Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

إلى محكمة العصر, أنصفوا العراقيين في تطبيق أحكام قانونكم وإحكام قراراتكم

ليست سعيا منّي لإستباق قراءة مجريات ما سيحصل من تطوّرات في جلسات محاكمة صدام وأعوانه في التهم الموجهة ضده وزمرته في جرائمه المرتكبه ضد الشعب العراقي بكافة أطيافه , و أنفال عام 1987 _ 1988 هي أحداها و ربما ابشعها , كما أنني لست برجل قانوني لأظهر كمن ينوي متعاليا ومزايدا على صلاحيات و مهام هيئة المحكمة التي شكّلت لهذا الغرض, لكن يبقى الإنسان سواء كان رجل قانون أو قائد سياسي في أعلى درجات سموّه كلّما كان ملتزما بالقسم الذي سبق له تأديته أوحين يحقق قدرا مضافا من نزاهة التعامل مع الصوره بأكملها دون أن يكون الإجتزاء والتهميش أمرا مقصودا في مراحل إنجاز المهمة.

الأنفال في تفاصيلها نعم كانت جرائم كبيره بحق الإنسان العراقي عموما والمواطن الكردي على وجه الخصوص, وجدير بكل إنسان أن يستنكرها ويطالب في نفس الوقت محاسبة كل الذين إرتكبوها وشاركوا فيها وهكذا الذين تسببّوا في وقوعها لإنزال العقوبات القانونية بحقهم من دون إستثناء , ولنا من الأصدقاء والأقرباء الذين فقدناهم من العشرات ضمن ضحايا هذه الجريمة البشعه , أي أن ضحايا جرائم الأنفال هذه لم تكن مقتصره فقط على ألإخوة الأكراد , لأن الوثائق ( ألتي نتمنى أن لا يتم إهمالها) تشير بأنّ الالاف من الإخوة العرب والتركمان والكلدوأشوريين والشبك والصابئه قد لقوا هم أيضا نفس المصير المؤلم جراء ما سميّت بالأنفال سيئة الصيت, وهنالك العشرات من القرى والمزارع والكنائس التابعة لأصحابها الكلدواشوريين و التي سوّيت تماما مع الأرض بعد قتل الكثير من أهلها , و تشريد الأحياء منهم من الذين سلموا بجلدهم, لذلك ومن باب الإنصاف و ضرورة التريّث سوف لن نتسرّع في التكهّن أو الحكم على الأمور مسبقا , لننتظر ونشهد ما سيدور في وقائع القادم من الجلسات للتأكد من مدى مصداقية المحكمة أولا, و من مدى نزاهة نوايا الذين أشرفوا على تهيئة الملفات المتعلّقة بالقضيه ثانيا.

إذن يبقى الهدف من طرح الرأي هنا هو مجرّد تذكير رئاسة المحكمة العراقية المختصه بقضية الأنفال في إمكانية أو وجوب إعتبار القضية عراقية إنطلاقا من حقيقة معرفة هوية الضحية ألتي إمتزجت دماؤها من دون سابق موعد , أو من خلال مراعاة ألوان وموزائيك إنتمائية تلك الضحية في جريمة الأنفال, نعم كانت غالبية الضحايا من الأكراد لكن لم تكن ضحاياها_ كما يتخيّل للبعض متوهمّا _ فقط من الإخوة الأكراد ,ولكي يتم إحقاق العدالة الوطنيه في هذه المحاكمة بحسب العرف القانوني المتداول عالميا , ومن أجل إتمام عملية تعويض وترضية كل من فقد عزيزا له أو أحرقت قريته أو أستلبت منه أرضه بسبب تلك العملية العسكريه, يتحتّم على المحكمة الإنتباه إلى هذه المسألة من دون تمييز بين هذا و ذاك سواء ما يتعلّق بمرتكبي الجريمه او بضحاياها بحيث لا تعطي المحكمة لاحقا لأية جهة فرصة الطعن في حياديتها أو التشكيك فيها وإتهامها في تسييس تفاصيل سير وأغراض مهامها القانونيه الموكله إليها في القضيه .

جرائم صدام لا يمكن إختزالها بجريمة محدده, فالأنفال والدجيل وقمع الإنتفاضة الشعبانيه وتجفيف الأهوار هي غيض من فيض من جرائمه التي لا يمكن حصرها أو إحصائها, وصدام هو المتهم الأساسي في كل ماجرى بحكم هرميّة موقعه الرئاسي , لكن هل بالإمكان قانونيا إعتباره كونه المجرم الأوحد في كل ما جرى كي تتم عملية القفز وبسبق إصرار نحو محاولة تبرئة ساحة الأخرين الذين قد طاب لهم ضلوعهم الطوعي الجرمي في وقتها حين نالوا قسطهم الوافر في تنفيذ الجرائم المتنوعه ومن ضمنها الأنفال بحق الشعب العراقي , فالكثير من الدلائل والشواهد تشير بأن هنالك من القادة الغير النظاميين الذين كانوا يقودون تشكيلات عسكريه صداميّه (غير نظاميه) مكوّنه من مئات الألوف من المرتزقه كانت تتصدّر خطوط فعاليات الحملة عسكرياّ , والأمانه تتطلب القول بأن هذه التشكيلات لم تكن عربيه , ف (أفواج الدفاع الوطني) والمفارزالتي شكلّها النظام الخاصة و الإستخباراتيه منها كانت في أغلبها تتألف من الأكراد , وقد شاركت هذه التشكيلات اللانظاميه بشكل فاعل في تدمير ونهب وحرق المئات من القرى الغير الكردية حالها حال القرى الكردية جنبا إلى جنب مع القطعات العسكرية او الحزبيه الميلشياويه , كما قامت بقتل وتهجير الالاف من العوائل من أطفال ونساء وشيوخ دون تمييز بين هذا كرديا وذاك تركمانيا او كلدواشوريا , أي قانونا, لايجوز لنا ولا للمحكمة الإعتماد و القول بأن الجريمة كانت عربية ضد كردية وهذا ليس فقط من باب تحاشي ترويج مشاعر الحقد والكراهيه العنصريه مابين ابناء الشعب الواحد فحسب, لكنها هي الحقيقة التي لايمكن لأحد نكرانها, فصدّام كان يستعين بكل من يستجيب لمخططاته طمعا في الجاه والمناصب مستغلا إياهم في تنفيذ أحلامه السوداء دون التمييز بين من كان عربيا أو كرديا او بين التركماني والكلدواشوري او بين السني والشيعي , لذا وبينما عملية بناء العراق الجديد تتطلب من الجميع نشر ثقافة الألفة والأخوة , لايمكن لهذا البناء أن يتحقق إلا عبر أسلوب قانوني جديد ونزيه في تطبيق بنوده ونصوصه ليضمن للجميع حقهم الكامل وينزل العقاب بحق كل من يستحقه جراء جرمه.

وعلى سبيل المثال لا الحصر, يدّعي الكثيرون من العراقيين وأنا واحدا منهم , بعربهم وأكرادهم وتركماينييهم وكلدواشورييهم بأنّ ماجرى في الحادي والثلاثين من أب 1996, والتي مرت ذكراها العاشره قبل يومين , كانت أيضا جريمه لايمكن تغافلها , حين (دخلت) و إقتحمت قوات صدام مدينة أربيل و أمام مرأى الأمم المتحدة و أنظار حماة زون المنطقة الكردية الأمنه من أمريكان وأنكليز ,تلك العمليه العسكرية هي أيضا حلقة أخرى من حلقات جرائم صدام وأنفالاته المتتاليه , وفيها قد سقط المئات من الضحايا وتم إعدام الكثيرين ممن تم أسرهم , وسؤالنا لرجال القانون نوجهه و للقادة من الساسه العراقيين عامة و الاكراد بشكل خاص هو: هل سيغض إخوتنا الأكراد أو رجال القانون الطرف عن تلك الجريمه ؟ ألم يكن صدّام هو بطل الجريمه؟ألم تكن جريمته تلك سببا في سفك أرواح المئات من العراقيين بمختلف إنتماءاتهم؟أم أنّ في الأمر ما يلعثم الألسن؟

أملنا في محكمة العصر هذه , كما في الجهات التي تهيئ وتعرض ملفات جرائم صدام , أن يكون الإبتعاد عن تسسيس الملفات هو نهجها المعتمد في قبولها كملفات و في تشخيص الجريمه ومرتكبيها و في تحديد الضحية كي يكون لكل مواطن مالك لحقه الذي يضمنه له القانون فقط و في الإستفادة من العداله المعهوده من أجل بداية حياة جديده بعيدا عن تأثيرات ما يتم فبركته في أجندات الساسة من أحلام قرمزيه
Opinions