Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أين الحقيقية في كارثة حي الزنجيلي بالموصل؟

أين الحقيقية في كارثة حي الزنجيلي بالموصل؟
وما هو المطلوب من الحكومة للأخذ بيد العوائل المنكوبة
الكارثة الرهيبة التي حلت بحي الزنجيلي بالموصل تعتبر بحق جريمة بحق الإنسانية لا يمكن السكوت عنها أو تجاهلها، أو التخفيف من المصيبة التي حلت بساكنيها جراء تفجير عمارة تتألف من ثلاثة طوابق بما تحتويه من متفجرات وقنابل قدرت بعشرين طناً وأتت على ما يزيد على المئة مسكن تعود لمواطنين فقراء معدمين دفنوا تحت انقاضها، حيث بدا ذلك الحي من خلال الصور التي عرضتها وسائل الإعلام المرئية وكأنما زلزالاً هائلاً قد وقع فيها، ذلك التفجير الرهيب الذي أحدث حفرة تجاوز عمقها خمسة أمتار وبقطر تجاوز الخمسة والعشرين متراً، وهذا ما يدل دلالة واضحة على الكميات الهائلة من المتفجرات التي كان موجودة داخل العمارة.
ولم تكن إجراءات السلطة لإنقاذ المواطنين المطمورين تحت أنقاض مساكنهم في مستوى الحدث المرعب، حيث لم يكن القائمون على عمليات الإنقاذ على مستوى من الأهلية و الخبرة كما يبدو، ولا يمتلكون الآليات والأجهزة المخصصة واللازمة للإنقاذ، ولا الكلاب المدربة على اكتشاف المطمورين من المواطنين تحت أنقاض منازلهم، وهذا إهمال خطير تتحمل مسؤوليته السلطة المحلية والحكومة معا.
ومن المفجع أن يصرح محافظ الموصل بعد يومين من وقوع الكارثة معلناً وقف البحث عن الأحياء تحت الأنقاض، على الرغم من شهادة بعض المواطنين أنهم كانوا يسمعون أصواتاً لمحاصرين تحت الأنقاض، علماً أن حملات الإنقاذ كما هو معروف تستمر بضعة أيام وحتى لغاية أسبوعين، ولاسيما في فصل الشتاء حيث يستطيع الانسان المقاومة تحت الأنقاض دون ماء مدة أطول من فصل الصيف طالما يستطيع التنفس، وهذه مسؤولية كبرى ينبغي أن يحاسب عليها المحافظ وطاقمه من المسؤولين.
كيف حدثت هذه الكارثة، ومن يقف وراءها؟
لقد اختلفت التأويلات التي أطلقتها الحكومة، والسلطة المحلية في الموصل من جهة، والمواطنون من جهة أخرى، فالحكومة تدعي أن الإرهابيين من عناصر القاعدة قد اتخذوا من هذه العمارة مخزناً للسلاح والمتفجرات، وأن جهاز الأمن قد اكتشف الأمر واتخذ قراراً بتفجيرها، وأن السلطات المحلية قد طلبت من سكان المنطقة مغادرتها قبل تفجيرها، فإذا صح هذا التعليل فمن حقنا أن نسأل الحكومة والسلطة المحلية:
1ـ كيف وقعت كل هذه الضحايا ؟
2 ـ كيف طمر ساكنوها تحت أنقاض منازلهم؟
3 ـ كيف تم تفجيرها قبل التأكد من خلو المنطقة من ساكنيها ؟
4ـ كيف جرى تقدير مساحة المنطقة المعرضة للتدمير التي سيتركها التفجير، وما مدى الاحتياطات التي كان من الواجب اتخاذها؟
5 ـ ما هي الاجراءات التي اتخذتها الحكومة والسلطات المحلية لإسكان أهالي الحي؟

أما التأويل الثاني للكارثة فهو القول أن عناصر القاعدة هي التي كدست الأسلحة والمتفجرات في العمارة ولغمتها وفجرتها، لكي توقع أقصى ما يمكن من الخسائر البشرية بساكني الحي .
فإذا صح هذا التأويل فإن هناك العديد من التساؤلات التي تتطلب الإجابة عنها من قبل الحكومة والسلطة المحلية:
1ـ كيف جرى تكديس كل هذه الكمية من الأسلحة والمتفجرات في هذه المنطقة الشعبية المكتظة بالسكان دون أن تحس بها السلطات الأمنية، وكيف سكت سأكني الدور المحيطة بالعمارة ولم يبلغوا عنها على الرغم من المخاطر الشديدة عليهم بالذات، وإبلاغ السلطات الأمنية عنها ، لاتخاذ الاجراءات اللازمة والقبض على الفاعلين المجرمين؟
2 ـ هل أن السلطات الأمنية مخترقة إلى هذا الحد لدرجة قيل أن أحد أفراد الشرطة كان لحمل حزاماً ناسفاً وفجره حال وصول مدير شرطة المحافظة لتفقد المنطقة حيث أدى إلى وفاته متأثراً بالجروح البليغة التي أصيب بها.
3 ـ لماذا لم يتم رفع كافة الأنقاض للدور المهدمة، وإخراج جثث الضحايا، وإجراء مراسيم دفنها حسب الأصول المتبعة ؟
4 ـ ما هي الإجراءات العاجلة التي اتخذتها الحكومة والسلطة المحلية في المحافظة لتأمين الحياة الطبيعية للناجين من تلك المجزرة المروعة من تأمين سكن لتلك العوائل المنكوبة، وتأمين دخل كاف لهم يسد رمقهم ورمق أطفالهم، ولاسيما وأن سكنة تلك المنطقة المنكوبة هم من الكادحين المعدمين الذين يكسبون ما يسد قوتهم اليومي من بيع قوة عملهم يوماً بيوم ؟
إن على الحكومة العراقية والسلطة المحلية في الموصل أن تتحمل مسؤوليتها تجاه هذه العوائل المنكوبة من خلال القيام فوراً ببناء عمارات سكنية محل بيوتهم المدمرة، والمتضررة والتي لم تعد صالحة للسكن، مع أقامة حديقة حول العمارات المقترحة، مع إضافة بعض الملاعب لأطفالهم للتعويض عما أصابهم من هول تلك الجريمة التي تقشعر من هولها أبدان الكبار ، فكيف الحال بالأطفال الذين روعوا أشد الترويع ؟
كما أن على السلطة المحلية أن تجد لهؤلاء المنكوبين نساءً ورجالاً العمل المناسب والدائمي لتأمين حياة كريمة لهم دون عوز، ودون قلق فهم يستحقون من الدولة كل هذا وأكثر من ذلك ، وهذا هو ابسط ما يمكن أن تقدمه الحكومة والسلطة المحلية الحاكمة في المحافظة لهؤلاء المنكوبين، أما العوائل التي فقد معيلها على الدولة أن تخصص رواتب تقاعدية للعائلة بما يسد حاجتها في تأمين حياة كريمة للإنسان، ولا اعتقد أن واردات الدولة وميزانيتها عاجزة عن تأمين هذه المطالب المتواضعة .
وهناك واجب آخر على الحكومة والسلطة المحلية يقتضي بإجراء تحقيق يتولاه اختصاصيون متمرسون في عمليات تفجير القنابل والمتفجرات لتثبيت التقصير في تقدير نتائج تفجير العمارة فيما إذا ثبت أن التفجير جرى من قبل السلطات الأمنية وليس من قبل الإرهابيين المجرمين، وعليها تحمل كامل المسؤولية عن هذا الأجراء الخطير الذي أدى إلى هذه الكارثة المروعة فيما إذا ثبت تقصيرها بذلك.

Opinions