اقبل تربتكم
انحنيت اقبل تربتكم ايها الشهداء يا الذين وقفتم كاشجار علياء في زمن السقوط الأخير جئت اندب وضعي الخطير لم اعد مثلكم انا في زمن افقد فيه صفاتي الوراثيه لا احمل بادرة اولى لي ضعف الصمود ادمنت القعود ما عادت خيولي تحترف الركضا وتوقف حرفي عن الخفقان فلم اسمع النبضا ونضالاتي العشوائيه مسرحيات هزليه سقطت مني امتيازاتي في الشهاده افكاري لم تتبلور ودفاعاتي تتقهقر في حروب الأباده إنني عالم من جماد معدني صداء ، في جوفي فساد ونباتاتي ذبلت ما احياها ماء او سماد خنت الأبجدية واستبدلت الحروفا وهجرت القلعة واستوطنت الكهوفا صادقت الذئاب فاصبحت ذليلا ، خروفا يا من ثرتم واستبسلتم وحفرتم خنادق ورسمنم اجمل لوحات الحرية من افواه البنادق إن من جاؤوا بعدكم حصروا الأنطلاقات في حجرات الفنادق . اه لو عشت زمانكم لسكبت الماء على اياديكم ، وغسلت اقدامكم ، وانخرطت في صفوفكم، احمل بنادقكم عندما تتعبون ، واحرسكم عندما تنامون . ليتني مثلكم مقاتل اهزم الهزيمة ، القتل ليس جريمة ، هذه مقولة قديمة ، إنما الجربمة هي ان لا تقتل عندما تقاتل . الشهادة هي التضحية بكل غال ونفيس من اجل مبداء او هدف تسعى اليه ، والشهيد شمعة تتلذذ باللأشتعال لأنارة الذين يعيشون في الظلام ، كما قال الفيلسوف والخطيب الروماني ماركوس شيشرون ـ لا نعيش في هذه الدنيا من اجل انفسنا فقط ـ امة بلا قوة ، فتاة عارية تركض على اشواك جارحة هربا من المنحرفين ، فكم اغتصبت اجفان زرقاء لبنات امتي على مر العصور . عقدة انظمة الشرق هي الحرية ، فعندما يرونها تتعالى كسنابل ذهبية ، يهاجمونها كالجراد الفاتك . في كل سنة من اب يزورنا الشهداء باسئلة وليس لدينا الأجابة. متى نذيب الثلوج من اجسادنا ، ومتى نخلع اقنعة المنافقين ونتخلى عن التزحلق على جليد الترهات والشعارات ، ومتى يتوقف البعض من النباح ، عفوا اقصد الصياح ، لماذا يعز علينا اليوم تقبيل تربة الوطن والتعميد في مياه دجلة والفرات ، ونبقى حالة من لا احياء ولا اموات لا يشترط ان تكون القبور دائما تحت
الأرض ، بل هي متجسدة في اناس احياء مجردين من المبادئ . علينا شطب كلمة ـ المستحيل ـ من لغتنا كما اراد نابليون بونابرت ان يفعل عندما قالوا له إن جبال الألب ستمنع تقدمه ، فقال لتلغى هذه الجبال ، وقد عبرها . النجاح الذي يقدم لك بغير إجهاد يكون هشا ولا يعمر طويلا ، قال سقراط ـ لو جاء الأله عارضا علي النجاح الكامل في يده اليمنى ، والكفاح المتواصل في يده اليسرى ، لأخترت الذي في يده اليسرى . احيانا نطرح افكارا بغير تطبيق فيصيبها الفشل ، وهذا يذكرني بقول البراغماتيين ـ الفكرة بلا تجربة هي وهم في راس حاملها . لا يفيدنا ان نتذكر الشهداء فقط ، بل ان نقلد افعالهم ونكون امة حركية وثورتنا دائمية كما قال تروتسكي ، وان نتفادى السلبيات لأنها اكبر الأخطار على حريتنا . امتنا تتعرض للأغتيال السياسي لأنعدام الخطاب الموحد ، وهذا ادى إلى تغلغل الغرباء فينا والتحكم في مصيرنا كما همشنا في تشكيلة الحكومة العراقية الجديدة ، وهنا اذكر ما قاله الشاعر الكبير نزار قباني ـ العدو لم يتسلل من حدودنا بل من عيوبنا . لنا سجايا خاصة بنا ورثناها من الأقدمين
ومن تربة الرافدين والظروف التي مررنا بها، وإحدى السجايا التي تعجبني حقا هي الأرتباط بالوطن والعناد على البقاء بشكل عام. يقول الكاتب مصطفى جحا في ـ رسالتي إلى المسيحيين ـ ـ اينما ذهب الكلداني او الآثوري او السرياني فان رائحة دجلة والفرات تذهب معه ، فهي على لسانه وجلده كما في رئتيه ،واما الطبع فعنيد ومتسامح ،مقدام وحذر ،هادئ وصاخب ،ساذج وساخر ، كريم وسائل ، هين وصعب ، صلب وسريع العطب تماما مثلما الأرض التي يحتضنهاالنهران الخالدان دجلة والفرات ـ. عذرا على تمسكي بالماضي احيانا لأنني لا ارى حاضرا و حضورا حقيقيا لأحزابنا ومنظماتنا ـ استثني من يعمل على ارض الوطن بجد وإخلاص ـ . لكن رغم الصراعات القائمة فينا ، ورغم الأرهاب الذي ينحر وطني ويدنس تراب النهرين ، فسوف لن يمنعني احد من تقبيل تربة الشهداء .
اب ـ 1 ـ 2006
shamshi_adad1@yahoo.com