إجازة الصيف الساخن منحت أساتذة الجامعات قسطا من الأمن بعد أشهر من الخوف
30/07/2006بغداد - الصباح/ جاءت اجازة الصيف الساخن في العراق كطوق نجاة لمئات الاساتذة والكفاءات العلمية العراقية التي وجدت في الرحيل عن البلد فرصة سانحة لها للخلاص من القتل والخطف والتهجير الذي بدا كظاهرة اعقبت سقوط النظام في 2003 فدائرة الاستهداف اتسعت وقائمة الضحايا دونت اسماء جديدة في كل موسم دراسي وكلما سنحت الفرصة لعصابات القتل باغتيال نخب العراق الجريح. وفي دول الجوار والدول الاخرى بحث الكثير من خيرة اساتذة العراق وكفاءاته عن فرص عمل في الجامعات او المعاهد والمستشفيات الطبية بشكل يثير الحزن والاسى لبلد عجز عن حماية ثروته مع ازدياد موجات العنف والتدهور الامني ودق ناقوس الخطر.مصادر وزارة التعليم ابدت مخاوف كبيرة تجاه ظاهرة افراغ البلد من كفاءاته وتقول هذه المصادر: ان ما يجري للكفاءات العلمية والاساتذة امر مخيف فقد يأتي العام الدراسي المقبل وهو يحمل صدمة لطلابنا كون ان اغلب الاساتذة الاكفاء قد رحلوا”. وتشير المصادر الى ان عددا كبيرا من اساتذة الجامعات العراقية والذين يقضون الاجازة في دول الجوار يبحثون عن فرصة عمل لهم في مراكز علمية وجامعات اهلية والمحظوظ منهم من وجد عملا بينما نحن من سيدفع الثمن باهظا. وتبين الارقام الرسمية لوزارة التعليم ان عدد الاساتذة الذين اغتيلوا منذ سقوط النظام ولغاية الان بلغ 127 استاذا جامعيا من مجموع 18133 استاذا بينما لم تصدر بيانات رسمية بشأن الاساتذة الذين غادروا البلد إذ تقول الوزارة: ان بعض الجهات تعمل لاثارة الهواجس والخوف من خلال طرح ارقام كبيرة إذ اعلنت منظمة دولية مختصة بحماية اساتذة الجامعات العراقية في اول تقرير اصدرته قبل شهرين ان عدد الاساتذة الذين تم اختطافهم بلغ نحو مئة وستين اكاديميا بينما عدد الذين تم اغتيالهم بلغ قرابة 200 ودفع تهديد الجهات المجهولة التي تقف خلف هذه الاعمال لهجرة اكثر من 2500 استاذ جامعي. وتعمل وزارة التعليم على توحيد الجهود مع رجال الدين والمؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام على بيان مخاطر هذه الظاهرة الخطيرة التي تستهدف النخب النيرة من ثروة العراق التي تتعرض للاستهداف وهي دائمة المناشدة للجهات الامنية ووزارتي الداخلية والدفاع لحماية المؤسسات العلمية والاكاديمية ومنتسبيها والتصدي للعناصر والجهات المشبوهة التي تقف وراء عملية الاستهداف. لكن مما يبدو ان مواجهة هذه الظاهرة من قبل الاجهزة الامنية امر يلاقي صعوبة كبيرة فكثير من عمليات الاغتيال والقتل والخطف والابتزاز قيدت ضد مجهول “فالجناة ينفذون جرائمهم بحرفية عالية وخبرة كبيرة ولا يتركون اثرا يدل عليهم” هكذا يعبر مصدر امني بشأن عدم القاء القبض على المتورطين بقتل الاساتذة والاطباء ويشير الى ان اغلب الجماعات التي تنفذ مثل هذه الاعمال مدربة بشكل كبير ولهم استراتيجية وطريقة عمل نقف عاجزين امامها. وقال احد الاساتذة في كلية الاداب بجامعة بغداد رفض الكشف عن اسمه “ان ما يجري يثير الرعب في قلوبنا ويحملنا على الرحيل عن البلد او مواجهة عصابات لا تقيم وزنا للعلم والعلماء ولا تفهم الا لغة القتل كما ان الافكار المطروحة لحمايتنا لا نجد فيها سبيلا للخلاص من هذه المحنة إذ ان تخصيص حراس للاساتذة لا يحل المشكلة فالقتلة هدفهم معروف وواضح”.ويشير الى ان عددا كبيرا من الاساتذة في الجامعة قد لقوا حتفهم دون ان يعرف الجاني او يحقق بالقضية “فلا خلاص الا بالرحيل”. واللافت في هذه القضية ان الاستهداف الذي يواجهه الاساتذة والاطباء والكفاءات العلمية الاخرى لا يرتبط بمسألة طائفية فالقتل والخطف والابتزاز شمل الجميع من مختلف الطوائف والاديان والمذاهب وبشكل مدروس جدا. وكثيرا ما يتهم رئيس رابطة التدريسيين العراقيين الدكتور عصام الراوي وهي احدى ابرز المنظمات المختصة بشؤون الاساتذة والدفاع عنهم في تصريحات صحفية جهات خارجية باغتيال الاساتذة بالتعاون مع مجموعات محلية وفرت لها الحماية لتنفيذ مخططاتها التي تخدم مصالحها الاقليمية واخذت على عاتقها تصفية الاساتذة بذرائع شتى. وافاد “نرفض ان نسير برفقة احد او ابنائنا حتى لا يقتلون معنا” فما يجري يجعل الجميع بدائرة الاستهداف ويطالب بتوفير اجواء امنية صحيحة وتعاون الجميع من شخصيات دينية وسياسية واعلامية واصدار فتاوى تحرم استهداف الاساتذة لاي سبب كان دينيا او سياسيا او اي سبب اخر يذهب ضحيته الاساتذة. وتعرض كثير من الاساتذة للاعتداء والضرب في الحرم الجامعي بذرائع شتى وما جرى لاحد اساتذة كلية الاعلام كان كافيا لرفع الاصوات المطالبة بالتدخل بشؤون الجامعات إذ جاء رد الحكومة برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي حاسما بشأن ابعاد الاحزاب والجهات السياسية من التدخل بشؤون الاساتذة والجامعات والنأي عن الصراعات السياسية والدينية ما ولد ارتياحا كبيرا يوازي الارتياح الذي تواجهه مبادرة المصالحة الوطنية التي يأمل الكثير من الاساتذة ان تحقق النجاح الذي سيسهم بالحفاظ على ثروات العراق ومنها الثروة العلمية الا وهي اساتذة الجامعات وكفاءاتها وخبراتها التي طالما افتخر بها العراق على مدى السنين.