أنا من بقايا ثمود
السيد المحترم تحدث إلي بعد أن سألني عن نسبي وإنتمائي القبلي ، وكنت قلت له ، إنني من قوم نزحوا من اليمن بعد أن حفرت الفئران في سد مارب وحولته الى حطام ، فقد شاده الناس من تراب وصخور ، وكان ميسرا للماء أن يمر من بين تلك الصخور بعد أن يدفع التراب في طريقه الى الوادي البعيد ،وبعدها عبرنا الى جزيرة العرب ،ومنها الى العراق حتى وصلنا شماله ،ومنا من بثته الأقدار الى بلدان عدة في الخليج والشام ، ولو كانت لأجدادنا قدرة عبور البحر المتوسط لهاجروا الى أوربا ،ولو كانوا يستطيعون لعبروا بحر العرب الى باكستان ،ولكنا اليوم من كبار تجار البخور والبهارات ،بدلا من أن نعيش في بلاد النفط التي لاتمنح لأبنائها سوى العذاب.
السيد المحترم لم يتردد في الحديث إلي عن تاريخ قبيلتي ونسبني الى إمارة طي المعروفة والتي تعود بحسب الأبحاث التي قام بها والدراسات التي أرهق نفسه في مجاراتها ، حتى وصل الى يقين بأنني من بقايا ثمود التي أهلكها الله سبحانه ، والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم في مواضع عدة حيث عاندوا صالح النبي وإبتلاهم الله بالناقة التي عقروها ، كذلك جاء عنهم في كتب وموسوعات إنهم تمددوا في بلاد الشام والجزيرة العربية واليمن ولهم آثار تدل عليهم ،ولم يختلف توصيفي لوجودهم في اليمن عن تأكيد السيد إن قبيلتي نزحت من اليمن الى الشمال أي الجزيرة والعراق، وهذا صحيح فأنا الآن أعيش في العراق ،وكل الأخبار الماضية التي عرفتها تشير الى وجود أجدادي هنا من مئات من السنين ، وإنهم جاؤا من اليمن ، وهذا يعني إن إمكانية كوني من بقايا قوم ثمود ليست ببعيدة عن التحقق ، وهو ليس بالعيب فالآيات القرآنية تشير الى قوم طالحين والى نقيضهم من الصالحين الذين يرفضون الإنجرار الى تصرفات المنحرفين الذين إعتدوا على صالح وقتلوا ناقته وعاندوه ،وأنا بالتأكيد من بقايا الصالحين لأن من تم القضاء عليهم كانوا طالحين ولايمكن أن ينجي الله الضالين والمنحرفين وهناك من آمن بصالح وسانده من قوم ثمود ،ومن غير المعقول أن يفشل نبي في الحصول على ( كم مؤمن ) .
هناك من يخجل من نسبته لثمود ،وأنا لاأخجل لكن السيد المحترم كان مترددا لأن أحدا من قبيلتي زعل منه حين صارحه بالأمر ،وقال لي ،إنك من المثقفين ، بالطبع فإن كل نبي يأتي الى أمة برسالة فإن من الناس من يؤمن به ،ومنهم من يكفر ،كما حصل مع قريش حيث كفرت بنبوة محمد وبعضها آمن به وعاضده في دعوته ،ولايمكن أن يكون الجميع مؤمنا وليس معقولا أن يكفر الجميع ويؤكد القرآن تلك الحقيقة في قوله تعالى (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صَـعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ( 17 ) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانَواْ يَتَّقُونَ( 18)
بعض الأصدقاء شكل جماعة ( العباهلة الأقايل) وهم في الأصل من سادات ثمود وقاداتهم وأصحاب الرأي فيهم والمتحدثين بإسم قبائل ثمود الموزعة في أنحاء الشام والجزيرة العربية ،وعند التحقق عرفت إن هولاء المثقفين والصحفيين ينتسبون لعشائر من قوم ثمود ويستحون الإعلان فإبتكروا التسمية ،وهي قديمة بتوصيف جديد ، وهذا نوع من الذكاء يوافق رغبة الهروب من المسؤولية عن توصيف ملتصق بهم ليكونوا في مأمن من نظرات الشك التي تبدو في عيون الآخرين .