إلى روح أمي
إلى روح أمي في ذكرى عيد الأم الأول من بعد رحيلهاإلى تلك الروح التي أولدتها الجبال فجبلتها شموخا وكرامة ....
إلى تلك الروح التي عََََََََلَمت كيف تصان الكرامة وكيف ويعاش الشرف .....
إلى تلك الروح.... الضعيفة الجسد ..... القوية الكلمة
إلى تلك الروح التي سأمت ذلك الجسد الضعيف فقررت أن تتحر منه لتحلق نحو موطن الملائكة حيث وسادتهم قلب الله وغطائهم محبة يسوع المخلص.
إلى روح أمي ........ تلك الروح التي علمتني كيف اعشق المطر لأنه روح الشتاء .....وكيف أحاكي الزهر لأنه تاج الربيع... وكيف انعم بالشمس لأنها عروس الصيف ..... وكيف ألاعب ورق الشجر الأصفر لأنه حزن الخريف
إلى روح أمي التي كانت أول سلام يغسل عيني في شتاء طفولتي .. لأراها تؤدي طقس الأمومة في معبد قلبها الكبير فاخرج من تحت أغطيتي الدافئة إلى برد الحياة فتستقبلني بدفء قلبها العظيم
إلى روح أمي التي كان صوتها كترنيمة في أصبح الشتاء وهي توقظنا للذهاب إلى المدرسة... فصوتها كان المرنم .... وصفير إبريق الشاي كان الاوركن ...وهمس بلبل الصباح فيروز كان الكورس .... أما قطرات المطر المتساقطة على النافذة فكانت المصلين المبتهلين لحظن الأرض
إلى روح أمي التي كانت تصنع من كل صباح قداس الهي.... لتكون هي المعبد وحنانها القربان المخلص
إلى روح أمي التي عاشت حلم العودة إلى الديار بعد طول الغياب فعادت يوما لتغيب إلى الأبد
إلى روح أمي التي عشقت تراب قريتنا فنبتت في صدرها شجرة جوز كبيرة جذورها في أقصى أعماق الأرض وأغصانها تتطلع ليوم العودة واللقاء
إلى روح أمي التي لم يتغيب طيفها يوما عن زيارة أهلها في قريتها الصغيرة (هيش ) فنبعت من عيون الماء وسارت مع السواقي والجداول فانغرست في تربتها ونبتت نرجسا ابيض في شتاء هجرة طويلة
إلى روح أمي التي فاقت كرامتها ارتفاع جبال ريكان فواجهت الريح العاتية ولم يحنها تقلب الزمان
إلى روح أمي التي أرضعتنا من صدرها عشق الأرض وشموخ الأولين
إلى روح أمي التي رضيت بالقليل والقليل لنفسها وكافحت للحصول على الأفضل والكثير لأبنائها
إلى روح أمي التي كانت بالأمس جسدا مشرقا يلاحق أفراحنا وأحزاننا .... آلامنا وضحكاتنا ....أصبحت اليوم مجرد كلمات على صخرة ... صورة هنا وأخرى هناك وأثواب مصطفة في الخزانة تحن لحضن صاحبتها.... وشوق كبير يعتصر أفئدتنا
إلى روح أمي التي توشحت بالإيمان فاتخذت من اللا متناهي جسدا وركبت النور خيلا فسارت لتكون ضمن جوقة المصلين المبتهلين المتضرعين من اجل خطايا أحبتهم
إلى روح أمي التي هجرت عيوننا فتركت عبق حبها منثورا في أعماق صدورنا ...
إلى روح أمي أقول شمسنا ما عادت مشرقة كالأمس... وغيمتنا ما عادت سخية كالبارحة.... ومطرها ما عاد يشبع قلب المشتاقين .... فرحيلك..... آآآآآآه من رحيلك .......فقد جعل جميع أفراحي من بعدك ناقصة
فارقد بسلام أيها الجسد البالي فالأرض في شوق كبير إليك
وانعمي بالنور أيتها الروح الطاهرة لأنك كنت أما .... والأم نور من نور
جوني خوشابا الريكاني
20/3/2009
تلكيف