Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

( افلاطونيـة بريمر.. والعراق والمدمر )قراءة في كتاب بول بريمر( عام قضيته في العراق )

- المقدمة -
أثار الكتاب الذي أصدره السفير الأمريكي بول بريمر والذي مثل سلطة الائتلاف المؤقتة والتي استلمت زمام الأمور في العراق بعد سقوط النظام السابق في العراق واحتلال العراق من قبل أمريكا الكثير من النقاشات والتجاذبات التي جعلت من الناس بين مصدق لما يقوله بريمر وبين مكذب له بين من يشجب ويندد وبين من يؤيد كل كلمة قالها بريمر وبغض النظر عمن يؤيد وبين من ينكر وجدت أن هذا الكتاب يحمل الكثير من المعلومات التي من واجب الشعب العراقي أن يكون على دراية بها لأنها تدخل في صلب حياته ولا زال يعاني من فصولها المريرة التي خطت سطورها على حياته وأنا من خلال قراءتي لهذا الكتاب قررت أن أوجز أمور مهمة استطعت أن استخرجها من بين السطور للملاحظات التي دونها بول بريمر في يومياته التي عاشها في العراق وهي تمثل حقبة مهمة من تاريخ العراق التي ستذكرها الأجيال ولمئات السنين دون أن يكون هنالك أي تأثير لمحاولة البعض في التقليل من شأن هذا الكتاب كونه عمل على تعريتهم وفضح الكثير من الأمور التي كانوا يظنون أنها لن تخرج إلى الشارع ويسرد بول بريمر من خلال هذا الكتاب الفترة التي تمتد من آيار2003 إلى نهاية حزيران 2004 وبرغم قصر الفترة في قياس الحدث التاريخي إلا إنها تمثل أحرج فترة مرت على العراق وأنا من خلال قيامي بطرح هذه القراءة لا يعنيني احد بقدر ما يعنيني الناس الواعية من شعبي الجريح الذين يستطيعون أن يفرقوا بين الخطأ والصواب الذين لا ينظرون إلى الأمور من منظار واحد والذين لا يتملقون لهذا الحزب أو ذاك وقد حاولت ان أوفق في نقل الأمور المهمة التي حواها هذا الكتاب وخاصة ما يتعلق منها بتشكيل مجلس الحكم وما تلاه من تشكيل الحكومة المؤقتة والأحداث التي مرت بالنجف والفلوجة وكذلك المحاولات المحمومة من قبل الأكراد في محاولة الحصول على اكبر التنازلات . وان السبب في تسمية بحثي هذا ب( أفلاطونية بريمر والعراق المدمر ) جاءت من خلال استذكاري لكتاب الفيلسوف أفلاطون ( الجمهوريات ) والذي حاول من خلاله أن يضع نظرية للدولة المثالية التي تستطيع أن توفر جميع الاحتياجات للشعب وهذا النظرية هي على الورق فقط حيث لا يستطيع احد بما يحمله من أنانية وحب للكرسي أن يحقق هذا الأمر على ارض الواقع و قد أسمى أفلاطون دولته هذه باليوتوبيا وهي معروفة لدى الكثير من دارسي السياسة وفلسفة الحكم وبريمر جاءنا ليظهر لنا انه يعمل على بناء الدولة الحديثة المثالية جاءنا على أعتاب وضع لا نحسد عليه خلفه نظام دموي دكتاتوري هدم مايستطيع هدمه من بنية تحتية ومن خدمات بل وحتى هدم للإنسان العراقي . وبريمر ليس بالمثالية التي يدعي ولكنه برنامج أعدته أمريكا يحمل الكثير من الفصول والتي تغافل عن ذكرها بول بريمر كونها تنصب في صلب المخابرات الأمريكية وليس من حقه أن يتكلم بها وأنا اعذره لأنني لاحظت ومن خلال كتابه أن هنالك مؤسسات عديدة تعمل في الإدارة الأمريكية وليس من حق احد أن يتدخل في عمل الآخر فهنالك الإدارة العسكرية التي من حقها أن تصدر الأوامر دون الرجوع حتى لبوش نفسه والمتمثلة بالبنتاغون وهنالك الجهة السياسية التي هي أيضا لها قرارها الخاص الذي لا يحق لأحد التدخل فيه وكذلك المخابرات . على أية حال فأننا سنضع الكتاب أمامكم مع بعض التعليقات التي لم أتمالك نفسي في التغاضي عنها وساترك لكم أيها الأعزاء حرية التفسير لما يدور من أحداث وقد حاولت أن أكون حياديا في السرد بقدر الإمكان فهذا الكتاب بالرغم ما قيل عنه من نقد فانه يمثل وثيقة تاريخية لدارسي هذه المرحلة كونه يمثل مشاهدات للرجل الأول في العراق و الممثل للسياسة الأمريكية بعد الاحتلال وهو اعتقد انه لم يكذب في الكثير مما ذكره وإنما اغفل عن صلب الموضوع فأمريكا لم تأتي كما هو يقول ( إن جنود أمريكا قدموا إلى العراق لا لشيء سوى الإطاحة بالطاغية والمساعدة في إعادة بناء البلاد وإعادة النظام ) .

*******************************
من خلال قراءتي للفصل الأول والثاني سجلت الكثير من الملاحظات التي تستحق الذكر والتي توضح الشد والجذب الذي حصل في تلك الفترة العصيبة من تاريخ العراق المعاصر , فبول بريمر يصف عملية دخوله إلى العراق بدخول الرجل المثالي الذي جاء لخدمة العراق وشعبه دون أن يكون له أو لأدارته ( الإدارة الأمريكية ) أي هم سوى تحقيق الخلاص وتحرير الشعب من الظلم والاستبداد الذي ذاقه على يد صدام وحكمه الدكتاتوري وهو أمر لا تستطيع أن تقنع ابسط الناس العراقيين فيه , فأمريكا ليست مثالية إلى هذا الحد كي تضحي بجنودها وترسانتها العسكرية من اجل سواد عيون العراقيين فقط فهذا أمر لا يمكن تصديقه . ويصف بريمر دخوله إلى العراق بمنظر يحمل الكثير من المأساوية حيث الدخان المتصاعد من البنايات المنتشرة في بغداد وحيث الدبابات وسيارات الهمر والهمفي التي تحمل الجنود الأمريكان وحيث عمليات النهب التي لم يحرك الأمريكان ساكنا لإيقافها ( باستثناء وزارة النفط التي عمل الأمريكان على إبعاد اللصوص عنها ) وعمليات التخريب والتدمير التي شملت الحياة العامة للعراقيين لم تكن تشكل أمر يذكر لدى قادتنا الجدد ( العراقيون المغتربون ) فكما ذكر بريمر انه خلال لقاءه مع القادة السبع الذين يمثلون القيادات العراقية التي تم تشكيلها بالخارج لم يطرح احد منهم حجم الدمار الذي أصاب العراقيون وبنيتهم التحتية وإنما الكل كان يشكر أمريكا لأنها ( حررت ) العراق كما يقولون وإنهم ممتنين لأمريكا وجيشها لأنها سهلت دخولهم للعراق ( فعلا لولا أمريكا لما كان الساسة الأفاضل يجلسون الآن في قصور صدام الباذخة ) وقد شهدت هذه الفترة دخول أعداد كبيرة من الساسة المغتربين الذين حمل كل منهم برنامجه وأفكاره التي تختلف عن أفكار الآخر وخاصة ما نراه من دخول رجال الدين الذين قضوا فترات طويلة من حياتهم في دول الغرب والدول الأخرى ومن بين هؤلاء والذي أثار انتباهي بتصريحاته الغريبة رجل دين يدعى فرقد القزويني وقد ذكره بريمر في كتابه بكثير من التقدير والاحترام فكيف لا وهو كان من بين أكثر المتملقين لأمريكا وممن يخطبون ودهم , فهو يقول لبريمر هامسا ( لماذا لا تجعلون من العراق الولاية 53 من الولايات المتحدة الأمريكية !! ) وأنا لا ألوم هذا الشخص على تصريحه هذا فهو أولا قزويني ينتمي لبلد آخر ولو سلمنا انه عراقي فهو عاش سنين طوال خارج الوطن ولهذا فهو غير آبه بوحدة العراق وحريته ولا يهمه إن كان العراق وطن أم كان جزء من وطن آخر هو أمريكا .
وفي هذه الفترة التي تلت انتهاء العمليات العسكرية كان هنالك إلحاح شديد من بعض القادة المغتربين ومن القيادة الكردية المتمثلة بقيادة مسعود البرزاني وجلال الطلباني على إلغاء الجيش العراقي السابق وكان هنالك جو من الانقسام الطائفي يلوح في الأفق حيث يصف بريمر لقاءه مع عبد العزيز الحكيم انه كان غاضبا من الإبقاء على بعض القادة من الضباط السابقين فكان جواب بريمر له (أعدك ياسيد بان يكون قائد الكتيبة الأولى في الجيش العراقي شيعيا ) . وما لاحظته في لقاء بريمر الأول بالقيادات السبع ( المتمثلة بأحمد الجلبي وإبراهيم الجعفري أياد علاوي وجلال الطلباني ومسعود البرزاني وممثل عن عبد العزيز الحكيم ونصير كامل الجادرجي ) أن هنالك قيادات تأبى أن تكون تحت سلطة وقيادة غيرها ولم يكن همها مصلحة الوطن واستقراره واذكر في يوم من الأيام إنني تناقشت مع احد أفراد المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وحين ذكرت له وحدة العراق بدأ يستهزئ ويذكر كلمات تطعن بالأطراف الأخرى وقال أي وحدة وطنية تلك التي تتحدث عنها نحن جئنا لنخلصكم من السنة .... ومن هذا الكلام سنعرف مدى ولاء بعض الأطراف للوطن كم هو مهزوز وقد وجدت دليلا آخر في كتاب بريمر استنتجت منه مدى انعدام نكران الذات أمام مصلحة الوطن وذلك عندما انتهى أول اجتماع لبريمر مع القادة السبع طلب منهم أن يكون هنالك ممثل عنهم يرد على أسئلة الصحفيين فتطلب هذا الأمر أكثر من عشرين دقيقة حتى تم تسمية البرزاني ممثلا عنهم ( انه مجرد رد على أسئلة الصحفيين , فكيف إذا كان الأمر يمثل الجلوس على سدة الحكم ؟ ) ويصف بريم بعد ذلك الوضع المأساوي الذي آل إليه الاقتصاد العراقي والتدمير شبه الكامل لكافة مرافق الحياة الاقتصادية ناهيك عما أصاب جانب الخدمات ممثلا بالتعليم والصحة والبلديات ويرمي بريمر باللائمة على النظام الاشتراكي الذي كان يتبعه صدام في إدارة العملية الاقتصادية وهو يشبه في الكثير من فصوله النظام الروسي ( على حد قول بريمر ) وصدام لم يكن كما قال بريمر متبعا للنظام الاشتراكي وإنما اتسم نظامه الاقتصادي بالتخبط وعدم وجود نظرية خاصة تدير العملية الاقتصادية فنحن نلاحظ إن صدام استخدم في السنوات الأخيرة عملية التمويل الذاتي للدوائر وهذا يعد عدم تدخل في الاقتصاد وكما اعتقد يشكل عملية ابتعاد عن الاشتراكية وكذلك فإننا نرى إن صدام حسين كان يتمثل بعدم إعطاءه أي دعم للطبقات ذات الدخل المحدود كما تفعل الكثير من البلدان المطبقة للنظام الاشتراكي , ومن خلال مقولة بريمر عن الاقتصاد العراقي نجد إن هنالك محاولة لجر العراق إلى نظام الاقتصاد الحر والذي يتمثل في دعم القطاع الخاص وفسح المجال أمام المستثمرين الأجانب في الدخول بالمضاربات الاقتصادية مع إلغاء الدعم لجانب الخدمات ونجد أن ذلك بدأ بعملية رفع أسعار المحروقات ويتبعه بعد ذلك صعود أسعار الخدمات الأخرى من كهرباء وماء وما شاكل ذلك وأيضا العمل على إلغاء البطاقة التموينية , ونحن نرى إن الخدمات كانت تقدم سابقا بأسعار بخسة بحيث إن المواطن العراقي وجد بونا شاسعا بينها الآن وبين ما كانت عليه في السابق على الرغم من إنها لم تكن تقدم بصورة عادلة وخاصة بالنسبة للكهرباء ( حيث نجد إن العاصمة بغداد كانت تزود بالكهرباء لمدة تصل من 14- 18 ساعة في اليوم ) وبالنسبة للوقود يقول بريمر إن سعره في العراق كان يقل عدة أضعاف عن جارته تركيا متناسيا إن العراق بلدا نفطيا يمتلك اكبر احتياطي في العالم جعلته يقف في صدارة الدول التي تمتلك احتياطي مؤكد من النفط . ولكل هذا نرى إن محاولة بريمر لتطبيق نظرية الاقتصاد المفتوح هي من أجل خدمة مصالح أمريكا الاقتصادية وحليفاتها من الدول التي ساهمت بقوات في العراق وأما الشعب العراقي فهو لم يصل إلى درجة الرقي والإشباع التي تجعله قادرا على إدارة سوق يحمل التطلعات الكبيرة التي كان يفصح عنها بريمر .
ونعود الآن إلى قادة العراق الجدد الممثلين للأحزاب السبعة ممن أعطاهم بول بريمر الكثير من الصلاحيات ليكونوا هم من يرسم السياسة الأمريكية المنشودة في العراق فهؤلاء أرادوا أن تكون السلطة في البلاد مرتكزة في أحزابهم فقط ويؤكد بريم ذلك من خلال قوله إنهم وقفوا بشدة أمام المحاولات الرامية إلى توسيع القيادة في العراق لتشمل كافة أطياف الشعب العراقي حين بدأ بريمر يعمل على تشكيل مجلس يتألف من خمس وعشرين إلى ثلاثين عضوا يسمى بـ(مجلس الحكم ) وقد بدأ بول بريمر وبدأ بزيارات مكوكية إلى قادة الكتل السبع استهلها بزيارة إبراهيم الجعفري رئيس حزب الدعوة الإسلامية والذي يصفه بريمر بأنه على الرغم من كونه يمثل حزبا إسلاميا إلا انه يمتلك شخصية علمانية بقدر ماهي إسلامية وذلك الأمر سيسهل عملية التعامل معه – على حد قول بريمر – والتقى فيما بعد مع احمد الجلبي وهو رئيس حزب المؤتمر ( وهو علماني يحاول التملق للإسلاميين الشيعة ) ويصفه بريمر بأنه صاحب مكر ودسيسة ومن ثم ذهب بريمر إلى لقاء عبد العزيز الحكيم وهو رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ويقول بريمر انه واجه من الحكيم ما واجهه من الجلبي في محاولة التملص من الدخول في مجلس الحكم وقد حاول كل منهم أن ينأى بنفسه بعيدا عن هذا التشكيل لولا أنهم كان لديهم أطماع في تسلم السلطة في العراق ( على حد قول بريمر ) وبعد ذلك طلب بريمر من مسعود البرزاني المشاركة في مجلس الحكم فقال له البرزاني بالحرف الواحد ( إنني اكره بغداد , لا أريد أن اضطر إلى العيش أو حتى السفر إلى هناك لكن إذا أصررت سأوافق على العمل في المجلس على مضض ). وقد حاول القادة السبع إفشال مجلس الحكم عن طريق مشاركة نوابهم في هذا المجلس ولكن بريمر بحنكته السياسية ودهائه افشل ذلك بإصدار قرار يلزم المشاركة بالمجلس برؤساء الكتل فقط . وبعد أن ضمن بريمر هذا المجال بدأ يحاول أن يحصل على الدعم المادي سواء كان ذلك من الخزينة الأمريكية أم من مؤتمرات إعادة الأعمار التي عقدت في دول مجاورة للعراق وأنا اتسائل واطرح تساؤلاتي أمام السيد بريمر , انك تطلب عشرات مليارات الدولارات من أمريكا وحليفاتها لأجل أن تدعم ( كما تقول ) أعمار العراق؟!! ياسيدي لا تستطيع أن تقنعني أن ذلك هو من أجل خدمة الشعب العراقي وإصلاح بنيته التحتية فقط, فما هي المشاريع التي يتم الأعداد لها خلف الكواليس ؟ وما اعتقده إن أمريكا لا تمتلك من الكرم ودماثة الخلق الحد الذي يجعلها تقوم ببذخ الأموال على العراقيين دون مقابل ؟ انه مجرد تساؤل....
وبعد ذلك بدأ بريمر الأعداد لعقد أولى جلسات مجلس الحكم الموقر وأعلن بريمر في إحدى المناسبات عن إن أمريكا لن تدع الأمور تسير كما يريد الغير وإنما كانت هنالك أهداف معينه قال عنها( إن خطتنا الإستراتيجية هي رؤية طموحة لمستقبل العراق والخطوات المحدودة الأزمة لتحويل البلد المحطم إلى مجتمع مدني مزدهر تسوده المساواة والسلام ... وليت ذلك كان صحيحا......)
كان ابراهيم الجعفري اول المستلمين للرئاسة الدورية التي تم تحديدها في مجلس الحكم حيث يستلم كل رئيس كتلة رئاسة المجلس لمدة شهر واحد واعتقد ان الأمر لم يكون الا إشباع لغرور قادة الكتل في ان يكونوا قادة للعراق ولو لمدة شهر واحد . ولم تكن رئاسة الجعفري للمجلس تبشر بخير للعراقيين جميعا وإنما نراه جاء ببرنامج يخدم ضحايا صدام فقط أي ضحايا حزب الدعوة بالتحديد وقد طرح مسألة تعويض ضحايا صدام على بريمر حين دعاه إلى مقر إقامته ، فأجابه بريمر بكل مكر وهو يأكل الفسنجون ( وهي أكلة كربلائية ) ان الأموال التي لدينا محدودة وقد تنفذ في نهاية العام ( مع العلم ان هذا الحديث تم في آب ) فهل تريدان نعوض أرامل الحرب أم نقوم بإصلاح الكهرباء . ومن خلال ذلك نرى ان كل ما يواجه العراق في الوقت الحالي من حروب طائفية وقتل على الهوية كان وليدا للظروف التي سادت في بداية الاحتلال , فالنظرة التي كان يحملها الكثير من السادة ( الحكام المنفيين ) تتمثل في أنها لا تتسم بالشمولية والإصلاح الذي يخدم الشعب عامة وإنما لكل حزب نظريته التي تخدم أبناء حزبه فقط .
ومن الملاحظ على قادة الشيعة الذين دخلوا في مجلس الحكم إنهم عادة يحاولون إمساك العصا من الوسط حتى لا يخسروا أي طرف من الأطراف ويظهر ذلك بشكل جلي حينما طلب بول بريمر من الجعفري ان يوقف نشاطات السيد مقتدى الصدر ( والذي بدأ يشكل عقبة أمام السياسة الأمريكية في العراق ) فنحن نرى ابراهيم الجعفري لا يستخدم ردا على ذلك الا كلمة ( أنه لأمر محير ) أو قيامه بهز رأسه دون ان ينطق أي كلمة وهذا هو حال القيادات الشيعية الأخرى في مجلس الحكم , تقول أمرا وتفعل أمرا آخر وراء الكواليس. ومن الأمور المثيرة للسخرية والحزن في آن واحد والتي كانت تحدث في داخل أروقة مجلس الحكم والتي كانت غائبة عن أبناء الشعب العراقي ان أعضاء المجلس والذين معظمهم تجاوز العقد الرابع من أعمارهم لم يكونوا قادرين حتى على إصدار القرارات التي تخدم شعبهم فبريمر يقول (طلبت من احد مساعدي ان يجعل من أعضاء مجلس الحكم المطالبة بإصلاح الكهرباء وتقليل نسبة البطالة في البلد كي يظهر للشعب العراقي ان هنالك بعض المكاسب التي حققها مجلس الحكم للعراق ) وهذا الأمر يبين ان عمل مجلس الحكم كان يتسم بالخمول والتراخي كما يقول بول بريمر حين يضيف ( وهذا الأمر لمسناه في واقع الحال بشكل واضح ) فقد كان السادة الأفاضل يجتمعون فقط من الاثنين إلى الخميس وفي الصباح فقط وبعد الساعة العاشرة بالتحديد , أما بعد فترة الغداء فان الأخوة ( أعضاء مجلس الحكم ) كانوا لا يستطيعون التنازل عن قيلولتهم الطويلة !!
وكان من بين الأمور التي أثارت الانقسام الطائفي والعرقي والمذهبي في العراق الخلافات التي أوجدها مجلس الحكم ( بالمناسبة كنت أنا من المتفائلين والمتحمسين لمجلس الحكم ولكن كتاب بريمر والأوضاع التي آل إليها العراق فيما بعد جعلتني أعيد النظر بما كنت احمله لهذا المجلس من احترام ) حيث ان هؤلاء السادة بدأ كل منهم ينتصر لمذهبيته ولطائفته فالشيعة يريدون الأكثرية والأكراد لا يرضون الا بدور مزدوج لجلال ومسعود والسنة منقسمين بين من لازال يشده الحنين للماضي وبين من يريد ان يكون له الكثير من الصلاحيات التي تزيد عن استحقاقه , ولا ندري أين العراق بين كل هؤلاء . والأمر الآخر هو تحديد الرواتب التي سيحصل عليها أعضاء مجلس الحكم ( وللعلم فقد كان هذا الأمر من الأمور التي حصلت على الأسبقية في مناقشات مجلس الحكم كما هو الحال في مناقشات الجمعية الوطنية المؤقتة فيما بعد ) وهذا دليل على مدى حرص الأخوة الأعضاء على مصلحتهم الشخصية . وقد تم تشكيل لجنة في مجلس الحكم لتحديد رواتبهم برئاسة احمد ألجلبي وقد حدد السيد ألجلبي بان تكون رواتب السادة الأعضاء بـ( 50000 / دولار) و (4000 / دولار ) للسادة الوزراء ناهيك عن حصولهم على علاوات من البنزين. واعتقد ان هنالك خطأ مطبعي حين ذكر ان هذه المخصصات سنوية فلا يمكن ان يقتنع الأخوة الأعضاء في مجلس الحكم بهذا المبلغ سنويا ولكن الصحيح في ذلك هو ان هذه المخصصات شهرية . كما ان لدينا دليل على ذلك وهو التصريح الذي أطلقه مساعد بول بريمر ( ديفيد ) الذي يقول ( ان ذلك – أي المخصصات – سيتيح لكل عضو اجتياز ألف ميل في الشهر في بلد ذي طرقات رديئة ) وكذلك نجد تصريح بريمر كدليل آخر على صحة قولنا الذي يرد على هذه المطالب من التخصيصات ( ان الموازنة التي اقترحوها للخمسة والعشرين عضوا تفوق موازنة وزارة التربية التي تضم أكثر من (325000 ) ألف عضوا !!. ) أنظروا أيها السادة الأفاضل مدى حرص حكامنا على مصالحنا ونحن في هذه المحنة وهذا الانهيار.
ونعود الآن إلى مسألة مهمة أقلقت الأمريكان كثيرا ولطالما ذكرها بريمر في كتابه دون ان نبتعد كثيرا عن مجلس الحكم. وهي مسألة رجل الدين الشاب السيد مقتدى الصدر والذي حاول بريمر ان يصفه بأمر عار عن الصحة وهو ضعف قاعدته الجماهيرية وقلة أتباعه ليصل عددهم إلى مايعادل ( 200 ) شخص فقط من أتباعه الخلص الذين يسيطرون على بعض الجوامع والمساجد في جنوب العراق ومنها يتخذون هجماتهم , وهذا الأمر يبين مدى جهل القيادة الأمريكية بالكثير من الأمور التي تحيط بالواقع العراقي ، فهنالك الملايين ممن يؤيدون مقتدى الصدر وممن شكلوا قاعدة جماهيرية عريضة . وجدير بالذكر ان هنالك محاولات عديدة كانت تقوم بها سلطة الائتلاف المؤقتة ( وهي السلطة التي تشكلت بعد سقوط النظام ألصدامي في العراق والتي كانت برئاسة بول بريمر والتي ستبقى تقود العراق حتى مع تشكيل مجلس الحكم ) من أجل القبض على السيد مقتدى الصدر بتهمة قتل عبد المجيد الخوئي ( وهو ابن المرجع الديني السيد الخوئي , والذي دخل العراق بعد الاحتلال وهو محمل بالأفكار الغربية وكان من الأصدقاء المقربين لرئيس وزراء بريطانية في كل الأوقات كونه يمتلك مؤسسة كبيرة تدر مليارات الدولارات في لندن وليس من السهولة ان تتخلى بريطانية العظمى عن هكذا مبلغ , وقد كان عبد المجيد الخوئي يطل علينا في بداية الاحتلال من على شاشة تلفزيون الحرية الذي يبث من مرسلات أمريكية خاصة وكان يقول عن القوات الأمريكية ( جاؤوكم من ليس لهم أطماع في نفطكم وفي أموالكم !! ) . وقد كانت محاولات اعتقال السيد مقتدى الصدر على خلفية حادث اغتيال عبد المجيد الخوئي ليست بخافية على الكثير من أعضاء مجلس الحكم وخاصة الشيعة منهم وخاصة ابراهيم الجعفري الذي ( كان يحبذ العملية بشدة ) كما يقول بريمر في كتابه , والذي يقول فيه أيضا وعلى لسان الجعفري ( ان اعتقال مقتدى مسألة جوهرية للعدالة ) وقد أصدر مذكرة الاعتقال القاضي رائد جوحي ولكن عملية الاعتقال لم تتم بسبب تردد البنتاغون والخوف من تأليب الشارع العراقي ضد أمريكا .
حين تشكل مجلس الحكم كانت تصريحات جميع أعضاءه وخاصة المؤثرين منهم يعلنون وبإصرار على ان أمريكا الممثلة ببول بريمر ليس لها أي دخل في القرارات التي يصدروها وإنهم أصحاب القرار الأول والأخير . ولكن المتتبع لكتاب بريمر يجد ان حتى البيانات الاستنكارية التي تصدر عن حادث ما كان من يعد مسوداتها هو بول بريمر ونجد مثال على ذلك في الانفجار الذي وقع في فندق القناة الذي كان يشكل مقرا للأمم المتحدة في العراق حيث جمع بول بريمر أعضاء مجلس الحكم وقدم لهم المسودة لبيان الاستنكار وقال لهم بالحرف الواحد ( عليكم ان تظهروا للشعب العراقي إنكم قادرون على الحكم والفعل , لقد ولى زمن الكلام ) ويقول في مجال آخر ما يوضح مدى ضعف مجلس الحكم في تقييم قدمه لواشنطن عن نشاطات مجلس الحكم والذي يظهر من خلاله الانصهار الكامل لمجلس الحكم في بوتقة السياسة الأمريكية ويقول فيه ( لقد كان مجلس الحكم حتى الآن بطيئا في اتخاذ الإجراءات بشأن العديد من القضايا الخطيرة المطروحة أمامه بدون دفع وتوجيه من سلطة الائتلاف المؤقتة ) .
وهنا لا بد ان لا ننسى الدور الذي لعبه السيد السيستاني في هذه الفترة العصيبة حيث كان له دور واضح في مجريات الأمور ويقول عنه بريمر حينما يذكره بأنه له دور كبير في عدم اشتعال الأمور بوجه سلطة الائتلاف المؤقتة في بادئ الأمر ولكن فيما بعد بدا ان السيد السيستاني لم يكن أداة طيعة في يد بريمر وحكومته وخاصة فيما يتعلق بمسألة الانتخابات فهو يؤكد على ان يتم كتابة الدستور من قبل أفراد عراقيين وعلى ان يتم عملهم بإطار انتخابات دستورية ، ويقول بريمر إننا واجهنا صعوبة كبيرة من خلال هذه الفتوى تتمثل في حاجتنا لأجراء مسح شامل لإحصاء السكان في العراق وكذلك لتعريف العراقيين بالانتخابات وهي حديثة عهد لديهم لذا فان هذا الأمر سيؤخر من عملية نقل السيادة للعراقيين , وفي مجالات أخرى نجد ان السيد السيستاني لعب دور كبير من خلال رفضه إدخال قوات من الدول الجارة لتساهم في قوات التحالف وخاصة القوات التركية وكذلك كانت آراء السيد واضحة في عدم وجود نية لإقامة دولة دينية يحكمها رجال الدين على غرار إيران . وقد رفض السيد السيستاني لقاء احد من الأمريكان ويذكر هيوم - وهو احد المقربين من بريمر ولديه دراية بأمور العرب والمسلمين - ( انه لا يمكن ان يشاهد – أي السيد السيستاني – علنيا بأنه يتعاون مع القوى المحتلة .... ولكن آية الله سيعمل معنا فنحن نتقاسم الأهداف نفسها). ويقول بريمر لقد كان هيوم محقا ففي أوائل الصيف أرسل السيد السيستاني رسالة بيد احد المقربين منه يعلن من خلالها انه لم يتخذ موقفه في عدم استقبال احد من سلطة الائتلاف بسبب عداء للائتلاف بل ان تجنب الاتصال العام يتيح له ان يكون ذا فائدة اكبر في مساعينا المشتركة , وانه يفقد مصداقيته في أوساط المؤمنين إذا تعاون علنا مع مسئولي الائتلاف . ويقول بريمر انه تبادل الرسائل مع السيد السيستاني عبر قنوات مختلفة وبين تموز وأواسط أيلول كانت أكثر من عشر رسائل مع آية الله أعرب السيستاني بشكل متكرر عن امتنانه الشخصي لكل ما فعله الائتلاف من أجل الشيعة والعراق . ويقول بريمر ( فيما كانت وسائل الأعلام العربية والغربية تندب الانقسام المفترض بين آية الله السيستاني والائتلاف , كنت أنا وهو نتواصل بانتظام بشأن القضايا الحيوية من خلال الوسطاء طوال المدة التي قضاها الائتلاف في العراق ) . ولكن من خلال ما قاله بريمر بأنه حاول ان يجعل من السيد السيستاني يحيد عن موقفه في إجراء انتخابات للجنة كتابة الدستور وذلك عن طريق الاتصال بالسيد حسين إسماعيل الصدر الذي كان يلتقي بالسيد السيستاني كل أسبوع ويقول انه في إحدى جولاته للسيد حسين الصدر اصطحب معه كولن باول ( وزير خارجية أمريكا ) وقد تم تناول الغداء لدى السيد حسين الصدر وتم تداول الأمور العامة وأيضا العمل على محاولة إقناع السيد السيستاني على عدم الإصرار في إجراء انتخابات دستورية .
وفي محاولات مستمرة لنقل السلطة إلى العراقيين نجد ان هنالك محاولات تمت لنقل السلطة إلى مجلس الحكم وكادت الإدارة الأمريكية ان تقتنع بهذا الرأي ولكن بريمر كان له رأي آخر في ذلك فهو يذكر في تقرير رفعه إلى الإدارة الأمريكية يبرر من خلاله سبب عدم نقل السلطة إلى مجلس الحكم بقوله ( ان مجلس الحكم لا يتمتع بتفويض لحكم العراق وان أعضاءه لا يتمتعون بتأييد كبير وهم يفتقرون إلى المصداقية لدى قطاعات واسعة من السكان ... ان المجلس وعاء غير محكم ومنحه السيادة قبل الدستور والانتخابات يخاطر بفشل تلك العملية) أي العملية السياسية .
أما في شأن احمد ألجلبي وهو احد أعضاء مجلس الحكم الأساسيين فقد كان بريمر يكن له الكثير من العداء كونه كان من المتحمسين لنقل السيادة بواسطة مجلس الحكم إلى العراقيين وكان ألجلبي كثير التردد على أمريكا من اجل إقناع الكونغرس في نقل السلطة ويصف بريمر العلاقة غير الحميمة بينه وبين ألجلبي عندما طرحها أمام الرئيس الأمريكي (بوش) في حفلة عشاء أقيمت له ولزوجته وقد شاركه بوش في عدم ارتياحه من ألجلبي حين قال له ( ان ذلك يثير غضبي حقا , كنت انوي ان أوبخه بقسوة عندما انضم إلى صفوف المستقبلين في حفل الاستقبال الذي استضفته بالأمس لكن ابنته معه ولم أجد من المناسب توبيخه أمامها ) ,لكن الاثنان اتفقا على ان احمد ألجلبي ذكي جدا وممن يدركون الاقتصاد الحديث وله دور كبير في النظرية الاقتصادية التي لولاه لم يستطع مجلس الحكم القيام بها ولكن وحسب قول بريمر ( ذكاءه وطموحاته سوف تهلكه بالنهاية )ولو أردنا ان نبين جانب الهلاك فليس بالضرورة ان يكون الموت وإنما ما يعنيه هنا بريمر الهلاك السياسي وهذا ما نراه قد حصل فعلا فأحمد ألجلبي كان من المتذبذبين سياسيا فنراه تارة يلتحق بركب الإسلاميين ونراه تارة أخرى يدخل باسم العلمانيين والنتيجة النهائية هو الإفلاس من كل شيء حين عجز ألجلبي بقائمته الانتخابية في الانتخابات الأخيرة عن ان يحصل على مقعد واحد فقط في البرلمان وذلك هو الهلاك السياسي . ولكن ما نلاحظه لدى القادة الفائزين بالانتخابات أنهم لا يتجاوزون احد من شركائهم السابقين والدليل على ما نراه تنصيب علي الدباغ بمنصب المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء بعد ان تدرج من خبير في الشؤون المرجعية إلى رئيس قائمة إلى أمين عام لحزب الفضيلة ليصل أخيرا إلى منصبه الأخير الذي ذكرناه آنفا , ويبدوا ان السادة المسئولين يؤمنون بمبدأ المشاركة ومقاسمة السلطة والمناصب فيما بينهم حتى لا يطلع عليهم من يعكر صفو وجودهم في السلطة . يعد السيد مقتدى الصدر من العقبات الكبيرة التي واجهت سلطة الائتلاف المؤقتة فهذا القائد الشاب - كما يصفه بول بريمر – كان يحشد الناس ضد الاحتلال وكان يعمل على تشكيل جيش سمي بـ( بجيش المهدي ) في مدينة الصدر والمدن الشيعية الأخرى ووصلت أنباء أيضا عن تشكيل حكومة ظل بديلة لمجلس الحكم . كما ان هنالك تحركات تتم في ذكرى ولادة (الأمام المهدي ) وفي كربلاء بالتحديد كما يذكر بريمر انه كان هنالك شخص يدعى ( ألكاظمي ) يعد الناس للقتال ويقول بول بريمر ان السيد السيستاني لم يرقه ذلك فأرسل مقاتلين يصل عددهم إلى مائتي مقاتل لوقف التمرد ومعظمهم حسب قول بريمر ( من منظمة بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ) .
استمرت العمليات القتالية بالتصاعد وبدأت تشمل مناطق واسعة من الجنوب الشيعي وأخذت العمليات بالتصاعد بعد أن قتل جيش المهدي ثلاث جنود أمريكان , ويصف بريمر هذه الفترة بأنها فترة أزمة شديدة وقد حاول عضو مجلس الحكم آنذاك موفق الربيعي ان يطوق الأزمة كونها ذات تأثير عليهم بقدر ما هي مؤثرة على الإدارة الأمريكية فذهب إلى السيد السيستاني ومن ثم حاول الذهاب إلى السيد مقتدى الصدر ويذكر بريمر انه رفض لقاء الربيعي وقد تطور الوضع في هذه الفترة ليصل إلى حد الصياح بين السيد مقتدى وابن السيستاني ( عبد الرضا ) والذي كان يلعب دورا كبيرا من وراء الكواليس , وقد اخبر السيد السيستاني موفق الربيعي ( أن خياره المفضل هو أن لا يبقى مقتدى الصدر ) وافترضت – والقول لبريمر – بذلك انه يريد ان يقتل الرجل الشاب ( أي السيد مقتدى ) وزاد الطين بله الخبر الذي نقله السيد السيستاني لموفق الربيعي في ان بشار الأسد ( رئيس الجمهورية العربية السورية ) بعث إليه برسالة سرية تقترح ان يصدر آية الله فتوى تدعوا إلى الجهاد ضد سلطة الائتلاف المؤقتة .
وأما بالنسبة لموقف أعضاء مجلس الحكم ( الشيعة منهم ) من قضية التحرك العسكري الذي قاده السيد مقتدى الصدر فنجد ان الكثير منهم كان يتخذ موقفان في آن واحد أمام الشارع العراقي كانوا يظهرون شيئا وأمام سلطة الائتلاف كان يظهرون شيئا آخر ومن بينهم ابراهيم الجعفري الذي ترك البلاد في أحلك الظروف كي لا يواجه الصعوبات التي ممكن ان يكون محرجا من خلالها في ان ينتقي بين أمرين بين ان يقف ضد السيد مقتدى ويخسر الكثير من المؤيدين الذي ينفعون في يوم الانتخابات وبين ان يخسر أمريكا وتكون حينها النهاية في الحياة السياسية والحرمان من أي دور في العراق . ولكننا نراه حينما التقى ببريمر بعد عودته إلى العراق وسأله عن الحالة التي آلت إليها قضية مقتدى فقال له بريمر ان الوقت اقترب لكي تتخذ الشرطة العراقية لأجراء مناسب . فبادره الجعفري بالقول ( لماذا لم تتصرفوا قبل ذلك ؟ لو تعاملتم معه فيما كان لا يزال في الزاوية , انه الآن على الطاولة والأمر أصعب بكثير ) وليس الجعفري فقط من كان ينتظر نهاية السيد مقتدى فهنالك الكثير من الأحزاب الإسلامية التي تتحين الفرصة لسقوط السيد المقتدى ومقاومته للاحتلال فهم كانوا يتمنون ان تسير الأمور بسلام حتى يتمموا مخططاتهم التي كان الكثير منها مستورد من وراء الحدود . قد يندهش الكثير من الأخوة المطلعين على هذا الموضوع وغيرها من المواضيع الحساسة الأخرى وقد يصرخ احدهم دفاعا عن احد الرموز التي ذكرتها وهي تنهار أمام عينه ان بريمر كاذب في كل ما يقوله وانه يحاول من خلال ذلك ان يسيء إلى الرموز الوطنية والدينية التي جاءت من اجل خدمة العراق وشعبه فسأقول له أنا أيضا اندهشت مثلك حين قرأت هذه الأقوال التي يذكرها بريمر وقلت في داخلي ان بريمر كاذب كبير ولابد ان يرد السادة المسئولين على تخرصات بريمر ولابد ان يدافعوا عن أنفسهم وطال انتظاري كثيرا والأخوة ساكتون ولم ينطق أي واحد منهم بكلمة دفاع واحدة فبينما الأخوة المجاهدون ساكتون كان كتاب بريمر ينتشر ويقرأ من أطراف عديدة حينها صدقت كل كلمة ذكرها بريمر واعتبرت كتابه وثيقة مهمة يتم من خلالها تاريخ فترة مهمة وعصيبة من تاريخ العراق المعاصر .
نعود الآن إلى مجلس الحكم والذي يتأكد يوما بعد يوم أنه غير جدير في وضع حجر الأساس للعراق الجديد فلازال أعضائه يحسون أنهم لا يمتلكون أي ارتباط في بلدهم الأم ويظهر ذلك من كلام بريمر حيث يذكر ان الجعفري وفي أحلك الظروف ترك البلاد ولمدة تصل إلى الشهر , وفي موقع آخر نراه يقول ( أنظروا إلى الأعضاء التسعة في مجلس الرئاسة بالله عليكم , عندما طلبت اللقاء بهم أمس لبحث المسار الذي نتبعه لم يحضر نصفهم . الباجه جي خارج العراق منذ آب والجلبي في الخارج منذ شهر ولم يأتي الطالباني والبرزاني إلى بغداد منذ أسابيع ...)
هذا ما كنا نلاحظه ونحس به قبل ان يطرحه بريمر في كتابه فالعراق بالنسبة إلى السادة الأعضاء في مجلس الحكم يمثل مشروع تجاري قابل للربح وقابل للخسارة , فإذا نجح المشروع فأنهم سيدرون الأرباح الكبيرة من خلاله ويكونون هم المستفيد الأول فالعراق منجم من الذهب لا ينفذ حيث النفط والزراعة والعتبات المقدسة إذا هنالك الكثير من الأموال التي سيحصلون عليها فهم متضررون من النظام السابق وهم أولى من الشعب العراقي بهذه الخيرات!! وأما إذا فشل فأنهم على أية حال لن يكونوا الخاسرين , فما زالت نسائهم وأولادهم في الخارج ومازالت ارتباطاتهم مع دول العالم هي هي لم تتغير ولذا فإنهم سيعودون أدراجهم وليحترق العراق بما فيه . فهم سيقولون في داخلهم لقد عملنا ما نستطيع ان نعمله ولكن ما حصل ليس بسببنا ولسان حالهم سيردد قصيدة السياب ... تبا لهذا الكون.. وليحل به الدمار .. ما لي ومال الناس .. لست أبا لكل الجائعين ...
وقد حاول بريمر ان يسير بمجلس الحكم إلى بر الأمان كي يكون أكثر قدرة على إدارة بلد محطم بكل المقاييس , فبدأ يعدهم لكي يكونوا عرابي السياسة في المرحلة المقبلة التي ستشهد عملية نقل السيادة إلى حكومة مؤقتة ودستور مؤقت للأعداد إلى الانتخابات ( الديمقراطية ) ولكن يصف بريمر هذه المرحلة تعنتا من احد قادة الكتل الشيعية والمتمثل بوقوف عادل عبد المهدي ( احد أعضاء المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ) حجر عثرة أمام قرارات مجلس الحكم كونه كان يريد دورا اكبر للمحافظات ومؤتمراتها ( واعتقد انه يقصد المحافظات الوسطى والجنوبية حيث من الممكن التأثير عليها باسم المرجعية وكسب الأصوات لصالحه ولصالح حزبه ) وقد حاول ان يجعلها المفتاح لإنشاء الحكومة القادمة ومما زاد الطين بله ان هنالك من بدأ يذهب إلى السيد السيستاني ( طوق النجاة ) محاولة لإفشال الحكومة المؤقتة , ويصف بريمر هذه الفترة بأنها فترة حرجة خاصة وانه استطاع ان يجبر مجلس الحكم بالتصويت على إقرار الدستور والحكومة المؤقتين بأغلبية 20 صوت مقابل 4 أصوات , وبالرغم من محاولاته في إرسال الرسائل إلى السيد السيستاني وآخرها كانت الرسالة التي هنأ فيها السيد السيستاني بعيد الفطر وطلب منه الموافقة على إقرار الدستور والحكومة المؤقتين ولكن دون جدوى فهنالك من كان يحوك الأمور من وراء الكواليس ومن كان يرمي حجره في الماء الراكد , ونحن نلاحظ من خلال ذلك ان هنالك عملية الشد والجذب التي تتم في هذه الفترة وحينها لم يكن هنالك من يفكر باختزال الوقت والإسراع بانتهاء معانات الشعب العراقي الذي كان يتأمل بأن تحل مشاكله سريعا فهنالك عراق مدمر لا ماء لا كهرباء لا خدمات فقط كان هنالك صراع على الكراسي بمسميات متعددة وبأعذار مختلفة .
وفي فصل آخر يصف بريمر عملية اعتقال صدام بكثير من الإسهاب وكأنه كان يحاول ان يجد نصرا للقوات الأمريكية ولسلطة الائتلاف الممثل الأول للإدارة الأمريكية في العراق .
ومن خلال ذلك نجد ان أمريكا لم تكن تمتلك خطة معينة لما بعد سقوط صدام والدليل على ذلك الحيرة الكبيرة التي كان يواجهها بول بريمر إزاء حالات الإخفاق الكبيرة التي كانت تواجه مجلس الحكم وإزاء التخبط السياسي والعبثية الذي كان يغلف السياسة الأمريكية في العراق . ويقول بريمر ان صدام وجد قابعا في حفرة في احد البساتين المحيطة بمدينة تكريت وتم فيما بعد نقله إلى أحد سجون مطار بغداد الدولي وقد قيل حينها ان صدام تم نقله إلى القاعدة الأمريكية الرئيسية في قطر وما يقوله بريمر يدحض هذا القول . وقد تم الإعلان عن اعتقال صدام بمؤتمر صحفي وقد عمت الفرحة في أرجاء القاعة بعد ان أعلن عن اعتقاله ومن ثم انتقلت مظاهر الفرح إلى الشارع العراقي المتعطش لخبر يعلن فيه ان الطاغية الذي سامه سوء العذاب سابقا في عداد المنتهين . والغريب بالأمر ان عملية الاعتقال وما تلاها من عقد مؤتمر لإعلان الاعتقال كان الكثير من أعضاء مجلس الحكم ليسوا على دراية بهذا الأمر ولكن بريمر قرر فيما بعد ان يصطحب مجموعة من أعضاء المجلس إلى مقر اعتقال صدام وهم الباجه جي والجلبي وموفق الربيعي وعادل عبد المهدي وقد وصف بريمر عادل عبد المهدي انه كان خائفا من صدام حتى وهو معتقل , وقد أعادني هذا الموقف إلى فترة الانتفاضة الشعبية العارمة في عام 1991 حينما هب الشعب العراقي في مناطق واسعة للوقوف أمام التصرفات الرعناء التي قام بها صدام والتي جرت البلاد إلى الكثير من الويلات والحروب فبينما كان أبناء الشعب العراقي يسطرون الملاحم في الداخل كانت المعارضة ترعد وتزبد من وراء الحدود ولم يكن لها دور سوى تعبئة الجماهير في الداخل والجماهير أساسا كانت معبأة ومستعدة لنصرتهم فيما إذا دخلوا إلى العراق ولكنهم حينما سمعوا بسماح القوات الأمريكية لطائرات صدام بالطيران عادوا إلى قواعدهم وهم يرتجفون من الخوف ليتركوا الشعب العراقي يذبح لوحده على يد صدام وزبانيته واليوم جاءوا ليتاجروا بالدماء التي سالت بسبب خوفهم . ويبدوا ان الأخوة في بقائهم على الحدود كانوا ينتظروا من الشعب العراقي ان يقضي على صدام دون مساعدتهم ليقدم لهم النصر على طبق من ذهب وحينها سيقولون ان هذا النصر جاء من خلال تضحياتنا في المنفى . هذه الأفكار راودتني وأنا أقراء عن الخوف الذي أصاب احد أبطال المقاومة وهو يرى صدام حتى على الرغم من الذل الذي كان فيه والانكسار, وقد سأل أعضاء مجلس الحكم صدام عددا من الأسئلة عن الجرائم التي اقترفها بحق الشعب العراقي وحينما سأله الباجه جي عن اجتياح الكويت أجابه صدام أولست من المؤيدين على ان الكويت هي المحافظة التاسعة عشر للعراق ( علما ان الباجه جي كان وزيرا للخارجية في فترة من فترات حكم صدام وكان من ضمن المطالبين بضم الكويت إلى العراق ) ويقول بريمر انه شاهد عندما دخل على صدام في السجن ان هنالك صور لبوش و لرامسفيلد وضعت فوق سريره ويقول لقد هنأت الجندي الأمريكي الذي فكر بهذه الفكرة . ولهذه الصور الكثير من المعاني والدلالات فالأمريكان أرادوا من خلالها إيصال رسالة إلى أعضاء مجلس الحكم على ان أمريكا صاحبة الفضل الأول والأخير في وصولهم إلى سدة الحكم ولولها لما كان صدام في السجن وما كانوا ليقفوا أمام صدام وهم في موقف المنتصر ولذا فعليهم ان يشكروا أمريكا ويقدموا لها فروض الطاعة والولاء في كل حين . وكذلك فقد أرادوا من خلالها ان يشنوا حربا نفسية على صدام من خلال إظهار صور من مرغوا انفه بالتراب .
أما بالنسبة للأكراد ودورهم في التغيرات الحاصلة بعد إسقاط النظام السابق فقد كانت مواقفهم تتسم بالتذبذب وتغير الآراء في كل حين وكانوا يشكلون عقبة أمام الكثير من القرارات التي كان يتم إصدارها ويعلل بريمر ذلك إلى ان الأكراد يحضون باستقلال منذ عام 1991 وبحماية أمريكية وقد بدءوا الآن يفكرون بالحصول على الفدرالية ( وتبدوا فدراليتهم من نوع خاص يختلف عن النظام الفدرالي في العالم فهم يريدون علم مختلف ونشيد وطني مختلف وسيادة كاملة على أراضيهم تمنحهم الحق حتى بإقامة القنصليات وبإقامة التمثيل الدبلوماسي لكردستان في الدول الأخرى وكل هذه الأمور هي تمهيد لانفصال كردستان عن العراق وذلك سيحصل حالما يتم ضم كركوك إلى إقليم كردستان والتي يسميها مسعود البرزاني [قدس كردستان] وقد أعلن الأكراد على لسان الكثير من مسئوليهم ان اتحادهم مع باقي أطراف العراق هو اتحاد طوعي أي من حقهم الانفصال متى شاءوا ) وكل هذه التطورات لم تكن غافلة عن الإدارة الأمريكية وعن بريمر والذي كان يحاول كبح جماح مسعود البرزاني وقد أجابه على تصريحه الأخير بشأن كركوك بقوله ( ان هنالك يوجد قدس واحد في العالم وهي تسبب الكثير من المشاكل بمفردها ) ويقول بريمر انه حاول إقناع الأكراد بمزيد من التنازلات وبأن تكون فدراليتهم مرتبطة بالعراق عن طريق ترك صلاحيات وتشريعات لحكومة المركز . ولكننا وفي الوقت الحالي وبعد ان غادر بريمر العراق نجد ان دستور كردستان الدائم يضم كردستان رغم انف أهلها ورغم انف حكومة المركز ويعطي لكردستان استقلالية تامة وهذا ما حدا برئيس إقليم كردستان ان يصدر قرارا يمنع بموجبه رفع العلم العراقي على مباني حكومة كردستان والآتي أعظم . وهذه التطورات الحاصلة تبين مدى فشل الحكومة الأمريكية و بريمر في الحفاظ على وحدة العراق .
عندما كان يتم إعداد العدة لتسليم السيادة ( الشكلية ) للعراق بدأت سياسة أمريكا تنصب على محاولة الحصول على غطاء شرعي عن طريق الأمم المتحدة والتي بدورها أرسلت الأخضر الإبراهيمي ممثلا عنها ويقول بريمر ( إنني عندما أخبرته بضرورة ان يكون موعد تسليم السيادة ثابت وان علينا ان نظهر ان آية الله السيستاني لا يرهبنا ) فأجابه الإبراهيمي انه يعتقد ( بوجوب ألا يدير أصحاب العمائم السوداء الحكومة العراقية المؤقتة ) . ويقول بريمر إنني أبلغته ان ( السيستاني يهتم فقط لضمان غالبية شيعية في الحكومة الجديدة ) . ولا أعتقد ان ما يذكره بريمر هنا صحيحا فالسيد السيستاني له مواقف كثيرة تظهر انه يهتم بمصير العراقيين جميعا فهو اصدر فتوى يحرم فيها قتل البعثيين دون محاكمة واصدر فتوى أخرى يخاطب فيها الشيعة ويقول لهم بأن السنة أنفسكم ولم يتوقف الأمر على العراقيين فقط بل اصدر فتوى أخرى تحرم قتل الفلسطينيين . ولكن واقع الحال يقول ان هنالك بعض الأطراف الشيعية حاولت ان تستغل اسم السيد السيستاني لتحصل على مناصب حكومية باسم المرجعية وباسم الأغلبية الشيعية خاصة تلك الأطراف التي لم تكن لتمتلك قاعدة شعبية كونها أنشأت كياناتها في خارج العراق ولهذا فهي غريبة عن الشعب .
كانت هنالك محاولات كثيرة تتم لإكساب الشرعية لمجلس الحكم ولهذا فقد ذهب وفد منهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية للقاء رئيسها جورج بوش وكان من ضمن الوفد عدنان الباجه جي وأحمد ألجلبي وعبد العزيز الحكيم , وقد أشار الحكيم بشيء من الحدة إلى ان العراق يجب ان يتم نقل السلطة فيه على يد حكومة منتخبة وان السيد السيستاني قد أكد وأصر على ذلك ناهيك عن المظاهرات العارمة التي شهدتها محافظة البصرة من قبل مؤيدي السيد السيستاني من الشيعة والمطالبين بأجراء انتخابات عاجلة , وكان رد الرئيس الأمريكي فيه شيء من المكر والمراوغة والمخاتلة عندما أعلن ان العراق ممثلا بقادته الجدد سيواجه المشاكل تلو الأخرى إذا ما ابتعد عن المبادئ التي اختطتها له أمريكا , وفي لقاء آخر مع كولن باول ( وزير الخارجية الأمريكية ) التفت فيه إلى عبد العزيز الحكيم وسأله عن حقيقة المظاهرات التي جرت في البصرة بهدوء مبطن بالتهديد , مما أفقد الحكيم شجاعته ( كما يقول بريمر ) وأعلن ان هذه المظاهرات هي ترسيخ للديمقراطية في البلاد وللتنديد بهجمات الإرهابيين دون ان يذكر المطالبة بالانتخابات .
وفي جانب آخر من التحركات الأمريكية التي كانت تتم على الساحة العراقية نجد ان بريمر كان يقوم بتحركات على الجانب السني محاولة منه لكسب بعض الأطراف السنية إلى جانب العملية السياسية في العراق ونجد ان هنالك الكثيرون في هذا الطرف رافضين للتغيرات الحاصلة في العراق ليس إيمانا كما يقولون بالوطن وبرزوحه تحت الاحتلال وإنما لضياع مصالح ومكاسب كانوا يمتلكونها إبان العهد السابق ولهذا فان هؤلاء عندما رأوا أنفسهم قد خسروا كل شيء بدأو يتاجرون بالقضية الوطنية فضاع الوطن بين أولئك وهؤلاء وكل يدعي الوطنية . وقد بدا الأمريكان تحركاتهم لكسب ود الجانب السني عن طريق إطلاق سراح مجموعة من المعتقلين في العمليات التي شنتها القوات الأمريكية على المناطق الساخنة والتي تتركز في محافظة ديالى ومحافظة الأنبار والمعروف عن هاتين المحافظتين ان فيهما الكثير ممن ينتمون إلى مناصب قيادية عليا في الجيش والمخابرات والأمن السابقة وتنظيمات حزب البعث المنحل وقد كان السنة منقسمين على رأي بريمر بين مؤيد للعمليات ضد القوات الأمريكية وقوات الشرطة الجديدة وبين خائفين وساكتين كون ان الأرضية التي تحيط بهم تحمل الكثير من أقطاب النظام السابق وكذلك وجود تنظيم القاعدة الذي يمد اذرعه كالإخطبوط في هذه المناطق وبين موالين لتنظيمات القاعدة التي تكاد تكون أهدافها متقاربة مع أهداف تنظيمات حزب البعث المنحل وأهداف البعض من قادة تنظيمات الجيش العراقي السابق وبين فئة أخرى ترغب بالدخول في العملية السياسية وإزاء هذه الانقسامات في الجانب السني والاختلافات نجد ان بريمر بدأ يبحث عن الهدنة من أجل إيجاد صيغة لإصلاح البنية التحتية في المناطق الساخنة وكان الوسيط في بداية الأمر الشريف علي ( سليل الأسرة المالكة في العراق قبل ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 ) والذي كان يرغب في إعادة الملكية إلى العراق , ولكن لم يصمد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه إلا لأيام معدودة وعادت العمليات التي تستهدف الأمريكان والتنظيمات العسكرية الجديدة من حرس وطني وشرطة . وفي هذه الأثناء بدأت عملية الأعداد لقانون إدارة الدولة تتصاعد وتيرتها على كافة الصعد من عملية إعطاء الأكراد فدرالية واستقلال ذاتي مع بعض Opinions