إياد علاوي لـ صحيفة «اليوم»: مبادرات خادم الحرمين الشريفين تصب في مصلحة الشعوب العربية
19/11/2011شبكة أخبار نركال/NNN/
امتدح رئيس الوزراء العراقي الأسبق الدكتور اياد علاوي وزعيم أكبر كتلة في البرلمان العراقي، مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العديدة «التي تصب في مصلحة الشعوب العربية سواء كان ذلك في سوريا أو العراق أو فلسطين أو مصر»، وقال في حديث لـ صحيفة «اليوم» السعودية الصادرة بتاريخ 19 تشرين الثاني 2011: إن المملكة تصب في سياستها العربية على مصلحة الشعوب العربية. وشدد الزعيم العراقي على ضرورة أن تمتنع إيران عن تدخلها في الوطن العربي، وقال: بعد فوز كتلة العراقية التي يرأسها في الانتخابات الماضية، رفض شرط إيران زيارتها مقابل دعم ترشيحه لرئاسة الحكومة، وقال: إن اشترط في المقابل تعقد المحادثات في بلد عربي «لمناقشة مخاوف ايران من جهة وللاستماع الى مخاوف العراقيين والعرب من جهة أخرى» وفيما يلي نص الحوار:
* اليوم : كيف ترون مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحقن دماء الشعب السوري الذي يتعرض لأبشع قمع وابادة؟
ـ د. إياد علاوي: إن المملكة حريصة في سياستها العربية على مصالح الشعوب العربية ومبادرات خادم الحرمين الشريفين ـ أعزه الله ـ تصب في مصلحة سوريا والعراق وفلسطين ومصر. أنا تمنيت على الرئيس بشار الأسد عبر رسول الى سوريا قبل أشهر عدة وقبيل استفحال الأمور أن يفتح حواراً مع خادم الحرمين الشريفين، مستفيداً من حرص خادم الحرمين الشريفين على سوريا وشعبها الكريم، غير ان ذلك لم يحدث مع الأسف، وأنا لي شهادات تاريخية عن مدى حرص خادم الحرمين الشريفين على سلامة الأمة ومنها سلامة سوريا وشعبها الكريم.
* كيف يمكن ايقاف ايران عن عبثيتها وجرائمها في المنطقة؟ وكيف يمكن صد تهديدها المستمر لدول الخليج العربي وتدخلها المستمر في الشأن العربي خاصة جرائمها التي ترتكبها بتنسيق مع القيادة السورية في ضرب الشعب السوري من خلال الحرس الثوري؟
ـ ليس لي علم باستعمال الحرس الثوري في سوريا، لكنني نبهت قادة عربا وقادة في المجتمع الدولي ومنذ زمن طويل جداً بضرورة تبني حوار جدي مع ايران يهدف الى تغير سلوكها، وأن تقوم علاقاتها مع دول المنطقة على أساسين، الأول: عدم التدخل في الشؤون الداخلية وايقاف تصدير أفكارها وعقائدها لبلدان العالم خاصة بلدان الجوار، والثاني: بناء مصالح اقتصادية متوازنة ومتكاملة مع المنطقة. موقفي لم يتغير حتى عندما عرضت ايران عبر وسطاء أن أزور طهران كي توافق على ترؤسي الوزارة بعد فوزنا في الانتخابات الماضية، لكنني رفضت ذلك جملة وتفصيلاً وأبديت استعدادي لمقابلة مسؤولين ايرانيين رفيعي المستوى في أي بلد عربي وبحضور عربي لمناقشة مخاوف ايران من جهة وللاستماع الى مخاوف العراقيين والعرب من جهة أخرى، إلا ان ايران رفضت رغم توسط اخوة أعزاء من رؤساء عرب، كذلك رئيس وزراء روسيا الاتحادية السيد بوتين، بالاضافة الى رؤساء وقادة تركيا.
في اعتقادي ان المطلوب هو موقف عربي موحد مدعوم من الدول الاسلامية والأمم المتحدة لوضع الأمور في نصابها الصحيح فيما يتعلق بايران.
ولابد لي من الاشارة هنا الى ان الاعتماد الكلي على المجتمع الدولي ليس في مكانه، حيث رأينا في العراق كيف تجاوب المجتمع الدولي والولايات المتحدة خاصة مع الموقف الايراني المعادي لكتلة العراقية ورئيسها خوفاً من ردة ايران العكسية أو لسبب آخر لكن أجهله.
*يقول وزير الخارجية الامريكية الأسبق هنري كيسنجر: اذا أردت السيطرة على العالم العربي فابدأ من العراق.. كيف يمكن قراءة هذه المقولة؟
ـ هناك صحة لما ذهب اليه كيسنجر، فموقع العراق الجغرافي كونه يشترك في أكبر حدود من دولتين إسلاميتين هما ايران وتركيا من جهة وكون عمقه الشرقي والجنوبي عمقاً عربياً، فضلاً على انتماء العراق للأمة العربية، بالاضافة الى امكانيات وقدرات العراق البشرية، فضلاً عن ثرواته الواسعة جعلت منه ركيزة عربية مهمة. من هذه الحقيقة فان سلامة وقوة العراق ووحدته أساسية لاستقرار المنطقة وسلامتها، وبغياب هذا الأمر فلا محال من التداعيات السلبية على المنطقة العربية بأسرها، لذا ليس من المستغرب بعد احتلال العراق وتفكيك الدولة وركائزها ووضع العراق على اتجاه المحاصصات الطائفية السياسية والجهوية واعتماد سياسات الاجتثاث والاقصاء ساعدت ما تلاها من تداعيات ما تمر به منطقتنا الآن.
*العراق الى أين هو ذاهب؟
ـ لابد من عملية إصلاح سريع واعادة العراق ومساره الى التوجه الصحيح وهذا يكون عبر الوسائل السليمة بالتأكيد. فالعراق اليوم يشهد بوضوح ضعفاً قاتلاً في أوضاعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كذلك في وحدته، ولعل أبرز ملامح هذا الضعف تكمن في طغيان المحاصصة الطائفية السياسية وانعدام المصالحة الوطنية بالكامل، وثانياً : في عدم وجود دولة بمعناها الصحيح تقوم على مؤسسات ناجزة كفؤة ومهنية ولا تقوم على الجهوية والمحاصصات، وثالثاً : تقليص والغاء النفوذ الايراني المتنامي وأي نفوذ أجنبي آخر، هذا يستوجب ايضا موقفاً عربياً داعماً وموقفاً دولياً متفهماً لا ينطلق من مصالح الدول الكبرى فقط.
رئاسة مجلس السياسات العراقي الذي انسحبت منه هل يمكن تفسير ذلك باعتبار ايران هي من يقرر المشهد السياسي العراقي؟
ـ ايران من جهة لا تريد ان يكون لائتلاف العراقية دور مؤثر في العراق والقوى التي تؤمن بالطائفية السياسية لا تريد هي الأخرى دوراً للعراقية، وهذا التوافق تكامل للأسف مع موقف الولايات المتحدة المتماشي مع هذه المنطلقات، حيث لزمت الأمم المتحدة الصمت في دعم حكومة الشراكة الوطنية، هذه العوامل وغيرها جعلتني اتخذ القرار بالانسحاب من الاستمرار بعد عامين على الانتخابات والمطالبة بتحقيق الشراكة مقرراً العودة الى الشعب لمكاشفته بالمؤامرة التي تحصل في العراق.
* يعلم الجميع دون استثناء ان دولتكم ربما الشخصية السياسية الوحيدة التوافقية التي يتفق عليها جميع الفرقاء وهذا يثبته فوزكم الساحق فيما مضى في رئاسة الحكومة مع وقف التنفيذ، هذا الأمر يثير العديد من العناوين .. كيف ترون ذلك؟
ـ كل الاستطلاعات الآن (استطلاعات المعاهد الامريكية) تشير الى تقدمنا شخصياً والعراقية. كما ان فوزنا في الانتخابات كان واضحاً لا لبس فيه، إلا ان رفض ايران لي شخصياً ولائتلاف العراقية بشكل عام وتوافق الولايات المتحدة مع هذا الموقف لربما خوفاً مما قد تعمله ايران ضدها في العراق واصرار ايران على ضرورة ترؤس جهات لا تشكل خطورة على نفوذها في العراق الوزارة، هذه هي العوامل التي أدت الى ما نحن عليه الآن.
* الى متى ستستمر المحاصصة الطائفية التي تسيطر على المفصل العراقي، ولعل هذا الأمر هو الذي لن يحقق الاستقرار في العراق تحت ذلك المفهوم مهما طال الزمن؟
ـ لا خيار للاستقرار إلا ان يكون العراق لكل العراقيين، عدا الارهابيين والقتلة في دولة تقوم على العدالة والكفاءة والمساواة وتعود الى عمقها العربي والإسلامي بغير ذلك فسيكون هذا العراق غريباً حتى عن أهله.
* لا تزال حكومة المالكي تتلاعب بالمفردات والأدوات السياسية العراقية وبما يتناسب مع سياسة طهران وكان العراق يحكم من قبل الملالي؟
ـ نعم هناك نفوذ ايراني عالٍ في العراق وتأثيرات واسعة وهذا ما نلمسه وما يصرح به بعض المسؤولين العراقيين والدوليين.
* المالكي يلعب بشعار مقاومة البعث والبعثيين وتسويق نفسه على انه الوحيد القادر على حماية العراق ومكتسباته ومقدراته، بينما الواقع يقول: إن العراق يعيش في فترة أسوأ حالاته شكلاً ومضموناً سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً؟
ـ إن سياسات القمع والترويع والاجتثاث والاعتقال والاقصاء من الممارسات اليومية ولايزال العراقيون يئنون تحت تأثير تسييس القوانين كقانون الارهاب والمخبر السري والاجتثاث، فضلاً عن الخروقات الواسعة في حقوق الانسان ما دعاني الى الطلب من السكرتير العام ارسال مراقب «مقيم في العراق» للممارسات المتعلقة بخروقات حقوق الانسان. كما دعوت أمين عام جامعة الدول العربية قبل العيد لارسال لجنة تقصي حقائق الى العراق للتعرف على معاناة هذا البلد.
* كيف تنظرون للمصالحة الوطنية كمطلب أساس لاستقرار العراق خاصة بعد قرب جلاء القوات الامريكية بشكل نهائي؟
ـ المصالحة الوطنية والخروج من المحاصصة الطائفية السياسية ومثال مؤسسات الدولة الكاملة وتحقيق المساواة والعدل وضمان سيادة القانون واجراء بعض التعديلات على الدستور ليكون دستوراً موحداً، فضلاً عن تحرير الاقتصاد وتقليص مساحات الفقر والقضاء على الفساد. كل هذه العوامل هي أساس للاستقرار والنمو والمضي نحو مستقبل مشرق ليكون العراق مركز دعم يمتن العمق العربي والإسلامي.
* العراق أرض الخير والحضارات لا يزال يعيش الفقر والعوز والحاجة بالرغم من الثروات التي يملكها سواء كانت بشرية أو مادية متى يمكن حل هذه المعادلة؟
ـ الخدمات متوقفة أو ضعيفة جداً، مساحات الفقر في تزايد وهناك تعاظم في أعداد العاطلين عن العمل خاصة في أوساط الشباب، والفساد المالي والاداري أصبح القاعدة وليس الاستثناء حسبما نراه وحسب تقارير الشفافية الدولية، وحقوق الانسان البسيطة أصبحت منتهكة وغائبة، والطائفية السياسية هي القاعدة في السلوك في بناء المؤسسات، وكذلك فان ثروات البلاد تهدر ومستويات الفقر تجاوزت الثلث من العراقيين، وهذا أمر مخيف ومرفوض في بلاد ثرية مثل ثراء العراق ومع هذا فان شعبه لا يستفيد من هذا الثراء، هذا هو موقف الحكومة.
*علاقات العراق الخارجية كيف يمكن تقييمها؟
ـ إن العلاقات الخارجية مسنجمة مع ايران بالكامل فقط، على مستوى الدول الاسلامية فهي رسمية وغير جيدة ونسبياً جيدة ومع الولايات المتحدة الامريكية وبعض البلدان الاروبية، بالرغم من اتسامها بالتردد وعدم الوضوح. أما على الصعيد العربي فهناك توجه معاد ورافض لان يكون العراق جزءا متكاملا مع عمقه العربي للاسف. بشكل عام لا تُقدم سياسة العراق الخارجية على ضمان المصالح المشتركة وتوازنها مع الدول الشقيقة والصديقة ودول العالم الأخرى بشكل عام ولا تُقدم على توفير الأجواء السليمة لتوفير نظام اقليمي سليم ومتوازن.