اعلام وصحافة شعبنا ... الواقع والطموح والحلول
atheerba200@yahoo.comيلعب الاعلام اليوم دورا فاعلا ومهما في كافة المجتمعات بل انه قد يتحكم بها في اغلب الاحيان مما يؤثر بشكل عميق على تسييس الرأي العام ودفعه بالاتجاه الذي يرتأيه او ترتأتيه جهة النشر والقيادات الاعلامية المهمينة على وسائل الاعلام في الدول والمجتمعات المختلفة .
ان واقع اعلام شعبنا المسيحي يفتقد الى اغلب عناصر الاعلام الناجح والمؤثر وذلك بسبب ضعف الاجهزة الاعلامية وعدم استنادها الى الاسلوب العلمي الصحيح الذي يقود الى تحقيق الغايات المنشودة والمرجوة من الاعلام الموجه الذي من شأنه تعريف الراي العام بالمشكلات الخطيرة والواجب تغطيتها واعطائها الحجم الصحيح الذي يناسبها .
واذا تمعنا النظر في مؤسسات شعبنا الاعلامية فاننا سوف نرى عدد من المحاولات البسيطة لانشاء مؤسسات اعلامية لا تمثل مستوى الطموح تتمثل في فضائيات محدودة وعدد من الاذاعات الراديوية وكثير من الصحف والمجلات ويغيب عنها التخطيط الاعلامي والذي يعتمد على استراتيجية رصينة من شأنها ان تقوده على المدى الطويل ، فبعد الثورة الكبيرة في مجال الاتصالات والاعلام المرئي لا نرى سوى قنوات فضائية تعد على عدد الاصابع ان لم تكن اقل بكثير وكل منها لها اجندتها الخاصة والتي لا تحيد عنها لاسباب معروفة ولا تحاول ان تكسر الحواجز بين ابناء الشعب الواحد فتبقى تلك القنوات فئوية ومنغلقة وبعيدة عن الجماهيرية وعن التاثير في الراي العام بما يساهم في احقاق حقوق شعبنا المسلوبة .
واما وسائل الاعلام المسموعة فقد قلت اهميتها بعد سيطرة الفضائيات المطلقة وتكاد تكون قد حصرت نفسها في زوايا حرجة واقتصرت مهمتها في التعريف بجهات التمويل التي تمولها وتغديها لكي تستطيع الاستمرار في البث ومواجهة الكلف المادية المرتفعة وقلة الاقبال الجماهيري والمردود المادي .
اما وسائل الاعلام المقروءة فقد شهدت بعد عام 2003 تنوعا كبيرا في الكم والنوع وازدهرت بشكل مؤقت الى ان سقطت اغلبها ولم يبق منها الا عددا قليلا استطاع الصمود وتقديم الكلمة الحرة والشفافة الى ابناء شعبنا ، فتنوعت الجرائد والمجلات المطبوعة وبالالوان الزاهية ، الا انها افتقرت الى التخطيط الذي اسقط اغلبها في فخ الجماهيرية الذي لم تراه وسرعان ما نفذت المواضيع التي كانت مكدسة والاقلام المعطاة وانحسرت المواضيع في تغطيات عبثية لا طائل منها سوى التسويق المحلي الذي ضمن لها استمرار الصدور والنشر .
ويجب هنا ان لا ننسى الاعلام الالكتروني الذي فاق اغلب وسائل الاعلام لما يحمل في طياته من سهولة الوصول الى الخبر وكذلك السرعة ومساحة الحريات التي يوفرها للناشر ومجموعة المستخدمين ، وعلى خلاف وسائل الاعلام التي ذكرناها فاننا نود ان نشيد بوسائل الاعلام الالكتروني لشعبنا اذ يمتلك قاعدة قوية وشبكة متفرعة في مختلف الاتجاهات تستطيع تسليط الضوء على قضايا هامة وبسرعة البرق ، واذا ما استمثر هذا الجانب بالشكل الصحيح فانه قد يقدم خدمات جليلة تفوق التوقعات لانه يخاطب النخبة من ابناء شعبنا ، ويجب علينا ان لا ننسى ان نذكر بان كثير من المواقع الالكترونية تفتقر الى الكادر الفني المتخصص وتنحصر اغلبها في التعريف عن اسمائها وحصر نشاطها ضمن ذلك النطاق الضيق .
وبصدد انشاء اعلام قوي وحر لمؤسسات شعبنا يجب علينا اتباع عدد من النقاط المهمة ومنها :
اولا : انشاء موسسات اعلامية حرة تمتلك الادارة والتنظيم والهيكلة والوسائل والكادر البشري المؤهل ، فالاعلام الحر يعمل على تحسين كفاءة موسسات شعبنا وتطويرها .
ثانيا : رفع اشكال الرقابة والفلترة على وسائل الاعلام مما يضمن لاداء مهامها بحرية واستقلال .
ثالثا : تبني انشطة تضغط على المجتمع في مجالات مختلفة منها حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الحصول على المعلومات ضمن حدود التشريعات الموجودة في هذا الصدد .
رابعا :اعداد برامج تدريبية خاصة للاعلاميين وفق مناهج علمية صحيحة وذلك لخلق جيل اعلامي قادر على نقل الصورة بالشكل السليم الى كافة شرائح وفئات المجتمع وباسلوب علمي وحضاري .
خامسا : الاهتمام بالمثقفين والكتاب واصحاب الاقلام والعقول النيرة وتوجيههم بما فيه خدمة للمصلحة العامة لشعبنا وعدم تهميشهم ووضعهم على الرفوف لما لهم من تاثير كبير على الراي العام .
سادسا : تهيئة القاعدة الجماهيرية للتعامل مع المسائل الحساسة والخطرة لغرض تكوين اساس تستند عليه المؤسسات الاعلامية في طرحها لاي موضوع جماهيري يخص الشعب ولتلقى التاييد الفعلي على الساحة الوطنية ولاضهار ذلك على الساحة الاقليمية والدولية بشكل فاعل ومؤثر .
ولذلك فاننا نرى بان الوقت قد حان ليتغير اعلام شعبنا من اعلام قائم على مبدأ الشكوى والاستنجاد وردود افعال الى اعلام فاعل قوي ومؤثر على المجتمع وعلى كافة الاصعدة وبالاخص منها السياسية لما لها من ثأثير كبير ، وذلك وفق متطلبات علمية صحيحة ومدروسة من شانها خلق حالة من التجاوب للقضايا المطروحة .
ختاما نود من كافة مؤسسات شعبنا ان تتكاتف من اجل انشاء اعلام قوي ومؤثر على كافة الاصعدة ونبذ كافة عوامل التفرقة التي تعمل على تشتيت الجهود المبذولة من اجل احقاق الحق وحصول شعبنا على حقه المسلوب .