اغناطيوس الرابع في رسالة إلى البابا: مقاربة الدين كقضية فكرية تمسّ المعتقدات
19/09/2006طيبن/
وجّه بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع رسالة الى البابا بينيديكتوس السادس عشر هنا نصها:
"قداسة الحبر الأعظم البابا بينيديكتوس السادس عشر الجزيل الاحترام، بعد التحية والتمنيات بصحتكم، تابعنا بقلق بالغ تصريحاتكم وردود الفعل الغاضبة التي رافقتها على مدى الايام الماضية، وفي هذا الصدد نود ان نوضح لقداستكم بعض النقاط الجوهرية التي يعيشها ويؤمن بها مسيحيو الشرق وهم الاكثر معرفة ودراية وفهما للمسيحية والاسلام معا اكثر من اي جهة اخرى في هذا العالم، وهم في حالة تعايش وتعاون وانسجام منذ بداية الدعوة الاسلامية حتى يومنا هذا.
وقد اقمنا افضل العلاقات القائمة على احترام الاديان وحرية ممارسة الشعائر كل كما يشاء وبحسب تعاليم دينه وقواعد شريعته انطلاقا من ان العلاقة الجوهرية السامية بين المسيحية والاسلام وثقافة التعايش الفريدة انطلقت من هذا الشرق ومن هذه الارض التي هي ارض الديانات المقدسة، وقد اشاد قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، كما تعلمون، بهذا التعايش وهذه العلاقة التي عرفها وقرأ عنها واطلع عليها خلال زيارته التاريخية لسوريا، ووقائع الزيارة وما كتب عنها وما قيل فيها صار جزءا من تاريخ الفاتيكان ومرحلة من مراحل التطور الذي اراده قداسة البابا الراحل.
ولا نريد الخوض في تفصيلات تتناول علاقة المسيحية بالاسلام والاسلام بالمسيحية تلك العلاقة الزاخرة بالمواقف التي تكرس التعايش والاحترام المتبادل، فنحن في غنى عنها في هذه الظروف، كما لا نريد التذكير بان اطول السور الواردة في القرآن الكريم هي التي تتحدث باحترام وتقدير شديدين عن المسيحية.
ولكننا نريد الاشارة الى ان الحديث عن الدين كموضوع وبحث اكاديمي لا يستقيم مع حقيقة ان الدين عقيدة وايمان يمارسه المؤمنون، فلكل الحق كل الحق في ممارسة شعائره الدينية كما يشاء، ولا مجال هنا للاجتهاد واعتبار الدين قضية فكرية بمقدار ما هي قضية عقائدية وان تناولها بهذا الشكل يمس المفاهيم والمعتقدات، آملين ان تساهموا في رفع جوهر الاديان من على مائدة الحوارات والاجتهادات والاستشهادات التي عفاها الزمن، وان تقارب هذه الثوابت العقائدية للاديان من منظور معاصر لا من منظور العصور الوسطى.
مؤكدين ان الدين ليس لممارسة الترف الفكري والفلسفي بمقدار ما هو للعيش والتعايش بالمحبة بما ينسجم مع المعتقدات والشرائع والشعائر ايضا وهذا ما يتسم به الشرق الذي فيه نعيش منذ بداية الرسالات السموية.
نطلب ادعيتكم وندعو لقداستكم بكل خير".