Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الأخ ميخائيل: لغتنا هي وطننا وهويتنا الكنسية والقومية والإحتفاء بها واجب

ليون برخو/ لقد وضع المقال الأخير (رابط 1)  للكاتب والشاعر والمعلم ميخائيل ممو أبناء وبنات ومنظمات وكنائس شعبنا أمام مسؤولية مصيرية تخص وجودنا وهويتنا كنسية كانت او قومية.

وأنا شخصيا سعيد جدا أن أرى الإهتمام المتزايد بلغتنا السريانية الجميلة حيث يذكرها الكثير من كتاب شعبنا وكان الطلب بالحفاظ عليها وموروثها الليتورجي والفني والموسيقي والثقافي والإهتمام بها جزءا مهما في أغلب خطابات البهجة والسرور التي سرت في عروق شعبنا بأطيافه ومذاهبه المختلفة بمناسبة تسنم المطران لويس ساكو سدة البطريركية في كنيستنا المشرقية الكلدانية.

وبتواضع أظن يحق لي أن أقول إنني كنت من رواد تنبيه وتوعية شعبنا بأهمية اللغة وما تحمله لنا من موروث وتراث وليتورجيا وثقافة وأداب وفنون وموسيقى وتاريخ وأعلام وما زلت أطرق هذا الجانب في أغلب كتاباتي في مواقع شعبنا.

ولكن ما أتى به الزميل ميخائيل ممو يأخذنا إلى مصاف جديد لم يخطر ببالي يضم في ثناياه شيئين أساسيين على ابناء وبنات شعبنا وضعهما في عين الإعتبار ومنحهما الأهمية القصوى: الأول هو دور اللغة الأم في سلوكية الطفل والفرد والمجتمع وتنمية قابلياته الذهنية والعقلية والثاني تخصيص يوم نحتفي فيه كلنا بلغتنا السريانية التي لولاها لا وجود لنا كأمة وهوية وكنيسة مميزة ومسيحية مشرقية مجيدة وسماوية يؤطر حاضرها دماء مئات ومئات الالاف من الشهاداء. بعدها سأعرج على موقف كاتبنا وشاعرنا وصديقنا ميخائيل من لغتنا. ولكن قبل هذا وذاك دعنا نسستأنس برأي واحد من اشهر وأكثر فلاسفة الشرق تأثيرا في دنيا الفكر والشعر والأدب في الوقت الحاضر الا وهو أدونيس ورأيه في اللغة.

أدونيس واللغة

أنا لست الوحيد الذي يقول إن اللغة هي الهوية كنسية كانت او قومية. هذا المفهوم يؤكده الفلاسفة وتؤكده الكنيسة ذاتها لأن الليتورجيا جزء من الحياة المسيحية. صحيح أن الناس لا يجوز أن تبقى حبيسة الموروث اللغوي والليتورجي بيد ان كل الزعماء الحكماء، سياسيين وكنسيين، من قادة الأمم الحية والمتمدنة والمتحضرة تفتخر بهويتها كنسية كانت أوقومية وتتكىء على موروثها اللغوي وتعيد الحياة إليه كي يتنفس من جديد كما يفعل المسعفون في المريض المصاب بغيبوبة وربما هذا أفضل وصف لحالنا وكنائسنا في الوقت الراهن.

وهاكم ما قاله أدونيسن فيلسوف الشرق (رابط 2) وابرزعَلم في دنيا الشرق الأوسط يكن له العالم الغربي برمته إحتراما لا مثيل له عند سؤاله عن اي بلد يعتبره وطنا له، فأجاب:

"وطني اللغة وليس الجغرافية"

بمعنى اخر أن اللغة العربية (لغته الأم) هي ظله وحياته وهويته وتأتي قبل بيته وبلده ودينه ومذهبه ووطنه كجغرافيا.

وبالمناسبة فإن أُستاذ ومعلم أدونيس والمشرف على إطروحته "الثابت والمتحول" التي هزت أركان الثقافة والأداب بالعربية  كان عالم كلداني هو بول نويا من قرية إينشكي. وكان الأب بول نويا رئسا لدير مار كيوركيس حيث مكثتُ أربع سنوات وكان محبا للغتنا القومية وليتورجيتها وثقافتها وإرثها وأدبها وموسيقاها وفنونها حبا جما وفي عهده تعلمت أساسيات لغتنا السريانية وليتورجيتنا الكنسية بلغتها الأصلية. أضع هذه الحقيقة اولا امام كنيستي المشرقية الكلدانية وأمام رئاستها وامام إخوتي وأخواتي الكلدان.

يوم اللغة السريانية

أظن أن الغيارى على هويتهم القومية والكنسية في صفوف شعبنا لا بد وأن تلقفوا الإقتراح الذي قدمه الزميل ميخائيل وإنني لعلى ثقة ان تحديد يوم خاص للإحتفاء بلغتنا السريانية صار مسألة وقت.

ولكن رجائي الوحيد هو أن لا يتم ذلك دون دراسة مستفيضة تشترك فيها كل فئات شعبنا بمنظماتهم  وكنائسهم لا سيما زعمائنا الكنسيين وأخص بالذكر بطاركتنا.

لقد عانينا الكثير من التشرذم وذلك لأن كل واحد منا تصرف وكأنه المرجعية الوحيدة وبادر بإتخاذ قرارت على هواه دون الإكتراث بمصير وموقف المكونات المختلفة لشعب صار مستقبله على كف عفريت.

لنتخذ ولو لمرة واحدة في تاريخنا المعاصر خطوة مهمة كهذه بطريقة حضارية ونترك شأنها للعلماء  والأكاديميين والمختصين في صفوف شعبنا ونخرج بقرار تتفق الأغلبية عليه ويكون مسنودا ومدعوما من قيادتنا الكنسية.

لغتنا سريانية وليست كلدانية اوأشورية

هنا نرجع إلى ما صار يقض مضاجع شعبنا ولكنني سأبداء بزميلي ميخائيل اولا وأقول له إن كل علماء اللغات الشرقية في جامعات الدنيا بمشارقها ومغاربها – وأنت في علاقة مباشرة مع الكثير منهم بحكم موقعك – تطلق على لغتنا – وطننا وهويتنا – إسم "اللغة السريانية." وأزيد- بحكم علاقة الصداقة بيننا – لا أنا ولا أنت ولا ربما أي شخص أخر في صفوف شعبنا يحمل شهادة جامعية بمستوى دكتوراة من جامعة رصينة في هذه اللغة حيث ان حملة الشهادات الراقية فيها كلهم تقريبا من غير أبناء شعبنا. فهم عندما يطلقون عليها "السريانية" ينطلقون من موقف علمي أكاديمي رصين وإلا لسموها شيء أخر لأنهم ليسوا تحت تأثير الكنيسة الغربية الإستعمارية او الصراع المرير المستمر والمهاترات التي لا تنقطع حول  تسمياتنا ومذاهبنا المختلفة.

وهذه المسألة بالذات كانت سببا لخلاف بيني وبين زميلي ميخائيل حيث رفضت الدعوة لإلقاء محاضرة في تجمع معلمي وأساتذة اللغة السريانية في السويد لورود إسمها بطريقة لا تتفق مع ما هو دارج في الأروقة العلمية والأكاديمية.

ولكن اقول وبثقة ومن خلال ما يقع بيننا من نقاش مستمر حول شؤون شعبنا ونحن الإثنان نفديه بروحنا إنني لاحظت ان الأستاذ ميخائيل يضع وحدة ومستقبل ووجود شعبنا قبل أي شيء أخر وإن كانت مسألة هذا الإسم او ذاك عائقا امام مصير شعبنا فإنه على إستعداد لقبول ما يجمعنا ويوحدنا وليس ما يفرقنا. واللغة السريانية التي صارت واسطة التعليم في عشرات المدارس في العراق هي الإسم الرسمي في بلد الأجداد وبإتفاق الكل. إذا لنتحد نحن في الشتات مع أشقائنا وأحبائنا في أرض الأجداد وندعمهم في كل خطوة يتخذونها.

اللغة الأم والتربية

تعلّم وتدريس اللغة الأم له تاثير إيجابي كبير على مدارك الإنسان (كفرد ومجتمع) ويساهم في نموه وتطور ذهنه وعقليته ويجعل منه في المستقبل إنسانا ناضجا له إستيعاب كبيرلمجريات الحياة وفهم وإدراك مستفيض لهويته كجزء من التراث الإنساني مما يجعله يواجه الحياة ومشاكلها وهمومها بروح إيجابية  ويتعامل بصورة أكثر نضجا وعقلانية مع المحيط الذي يعيش فيه ويحل مشاكله. والتلاميذ والطلبة الذين يدرسون لغتهم الأم وإن كانوا في محيط تكون فيه لغة او لغات أخرى هي السائدة يبزون أقرانهم في التحصيل العلمي وغالبا ما ترد أسمائهم في قمة التدرج من حيث الدرجات العلمية في صفوفهم ومدارسهم. والتأثير الإيجابي هذا يتحول إلى تأثير سلبي إن فقد المرء فرصة تعلم لغته الأم.

هذه ليست نظرية ليون برخو ولا الأستاذ ميخائيل ممو. هذه نظرية إبتكرها علماء التربية وعلم النفس في السويد وبالذات أساتذة وعلماء التربية وعلم النفس في الجامعة التي أنتمي إليها. هذه الدراسات صار لها صدى في كل أنحاء العالم وإتخذتها الحكومة والبرلمان السويدي نبراسا وبنت عليها سياستها التربوية والتعليمية التي تقضي أن حق تعلم اللغة الأم لكل من يعيش في السويد حق مقدس وصارت السويد اليوم تنفق مليارات الكرونات سنويا لتدريس اللغة الأم لكل الأجانب القاطنين فيها. وبدأ العالم المتمدن يعترف بما توصل إليه علماء السويد بشأن اللغة الأم وأخذت دول كثيرة تستسنخ التجربة السويدية في النظرة والتعامل مع اللغة الأم ومع الناطقين بها او ورثتها.

أضع هذه المسألة أمام كل الذين يهمشون دوراللغة الأم (السريانية) في صفوف شعبنا لا سيما بعض رجال الدين وغيرهم من الذين يدعون علانية إلى مغادرتها او يرون أنها لا تلعب دورا رئسيا في تكوين الهوية والشخصية، أضع كل هؤلاء أمام مسؤولياتهم التاريخية لأنهم بتهميشهم للغتنا لا يهمشوننا كقوم وكنيسة فقط بل يسببون أذى فظيعا لنا من الناحية العقلية والذهنية والنفسية ويؤثرون سلبا على مستقبلنا ومستقبل أجيالنا.

رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,641086.0.html

 

رابط 2

 

http://www.alskilbieh.com/modules.php?name=Forums&file=viewtopic&t=4689

 

 

 

Opinions