ابن القوش .. ابن العراق الشهيد فلاح زرا .. لماذا يُقتَل ؟
فلاح يوسف زرا مواطن عراقي من بلدة القوش التاريخية ، يؤمن كما يؤمن معظم العراقيين بنظرية شفافة جليّة نقية مفادها : ان العراق ينبغي ان يسوده الأستقرار والسلام والوئام . وإن طريق العراق السليم هو طريق البناء ، وإن من يحب العراق هو من يساهم في عملية البناء هذه.هذه هي النظرية التي آمن بها الشهيد الألقوشي العراقي فلاح زرا وكل رفاقه من المسلمين والمسيحيين الذين استشهدوا معه في كمب سارة صبيحة يوم الأربعاء المصادف 4 أكتوبر .
إن فلاح ورفاقه الذين استشهدوا في هذا اليوم وفي نهر الأيام من السنين الثلاث الماضية .
إن هؤلاء يمثلون الأغلبية المعتدلة في العراق ، إذ ان القتلة الذين يحترفون سفك الدماء تحت يافطات دينية ومذهبية وشعارات وطنية فارغة في الزعم لمقاومة المحتل ، إن هذه القوى تفضح نفسها حينما يطال إرهابها وعملياتها الدموية كل الفئات الطبقية والدينية والمذهبية ، إنهم يقتلون فادي وثامر وميخا ومحمد وآزاد وعمر وحسين وعلي وخاجيك وخدر وكورتان وحنا ورشو وياسين ودلشير ويوسف . .. وكل من يحمل الهوية العراقية .
إن القتلة يعكسون الطبيعة اليائسة لشبكات الأرهاب في كل مكان وتتمثل دناءة أخلاقها حينما تلجأ الى خطف البنات من الشارع تحت يافطة الدين ، وكم يبلغ جبن هؤلاء حينما تدني نفسيتهم الخسيسة وهم يدعون الشهامة والرجولة ، فيمدون أيديهم الى فتاة بريئة ، نعم بحق إنهم اوحش من الوحوش ونسوا او تناسوا أن الدين ، وأي دين كان ، هو أيمان واخلاق قبل كل شئ .
يصف برنادشو هذا النوع من البشر بانه ( الأنسان ) هو الحيوان الوحيد الذي يثير رعبي .. فالأسد الشبعان لا يؤذي غيره ، إذ ليس له مبادئ او طوائف . .. ورأي مماثل لكونفوشيوس ، إذ كان يوماً مع تلاميذه فسمع أنين إمرأة وحيدة في منعطف جبل .
وسألها كونفوشيوس عن سبب بكائها ؟
فقالت : لقد قتل أبو زوجي هنا من قبل نمر ثم قتل زوجي بنفس الطريقة واليوم لقي ابني نفس المصير .
يسألها كونفوشيوس متعجباً : فلماذا لا تزالين تسكنين في هذا المكان المخيف ؟
فأجابت : لأنه لا يوجد هنا حاكم ظالم مستبد ولا وحوش بشرية .
فالتفت كونفوشيوس الى تلاميذه قائلاً :
لا تنسوا أبداً ايها العلماء إن الحاكم المستبد والأنسان الظالم اكثر قسوة ووحشية من النمر .
إن من يرمي الى سبر أغوار الحالة العراقية يجد أمامه قوى الظلام متفقة على برنامج جهنمي خلاصته إشغال العراقيين بالفتن الطائفية والدينية والقبلية والمناطقية والأثنية ، كل ذلك بغية إبقاء مستنقع الفوضى قائما ، فيخلو لهم الجو للنهب المبرمج لثروات العراق التي ينبغي ان تستثمر لتقدم وبناء العراق . وهكذا يجري تصفية الأساتذة والعلماء والأطباء والتجار والشرطة والعمال .. وكل من يعمل على تنمية وبناء العراق ويدعو الى استقراره وأمنه.
إن العنف السياسي والأجتماعي في العراق يستند على العصابات المدربة والتي تموّل من قبل الجماعات التي تدرك ان بلوغ العراق مرحلة التقدم والأستقرار والديمقراطية ، سوف لا يكون لها مكان على الخارطة السياسية العراقية ، لأن هذه القوى لا تملك مشاريع او آفاق سياسية توصلها الى الحكم بالطرق الديمقراطية . ولهذا كان الزواج اللاشرعي بين هذه القوى من اجل أيقاف أي برنامج حكومي يضع حداً لأستقرار الأوضاع في العراق .
من اجل ذلك هي متفقة على اغتيال الصبي وهو ذاهب الى مدرسته ، والطالب وهو في كليته ، والطبيب في عيادته والكاسب في متجره والعامل وهو يعمل في ورشته ... والى جانب هذا ثمة العنف الأجتماعي الذي تتكفل به الميليشيات القامعة للحريات الشخصية والتي تفرض أجندتها في التفكير وأسلوبها في الحياة على الآخرين ، ليس بمنطق الأقناع ، إنما بلغة التهديد والوعيد على مكونات المجتمع العراقي المنكوب .
إن تضحية الشهداء : فلاح زرا وفادي عادل وفريد الياس وغزوان وحسام وأبوألبير وزيد فاروق واسحق أدور ميرزا وغيرهم من آلاف الشهداء من فسيفساء الشعب العراقي الجميل ، لا يمكن ان يذهب سدى ، إن صبر الشعب العراقي وتضحياته الجسيمة لابد ان توصل الشعب العراقي المنكوب الى أهدافه في الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة .
حبيب تومي / اوسلو