إنها جمعة الألم.. لا جمعة الحزن
لست أعني بالعنوان هنا.. يوم الجمعة الموافق 26 آذار 2010 حيث تـُعلن المفوضية العليا "المستقلة" للانتخابات في العراق النتائج الأولية الكاملة لانتخابات مجلس النواب العراقي المقبل.إنما أعني الجمعة التي تليها والتي توافق الثاني من نيسان 2010.. (نترك هذه المقدمة جانبا ونعود إليها في المضمون.. لاحقا).
في يوم الخميس المقبل 1 نيسان 2010 يحتفي شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في الوطن ومختلف بلدان الاغتراب بالعيد القومي الأكبر.. عيد أكيتو رأس السنة البابلية الآشورية الجديدة 6760.
وفي نفس هذا اليوم يحتفي شعبنا ضمن هويته الدينية.. بعيد الفصح المبارك، والفصح في اللغة الإيمانية يعني العبور.. عبور الشعب المؤمن من العبودية في مصر إلى الحرية في أرض الميعاد، أي أنه الخلاص من العبودية إلى الحرية.. فهي إذن فرحة كبرى.
ومن ثم (عروتا دحشّا).. وكلمة (حشّا) بفتح الحاء وتشديد الشين.. أي جمعة الألم، التي وقع العديد من أبناء شعبنا "للأسف" في خطأ لغوي ومعنوي بشأنها ظنا منهم أنها تعني (جمعة الحزن)، (أي أن حشا تعني الحزن، وهو خطأ شائع).. حتى ساد تقليد يقتضي بمنع الابتسامة والضحك في مثل هذا اليوم!!!.. (عتبي على بعض الآباء الكهنة الأفاضل)!!.
إن كلمة (خشّا) أو (حشّا) في السريانية تعني الألم وليس الحزن كما هو متداول في لهجاتنا المحلية، (الحزن في السريانية: كريووثا.. بكسر الكاف).. وفي اللهجة المحلية (باشمتا) بتثخين الباء.
سيدنا يسوع المسيح له المجد تناول الفصح مع تلاميذه يوم الخميس، ثم تعرض للاعتقال والتعذيب والألم يوم الجمعة، ونحن نستذكر سنويا هذه الجمعة بطقوس كنسية وصلوات خاصة وضعها الآباء القديسون لهذا اليوم الجليل حيث تألم له المجد.. وخيم الظلام على الأرض وقت الظهيرة حين صلبه، لكننا لا نحزن إذا كنا مؤمنين حقيقيين.. إنما نستذكر ونتذكر، لأن هذا الألم كان ثمن النصر والخلاص، وبعد هذه الجمعة العصيبة جاء سبت النور وأشرقت شمس جديدة، ثم كان أحد القيامة المجيدة.. والذي سيكون في الرابع من نيسان هذا العام وبحسب كلا التقويمين القديم والجديد (اليولياني والغريغوري)!!!.
وبهذه القيامة المجيدة تحقق الخلاص وكان التتويج للتدبير الإلهي ومن ثم الفرحة الكبرى.
إذن.. فالأجواء كلها فرح وسرور وبهجة.. فقد تحقق الخلاص بالقيامة.. وعليها بنينا الإيمان والكنيسة، و (عروتا دحشّا) ليست جمعة أحزان إنما استذكار لآلام الرب التي تُوجت بالفرحة الكبرى.. القيامة.
هكذا إذن.. فلنحتفل بهذه الفرحة وهذا النصر.. ولسنا مجبرين أن نحزن.. لأن يسوع لم يحزن يوم الجمعة.. إنما تألم، ونحن سنستذكر آلامه في الجمعة المقبلة 2 نيسان 2010 بالطقوس الكنسية والصلوات والتراتيل على أمل أن نعكسها في حياتنا اليومية، لكننا أيضا سنفرح كثرا ونبتهج لأن هذه الآلام كانت السبيل إلى البهجة الكبرى.. القيامة والانتصار على الخطيئة والموت الروحي إلى حياة أبدية غير فانية.
ومع هذه البهجة الكبيرة.. تكون الفرحة مضاعفة إذ نحتفل أيضا بالعيد القومي لهذا الشعب العظيم، عيد أكيتو.. (6760).. وكلا العيدين يرمزان إلى التجدد والحياة الجديدة.
إنه إذن عيد مزدوج وبهجة مضاعفة.. الفصح والقيامة، وكذلك أكيتو.. الخصب والحياة الجديدة.. وكل عام وشعبنا بألف ألف خير.