إلى روح الشهيد مثلث الرحمات الحبر الجليل مار بولس فرج رحو بمناسبة الذكرى السنوية لإستشهاده

عام مضى على فراقك أيها الحبر الجليل،
أيها الحبيب والصديق ، أيها الإنسان والمعلم،
أيها القائد والراعي الصالح...
عام مضى على فراقك،
ومع اشراقة كل فجر
يكبر الألم والحزن فينا، ويتعاظم الشوق إليك...
قبل عام كنا ننتظر عودتك إلينا،
لكي تحمل لنا حنانك، ودفئك،
وابتسامتك التي كانت تملأ العراق فرحاً،
وتبعث فينا الأمل والحياة.
ولكنك رحلت مسرعاً دون أن نراك،
دون أن نودعك،
دون أن نحتضنك
وتَضُمنا إلى صدرك،
رحلت في عجال، وخُطفت معك الأمل والبسمة.
لقد عشت فينا كالنسمة التي أنعشتنا،
وسرعان ما ذهبت...
لقد أحببت الحياة والناس..
كم نفتقدك أيها الغالي اليوم،
ونفتقد صوتك وكلماتك وضحكاتك،
وتعجز الكلمات اليوم
أن تصف ما تحمل قلوبنا من حب وحنين لك،
وما يختلجها من أحزان ودموع على فراقك،
وكم نحسد تراب قبرك،
لانه وحده الذي يشعر بدفئك،
وحنانك، وطيبتك.
وكم يدب الذعر فينا كلما آلمتنا تلك الحقيقة،
وهي رحيلك عنا،
غير إن إيماننا العميق بالله،
وحبك اللامتناهي لنا يشد من ازرنا،
ويزيد من إصرارنا
على إكمال الرسالة التي بدأتها،
يا من علمتنا عشق الحياة،
سنحبك اليوم وغداً وأبداً لن ننساك.

*******

رحلت عنا أيها الشيخ الجليل
كضوء البرق، وصوت الرعد
لقد تحجرت الدموع فى المأقي
أهل نبكيك .. أم نرثيك..
أم نذرف الدموع على فراقك
هكذا رحلت بدون سلام.. بدون كلام..
أنت البسمة.. أنت الفرحة..
لك في وادي الرافدين أحلام
آهات.. ودموع..
حتى أطفال العراق
بكت لك أيها الحبر الجليل...
ِنعم الصديق أنت، وإن كان فى فراقك آلام.
أنت الرجل الطيب الحنون، وبذالك تشهد لك الأيام.
أقول وقلبى يعتصر ألمآ.. لن نبكيك،
ولكن نرثيك
بأسمى آيات الفخر والإعتزاز،
فإلى جنات الخلد يا شيخنا الجليل.

*******

ليس هناك مساحةٌ
في العمر لرحلةٍ جديدةٍ ،
وليس هناك فراغٌ
في الذاكرة لتجربةٍ أخرى،
وليس هناك فضاءٌ
في القلب لألمٍ مغمورٍ بوجع الحنين ،
وليس هناك ما هنا...
فكيف ترحل عنا
أيها الحبر الجليل شيخ الشهداء
وأنت مشدودٌ إلى هنا..
منسوجٌ بخيوط الصباح ،
وشقشقة العصافير، وزهر الياسمين
ينتظرك عند الباب المهترئ..
وأمٍ تسنده بصبر السنين..
وتعد الأيام
لعلها تقطع هدأة الفجر،
وتلتقي روحاً..
فارقت الجسد ..
ستة وستون درباً ..
ولم تنتهي الدروب بعد !

*******

لا مدفع يرهبنا..
لا لغم يسكتنا..
لا صاروخ يدمرنا..
ونمشي خطانا..
منذ الولادة.. نعشق الموت..
فداء للحب والسلام
ونقول إلى تلك الأيادي
الخفية الخبيثة..
التي اغتالت
صوت الحق
في نينوى عاصمة الأجداد
نحن عشاق شهادة بلا هوادة..
حين يموت الرجال..
حين يصيح الأبطال..
يسترجل الصغار..
لا تذرفي الدموع يا كنيستي اليوم..
بل زغردي للبطل الشهيد..

*******

من حقنا
أن نعيش في أرض آشور وبابل
ليس لنا خيار آخر ..
اما نموت واما نعيش في بلاد النهرين ..
فقط ها هنا..
فوق ثرى أغلى تراب في العالم ..
هنا في وادي الرافدين..
قد ولدتنا امهاتنا..
وهنا ستبقى هاماتنا ..
حيث كرمنا قد أغرقكم..
لما تعشقون دفننا تحت التراب ؟
أهذه حلولكم العادلة..
التي ابتكرت لاجلنا ؟
يا أهلنا يا ربعنا..
دعونا نقف مرة..
وقفة واحدة متوحدة..
واذكروا أحبائي
ان العراق هو وطنكم منذ الآف السنين..
قبل ميلادهم كنا على هذا الثرى ..
من شماله إلى جنوبه،
ومن شرقه إلى غربه
مروراً بوسطه..
وبهذا الحنين لن نقبل بضياعه..
أو تجزئته..
أيا كان الثمن ثمين ..
من حقنا أن نبقى أحياء في بلادنا ..

مسك الختام
" روح مار بولس فرج رحو تزحف حيّة عبر العصور والدهور. الروح هي التي تنتصر. بل الروح المسيحية دائماً تنتصر ان دفنتها قامت في اليوم الثالث، وان رجمتها انتشرت في الأرض كلها ".

الراهب آشور ياقو البازي

*******

من أقوال الشهيد مثلث الرحمات
مار بولس فرج رحو رئيس أساقفة نينوى وتوابعها

نحن لسنا أعداء لأحد من الأشخاص، فإذا كان هناك أعداء لنا فنحن لسنا أعدائهم، وإذ أرادوا هم أن يكونوا أعداء لنا، فنحن كما أوصانا الإنجيل المقدس بشخص يسوع المسيح له المجد ( أحبوا أعداكم )، فنحن الذين يحبوننا نحبهم، والذين يصادقونننا نصادقهم، والذين يبغضوننا نصلي من أجلهم، والذين يضطهدوننا نطلب لهم من الرب الرحمة، والذين يعادوننا فنحن لا نعاديهم، والذين يضربوننا، فنحن لا نضربهم، ولا نريد أن نكون أعداء لاحد ما، وإذا يوجد أي شخص عدو لنا أي هو الذي يريد يكون عدو لنا، فالمسيح يسوع يوصينا أن نحبهم ونصلي لاجلهم.

نبذة عن حياة
الشهيد مثلث الرحمات مار بولس فرج رحو

1_ ابصر النور في 20 كانون الأول 1942 من مجيد اسطيفان رحو ومادلين سموعي يعقوب السقا، وهو أصغر اخوته الأربعة واخواته الثلاث.
2_ انهى دراسته الابتدائية في مدرسة شمعون الصفا في الموصل، والثانوية في معهد شمعون الصفا الكهنوتي البطريركي1954-1965، ثم اكمل دراسته الفلسفية واللاهوتية في المعهد نفسه.
3_ سافر إلى روما للدراسة فحصل على ليسانس في اللاهوت الرعوي من كلية مار توما الاكويني للآباء الدومنيكان 1974-1976.
4_ رسم كاهنا في 10 كانون الثاني 1965 في بغداد، ثم رقي إلى الدرجة الأسقفية في 16 شباط 2001 في بغداد.
5_ كان أحد كهنة يسوع الملك منذ عام 1976، خدم في كنيسة مار اشعيا - ام المعونة - مار بولس في الموصل، اشرف ككاهن على الاخويات الطلابية - ندوات الشباب - العمال - الموظفين، أسس جماعات عديدة روحية ونشطة في الكنيسة منها.
* جماعة المحبة والفرح لذوي الإحتياجات الخاصة 1986 في كنيسة مار بولس، واصبحت فيما بعد جماعة كنيسة مسكونية في عدة كنائس في العراق.
* جماعة اصدقاء الناصرة 1996 التي تهتم بالأسر الجديدة.
* جماعة اصدقاء يسوع 1993 التي تهتم بالعائلة الفقيرة والمتعففة.
* اقامة لقاءات مكثفة لمدة اسبوع مرتين في كل سنة منذ عام 1993 (اسبوع الشباب ) قدم فيها لقاءات روحية وثقافية وترفيهية.
* ألّف كتاباً عن كنيسة مار اشعيا بر قوسري وكنائسه.
* لديه مقالات عديدة ثقافية ورعوية في المجلات المحلية.
* كان يمتلك علاقات واسعة مع مختلف الطوائف والمذاهب في الموصل، ولقد اختير عضواً في مجلس اعيان الموصل.
اختطف المطران من قبل جماعة من المسلحين بتاريخ 29 شباط 2008 في منطقة حي النور السكنية شرق مدينة الموصل، حيث جرت واقعة الخطف بعد أن أنهى المطران مراسيم صلاة "درب الصليب التي تقام خلال زمن الصوم" وكان في طريق مغادرته الكنيسة حيث تعرض له مجهولون واطلقوا النار على سيارته مما أدى إلى مقتل سائقة واثنين من شمامسته واختطافه.
بتاريخ 13 آذار / مارس 2008 عثر على جثة المطران قرب مدينة الموصل ولم تحدد إلى الان وبشكل رسمي الجهة المسؤولة عن الاختطاف.

الراهب آشور ياقو البازي