اسرار نجاح زعيم عربي!
دعوني اليوم ولمناسبة تاريخية رائعة ، اذيع اسرار نجاح زعيم عربي متميّز ، اذ غدا واحدا من ابرز زعماء هذا العالم الناجحين في الاداء والكاريزما والتكوين .. متمنيا ان يجد بقية الزعماء العرب القدماء والمحدثين في منهج زميلهم وحيويته واستنارته ضوءا اخضر يتبعون سبيله الى حيث اتاحة فرص الاستفادة .. وفرص النجاح عندهم متاحة ان تمتع اي زعيم بسمات القيادة الحقيقية خصوصا اذا كان الرجل يتملكها منذ صغره ونشأته.. لا ان ينتهي الى الزعامة من خلال اساليب غير مشروعة اعتدنا عليها على امتداد خمسين سنة مضت .ان سمات القيادة ، كما يطرحها العلامة الالماني ماكس فيبر ، ينبغي ان تكون مؤثرة وجاذبة ، وعندما تصبح كذلك فانها تنتقل الى دور الريادة ، وهنا تكون قد سحبت ولاء الناس ومحبتهم كونها قدّمت لهم ما يحتاجونه .. ولا يمكن لأي زعيم ان يكون رائدا الا بعد انجذاب الجماهير بسحره وامتلاكه الكاريزما الريادية .. والكاريزما لا تولد من فراغ ، فما الذي يتمتع به صاحبها حتى تتبلور وتؤسس نفسها ؟ سنجده انسانا بسيطا يعيش بين الناس لا يترفع عليهم ولا يتعالى عنهم .. سنجده رجلا مهموما بقضايا بلده ودائم القلق عليها ، يحترم ماضيها ويحرص على مستقبلها حرصه على حاضرها .. سنجده يعشق الناس ويعتبرهم جميعا اهله وخلانه من دون اي تفرقة وتمييز الا ما يخص الكفاءة والاخلاص .. سنجده يقّدس ترابه وسمائه وبحره ونهره وكل ذرات رمله .. سنجده يسعد شعبه ويناضل ليس من اجل اشباعه فقط ، بل من اجل رخائه ورفع مستوى معاشه ..
ان الكاريزما لا تنفع ان لم يحافظ عليها صاحبها من هول التحديات ، وذلك بتطوير نفسه مع الزمن ، وابقاء الناس تحترمه وتسحر به من دون تسويق نفسه بينهم .. وان يحرص على عدم ارتكابه اخطاء كبيرة تفقده رصيده وسحره الريادي .. انها مهمة خطيرة وصعبة في آن واحد ، وقد تكون مدّمرة في احايين عدة . فالريادة لا تخلق صاحبها بالكلام الفضفاض ولا بالخطابات المعسولة ، ولا بالانفعالات الصاخبة ولا في التظاهرات المليونية ولا في الاغاني الوطنية .. ان الزعامة الحقيقية تترفع عن الصغائر دوما ، ويسبق صاحبها عمله قوله ، وان يكون واقعيا في التعبير عما يمكنه انجازه بلا اي وعود للشعب والشعب ينتظر ..
الزعيثم الحقيقي يحرص على مصالح بلاده العليا والدنيا معا ، فلا يعّرض بلده وشعبه للمخاطر والتهلكة ان كان لا يعرف كيفية النجاة وسط الاعصار ان حدث .. وان لا يتورط بمشكلات الاخرين من البعداء والاقربين ، حتى لا يصيبه نارهم ويلحق بك شرارهم .. ان الزعامة الحقيقية لا تأتي عبر الاوهام ، بل في ان تستغل كل دقيقة من الزمن الثمين في توليد المشروعات تلو الاخرى ، وان تطور ما كان قد ولد وان تراقب عن بعد او قرب ما يجري لمشروعات للاسراع في الانجاز لتستقطب دورك الحضاري قبل ان يفوت القطار .. الزعامة الحقيقية في ان يحلم صاحبها بما يمكن ان يكون ويحصل لا بما لا يمكن حصوله ، اي باختصار ان يكون الزعيم واقعيا لا طوباويا في رؤيته لكل الامور، وان يكون مختزلا للكلام في ما قل ودل من دون اطناب ولا اسهاب ..
وكم هو رائع ان يعتمد اي زعيم ذكي على الاكفاء المخلصين من ابناء نخبة بلده نساء ورجالا من دون تفرقة على اساس القبيلة او المدينة او العائلة ، كما عليه ان لا يّجمع من حوله محاسيبه ومناسيبه .. الزعيم الحقيقي يبحث عن النادرين من الرجال والنساء ليضعهم في مكانهم المناسب ، ويمنحهم الصلاحيات الكاملة التي تجعلهم يسّيرون البلاد واحدهم تلو الاخر ، اي توزيع المسؤوليات من دون حصرها في مكتبه .. الزعامة الحقيقية ان لا تصنع اي قرار تكتيكي او استراتيجي من دون استشارة بعض المختصين والمقارنة بين آرائهم كي تتخذ الرأي الاصوب ، وخصوصا في المشروعات الكبرى ..
الزعامة الحقيقية تكمن في كيفية حرصك على أمن بلدك وشعبك من كل النواحي .. الزعامة الحقيقية ان يكون صاحبها منفتحا على الجميع ، فليس من الصواب ابدا ان يمّيز مكان على مكان .. ولا اي اتجاه على آخر .. ولا اي فكر على آخر .. اي بمعنى : تلك الزعامة المنفتحة على كل ابناء البلد من دون التزام خط معيّن على غيره .. والاكثر من هذا وذاك ان لا تكون ملتزما بايديولوجيا سياسية غريبة قد تعلو منزلتها اليوم وقد تخونك غدا .. ينبغي ايضا احترام الدين والمبادئ والتاريخ المجيد ، وان الالتزام الاخلاقي بالتقاليد الراقية جزءا من المعادلة المطلوبة .
الزعامة الحقيقية ان تنفتح ايضا على العالم ، فمن يفتقد هذا الوازع ، سيعاني ابناء شعبه من العزلة في عالم اليوم كونه يؤمن بالانغلاق ، فما بالك ان كان منغلق التفكير واحادي الرؤية ؟؟ ان الانفتاح على العالم ليس معناه وضع كل ما لك وما عندك في سلال الاخرين ، بل السعي لكي تجعل بلدك مشاركا هذا العالم المعاصر فعالياته وانشطته .. فالدولة في المجتمع الدولي كالانسان في المجتمع الانساني ، لا يمكن ان يكون للانسان اي دور عالمي ان لم يتعب ويناضل ويتفوق لكي يسهم بابداعه ونشاطه وسط هذا العالم .. كذلك الدول ، وهنا يتبدى ذكاء اي زعيم اذ انه يراقب كم هي المنافسة شديدة في زحمة هذا العالم الذي يتسارع تاريخيا بشكل لا يصدق في مجمل تطوراته واساليب الكسب ! ان الزعامة الحقيقية هي التي تكتسب فرص النجاح والانتصار ليس بصور تجميلية ودعائية وشكلية ، بل بمضامين بنائية مبهرة يجبر صاحبها العالم كله كي يلتفت اليها .. انها لا تصنعها الشعارات بل تصنعها مكارم الاخلاق وسجايا النفس ونفائس الحكمة وحيوية العمل .. عند ذاك سنصفق حتما لمن يأتينا بالثمرات اليانعة .
www.sayyaraljamil.com