أيهما نحن سريان أم آشوريين …؟ لمحة عن تاريخ الأمة السريانية.
أيهما نحن سريان أم آشوريين Assyrians …؟ - هذا سؤال ألقاه عليّ بعض أبناء قومنا في الولايات المتحدة وذلك بسبب البلبلة التي حصلت من حيث تسميتنا هناك فالبعض منهم يدّعي بأننا يجب أن ندعى آشوريين Assyrians والبعض الآخر يؤثر تسميتنا سريان Syrians . وبسبب هذا الاختلاف كثرت المجادلات في الموضوع وتناولته الصحف التي تصدرها جاليتنا هناك باللغة الإنكليزية.ولما كان الجواب المقتضب على هذا السؤال غير جائز بمجرد تفضيل احدى التسميتين بدون تقديم الأدلة الصحيحة رأيتُ أن أبحث القضية بنبذة تاريخية شاملة عن الأمة السريانية على صفحات "جامعتها" راجياً أن تفي بالمطلوب وتزيل كل خلاف تسموي نحن بغنى عنه.
إننا بإرسال نظرة في تاريخ آسيا الغربية في العصور القديمة نجد أن معظم المؤرخين والمختصين بمعالجة البحوث السريانية (Syriologists) قد أجمعوا على أن:
أ- الشعوب الآرامية كانت قد استوطنت الأقاليم الممتدة من القوقاز حتى خليج العجم ومن بلاد فارس حتى البحر الأبيض وهي المعروفة الآن بشرق آسيا الصغرى"تركيا والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين وشرق الأردن.
ب - ان اشهر تلك الشعوب الآرامية هم البابليون والكلدانيون والآشوريون والآراميون والفينيقيون والكنعانيون.
ج - ان جميع هذه الشعوب وما تفرع منها من القبائل كانوا يتكلمون اللغة الآرامية بلهجاتها المتعددة.
د - ان اللغة الآرامية كانت منتشرة في تلك البلاد منذ ستة آلاف سنة وهي المعروفة الآن باسم اللغة السريانية.
ه - ان كلمة سريان Syrian التي أطلقت على الشعوب الآرامية ولغتها قد نحتت من Assyrian آشوري. وان غاية بحثنا هو ان نعرف كيفية تحول هذا الاسم وإطلاقه على الشعوب السريانية.
ان الشعوب الآرامية المذكورة أعلاه مع اشتهارها في حوادث العصور القديمة فقد طوت التقلبات الدولية شُهرتها ولم يبق من أسمائها غير ما يعيه التاريخ بين طيا ته.أما اللغة الآرامية فما برحت حية حتى يومنا هذا. ويمكن اعتبار تسميتها بالآرامية فيما يعني العصر القديم وبالسريانية في العصور المتأخرة.
ليس من الممكن تعين زمن نشوء اللغة الآرامية لتقادم عهده ولكن زمن ازدهارها واشتهارها وامتداد نفوذها الأدبي والتجاري والصناعي والسياسي إلى الأقطار المترامية مشهور وواضح.
ومن المعروف ان الثقافة الآرامية كانت نوراً وهدايةً لمعظم الأمم وللغات المعاصرة منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد.وبقيت اللغة الآرامية متداولة في شرقنا حتى أواخر الجيل المسيحي السابع حيث أخذت تحل محلها اللغة العربية.ومنذ ذلك الزمن أخذت اللغة الآرامية في التقهقر ودخل أصحابها في طور الانحطاط لانقسامهم على بعضهم بسبب الخلافات الناتجة عن الفلسفة المسيحية وظهور عدة طوائف بينهم. وكما ان الدين أو الفلسفة المسيحية كانت العامل الأكبر لانقسام شعوب اللغة السريانية إلى يومنا هذا،كذلك لهذا الدين الفضل العظيم لحفظ اللغة السريانية إلى يومنا هذا وخاصةً في مواطنها القديمة "سوريا وبين النهرين وباقي بلاد السريان". كما ان لنا بقية غير قليلة لا تزال تتكلم السريانية في بعض القرى المجاورة لمدينة دمشق مثل معلولا وصيدنايا وغيرهما وطورعبدين (تركيا الشرقية) وجبال حيكاري وجبال الموصل والقرى المجاورة لموقع نينوى وأورميا ووان وأذربيجان وأهواز وزوزان وبعض جهات القوقاز. ويُقدر عدد المتكلمين بالسريانية اليوم بنحو مليون نفس.والسريانية لا تزال اللغة الدينية لمعظم الكنائس الشرقية"النساطرة والسريان والأرثوذكس والموارنة والكلدان والسريان الكاثوليك وكما أنها اللغة الرسمية لطائفتي السامرة والصابئة ولغة الترجوم عند اليهود. وهكذا ستبقى اللغة المقدسة لهذه الأديان والأقوام إلى ما شاء الله.
ولانتشار اللغة الآرامية في العصور القديمة ذلك الانتشار العظيم المنقطع النظير عدة أسباب ولكن أهمها عوامل أربعة وهي :
1 - الفتوحات الآرامية على أيدي الآشوريين.
2 - انتشار القوافل التجارية للشعوب الآرامية في الأقاليم البرية وفتح الطرق والمواصلات للقوافل التي كانت تجوب البلاد الممتدة من الهند حتى شمال غربي أفريقيا.
3 - انتشار القوافل التجارية الفينيقية في الأقاليم البحرية طلباً لأسواق جديدة يحملون إليها كل أنواع البضاعات من مصنوعات الشعوب الآرامية.
4 - اختراع الآراميين الحروف الهجائية ووصولها بواسطة الفينيقيين إلى بلاد اليونان وغيرهم من الأمم.ولا يجهل أحد أهمية هذا الاختراع وما نجم عنه من انتشار اللسان الآرامي وإمداد نفوذه من أقاصي الهند حتى شمال أفريقيا.
ان الغاية من الفتوحات الآرامية لم تكن لمجرد الغزو فقط كما كان لنشر ثقافتهم أيضاً مع منتجاتهم الصناعية. فالشعوب الآرامية لشدة نشاطها الفني وكثرة منتجاتها كانت تتطلب أسواقاً عالمية كبرى لاستهلاك تلك المنتجات. لذا كانت قوافلها التجارية تجوب البلدان بحراسة جيوشها حتى تسنى لها الاستيلاء على جميع الأسواق التجارية في تلك العصور. لأجل ذلك كانت تعبد الطرق في كافة الأصقاع وتبنى المدن والمحطات في مشعبات المسالك.
ولا يقل الفينيقيين عن إخوانهم الآشوريين عزيمةً ومضاءً في فتوحاتهم فيما وراء البحار فقد كانت فينيقية ومعظم أفريقيا الشمالية المعروفة باسم قرطاجية (Carthage) مركزين عظيمين لارتياد قوات الفينيقيين الاستعمارية في أوربا الغربية وجميع السواحل الأفريقية وغيرها من المستعمرات النائية.
وقد ذهب بعض الباحثين إلى ان الفينيقيين كانوا قد وصلوا إلى القارة الأمريكية قبل كريستوفر كولومبس بمئات السنين. ولما كانت لغة الفينيقيين الآرامية كإخوانهم الآشوريين، فإن لهم فضل كبير في خدمتهم للغتهم ونشر ثقافتها. ولشدة تأثيرهم على الأمصار التي استعمروها، فإننا نجد إلى يومنا هذا الطابع الفينيقي على معظم اللغات الحية.
ان اختراع الآراميين الحروف الهجائية سنّى لهم ان يخدموا البشرية أجل وأفضل خدمة يذكرها العالم بالإعجاب وقد سجلها لهم التاريخ بالفخر والإجلال. وقد تيسّر لهم بواسطة فن الكتابة ان يقلبوا كيان المجتمع البشري من حالة الهمجية إلى حياة النور والحضارة الصحيحة. أخذت جمع الشعوب القديمة علم الكتابة من عنهم وما برحت تحمل ألفاظاً ومعانٍ آرامية كانت نواة التقدم والعمران.
لا شك ان هذا الإنتاج كان وما برح أفضل ما أنتجته أدمغة الآراميين. ولقد كان من أكبر العوامل على انتشار اللغة الآرامية وازدهارها وتطورها من مكانتها الأصلية إلى المحيط العالمي (International) ودُعيت "اللغة العالمية في العصور القديمة" ان هذه العوامل الكبرى هي التي أبقت على اللغة الآرامية حتى أيامنا هذه رغما عن اندثار عدة لغات كانت معاصرة لها. وما زالت اللغة الآرامية معروفة بهذا الاسم "الآرامية" حتى قيام أسكندر المقدوني ومن ثم أخذت تسمية جديدة "السريانية" وشملت هذه التسمية اللغة والشعوب الآرامية كلها. واليك تعليل الأسباب:
ان تسمية "سريان" هي تحريف لاسم الآشوريين أشهر الشعوب الآرامية لذلك العهد بسبب فتوحاتهم وامتداد سلطانهم من الهند شرقاً حتى ليبيا غرباً. وهكذا عرفهم اليونان آشوريين فالوا على أسلوب لغتهم آشوريان. ولامتناع لفظ الشين عليهم لعدم وجودها في لسانهم قالوا أسريان بإدخال أداة النسبة "يا".ثم طرأ عليها بعض التحريف فصارت أثيريان. وتطرق هذا الاسم تعريفاً رسمياً شاملاً إلى كافة اللغات حتى اللغة الآرامية فقيل (سورييو، غروصصا) بدلاً من (اورومويواوظصا). وحذفت الهمزة من أوله لثقلها و أُطلقت هذه التسمية على البلاد الآرامية جميعها فعرفت باسم سوريا إلى يومنا الحالي بقطع النظر عن التحوير والتقسيم السياسي. فأصل كلمة سوريا من غروصصا سريانية-سورية. ولكونه أسم قطر، قيل سوريا كما يقال آسيا وأفريقيا ..الخ. وقد جرى عليه السريان أيضاً فقالوا (سوريا - غروًصاُ ) بحذف إحدى اليائين والتعويض عنها بالشد على ما في العربية مثلاً "سُوريّـا".
أما في اللغات الغربية فيُنسب إلى سوريا Syria على القاعدة اليونانية المارّ ذكرها فيقال Syrian ويراد بها السوري والسرياني سواءً سواء. وعندما يراد التخصص العنصري يقولون آسيريان (Assyrian آشوري) كما تقدم القول.
وزيادةً في الإيضاح نورد هنا كيفية تطور هذه التسمية كما يلي:
آثور أو آشور– آشوري- أسور- آسور- سوري- سريان
Ashur – Assur – Assurian – Assyrian - Syrian
مما تقدم يتضح ان الاسم سوري أو سريانيٍ Syrian مُحرف عن لفظة آشوري Assyrian ومنها اشتقت بقية الألفاظ. وهكذا أصبحت كلمة سِريان Syrian في اللغات الأوربية عَلماً لجميع الشعوب الآرامية الأصل ولغتهم بلا استثناء.
ومما يلفت النظر ان بعض الكتاب الأوربيين يطلقون هذه التسمية على الديانات المسيحية (The Syrian Religion) الديانة السورية أو السريانية. وذلك لظهورها في البلاد السريانية. راجع مقدمة كتاب "بيغماليون" والأسد لجورج برنارد شو. وفي العصور الأولى للنصرانية أصبحت التسمية "السريانية" عامّة شاملة. ومع ذلك فان التسمية الأصلية "آرامي" اورومويو لم يبطل استعمالها بل بقيت متداولة للتميز بين الوثني والمسيحي. فكانوا يدعون المؤمن منهم (سورييو) سرياني، والوثني (اورومويو) آرامي. فلما عمت المسيحية جميع الشعوب الآرامية شملت التسمية وعُرف الجميع باسم واحد "سرياني". وفي الجيل الثالث إلى أول الرابع كانت الملة بلغتها وبلادها وديانتها سريانية "مسيحية" واحدة متحدة تجمع في وحدتها كل أسباب النهوض واستعادة مجدها المدني ونفوذها السياسي وسيادتها القومية.
على ان الرومان الذين كانوا يسيطرون على القسم الغربي من بلاد السريان لم يطمئنوا إلى ذلك لاعتقادهم بما يجيش في صدور أولئك المغلوبين على أمرهم من نزعة الاستقلال واستعادة الملك المغتصب، فلجئوا إلى سياسة التفرقة عن طريق الفلسفة الدينية. ولم يمضِ إلا القليل حتى انقسمت الأمة السريانية على ذاتها وتمزقت وحدتها إلى طوائف تنازع بعضها على قضايا عقائدية، فكان للرومان ما أرادوا.
ان السياسة القومية في الأمة السريانية كانت روحية محضة. فكما كان أسلافهم اسبق الأمم إلى تأسيس أعظم إمبراطورية في العالم القديم هكذا كانوا هم أسبق الأمم إلى تأسيس إمبراطورية روحية لحمتها الإخاء العام وسداها التسامح المسيحي. على ان الأمم المجاورة لهم لم تكن على استعداد للانخراط في صفوف تلك الإمبراطورية الروحية. وسرعان ما مُنيت وحدتها بالانقسامات والخذلان وتفرقت كلمتهم وفتك بهم الأعداء بلا هوادة. وهكذا لعبت السياسة الأجنبية بلادهم دوراً خطيراً أفضى إلى انشطار الكنيسة السريانية إلى شطرين عظيمين شرقي وغربي بمقتضى مواقع البلاد وتبعاً لنفوذ السياسة المتنازعة بين الدولتين العظيمتين يومئذٍ، الفارسية في الشرق والرومانية في الغرب. وعرفت الكنيسة الشرقية باسم السريانية النسطورية والغربية باسم السريانية الأرثوذكسية (أصحاب القول بالطبيعة الواحدة في المسيح) وكان ذلك في أوائل القرن الخامس. ومذ ذلك الزمن أصبحت بلاد السريان ميداناً للحروب والفتن ومثل المسيحيون ببعضهم افظع تمثيل حتى آذنت شمس هذه الأمة العظيمة المجد العريقة الأصول بالأفول.
ولم تقف المصيبة عند هذا الحد من الانقسام، بل كان من المحتم ان يفضي هذا النزاع واحتدام الجدال في القضايا اللاهوتية إلى تفرع أحزاب ومذاهب متعددة. فتشعبت الآراء وتناحرت الأحزاب وكل ذلك باسم الدين المسيحي. فكان هناك الأرثوذكسي والنسطوري والاريوسي والملكي والماروني. فكانت طبيعة الحالة تقضي على بعض هذه الفرق، وخاصة المغايرة لمذهب الحكام، بالالتجاء إلى منقذٍ ينقذها مما مُنيت به من المظالم. فلما ظهر الإسلام في الربع الأول من الجيل السابع، رحب به هؤلاء المضغوط عليهم وعملوا على امتداد الفتوح العربية في سوريا وفلسطين والعراق وأعتنق الكثير منهم الدين الإسلامي ولم يمضِ إلا القليل حتى تعربت البلاد وتقلص ظل اللغة السريانية إلا في الأديرة والكنائس وبعض القرى والجبال، وتناسى القوم نسبتهم إلى يومنا الحالي.
ان نتيجة الفتوحات الإسلامية كانت هذه:
1 - انقسمت الأمة السريانية إلى ثلاثة أقسام: قسمٌ اعتنق الإسلام وأندمج بالعرب اندماجا نهائياً. وقسم تعرّب فقط وبقي على المسيحية، ومنهم الطائفة الملكية. والقسم الثالث هم اللذين حافظوا على لغتهم وتقاليدهم إلى اليوم وهم أصحاب الكنائس السريانية المعروفة إلى اليوم وعليهم مدار بحثنا.
2 - تحررت الشعوب السريانية من رقبة السلطتين الفارسية والرومانية وتمتعت بحريتها في ظل الدولة الإسلامية إلى آخر عهد الدولة العباسية في أوسط القرن الثالث عشر.
لقد أجمع مؤَرخو السريان على ان العصر الذهبي للثقافة السريانية المسيحية كان في زمن دولتي بني أمية وبني العباس. ففي تلك الحقبة تمتعت الكنيستان الشرقية والغربية بكل عوامل النشاط والازدهار. وقد توصل السريان النساطرة في فتوحاتهم الدينية إلى الصين الشرقية (باكين) وتتلمذ لهم بعض قبائل التتر والمغول وملوكهم وذكر أبن العبري ان الشيخ يوحنا نيصيا صرسعع أمير شرق الصين وقائد جيشه جنكيز خان كانا عل المعتقد النسطوري. أما الكنيسة الغربية (كنيسة السريان الأرثوذكس) فلم تكن أقل ازدهارا وانتشارا في آسيا الغربية وشواطئ أفريقيا الشرقية. وقد نبغ من هاتين الملتين كبار العلماء والفلاسفة والأطباء والشعراء والفلكيين والرياضيين والمرتجمين ورجال الدولة ما لا يقع تحت حصر.
على ان ذلك العهد لمْ يَطل. فلما انقرضت الدولة العباسية على يد هولاكو المغولي، دخلت البلاد طوراً من الشدائد والاضطهادات. ثم توالت المصائب بوفود الحملات الصليبية من الغرب وهي تحمل أغراض سياسية باسم الدين. فعاثت في البلاد بكل ما أوحى إليها التعصب الديني مما يكلُ اليراع عن وصفه. وكذلك القول في حملات تيمورلنغ التي لم تُبقِ ولم ولم تذر. وبلغ الخراب والدمار أشده في منذ استلام العثمانيين زمام الحكم. وقد كان نصيب السريان من كل ذلك وافراً وقد التجأ الكثيرون منهم إلى قمم الجبال لامتناعها على الغزاة. هكذا فعل الموارنة في جبال لبنان والسريان في طور عبدين و النساطرة في حيكاري وجبال الموصل. كان جراء ذلك أن ركدت ريح العلوم والأدب في الأمة السريانية دوائر العلم والإنتاج الثقافي وفقدوا الكثير من ثروتهم العلمية وأملاكهم الوفيرة وأنتشر الجهل بينهم ونجم عن ذلك ضعف في الأخلاق نتيجة طبيعية للمخاوف وما تورثه من الجبن ووهن العزيمة. وأفتضت بهم الحال إلى انقسامات مذهبية جديدة ففي القرن الخامس عشر ظهرة طائفة الكلدان بانحياز فريق من السريان النساطرة إلى الكنيسة الكاثوليكية. وفي القرن 17 أنفصل فريق من السريان الأرثوذكس اتحدوا مع رما باسم السريان الكاثوليك. ثم جاء دعاة البروتستانتية ولذى بهم الكثيرين من نصارى الشرق.
ان اتخاذ الفريق المنفصل عن النساطرة أسم "الكلدان" حدا بالنساطرة إلى اتخاذ الاسم القديم "الآشوري" علماً لهم. وشاعت هذه التسمية المنبعثة حديثاً على الأخص بين متكلمي الإنكليزية. فالعامة منهم يسمون أنفسهم Assyrian)) أي آشوريين. أما رجال الدين فما برحوا يعتبرون التسمية السريانية (عيتو سورييتو دمدنحو) "الكنيسة السريانية الشرقية". وقد أحدث هذا الأمر شيئاً من التشويش بين أبناء قومنا في الولايات المتحدة فمنهم من يتسمى بالآشورية ومنهم من يدّعي السريانية. وأصطدم هؤلاء مع السوريين ممن لا يدخل في التعريف السرياني، وهم يُعرفون هناك باسم ( Syrians) والشعوب اللاتينية تعرف عنهم باسم ( Syrios) سوريين.
فللوصول إلى نتيجة حاسمة، نرى بموجب التطور الزمني أن شعوب سوريا ولبنان والعراق معظمها من العنصر السرياني (Syrian) المسيحي والمسلم سواءً مهما كانت لغته وللجميع أن يدعون بهذا الاسم (Syrians) أو (Syrios ) سوري أو سرياني (سوريو او سورييو). وهذه التسمية بعد أن كانت للجزء أصبحت للكل فهي الآن أكثر شمولاً لجميع القبائل السريانية – الآرامية.
بناءً على ما تقدم نرى ان لا مسوغ لإتخاذ الأسماء القديمة مثل آشوريين وكلدان وبابليين وفينيقيين ..الخ، آلا فيما يعني القضايا التاريخية. وان الرجوع إلى التسميات القديمة يقضي على التسمية السريانية العامة. وكم هو عظيم سرورنا عندما نرى ان أسم الأمة أخذ يتجدد سياسياً ويتجسم في بلاد سوريا المحبوبة وقضت نهضت الأمة لتستعيد مجدها ونشاطها. أجل كم هو جميل أن نرى الاسم السوري يشمل أمة كريمة يعترف العالم أجمع بسيادتها واستقلالها. وسوف لايمرُ إلا القليل حتى نرى الدولة السورية تحيي مجد الآباء بما يقرُ أعين الجميع. وما ذكرناه عن سوريا يصدق أيضاً على العراق ولبنان. فلتتبارك سوريا ولتعش نهضة مواطنينا الكرام والسلام على من أتّبع الهدى.
أبـرهيم كبريـال صومـي
نقلاً عن مجلة "الجامعة السريانية"
الأعداد تشرين الأول\تشرين الثاني\كانون الأول – 1 نقلا عن دار سرجون للنشر