إياد علاوي : سأنسحب إذا كان وجودي معطلا
30/07/2010شبكة أخبار نركال/NNN/
أجرى الحوار في بغداد: محمد الأنور /
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح في الذهن عند محاورة أحد رموز العراق الجديد في الوقت الذي تتزايد فيه وتستمر الازمات العراقية ومنها الازمة السياسية العالقة منذ اجراء الانتخابات في السابع من مارس الماضي.
ويزداد الامر صعوبة اذا كان الطرف المقابل هو الدكتور اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق ورئيس القائمة العراقية التي فازت بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان العراقي(91 مقعدا)، الذي تشعب الحوار معه الي الكثير من النقاط بشأن المفاوضات الجارية لانهاء الازمة وتشكيل الحكومة، ورؤيته للأوضاع العراقية والدور الامريكي والدولي في العراق.
جري هذا الحوار مع علاوي في مكتبه بشارع الزيتون وسط بغداد علي وقع التفجيرات التي هزت المكتب وضربت مكتب قناة العربية، يتناول عددا من الامور التي يمكن ان تكشف للقارئ جانبا من جوانب ما يحدث في بلاد الرافدين، وما يمكن ان يحمله المستقبل لهذا البلد:
* كيف تسير الأمور بالنسبة لمفاوضات تشكيل الحكومة؟
ـ الأمور لا تتقدم بسرعة، العراقية مصرة علي مسألة وهي تتعلق بمعني الشراكة الوطنية وطريقة ادارة الدولة واتخاذ القرار وغيرها من الامور، واخيرا تحديد المعايير التي تستخدم لاختيار رئيس الوزراء والمواقع الأخري بالدولة، الحقيقة ان الاخوان الآخرين كانوا مصرين فقط علي مناقشة مناصب الرئاسات الثلاثة وغيرها، في حين نحن طرحنا المسائل الجوهرية أولا قبل الدخول في المناصب من خلال طرح الأمور وتوضيحها سواء بالنسبة لمسألة حكومة الشراكة والوطنية وكيفية اتخاذ القرار، وغيرها من الأمور التي تتعلق بحكم بلد متعدد الأعراق والمذاهب وهي امور لابد ان توضح لجميع الاطراف، وعلي رأسها مسألة الطائفية السياسية والمصالح الوطنية وسياسة العراق الخارجية وهي أمور طرحناها من خلال خارطة طريق معا للأمام.
* والآن الي اين وصلتم؟
ـ من يومين فقط وافق ائتلاف دولة القانون علي الحديث في هذه الأمور، ونحن رفضنا ان ندخل في مسألة التفاصيل وطالبنا بوضع مقاييس وعلي رأسها مقياس الكفاءة والنزاهة ثم مقياس الاستحقاق الانتخابي ثم التداول السلمي للسلطة لتعميق الديمقراطية في العراق، وهي امور خاضعة للنقاش المفاوضات تسير ببطء لانها كانت تدور بالاطارات الخارجية وليس المحتوي الاساسي، الذي وضعنا تضورات له في العراقية ومعدة، ومن يومين فقد فهم الآخرون ذلك وقبلوا بالبحث والنقاش.
* فهم أم اضاعة للوقت؟
ـ اعتقد فهم، وانا لا اخفيك سرا بأن الأمريكان والأمم المتحدة عندهم رأي بأن الفائزين عليهم ان يعملوا معا وهناك رغبة في ان يتم التحالف بيننا وبين دولة القانون، ائتلاف ليس ضد الآخرين انما لجذب الآخرين.
* وهل دولة القانون مستجيبة لهذه الرغبة؟
ـ والله ما اعرف وابلغنا الامريكان اننا لن نكون محورا ضد الآخرين.
* وما هو دور الامريكان؟
ـ لا يوجد دور لهم.
* هل هذا معقول بعد كل ما حصل من2003.. الأمريكان ليس لهم دور الآن؟
ـ مجبرون وليسوا مخيرين، السياسة الامريكية تراجعت وفشلت في اماكن كثيرة بدليل انه بعد عشر سنوات تقريبا هناك تراجع والمؤتمر الدولي حول افغانستان من ضمن توصياته ضرورة التصالح مع طالبان والسياسة الامريكية تتخوف من فشل اكثر وآخر في العراق.
* متي تتشكل الحكومة الجديدة في تقديركم؟
ـ الله اعلم، يجب ألا تنسوا ان دولة القانون ضيعت ثلاثة اشهر في اتهامنا بالبعثية وبعدها الاستبعاد والاجتثاث، وبعدها اتهامنا بأننا قائمة سنية، وبعدها اعادة فرز الاصوات، لندخل في مسألة القائمة الاكبر غيرها وهي محاولات للالتفاف علي الاستحقاق الوطني والانتخابي للعراق وحقها في تشكيل الحكومة، وان اتوقع انه في الشهر التاسع ستبدأ تشكيلات الحكومة، بعد عيد الفطر المبارك، وستجري بالتأكيد مفاوضات مهمة خلال شهر أغسطس وتوقعي وإن كنت اتمني ان ننتهي غدا ان نصل الي نتائج مهمة في نهاية اغسطس وتبدأ تشكيلة الحكومة وتسميات المناصب الرئاسية، لان هنالك مسألة اخري تتعلق بتوزيع المناصب وستكون محل خلاف حتي داخل الكتل الاخري، والفرق اننا في العراقية حسمنا هذا الموضوع بالنسبة لجميع المناصب.
* ما رؤيتكم لتشكيلة الحكومة الجديدة؟
ـ الحكومة ستشكل من الكتل الاربع الفائزة وانا شخصيا اميل الي مشاركة قطاعات شعبية غير موجودة بالبرلمان، منها علي سبل المثال لا الحصر الصحوات التي قامت بمهام جليلة لمقاتلة قوي التطرف، وهذه الصحوات لا يكفي ان يوظف اعضاؤها بل يجب ان يكون هناك دور في العملية السياسية، هذا فضلا عن غيرها القوي، وانا منذ الاحتلال والحرب لم تتغير تصريحاتي المطابقة لقناعاتي سواء بالنسبة للمصالحة الوطنية والقضاء علي الطائفية السياسية والحفاظ علي هوية العراق وعروبته وعمقه الاسلامي والتي تبنوها قبل الانتخابات.
* ماذا عن الانباء التي ترددت عن وجود صفقة لتقاسم السلطة مع المالكي؟
ـ لا توجد مثل هذه الأمور وانا لا اعقد مثل هذه الصفقات، وانا شخصيا علي استعداد لترك رئاسة الوزارة ولن اتشبث به لكني لست علي استعداد لأن اتنازل عن حق العراقية في ان يبرز شخص آخر مرشح ليكون رئيس وزراء، وليس لي ادني تحفظ علي ذلك، ومع تشرفي بانتخابي من قبل العراقية كرئيس وزراء مرشح الا انني مع طرح اي شخص آخر للمنصب وهناك الكثيرون في العراقية يصلحون لذلك لأن خدمة العراق والشعب العراقي لا تأتي من منصب رئيس الوزراء او الجمهورية وانما من خلال تبني البرامج التي تخدم العراق، وهو اشارة للآخرين بألا نتمسك بالمنصب بل نتمسك بالاستحقاق الانتخابي ولهذا فإن العراقية او اي مؤسسة اخري عاجزة عن تقديم بدلاء، واذا كان وجودي عائقا انسحب، ونحن حريصون بشدة علي ان يكون الاكراد جزءا من تحالفنا لاسباب كثيرة منها التاريخي والواقعي والمستقبلي، وايضا نحن حريصون علي ان تكون الحكمة القادمة حكومة شراكة وطنية ولكن علينا ان نوضح ما هي الشراكة وآلياتها ومستلزماتها، التحالفات الحالية تعتمد علي التحالف مع الاكراد وسألتقي مع الرئيس بارزاني قريبا، هذه فضلا عن دولة القانون، واذا انطلقنا من مسألة التشبث بالمناصب فمعني ذلك أننا نتحدث عن المناصب وليس البلد.
* وماذا عن اجتماعاتكم الثنائية مع المالكي وما دار فيها؟
ـ محور مما دار مع المالكي هو محور بناء الثقة لأن هناك قطيعة وهو ينتمي الي مدرسة مختلفة في التفكير( الطائفي السياسي) وانا انتمي إلي مدرسة التفكير الوطني العروبي، هذا فضلا عن توضيح المفاهيم له، لايجاد قواعد مشتركة للفهم والتفاهم، كما طرحت مسألة الكتلة الاكبر وتمسكه بالكتلة الاكبر داخل البرلمان، ورغم ان السوابق في الاتخابات السابقة كانت هي الكتلة الاكبر الفائزة في الانتخابات، وهذه اللقاءات لم تحسم اي شيء في المفاهيم الاساسية لتشكيل حكومة شراكة وطنية وليس المناصب القيادية.
* وماذا عن الدور الاقليمي في تشكيل الحكومة؟
ـ الأمريكان ساحبون يدهم بسبب وضعهم السياسي، الدور الاقليمي باستثناء ايران متراجع جدا، وهو بشكل عام عبارة عن تمنيات ولا يتدخل باستثناء ايران التي تدعو اطرافا ووفودا من حلقتها الخاصة ببعض الاطراف التي ترتبط معهم بعلاقات تاريخية، وهذا التدخل ضار وأبلغنا الإيرانيين يذلك حتي قبل الانتخابات وطالبناهم بإصدار بيان وموقف رسمي ايراني بعدم التدخل فيها وهو مالم يحصل رغم وعد السفير الايراني بذلك، حاليا جميع الاتصالات معلنة، وهو عامل سلبي للعراق ولإيران ايضا ونحن حريصون علي عدم التدخل في شأن ايراني.
* هل تتوقع تصعيدا أمنيا للتأثير علي التحالفات السياسية؟
ـ بالتأكيد سيحدث وسيتزايد علي جانبين، الأول يتعلق بالموضوع الامني العام ويتمثل بتصاعد التفجيرات والاغتيالات، والثاني هو استهداف بعض الطوائف، ومحاولة اعادة الطائفية، واستهداف رموز وطنية وهو متوقع وسيزداد.
* وأمنك الشخصي؟
ـ أنا مهدد بصورة كبيرة ولا يمر اسبوع الا وتأتيني تأكيدات من قبل القوات الامريكية واجهزتها الامنية وكذلك القوات العراقية بوجود محاولة جدية لاغتيالي وكشفها، اما بالنسبة للإجراءات فإنني أتخذ إجراءات معقولة لأن الإنسان لا يمكن أن يحبس بين أربعة جدران.
* من سيكون رئيس الجمهورية القادم هل هو نفسه الرئيس جلال طالباني ام سيكون آخر عربي خاصة أن الاكراد متمسكون بمنصب الرئاسة؟
ـ لم يحدد حتي الآن، ولم نر موقفا رسميا للتحالف الكردستاني، وما طرح هو في الإعلام أما في المفاوضات المباشرة فلم يطرح وإذا تمسكوا بالمنصب فليس عندنا تحفظ، لا علي كردي او عربي او سني او شيعي، لأن هذه المناصب يجب ان تكون مفتوحة لكل العراقيين.
* هناك من يعتبر أن يوم الرابع من أغسطس سيكون يوما فاصلا وبعده تتدخل الأمم المتحدة بعد الفشل في تشكيل الحكومة؟
ـ جلسة البرلمان ستبقي مفتوحة إلي أن يتم الاتفاق علي الرئاسات الثلاث، وتاريخ الرابع من الشهر القادم خاص بمجلس الامن بشأن العراق، وموقفنا أنه يجب ألا تعقد الجلسة الثانية إلا بعد تسمية الرئاسات الثلاث، وإذا حدث سيقع العراق لا سمح الله في مأزق شديد.
* لكنكم قلتم إن الحكومة ستشكل في الشهر التاسع؟
ـ تسمية الرئاسات شيء وتشكيل الحكومة شيء آخر لأن تشكيل الحكومة يستغرق وقتا، والأمم المتحدة عاجزة عن التدخل وضعيفة وغير قادرة علي فعل شيء، ويجب أن نتحدث بالأمور كما هي، وهي الحديث عن الدور الأمريكي وليس عن دور الأمم المتحدة، لأن دور الأمم المتحدة لن يكون بدون وجود الدور الأمريكي، والدور الأمريكي في العراق الآن خجول ومتردد وضعيف بسبب المشاكل التي يعاني منها في العالم ككل وعلي كافة الأصعدة، وهو ليس تاريخا فاصلا لأن في تقديري أن مجلس الامن سيجتمع وسيستمع الي تقرير أ. د. ميلكوت ممثل الامم المتحدة في العراق، سيخرج ببيان يدعو الساسة العراقيين الي الاستعجال بتشكيل الحكومة، والامم المتحدة ستراجع الامر وهو في تقديري ما سيحدث بعد الرابع من اغسطس، ولن تتدخل الامم المتحدة في مفاصل وتفصيلات الامر، والعراق مدول منذ غزوه للكويت وربما منذ الحرب العراقية ـ الايرانية وماذا تفعل الامم المتحدة.. هذه شعارات رنانة مخيفة لكن عند فحصها واقعيا فإنها لاشيء، وانا اكرر ان الدور الامريكي متردد وغير واضح، والمشكلة ان ايران تتحرك بقوة وارسلنا وفودا اليها بذلك واكدنا اننا لن نكون قاعدة للعدوان عليها ونريد علاقات جيدة معها وارسلنا لهم المزيد من الرسائل.
* هل مازال الفيتو الايراني موجودا ضدكم ام لا؟
ـ هذه بلدنا وشعبنا وكرامتنا.. الفيتو الايراني يبقي في اروقتهم ومع جمعاتهم ايا كانوا.
* الدور العربي ضعيف ام عاجز في العراق؟ وما السبب؟
ـ ضعيف وليس عاجزا، وسبب ضعفه هو تسليمه بالموقف الامريكي وايمانه بأن الموقف الامريكي سيكون داعما لوحدة العراق، ومنذ بدء الحرب والعرب صدقوا التطمينات التي قدمتها الولايات المتحدة بأنه لن يكون هناك دور لتمزيق العراق وتأزيم أوضاعه وتفكيك بنيته الاجتماعية والاقتصادية وأن أمريكا ستحافظ علي العراق وهو مالم يحدث بل حدث العكس، الآن بدأت هناك صحوة وانتباه عربي لما يمر به العراق، وانا اقول ان هناك ازمتين رئيسيتين في المنطقة المستعجلة الآنية القوية هي العراق، والمشكلة الثانية المزمنة هي فلسطين، واذا لم تحل المشكلة العاجلة فستصاب المنطقة بأزمة لا يعلمها إلا الله، وعليه فإن ضمان وحدة العراق واستقراره وأمنه وقوته ستزيد من تماسك وصلابة الموقف العربي وسيعزز فرص السلم العادل مع إسرائيل، لأن استقرار العراق سيوفر الكثير من الوقت والمال والجهد العربي علي كافة المستويات.
* كيف تري الفترة القادمة في العراق؟
ـ أقول للجميع... اذا لم تشكل حكومة وطنية عراقية بمنهاج وبرنامج عراقي خالص وواضح فستحدث كارثة كبيرة في العراق وفي المنطقة وأنا مقتنع بهذا تماما، وحل مشكلة العراق في تماسكه.
القائمة العراقية.