إنهاء عمل “يونامي” تجاهل أممي لمشاكل العراق التي تكمن في النظام السياسي
المصدر: قناة الرافدين
أكدت هيئة علماء المسلمين في العراق أن قرار مجلس الأمن الدولي إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) نهاية 2025 بحجة أن البعثة قد حققت أهدافها هي محض أوهام تخالف الواقع المرير الذي يعانيه الشعب العراقي.
وأوضحت الهيئة أن الادعاءات الحكومية بوجود استقرار سياسي وأمني يتناقض مع التأكيدات الأممية بانتشار الفساد وخطورة الوضع الأمني ولاسيما في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات ما حرم النازحين من العودة إلى مناطقهم التي هجروا.
وأضافت أن وهم العدالة الاجتماعية لم يتحقق إلى يومنا هذا ولن يتحقق، فالإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون، وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مستمرة، ولم يحاسب أحد حتى الآن على ارتكاب هذه الجرائم، على الرغم من معرفة المسؤولين عنها، واستمرار الميليشيات الطائفية في التحكم بالسلطة وقراراتها وأمن البلاد، وتغييب عشرات الآلاف من الأبرياء قسرًا، والمقابر الجماعية التي تم التستر على مرتكبيها ولم تحرك البعثة الأممية ولا مجلس الأمن ساكنًا لمحاكمة المسؤولين عنها، وتواصل منهجية التغيير الديمغرافي تحت نظر الحكومات وفي ظل العملية السياسية.
وترى هيئة علماء المسلمين أن مزاعم تحقيق أهداف البعثة والمزاعم الحكومية الحالية غير صحيحة بالمرة، مؤكدة على أن القوة والإرادات الخارجية هي من يتحكم بالسلطة في العراق على مر السنوات الماضية، وهي من يحدد معاييرها ويضع قواعدها ويرسم محدداتها.
وأكدت على أن الحكومات المتتابعة ما هي إلا دمى تنفذ ما يطلب منها، مع زيادة تصرف وولوغ في الجرائم والمفاسد العظيمة في العراق المحتل.
وأضافت الهيئة أن مجلس الأمن بقراره هذا تجاهل حقيقة أن مشكلة العراق تكمن في النظام السياسي المفروض عليه، وفي الأحزاب والقوى والميليشيات المهيمنة على مقدرات العراق والعراقيين، وأنه بقراره قد خذل تطلعات الشعب العراقي، واصطف مع عصابة السوء السياسية، وبما سيؤدي إلى ترسيخ السلطة بين يدي الميليشيات التابعة لإيران، ويدخل العراق في دوامة جديدة من حلقات الانتهاكات والقتل وعدم الاستقرار.
وكان متوقعًا قرر مجلس الأمن الدولي بالإجماع يوم الجمعة ( 31/ 5/ 2024م)؛ إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) بحلول تأريخ (31/ 12/ 2025 م) بعد أكثر من 20 عامًا من بدء الاحتلال الأميركي-البريطاني للعراق؛ بحجة أن البعثة قد حققت أهدافها المعلنة في دعم الحكومات المتعاقبة في العراق ولإجراء حوار سياسي شامل ومصالحة وطنية وتنظيم الانتخابات وإصلاح قطاع الأمن.
وزعمت الحكومة الحالية أن الإنهاء يأتي بناءًا على ما يشهده العراق من استقرار سياسي وأمني، وتحول ديمقراطي وتطورات إيجابية ونجاحات.
ولفتت الهيئة إن إحاطة البعثة الأممية في العراق الأخيرة أمام مجلس الأمن لم تستطع تجنب ذكر ما يتعارض تمامًا مع ما تضمنه قرار المجلس الأخير، وبما يجعل الأسباب الموجبة له هي محض أوهام تخالف الواقع المرير الذي يعانيه الشعب العراقي، وإطلاقات حالمة لا يصدقها أي متابع لمجريات الواقع في العراق، فضلًا عن الشعب العراقي الذي أعلن موقفه أكثر من مرة تجاه البعثة الأممية بطريقة أو أخرى؛ فلا مصالحة وطنية حقيقية حصلت منذ الاحتلال وإلى يومنا هذا، ولم تستطع البعثة أن تجري أي حوارات سياسية جادة شاملة.
وأضافت أن الإحاطة أقرت ببعض الحقائق من كم كبير منها طالما حاولت إخفاءها أو التقليل من أهميتها، لكنها اعترفت مضطرة بأن: مؤسسات الدولة في العراق ما تزال هشة، وتنتشر فيها آفات الفساد والفئوية، والإفلات من العقاب، والتدخل غير القانوني، كما أقرت بوجود جهات مسلحة تعمل خارج إطار الدولة، ووجود تهميش وإقصاء يطال فئات معينة من الشعب وينتشر في أوساطها.
وأكدت على وجود استئثار بالسلطة، واتباع السياسات العقابية على شريحة واحدة من المجتمع، منبهة على زيادة عمليات الإعدام الجماعية غير المـُعلنة، وكيف أن هذه الزيادة هي مصدر قلق كبير، ومشيرة إلى عدم وجود فضاء مدني فاعل يتمتع بالتمكين والحماية.
وقد اعترفت الإحاطة أيضًا بخطورة الوضع الأمني وأشارت إلى المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، ولا تسمح بعودة النازحين إليها وتمنع أي مسؤول محلي أو غيره من زيارتها، وهي بذلك تشير إلى أن المناطق التي هجر منها أهلها بالقوة، ولم تستطع لا هي ولا غيرها من الوصول إليها بسبب سيطرة الميليشيات الإرهابية عليها.
وأكدت الإحاطة على عدم وجود حالة من الاستقرار في العراق، وأن المشهد معقد فيه بسبب وجود جهات مسلحة تعمل خارج سلطة الدولة، فضلًا عن الضغوط الإقليمية الشديدة، ووصفت الوضع: بأنه ما يزال قابلًا للاشتعال، وأن خطر سوء التقدير ما يزال عاليًا جدًا، وأنَّ هناك تحديات مستمرة وخطيرة.
فكيف يمكن أن تكون الأمور كما قرر مجلس الأمن، وممثلة الأمم المتحدة في العراق تعترف بهذه المساوئ الخطيرة في بنية النظام السياسي في العراق وتطبيقاته فضلًا عن نصها على: وجود مشاكل سياسية في بعض المحافظات، ووجود تداخل بين السلطات عند حديثها عن تدخل المحكمة الاتحادية لحل الخلافات الدستورية الكثيرة، واصفة هذه التدخلات بأنها مقلقة.