الأدب السرياني / نظرة تاريخية عامة-1
الحلقة الأولى:كانت اللغة السريانية إحدى اللهجات الآرامية المُستعملة في الرها وفي مقاطعة عِسروان منذ القرن الأول قبل الميلاد . ونشطت هذه اللغة بعد اعتناق السريان للدين المسيحي نشاطاً بيناً . فأدخلت الجماعات المسيحية المنتشرة في سوريا وبلاد ما بين النهرين وفارس نوعاً من الحياة في الثقافة الأدبية ، الأمر الذي جعل الأدب السرياني يتفوق على كافة فروع الأدب الآرامي من حيث إمتداد رقعته الجغرافية وتعدد سِماته وأهميته التاريخية .وفي الطوق مُلاحظة مقدار امتداده ، من النقوش التي اكتشفت في أقصى الجنوب ، أي في الهند ( الصلبان المعروفة بالصلبان الهندية ) ، وفي أقصى الشرق ، أي في الصين ( نقوش سي نغان فو الصينية ـ السريانية المزبورة عام( 781 م ) ، وفي شمال تركستان ( نـُصُـب تذكارية في مقبرة سميربجا في كزخستان الروسية ) .
وتأثرت عملية الإبداع في الأدب السرياني بالأحداث التاريخية بالطبع . فقد أحدث الجدل اللاهوتي حول شخص السيد المسيح، في أواسط القرن الخامس الميلادي إنفصالاً بين السريان وبين مسيحيي الأمبراطورية البيزنطية والعالم الغربي الذي قبل مقررات مجمع خلقيدونية عام 451 م ، كما انقسم السريان أنفسهم إلى فرقتين : سريان غربيون ، وسريان شرقيون . ومع أن نتائج هذه الأحداث لم تكن مُفرحة بالقياس إلى تاريخ الكنيسة ، غير أنها لم تـُحدث إنحطاطاً أو تقهقراً فيما يتعلق بالإبداع الأدبي ، بل كانت ـ والحق يُقال ـ مُحفزاً لخلق مواضيع جديدة في الأدب السرياني !
وتركت الأحداث الكُبرى التي قررّت مصير مسيحيي المشرق أثرها ، هي الأخرى ، على الحياة الأدبية . فلم يأتِ الفتح العربي الذي غيّر المشهد السياسي في القرن السابع بين ليلة وضحاها ، في الغالب ، بتغيير كبير إلى حياتهم إبـّان فترة حكم الخلفاء الأمويين ( 660 ـ 750 م ) . إلاّ أن تغييرات أكثر عمقاً برزت إلى الوجود في الفترة العباسية إبتداءً بعام 750م وما بعده . ولكن ما أن شاع استعمال اللغة العربية الدارجة حتى تقلص تداول اللغة السريانية شيئاً فشيئاً . وظهر فيما بعد كتـّاب من السريان صنّفوا كتبهم بالعربية والسريانية على حدٍ سواء .ولم تكن الأحوال المُضطربة التي سبقت تدهور الخلافة العباسية في القرن العاشر مُـلائمة للإبداع الأدبي على الإطلاق .ودمّر الغزو المغولي في القرن الرابع عشر طرفاً كبيراً من مواطن السريان ، وأدبهم .
- الحلقة الثانية :(1) ترجمات الكتاب المقدس :
يظهر برهان اهتمام السريان الإستثنائي وقلقهم الشديد من أجل صيانة الكتاب المقدس ، من حقيقة أن الفرق المسيحية الأخرى ، في العصور القديمة أو الوسيطة ، ما أنتجت ترجمات كثيرة نظير ما أنتجه السريان . فعدا عن كتاب " الدياطسرون " هناك ما لا يقل عن عشر ترجمات مختلفة لكلا العهدين : القديم والجديد ، إضافة إلى هذا ، فهناك تواتر لا تسنده نصوص باقية عن ترجمة للعهد القديم أعدها الجاثليق آبا (552+).
وقادت الدراسات المعاصرة إلى كشوف جديدة في تاريخ النصوص الكتابية . ولاقت مُـلاحظة إف. بيرليس في أن الترجمة المعروفة بالترجمة " البسيطة " فشيطتا للعهد القديم لها صلة وثيقة بالترجوم ـ لاقت قبولاً حسناً عند العلامة بومشترك وسي. بيترس . فقد أبانت أبحاثهما أن الترجوم الفلسطيني القديم نُقل إلى اللغة الآرامية الشرقية . غير أن الأساس الذي أرسي عليه الترجوم أكثر سعة ممّا هو في نصوص الترجمة البسيطة بشيطتا .وقدّمت المُعطيات المكتشفة حديثاً بعداً جديداً للعلاقة القائمة بين الترجمة البسيطة والترجوم . فتُظهر المواد الجديدة أن النُسخ المُنقحة بصورة شكلية ، أو حتى غير المُنقحة إطلاقاً ، ظلت مُتداولة . ومع أن عدد تلك المخطوطات تضاعف باستمرار ، بقي أثر الترجوم الفلسطيني محسوساً في الترجمة السريانية القديمة للكتاب المقدس ، وخاصّة في أسفار موسى الخمسة وكتب الأنبياء وسفر المزامير ، لفترة طويلة قبل أن يُصار إلى إعداد الترجمة المنقحة المسماة بالترجمة " البسيطة " بشيطتا .
ودعمت أبحاث دي بويي و أي . بومشترك في العهد الجديد ، وجهة النظر القائلة أن تطيانوس ألف كتاب " الدياطسرون " بالسريانية وليس باليونانية . لذا ، كان النموذج الأقدم عهداً للأناجيل السريانية واحداً وليس أربعة أناجيل متفرّقة . وبهذا الكشف ، سُلط على تاريخ نصوص الأناجيل الأربعة نور جديد ما كان مُتوقعاً . فقد جعلت المواد المكتشفة حديثاً عن النقل السرياني للأناجيل مسألة إعادة تنظيم فهم تاريخ النص أمراً في غاية الأهمية .ولاقت قراءة " الدياطسرون " مُقاومة رسمية في فترة أكثر قدماً من فترة رابولا الرهاوي ( 435+) كما إرتأى بعضهم . وتُشير بقايا ترجمة رابولا التي ظهرت للنور أنها كانت نموذجاً لتنقيح سرياني قديم . ومع أن الترجمة البسيطة للعهد الجديد نشأت قبل زمن رابولا ، غير أنها لم ترسخ إلاّ ببطء شديد . ولم يكن نموذج النصوص السريانية القديمة نُسخة تُحفظ في خزانة كتب بل كانت نصّاً ظلّ يُمارس تأثيره لعدة قرون بعد رابولا بمُختلف الأشكال .
وسُلطت أضواء جديدة على ترجمة أعدّها توما الحرقلي (615 ـ 616م) . وقد وجد النقاش القديم ـ الذي أثير حول " ما إذا كان توما الحرقلي قد نقح ترجمة سابقة أعدّها الأسقف بوليكاربوس لفيلوكسينوس المنبجي أو أنه نقل ترجمة بوليكاربوس وأضاف عليها تحقيقات متنية مُحكمة ـ حلاً شافياً . فقد كشفت مقاطع من ترجمة بوليكاربوس استُخدِمت في الشرح الذي أعده فيلوكسينوس على إنجيل يوحنا ، أن توما الحرقلي طوّر عمل بوليكاربوس في مجال الترجمة ودفعه خطوات إلى الأمام .
الحلقة الثالثة :الترجمة السريانية للكتاب المقدس المعرو فة بالترجمة البسيطة " فشيطتا "
التسمية والمنشأ :
تـعدّ الترجمة السريانية البسيطة من أقدم ترجمات الكتاب المقدس بعد الترجمة اليونانية المعروفة " بالترجمة السبعينية " . دُعيت بالسريانية " فشيطتا " أي السهلة الميسرة ، وشاع إستعمالها منذ القرن التاسع الميلادي . ليس ثـمّة معلومات مُباشرة عن مُترجمي هذا النقل ولا عن تاريخه ، ولكن يُـظن أنه عملٌ مشترك من نتاج القرن الثاني الميلادي ، ويُـرجّح أن اليهود واليهود المتنصرين كان لهم نصيب كبير في هذه الترجمة .
ويُـلاحَظ أن هناك قرابة لغوية بين آرامية الترجوم وبين آرامية أسفار موسى . وقد أثبتَ بومشترك أن ثمّـة توافقاً مباشراً بين نصّ الآية ( تك 29 : 17 ) في الترجمة السريانية وبين نصّ " الغنيزا والترجوم الفلسطيني " .ويبدو أن أسفار موسى نشأت في منطقة اللغة الآرامية الشرقية ثُـمّ إنتشرت في حذياب الناطقة بالآرامية .
ويظهر من المخطوطات الباقية أن هناك نصين قديمين : الأول ، نقـلٌ حرفي من التوراة العبرية ، والثاني ، نصٌ قريب الشبَه من الترجوم الفلسطيني . ويُـعتبَر النقل الحرفي أكثرَ قِدمَـاً بدليل إقتباسه من قِـبَل كاتبين سريانيين من الحِقب الباكِرة هما مار أفرام وأفراهاط الحكيم الفرسي . وقد تبنت الكنيسة السريانية هذه الترجمة بعد إدخال تحسينات مهمة عليها من ناحية الأسلوب واللغة منذ القرن الخامس .
أثر الترجمة السبعينية :
تركت الترجمة " السبعينية " آثاراً متفرّقة على الترجمة السريانية البسيطة من تعديل طفيف إلى إدخال قراءات مُـتباينة وردت في الترجمة اليونانية أو أوصى بها آباء الكنيسة اليونانية،
في الفترة الأخيرة ، ذلك لجهل النسّاخ للغة العبرية .
لغة الترجمة وأسلوبها :
يبدو أن ليس ثمة تشابهاً في النقل في أسفار العهد القديم ، ويدل هذا على تنوع المترجمين .ويُـرى أن النصّ العبري الذي تفترضه الترجمة السريانية في سفري صموئيل الأول والثاني ، يتباين مع النصّ الماسوراتي الذي يُشكل أساس الترجمة اليونانية ،بينما تتفق بعض فصول الترجمة السريانية مع النصّ اللوسياني . وقد ثبت أن ترجمة سفر المزامير هي ترجمة حرفية ، ويظهر فيها أثر النقل السبعيني . أمـّا سفر الأمثال وحزقيال ، ففيهما شبه قريب من الترجوم . كما لا تتقيد أسفار إشعياء والأنبياء الصغار بترجمة حرفية ، ويُـعتبر سفر أيوب ترجمة ركيكة وغامِضة بسبب رداءة المتن وتأثره بترجمات مُـتفرقة. ويُـلاحظ أن سفر نشيد الأنشاد هو ترجمة حرفية ، وسفر راعوث إعادة سبك للمتن . وتضم فصول من سفري أخبار الأيام الأول والثاني عناصر من المِدراش .
تاريخ نصّ الترجمة السريانية البسيطة :
وقع في الربع الأول من القرن الخامس إنشقاق في الكنيسة السريانية ، فانسحب أتباع نسطور إلى بلاد الفرس ، وأسسوا مدرسة في نصيبين بعد إغلاق مدرسة الرها عام 489 م. واحتفظ فرعا الكنيسة السريانية بنصوص الترجمة السريانية البسيطة . ولم تظهر نصوص مُـتميزة سريانية شرقية وأخرى سريانية غربية إلى زمان العلامة إبن العبري (القرن الثالث عشر ) . ولم تخضع نصوص الكنيسة الشرقية إلاّ لتنقيح يسير بسبب عزلة هذه الكنيسة .
أسفار العهدين القديم والجديد القانونية :
الأسفار القانونية في هذه الترجمة تـُطابق النص العبري . ففي المخطوطات القديمة ، أهملت أسفار أخبار الأيام الأول والثاني ، وسفري عزرا ونحميا . كما أهمِل سفر إستير في مخطوطات الكنيسة الشرقية . أما الأسفار غير القانونية أو ما يـُسمى " أبوكريفا " ، فقد نقلتها أيدٍ مـُتفرقة عن اليونانية ، ولا تختلف هذه الأسفار عن الأسفار غير القانونية الموجودة في الترجمة السبعينية .
أمّـا أسفار العهد الجديد في الترجمة البسيطة فهي : الأناجيل الأربعة ، أعمال الرسل ، الرسائل الثلاث الجامعة ( رسالة يعقوب ، بطرس الأولى ، ويوحنا الأولى ) ، رسائل بولس الأربع عشرة ، وأهملت الكنيسة القديمة كلاً من رسالة بطرس الثانية ورسالة يهوذا ورؤيا يوحنا الرسول .
تنقيحات الترجمة السريانية البسيطة :
تعود أقدم نسخة منقحة من هذه الترجمة إلى فترة مئة سنة بعد زمن مار أفرام السرياني .ففي القرن الخامس إنشغل رابولا أسقف الرها بترجمة للعهد الجديد عن اليونانية ، ولا يـُعرَف إن كان هذا التنقيح قد حدث بدافع شخصي أو بإعاز من جهة مُعينة . وقد أصبح هذا المشروع أول خطوة عملية في برنامج الترجمة الفيللوكسينية . فقام فيللوكسينوس أسقف مابوغ ( 485 ـ 523 م ) بمعاونة بوليكربوس عام 508 م بإعداد ترجمة حرفية عن اليونانية لجميع أسفار الكتاب المقدس . وفي مصر ، بوشِر عام ( 616 ـ 617 م ) بعمل ترجمة على هكسابيلا أوريجانوس الإسكندري والترجمة السبعينية ، نزولاً عند رغبة البطريرك أثناسيوس الأول ( 631 م ) . ونقح توما الحرقلي ترجمة فيللوكسينوس لكتب العهد الجديد . وفي الفترة الواقعة بين عام ( 704 ـ 705 م ) شرع يعقوب الرهاوي بتنقيح نصّ الترجمة السريانية على النصوص اليونانية القديمة لضبط متونها .
مخطوطات الترجمة السريانية وطبعاتها :
توجد أقدم مخطوطة للكتاب المقدس بالسريانية في المتحف البريطاني تحت الرقم 11425 ويعود تاريخها إلى عام 464 م وتضمّ : أسفار موسى ، عدا سفر اللاويين ، وثمة مخطوطة ترتقي إلى القرن السادس تحتوي على سفر إشعياء والمزامير . ومن المخطوطات السريانية الغربية المهمة ، المخطوطة المعروفة ب " الأمبروسيانية " الموجودة في مكتبة ميلانو ، يرتقي تاريخها إلى القرنين السادس والسابع الميلادي ، وتضم كتب العهد القديم بكاملها .وقد نـُشرت الترجمة السريانية للعهد القديم عام 1645 م في كتاب باريس المتعدد اللغات للكتاب المقدس . ونـُشرت في روما عام 1852 م ، كما نشرَ الآباء الدومنيكان في الموصل ، في الفترة الواقعة بين عامي 1887 ـ 1891 م كلا العهدين : القديم والجديد ، مُعتمدين على التقليد السرياني الشرقي . وثمة طبعات مُـتفرّقة لبعض الأسفار نـُشرت في فترات متأخرة .
- الحلقة الرابعة :الشعر السرياني
كان برديصان (154ـ222م) الغنوصي واسونا ( القرن الرابع الميلادي ) من أقدم الشعراء الذين عرفهم تاريخ الأدب السرياني ولم يبقَ من مؤلفاتهما شيء يذكر . لذا تعتبر كتابات مار أفرام السرياني ( القرن الرابع الميلادي ) قمّة الأدب عند السريان ، إذ لم يتفوّق عليه كاتب آخر في هذا المضمار .
إستخدم أفرام ضربين من الشعر هما : ميمرا ومَدراشا. وقد أعِدَ الميمرا إعداداً خاصّاً ليدخل الأذن لا كأنشودة ، بل كحديثٍ موزون ، سواءً كان ذلك الحديث قصة أو ملحمة تعليمية ، وليس هذا في واقع الأمر سوى عِظة أو مقالة منظومة . أما المدراشا ، فيُعتبر أكثر إتساماً بالفن لكونه مقاطع شعرية تنشدها جوقة أو جوقتان .
ولم يفضل إلاّ اليسير من قصائد قورلونا وبالاي ( توفي بُعيد سنة 432م ) اللذين أظهرا براعة فائقة في الأوزان الشعرية . وقد وجدت بعض القصائد الرائعة المعزوة لبالاي طريقها إلى كتب السريان الطقسية . ولم تثبت صحة الكثير من الميامر المنحولة إسحق الأنطاكي ( القرن الرابع الميلادي ).
وتبوّأ يعقوب السروجي مركز الصدارة بين شعراء السريان الغربيين ، وفاق في قصائده التي تحدّث فيها عن الكنيسة والكتاب المقدس ما جاء في قصائد منسوبة إلى إسحق الأنطاكي . ولم يتفوّق أحد من الكتّاب السريان فيما بعد على شاعرية السروجي على الإطلاق !
وظهر نرساي (503م) أعظم شعراء السريانية الشرقية وصاحب الوفير من الميامر ، في بداية ظهور النسطورية . ودفع جلال أسلوبه ، وعذوبة شعره ورشاقته ، إلى تلقيبه ب " قيثارة الروح القدس " . وقد عبث الدهر بشعر كل من إليشع بر قوزباي وأبراهام دبيث ربّان وأبراهام بر قرداحى وكلهم من شعراء القرن السادس الميلادي .
ونظم كوركيس وردا وخميس بر قرداحا من شعراء القرن الثالث عشر ، وفرة من الشعر دخلت الكتب الطقسية . ونظم عبد يشوع النصيبيني ديواناً أسماه " فردوس عدن " ضمّنه خمسين قصيدة. وإليك ما نُشر من الشعر السرياني وما تُرجم منه :
* شعر بالاي : نشره كي.في. زترستين مع ترجمة ألمانية عام (1905م) .
* شعر إسحق الأنطاكي : نشره بيجان عام ( 1903م ) .
* شعر يعقوب السروجي : نشره منغانا عام( 1905م) في مُجلدين .
* شعر عبد يشوع الصوباوي : " فردوس عدن " نشره جيسموند عام ( 1888م) .
- الحلقة الخامسة :النقل من اليونانية
إبتدأ نشاط السريان الثقافي بترجمة المؤلفات اليونانية المسيحية إلى السريانية. وفي فترة قصيرة جدّاً ، نقل السريان معظم المُصنفات والوثائق اليونانية المسيحية إلى لغتهم ، وليس في مقدورنا ، في هذه العجالة أن نأتي على ذكر حتى عناوين مُقتطفات منها لوفرتها وتشعب مواضيعها . وقد وجدت الترجمة عن اليونانية ـ التي دامت قروناً وشكلت جزءاً كبيراً من حياة السريان الأدبية ـ حافزاً ذا أهمية بالغة في مدرسة الرها منذ كان قيورا رئيساً لها في صدر المئة الخامسة . ومن أشهر مُترجمي الرها : هيبا الذي غلب عليه لقب " المُترجم " ومُعاصراه : فروبا وكومي . إن مركزاً نشيطاً للعلم كالرها ، والذي بقي حتى إقفال مدرستها عام 489م ، كان دون شك ، حافزاً لمراكز ثقافية أخرى ، ولاسيما تلك التي أمّها علماء هذه المدرسة بعد رحيلهم عنها . إن عملاً كبيراً نظير هذا ،يتطلب فِرقاً عاملة ، إضافة إلى أفراد . وعُرف من المترجمين المتأخرين : بولس القالونيقي (القرن السادس ) وبولس الرهاوي ( القرن السابع ) والبطريرك أثناسيوس الثاني البلدي ، ويعقوب الرهاوي .
ويُعدّ هذا الأدب السرياني ـ اليوناني المترجم ، أحد أهم مصادر الأدب الأغريقي المسيحي الذي فقِد في لغته الأصلية . وأوضح مثل على هذا : هو أن أقدم مخطوطة سريانية محفوظة في خزانة المتحف البريطاني تحت الرقم 12150 التي ترقى إلى عام 411م . وتضم هذه المخطوطة النادرة أربعة مؤلفات كتبت أصلاً باللغة اليونانية وهي : مقالة تيطس البُصري في نقض المانوية ، ورؤيا أوسابيوس القيسري ، والاعترافات المنحولة إقليميس ، وتاريخ شهداء فلسطين لأوسابيوس . الكتاب الأول والثاني موجودان فقط باللغة السريانية ، أما الثالث ، فله ترجمة لاتينية إلى جانب ترجمته السريانية ، بينما لم يبقَ من الأخير في الأصل اليوناني إلاّ نتف قليلة جدّاً .
ونقل المترجمون السريان معظم مؤلفات أرسطو ومن سبقه من فلاسفة اليونان ، كما نقلوا أهم مصنفات قدماء الأغريق الطبية والعلمية . وشكلت هذه النقول أفضل عمل إعدادي لظهور الحضارة العربية . لقد كانت الترجمة عن السريانية إلى العربية أكثر سهولة ويسرأ من النقل المباشر عن اليونانية ، فلو أخذنا مؤلفات جالينوس وحدها ـ على سبيل المثال ـ لوجدنا أن 130 كتاباً منها نُقل إلى العربية عن السريانية ، بينما لم يُنقل له من اليونانية إلى العربية مُباشرة ، إلاّ تسعة كتب . وهكذا وجد الكثير من المؤلفات اليونانية العلمية طريقها إلى العالم الإسلامي ، عن طريق اللغة السريانية !
-الحلقة السادسة :شروح الكتاب المقدس
من أقدم نماذج التفاسير السريانية ، مقالات صنّفها أفراهاط الفارسي ، غير أن التقليد السرياني للتفاسير يبتديء بمار أفرام الذي ألف مجموعة منها . إن جلّ الشروح التي صُنفت بعد الإنشقاق العقائدي فُقِدت ولم يفضل إلاّ القليل من شروح فيلوكسينوس المنبجي على الأناجيل الأربعة .
وللكتّاب الذين تابعوا هذا النهج علاقة بشكل أو بآخر بالرها. فقد ألف يعقوب الرهاوي شروحاً وتعاليق في غاية الأهمية . وفي الجبال المحيطة بالرها ، صنّف لعازر آل قنداسا في القرن الثامن ، تفسيراً للعهد الجديد ، مُعتمِداً فيه على الشرّاح الأوائل ( أنظر مخطوطة المتحف البريطاني رقم 140683) ، وألف الراهب سويريوس عام 861م في دير القديسة بربارة ، شرحاً شامِلاً ( انظر مخطوطة الفاتيكان رقم 103 )، مُعتمِداً تفاسير وشروح مار أفرام السرياني ويعقوب الرهاوي. وجاء في أعقاب أشتات ٍمن تفاسير مُتعدّدة عبر بضعة قرون ، شروح رئيسية لكلا العهدين : القديم والجديد ، ألفها كلّ من موسى بر كيفا في القرن التاسع ، ( أنظر مخطوطة المتحف البريطاني رقم 17274، ومخطوطة أكسفرد رقم 703 ، ومخطوطة مدريد رقم 101/4 و102/4،
وديونيسيوس بر صليبي في القرن الثاني عشر . وألف العلامة ابن العبري في القرن الثالث عشر شرحاً للعهد القديم .
وضاع طرف كبير مما أنتجه السريان الشرقيون من شروحٍ وتفاسير ، ولم يبقَ من تفاسير مار أبّا ويوحنا آل ربّن وميخائيل بادوقا وحنّانا وسبر يشوع بر فولوص إلاّ شذرات مُتفرّقة . وقد قُدّمت صورة شاملة لهذه الأعمال في مُصنّف غُفل الإسم ألف في غضون المئة التاسعة ،يُعدّ سجلاً لتفاسير السريان الشرقيين المتواترة ( أنظر: مخطوطات برمنكهام ، منغانا ـ السريانية رقم 553 ومخطوطة بطريركية الكلدان في بغداد رقم 112و113 . وتُعدّ شروح يشوعداد المروزي ( القرن التاسع ) ، أفضل ما أنتجه السريان الشرقيون ، كما أنها تركت أثراً غير قليل على شروح السريان الغربيين أيضاً . وأوسع شروح يشوعداد لأسفار العهد القديم هو شرحه لسفر التكوين ، كما يُعتبر شرحه للعهد الجديد ذا قيمة أيضاً .ويُعتبر كتاب " جنة الأطاييب " ( وهو من نتاج القرن الثالث عشر ، وحسب إعتقاد جي. إم. فوستي ، من تأليف القرن العاشر ) ، مصدراً غنياً يضمّ مُلخصّاً لأقدم تواتر للتفسير . وفيما يلي قائمة تضمّ طبعات التفاسير السريانية للكتاب المقدس وبعض ترجماتها إلى اللغات الأخرى :
* أفراهاط ، تحقيق ونشر باريستو ، البترولوجيا السريانية ، المجلد الأول 1ـ2 (1894ـ1907) * يعقوب الرهاوي ، تحقيق ونشر جي.فيليبس مع ترجمة إنكليزية (1864) ؛
* شروح على العهدين القديم والجديد ، تأليف يعقوب بر صليبي ، تحقيق ونشر سيدلاجيك وشابو وفاشلادى مع ترجمة لاتينية .
* إبن العبري ، شروح على العهد القديم ، نشرها كار مع ترجمة إنكليزية (1925) ؛
* يشوعداد المروزي ، تفسير العهد القديم ، تحقيق ونشر فوستي وفان إيندىمع ترجمة فرنسية ، (1950ـ63) . وشرح على العهد الجديد تحقيق ونشر جبسن مع ترجمة إنكليزية (1911ـ16) ، أما فيما يختص بالدور الذي لعبته مدرسة نصيبين في الأدب السرياني التفسيري ، فانظر : فوبوس ، تاريخ مدرسة نصيبين ) .
- حلقة ثامنة :سير الشهداء والقديسين
تُشكل الحكايات والسير جانباً كبيراً من الإبداع الأدبي لدى السريان . وكانت عملية وضع تاريخ القديسين في قالب حكاية ، أكثر جوانب هذا الفن تحبباً إليهم . وتقود الشواهد الخطية الأكثر قِدماً ، إلى مدينة الرها ، إذ أن سير مار شربل وبار سميا اللذين إستشهدا في فترة حكم داقيوس ، وكوريا وشامونا المستشهدين أيام ديوقلطيانوس ، ألّفت في أواخر القرن الرابع ، في مدينة الرها عاصمة الأباجرة . وجاء في أعقاب هذه النصوص ، حلقات طويلة من وثائق مُتشابهة ، ترصدُ أعمال الشهداء في بلاد الفرس أيام حكم الملك شابور الثاني ، في القرن الرابع . ونما هذا التراث بما أضيف إليه من أخبار ضحايا الإضطهادات المُتأخرة . وبين هذه الأعمال مجموعة كبيرة تضمّ أخبار الحقبة الممتدة من حكم شابور الثاني إلى بهرام ، وتنتهي بخاتمة تصِف بنية هذا المصدر القديم وامتداده ، ويُشير الدليل الداخلي إلى أنه صُنف قبيل عام 399م . وقد عزي هذا العمل إلى ماروثا أسقف ميافارقين ( يسميها السريان مدينة الشهداء ) . وثمة مجموعات أخرى مُتأخرة بعض الشيء .
ولما خمدت الإضطهادات ، وجدت القصة السريانية موضوعها في سير النساك والرهبان والقديسين . فقد شعر تلاميذ الرهبان ومريدوهم ، على وجه الخصوص ، بضرورة تبجيل معلميهم المتزهدين ، عن طريق تقريظهم وتدوين سير حياتهم . وحفز التذكار السنوي في الأديرة ، هذا الصنف من الإنتاج الأدبي .ويُعتبر بعض هذه السير ، بخاصة ، مصدراً تاريخياً ثميناً . ومن أقدم هذه النماذج عند السريان الغربيين :سيرة حياة رابولا مطران الرها (435+) ، التي ألفها أحد كهنته بعد فترة قصيرة من وفاته .
وكتب سيرة حياة يوحنا بار كورسوس ، (المتوفى عام 538م ) تلميذه إيليا بُعيدَ سنة 542م . أما قصة حياة يوحنا بار أفتونيا مؤسس دير قنشرين ( المتوفى 527م ) ، فهي من تصنيف تلميذٍ مغمور الإسم . وألف سيرة حياة ماروثا مطران تكريت ، خلفه دنحا ( المتوفى عام 660م ) . ويُعتبر كتاب سير الشهداء الشرقيين ، الذي دبجته يراعة يوحنا الأسيوي أسقف إفسس بُعيد سنة 556م ، مؤرّخاً فيه للأديرة القريبة من آمد ( ديار بكر اليوم ) ونزلائها من الرهبان والنسّاك والمتوحدين ، يُعتبر مصدراً نفيساً .
وبين أبرز نماذج هذا الأدب عند السريان الشرقيين : سيرة حياة الجاثليق أبّا ، ألفها مُعجَب مغمور الإسم . وصنّف قصة حياة الجاثليق سبريشوع الأوّل (604م +) راهب يُدعى بطرس . وكتب الربّان شمعون سيرة حياة شاملة لهرمزد مؤسس ديرٍ ما يزال قائماً حتى اليوم بجوار قرية ألقوش . وصنّف يشوعياب الثالث الذي أصبح جاثليقاً فيما بعد ، قصة يشوع سبرن الذي استشهد عام 620م . وكان من بين أشهر الكتّاب الذين أنشأوا هذا النوع من الأدب ، باباي الكبير ( المتوفى عام 627م) رئيس دير إزلا الذي ضمّ إنتاجه الأدبي جزءاً كبيراً من هذه الأعمال . ولم يبقَ من نماذج سير الشهداء غير قصّة حياة الراهب الشهيد كوركيس (612م+) والشهيدة كرستينا . ويغلب على الظن أن نماذج وفيرة من مثل هذا الأدب الذي ضمّ طائفة من الأعمال ذات المُحتوى الأسطوري المحض ، كان قيد التداول عصرئذٍ . وفضل قدر وفير من وثائق حاول كتّابها ـ بين مختلف درجات النجاح ـ وضع أوّل محاولة تقريظ لهم في قالبٍ من التاريخ ، سواء كان ذلك التاريخ دينياً أو مدنياً .
ويضمّ ما نُشر وتُرجم من هذا اللون من الأدب :
1. مجموعة أعمال شهداء بلاد الفرس المنحولة ماروثا .نشرها بيجان عام 1890ـ 1897 .
2. سيرة حياة رابولا. نشرها جي.جي. أوفربيك في :S. Ephraemi Syri, etc., Opera Selecta (1897-1890) وترجمها جي. بيكل إلى الألمانية ونشرها في :
(Bibliothek der Kichenvater no. 103- 104 (1874 .
3. سيرة حياة يوحنا بار كرسوس تصنيف إيليا .
نشرها بروكس مع ترجمة لاتينية في :(Csco Syr. III 25 ( 1907 .
4. سيرة يوحنا بار أفتونيا تصنيف كاتب مغمور الإسم
نشرها إف . نو مع ترجمة فرنسية عام (1902) .
5. سيرة حياة ماروثا تصنيف دنحا
نشرها إف نو مع ترجمة فرنسية عام (1905) .
6. سيرة حياة مار أبـّا وسبر يشوع الأول
نشرها بيجان عام (1895) .
7. سيرة حياة هرمزد تصنيف شمعون
نشرها بدج مع ترجمة إنكليزية عام (1894ـ 1902) .
8. سيرة حياة يشوع سبرن تصنيف يشوعيب الثالث
نشرها الأب شابو عام 1897 .
9. سيرة حياة كوركيس وكرستينا تصنيف باباي
نشرها بيجان عام 1894ـ 1895 .
- حلقة تاسعة:الأعمال التاريخية
ظهرت في الأدب السرياني سلسلة من تواريخ نفيسة مدونة باللغة السريانية الآرامية ، تُشكل في الغالب الأعم ، تواريخ حولية ، تُعتبر من أنفس التواريخ قيمة ، إذ تُزود الباحث بمصادر ثمينة تتناول الناحية السياسية والإجتماعية والإقتصادية في الشرق الأوسط . وتُغطي الفترة الممتدة بين القرنين الرابع والرابع عشر الميلادي . ولا يُعوز هذه التواريخ الحولية النظرة الثاقبة والتمحيص الدقيق ، كما لا تخلو من التحقيق والتعليل وبُعد النظر . وهي فوق هذا ، موثوقة المصادر ، أمينة إلى أبعد حدود الأمانة والرصانة ، وإليك طرف منها :
تاريخ يشوع العمودي :
من أقدم التصانيف التاريخية باللغة السريانية ، تاريخ يشوع العمودي الذي ألفه في مدينة الرها الواقعة في بلاد ما بين النهرين ،راهب مغمور الإسم حوالي عام (507م.). وقد وصف فيه الأحداث التي وقعت في الرها وآمد وبلاد ما بين النهرين في الفترة الواقعة بين عامي 495 و 507م . ويعود الفضل في بقاء هذا التاريخ الثمين إلى حقيقة أنه أدمج في فترة لاحقة بمصنّف تاريخي آخر نُحِل ديونيسيوس التلمحري .
تاريخ الرها :
ويُعد تاريخ الرها الذي صُنّف في القرن السادس ، من المصادر الثمينة وإن كان محدود الرقعة . ويضمّ الكتاب تاريخ الفترة الممتدة من سنة 132ق.م. وحتى سنة 540م ،ومع أنه مختصر شديد الإختصار في أوائله ، غير أنه وافٍ في أواخره . وقد قام الأستاذ الدكتور يوسف متي إسحق بنقله إلى العربية وعلّق حواشيه وقدم له في طبعة أنيقة في السويد . وتُعتبر التواريخ المؤلفة في القرون اللاحقة ذات أهمية بالغة بسبب غنى المعلومات التي تنطوي عليها .
تاريخ يوحنا الأفسسي :
ألف يوحنا الأفسسي ( الأسيوي ) في أخريات حياته تاريخاً كنسياً يقع في ثلاثة أجزاءٍ ، لم يبقَ منه إل الجزء الثالث الذي يضمّ تاريخ الأحداث الممتدة بين عامي 572 و585م. يُغطي القسم الأول الحقبة الممتدة من نهاية القرن الأول قبل الميلاد وإلى سنة 449م ، يُضاف إليها الفترة الممتدة من يوليوس قيصر إلى الملك قسطنطين . أما الثاني : فيمتد من سنة 449 وإلى 571 م . وثمّة مقتطفات طويلة إلى حدٍ ما ، تضم قوائم بأسماء الأباطرة ، جاءت في مخطوطة لندن رقم 14650 من سنة 874ـ 875م ، نشرها لاند في القصص السرياني . والقسم الأخير يغطي الفترة من سنة 571 إلى سنة 585م ، وهو محفوظ كاملاً على وجه التقريب في مخطوطة لندن من القرن السابع ، (أنظر مخطوطة لندن رقم 14640 ) .
تاريخ زكريا الفصيح :
يضم هذا المصنّف المجهول الإسم والمنسوب الى زكريا الفصيح ، بين الكتابين الثالث والسادس ، ترجمة لمؤلف كتبه باليونانية ، رجل يُدعى زكريا الفصيح . أما الكتاب الأول والثاني والسابع حتى الكتاب الثاني عشر ، فهي من تأليف راهب من مدينة آمد.
تاريخ يعقوب الرهاوي :
من أهم المؤلفات التاريخية الباكرة تاريخان صُنّفا في الحقبة الإسلامية ، ألف أولهما يعقوب الرهاوي ، وقد حُفظ جزء منه الى الآن ، وثانيهما تاريخ مجهول المؤلف ، كتب في دير زوقنين حوالي عام 775م، نسبه السمعاني خطاً إلى ديونيسيوس التلمحري بطريرك أنطاكية .
تاريخ ديونيسيوس التلمحري :
ألف ديونيسيوس المذكور سابقاً تاريخاً يقع في ستة عشر كتاباً ، يضم الأخبار الواقعة بين عامي 582 و840 م لم يفضل منها إلاّ النزر اليسير . ولكن حُفظ هذا التاريخ ـ على أية حالٍ ـ في مُصنفين كبيرين يُعدّان قِمّة العمل التاريخي التقليدي لدى السريان الغربيين أولهما :
تاريخ ميخائيل الكبير
هذا التاريخ الفخم يقع في واحدٍ وعشرين جزءاً ، وكان ألفه البطريرك ميخائيل الأول توفي عام 1199م . ويضم هذا الكتاب : التاريخ الكنسي والمدني وأحداثاً أخرى مُرتبة في ثلاثة أعمدة مُتقابلة تنتهي عام 1195م . ويُعتبر تاريخ ميخائيل الذي تأثر الى حدٍ بعيد بمُصنّف يعقوب الرهاوي ، ذا قيمة كبرى لأنه يحتوي بين دفتيه على الكثير من مصادر تاريخية واقتباسات من وثائق عديدة ، كما يُعتبر كنزاً ثميناُ لوثائق مفقودة الآن .
تاريخ الرهاوي المجهول :
وصُنّف تاريخ آخر مجهول المؤلف في فترة لاحقة، مستقل عن تاريخ ميخائيل يضم التاريخين : المدني والكنسي معاً . وقد إعتمد المؤلف في القسم الثاني من هذا التاريخ على مُصنّف ديونيسيوس التلمحري ، وأنجز العمل حوالى سنة 1233 و1234م .
وثاني التاريخين :
تاريخ ابن العبري :
صنّف إبن العبري عدداً من التواريخ، من بينها : التاريخ الكنسي وتاريخ الأزمنة الذي يُعتبر في الحقيقة تاريخ العالم . أما مؤلفه الموسوم ب " مختصر تاريخ الدول " فيُعد جزءاً من الأدب العربي .
تاريخ أربيل :
ليس في الأدب السرياني الشرقي ما يُضارع هذا الثراء في الأدب التاريخي . ويُعد تاريخ مشيحزخا المدون في الفترة الواقعة بين عامي 540م و551م والمعروف بتاريخ أربيل ، من أقدم تواريخهم ، إن المعلومات التي يُقدمها هذا التاريخ عن أقدم حقبة لنشوء المسيحية في منطقة حذياب مقتبسة من تاريخ مفقودٍ يعود إلى فترة باكرة ، ألفه رجل يُدعى هابيل ، في أواسط القرن الخامس للميلاد .
تاريخ كرخ سلوق :
وثمة تاريخ مشابه ل " تاريخ حذياب " هو تاريخ بيث كرماي ويُعرف بتاريخ مدينة كرخ سلوق وشهدائها ، وهو تاريخ مجهول المؤلف يُؤرخ للمدينة وأساقفتها وشهدائها في فترة حكم الملك يزدجرد الثاني ، ويعود تنقيحه الأخير إلى القرن السادس للميلاد ، بينما صُنف الأصل في فترة سابقة .
تاريخ بر حذبشابا عربايا :
أمّا تاريخ بر حذبشابا عربايا الكنسي ، فينتمي إلى بداية القرن السابع . ولم يُنقح في الحقبة الإسلامية إلا القليل من الكتابات التاريخية . وإن الكتاب الموسوم " قصص مختلفة من تاريخ الكنيسة والعالم " والذي صنفه راهب مجهول الإسم ، يتناول وصف الأحداث الواقعة بين عام 590م و680م ويزود القارئ بمعلومات وفيرة عن فترة حكم الأسرة الساسانية . وقد إعتمد مؤلفه أعمالاً تاريخية سابقة .
تاريخ بر فنكايى :
كان يوحنا راهباً من دير مار يوحنان في منطقة الكومل . عاش في نهاية القرن السابع ، وألف كتاباً سنة 680م في تاريخ العالم نحا فيه منحىً لاهوتياً أسماه " كثاوا دريش ميللى" ضم 15 موضوعاً ، وجهه إلى رجل يُدعى هابيل .
تاريخ إيليا بر شينايا :
ويُعتبر تاريخ إيليا بر شينايا المؤلف عام 1019م ـ وهو آخر عملٍ تاريخي لدى السريان المشارقة ـ مصدراً مهماً إذ يحتوي عدداً وافراً من جداول تاريخية وقوائم بأسماء البطاركة .
تاريخ الأديرة :
وقد إستطاع السريان الشرقيون سدّ النقص الحاصل في هذا المجال بضروبٍ من ميولهم التاريخية التي لا يُمكن أن تُضارع في أدب السريان الغربيين .ومن ابرز هذه الفروع وبخاصّة ، هو ما أنجبته رغبتهم في تاريخ المدارس .
ولم يبقَ من التصانيف الوفيرة التي كرسّها الكتّاب للثقافة والتي كانت بدورها تُقدم فكرة واضحة عن هذا اللون من الأدب ، إلا مؤلف واحد صنّفه بر حذبشابا الحلواني في القرن السادس .
فهرس عبديشوع الصوباوي :
وامتدّت رغبة السريان المشارقة التاريخية لتشمل تاريخ الأدب ، ويُعتَبر فهرس عبديشوع بر بريخا ، مصدراً فائق الأهمية للمعلومات عن كتّاب السريان ومؤلفاتهم .وتُقدّم المؤلفات المدونة عن تاريخ الأديرة التي لا نجد لها مثيلاً في أدب السريان الغربيين ، دليلاً مُكملاً للدراسة .
كتاب الرؤساء للمرجي :
في عام 840م ألف توما المرجي " كتاب الرؤساء " وهو تاريخ ديره المعروف ب " دير بيث عابى " .
وفي هذه الفترة بالذات ، ألف يشوعدناح البصري ـ الذي ضاع تاريخه الكنسي ـ كتاباً عن مؤسسي الأديرة والمؤلفين من النساك .
ومن بين ما تُرجم ونُشر من المؤلفات التاريخية لدى السريان :
1ـ تاريخ يشوع العمودي ، نشره وليم رايت مع ترجمة إنكليزية عام (1882م) .
2ـ تاريخ الرها ، نشره إغناطيوس غويدي مع ترجمة لاتينية عام (1904م) .ونشره مترجماً إلى العربية : الدكتور يوسف متي إسحق عام (2003م) في السويد .
3ـ تاريخ يوحنا الأسيوي الكنسي ، نشره بروكس مترجماً إلى اللاتينية عام (1935/36) .
4ـ تاريخ زكريا الفصيح ، نشره بروكس مع ترجمة لاتينية عام 1919/24م .
5ـ تاريخ يعقوب الرهاوي ، نشره بروكس مع ترجمة لاتينية عام 1904/1907م .
6ـ الجزء الرابع من التاريخ المنحول ديونيسيوس التلمحري ، نشره الأب شابو مع ترجمة فرنسية عام 1895م ، ونقله الدكتور يوسف متي إسحق الى العربية كجزء من رسالته لنيل درجة دكتور في الآداب السامية عام 1979م .
7ـ تاريخ ميخائيل الأول ، نشره الأب شابو مع ترجمة فرنسية في أربعة أجزاء عام 1899 م/1924م .
8ـ تاريخ إبن العبري الكنسي ، نشره أبيلوس ولامي مع ترجمة لاتينية بثلاثة أجزاء عام
77/78 م إضافة الى كرونوغرافيا نشرها بيجان عام 1890م .
9ـ تاريخ أربيل ، نشره منغانا مع ترجمة فرنسية عام 1907/1908م .
10ـ تاريخ كرخ سلوق وشهدائها ، نشره بيجان عام 1891م .
11ـ تاريخ برحذبشابا عربايا الكنسي ، نشره فرنسوا نو مع ترجمة فرنسية عام 1913/32م .
12ـ تاريخ يوحنا بر فنكايى ، نشره منغانا مع ترجمة فرنسية عام 1907/1908م .
13ـ تاريخ إيليا بر شينايا ، نشره بروكس بمعاونة الأب شابو مع ترجمة لاتينية عام
1909/1910 م .
14ـ العمل الأدبي تأليف بر حذبشابا الحلواني ، نشره أداي شير مع ترجمة فرنسية عام 1907م .
15ـ تاريخ يشوعدناح البصري ، نشره الأب شابو عام 1896م .
16ـ جدول عبديشوع ، نشره فوبوس مع ترجمة لاتينية عام 1966م .
إعداد الدكتور يوسف متي إسحق / السويد