أحد"!

يشير كتاب "هوغو شافيز" إلى فلم "حالة حصار" (State of Siege) الذي يروي قصة اختطاف التوباماروس لـ "ميتريوني" وعلى اليوتيوب، وجدت الفلم فعلاً، وبنسخة ذات ترجمة للإنكليزية (يجب تفعيلها من المربع في أسفل شاشة العرض)(4) فأترك لك عزيزي القارئ التمتع بالفلم ومشاهد من تاريخ أميركا اللاتينية، وما يجهله منشئ ذلك الإيميل المنتشر، أو لم يشأ ذكره، عن تجربة يسارية ثورية قيل أنها قمعت وانتهت كغيرها كثير، لكنها تركت تربيةً ومبادئ لأجيال، وأنتجت في النهاية تياراً يقوده قائد فاضل، فصارت بلاده به موضع حسد الشعوب، وإشارة أمل لها.

 

(1)  http://www.tabee3i.com/topic/21326-%D8%AE%D9%88%D8%B3%D9%8A%D9%87-%D9%85%D9%88%D8%AE%D9%8A%D9%83%D8%A7/

(2) صائب خليل - نيغروبونتي: السجل الخطير لسعادة السفير
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=20653

(3) صائب خليل - نيغروبونتي:ارهابي خطر يجب طرده فورا
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=21758

(4) http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=CDj4ZXoIHf0

 

 

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
نازحو سنجار... عودة مؤجلة إلى حين استتباب الأمن نازحو سنجار... عودة مؤجلة إلى حين استتباب الأمن لا يزال نحو 200 ألف عراقي من سكان مدينة سنجار الواقعة غربيّ محافظة نينوى شماليّ العراق على جبل سنجار، التي تبعد عن مدينة الموصل 80 كيلومتراً، ومعظمهم من الأيزيديين، ممنوعين من العودة إلى مدينتهم، على الرغم من مرور نحو 8 سنوات على طرد تنظيم الدولة الإسلامي جندي باسل جاسم الحلفي/ لا تزال حرارة نقاشنا حول الاوضاع في الفلوجة تثير لدينا أسئلة تبحث عن اجابات واضحة، منها: متى تحط المعارك هناك رحالها؟ وهل تعقيب على مقال السيد عزت اسطيفان حول صراعات الكنيسة وسقوط القسطنطينية؟ يعكوب ابونا/ جميل جدا ان اجد الاخ عزت اسطيفان يساهم في رفد قرائنا الاعزاء بالمعرفة والثقافة التي نحن جميعا بحاجة اليها ، فاتمنى له كل الموفقية في مسعاه هذا ، وحسنا فعلا عندما بدأ بالكتابه عن بعض فصول كتاب الاستاذ نجيب اسطيفان بائعو المشروبات الكحولية في العراق يواجهون «شبح البطالة» بائعو المشروبات الكحولية في العراق يواجهون «شبح البطالة» يواجه الشاب العراقي زيد النيساني، العامل في مجال بيع المشروبات الكحولية، «شبح البطالة» بعدما نشرت الجريدة الرسيمة (الوقائع) قبل نحو أسبوعين قانوناً أقره البرلمان قبل سنوات يقضي بحظر تصنيع وبيع المشروبات الكحولية في العراق.
Side Adv1 Side Adv2