Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

اقوال غريبة واحاديث عجيبة

الثقافة هي قيمة تسيطر على نفسية المثقف ، هي بحر الاماني الذي يسبح فيه المتعلم ، هي الحضارة المتحدثة عن ذاتها بذاتها ، والثقافة في علم الانثروبولوجي " علم الانسان " تتناول اصول وتطور ووظائف الثقافة الانسانية ، وتمثل له طريق الأمة الموروث للحياة كانماط التفكير والمعتقدات والعادات والقيم والمثل التي تعبر عنها بلغتها ، والثقافة اصناف وانواع ، منها الفكري والروحي ومنها المادي والاجتماعي ، وكل نوع او فرع من الثقافة ينقسم الى عناصر اساسية مركبة وبسيطة ، وهذه الاجزاء في كلتيها هي التي تشكل الثقافة ،، وكل امة مقرونة بثقافتها ، لها جملة من المشتركات والتوافقات الثقافية مع ثقافات الامم الاخرى ، ولذلك يقال الثقافة الكلدانية والثقافة العربية والثقافة الفارسية والثقافة الفرنسية ... الخ من ثقافات الشعوب ، والثقافة هي التي تجسد هوية واضحة المعالم لهذه الأمة او تلك

الثقافة مثل النخلة ، تحتاج الى وقت طويل حتى تخرج من باطن الارض ، وتحتاج الى وقت طويل حتى تنموا ، ولكنها حتما ستنموا حتى تصل الى عنان السماء بقوة ورسوخ ، والثقافة انعكاس لواقع المجتمع ،، فهي تعبر عن معتقدات وافكار ومبادىء المجتمع ،، واذا استعرضنا واقع مجتمعنا ( الكلداني والسرياني والاشوري) في هذه المرحلة ،، فكيف لنا ان نحكم على واقع الثقافة والمثقفين ، وهي تسير نحو هاوية السقوط في مصائد وافكار وطروحات متعددة غير منطقية ، ولا تمت باي صلة لتاريخنا واصالتنا وتراثنا

اعتدنا نحن الكتاب ( كلداني وسرياني واشوري ) على طرح القضايا المتنوعة ذات الشأن الديني والقومي والوطني على وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية والتكلم بصوت خطابي عالي حول حقوقنا الدينية والقومية والثقافية ، وما أن ينتهي خطابنا ... تطوى الورقة المتضمنة لذلك الخطاب البراق الذي امضينا به وقتا طويلا ونحن نعد له الكلمات المنظمة المؤثرة في العقل ، والدافعة للهمم ، والباعثة للأمل نحو رؤية جديدة للمستقبل ،، ثم ننزل من هذا الصرح الثقافي الذي يشعرنا بعظمة من يعتليه ليلقي بكلماته في عقول متعطشة لتغير ما يحدثه معتلى الصرح ، ويرفع الثقة عند الناس نحو رؤية جديدة للمستقبل تتحقق من خلال العدل والحرية والمساواة ،، ثم تصفق الجماهير المستمعة لذلك الخطيب المتألق في عالم الكلمات والورق ، حالمة بمن ينقذها بكلمة صادقة

من الطبيعي ان يكون هناك تفاوت بين قدرات القراء ، وان اهل الدار ادرى بها ،، الغالبية هنا وهناك يكتب وفق ما قاله عادل امام في مسرحية شاهد ما شفش حاجة ( انا ما شفت حاجة ) والانكى والأشد فوق كل ذلك يكتب وجهة نظره فيزيد الطين بلة او يزيد خراب البصرة كما يقال في الامثال ،، ثم يختم عنوان مقالاته بكلمة ... لماذا ؟ يتسائل لماذا !!! وهو مع العارفين ،، طريقة كتابة او فهم يكون من زواية تسجيل اهداف اما لي او علي ،، هذه تجدها في العادة لدى من له اهتمام بالأنا الشخصية ،، وانا لا اعلم النيات ولا يوجد شخص على وجه الكرة الارضية يعلم بالنيات حسب علمي

اذا ، نحن امام غزو فكري في الخفاء ، انه غزو العقول واغتيال هويتنا الكلدانية وثقافتنا وتاريخنا ، والمؤسف حقا ، هو ان ابطال هذا الغزو المنظم اكثرهم من ابناء جلدتنا ، هم يقمون بهذا الدور وهذه الخدمة المنظمة ، فنراهم ، يخرجون علينا بين الفينة والفينة باقوال غريبة واحاديث عجيبة ، تارة الى الغاء الهوية القومية الكلدانية الاصيلة وتاريخها المشرف ، وتارة الى التصالح الجذري والانصهار في هوية قومية هجينة مصطنعة ( الكلدانية السريانية الاشورية) بالضد من تاريخنا وثقافتنا واصالتنا ، وتارة بتوجيه اتهامات ظالمة وتحريض بحق اساقفة الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية وقيادات احزابنا ومنظمتنا الكلدانية

عجبي على قوم يظنون ان الكلدانية التي قدر الله لها ان تحيا يمكن نفيها من الوجود بتهميشها والغاءها وتجاهل حقوق الكلدان الثقافية والتاريخية ،، يتناسون عمدا ان الشعوب الحرة لا تفنيها حروب الابادة ، ولا مؤمرات اجهزت الاعلام الموجهة ضدهم ، بل تنهض الشعوب وتنتفض كلما استفزها الحدث ، وتبقى في تصاعد المقاومة بحثا عن ذاتها وتثبيت كيانها ومكتسبتها الثقافية والتاريخية ،، ليس كل مبدأ او عقيدة يطلب من الطرف الأخر الاقتناع به ،، فالمبداء الخاطىء مستبعد لاقناع الناس به ،، انهم يتجاهلون ما نص الدستور العراقي الدائم بتثبيت الهوية الكلدانية واعتبارها قومية من مكونات الشعب العراقي

كيف لنا نحن الكلدان ان نوقف مد هذا الغزو الفكري والتصدي له كل من موقعه ، واخص ، هنا بالحديث ، المثقفون الكلدان الذين يملكون السلاح الحقيقي وهو القلم ورسالته وملكته الفكرية الذي يجعلهم بسهولة ينتبهون الى وسائل هذا الغزو المتتسلل بخفاء الى العقول ، حتى يستطيع المثقفون الكلدان ان ينقذوا الغارقين وينتشلونهم من خربات الثقافات الهدامة ، يحتاج المثقفون الكلدان الى تعميق مفهوم الثقافة الأصيلة التي تقوم مبادؤها على الامتزاج بين التنظير الثقافي والتطبيق الواقعي الميداني المترجم لحقيقة حركة الثقافة الاصيلة ، ولدرء هذا الغزو عن امتنا الكلدانية الذي اعياها القمع والحرمان والتهميش ، وما عانته من ظلم واستبداد اثناء المسيرة التاريخية لبلاد الرافدين


وديع زورا
wadizora@yahoo.com
Opinions