الأستاذ حبيب تومي والإصرار على الباطل
مقدمة
وأخيرا ظهر الحق رغم الإصرار على الدفاع عن الباطل. هذا ما خطر ببالي وأن أنهي قراءة أخر مقال للأخ حبيب تومي (رابط 1) الذي يتناول فيه ستة محاور أساسية.
فأولا يخصص الكاتب جزءا من المقال لنظرته الخاصة لما يجب ان تكون عليه الهوية الكلدانية. ثانيا يعرج على مسائل ومواقف شخصية تقع ضمن خانة مديح الذات. ثالثا يذكر ماضيه لا سيما كونه حارب في صفوف البيشمركة. رابعا يؤكد على إدعائه السابق أن بإمكانه خدمة شعبنا (بتسمياته المختلفة) وذلك بمساعدته على إعادة ما إغتصبه الأكراد منا من أراض وقرى. خامسا يذكربعض الشؤون العائلية. وسادسا وأخيرا يدافع بإصرار عن الجامعات المفتوحة لا سيما التي يديرها بعض الأساتذة العراقيين في الخارج، بمعنى أخر يدافع عن شهادة الدكتوراة المزعومة التي منحتها له إحدى هذه الكيانات.
المغزى
شخصيا لم أتمكن من إيجاد أي رابط منطقي بين النقاط الستة أعلاه. ولكن يبدو ان الكاتب لملمها في محاولة قد تكون أخيرة لإقناع القراء أن لا غبار على الجامعات المفتوحة التي نحن بصددها وعليه لا غبار على شهادته المزعومة. وفي هذا المقال سأتناول اولا النقطة السادسة من ثم أعرج على نقاط أخرى أيضا. وقد يقول بعض القراء الكرام "كفى. لقد فهمنا كل شيء ويزيد." ولكن أستميحهم عذرا لأن ما ذكره الأخ حبيب من مسائل لا يجب أن تمر مرور الكرام لأنها تلحق ضررا فادحا ليس بشعبنا فقط بل بمكانة العلم والأكاديميا وهي بمثابة مغالطات تنتهك اساسيات العلم والمعرفة.
مغالطات
يريدنا السيد حبيب تومي ان نغير مفاهيم العلم حيث يقحم نفسه في حقل ما زال عصيا ليس على الأكاديميين والعلماء بل حتى على الفلاسفة وهي مسألة الفروقات بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية والعلوم الصرفة. العلوم تختلف عن بعضها ليس في رصانتها البحثية والعلمية ولكن من حيث حقيقتها الإجتماعية فقط حيث يقول بعض الفلاسفة إن العلوم الإنسانية تقع في باب الذاتية اما العلوم الطبيعية فتقع في باب الموضوعية. ولكن هناك من الفلاسفة والعلماء من ينكر إلصاق "الذاتية" بالعلوم الإنسانية ويقول إن دراساتها وشهاداتها لها من الموضوعية ما للعلوم الأخرى.
إذا الفرق فلسفي وليس عملي وعلمي من حيث مقاعد الدراسة والمختبرات والتجارب العلمية كما يدعي السيد حبيب تومي. اليوم نحن نستخدم المختبرات العلمية في علوم اللغة والإنثربولوجيا والجغرافيا والأثار والتاريخ لا بل أن الكثير مما تستخدمه هذه العلوم الإنسانية وغيرها مثل علوم النفس قد يصل من حيث المختبرات والتطبيقات ما لدى العلوم الطبيعية. وحتى في الإعلام اليوم نطبق الأسس النظرية والعلمية والمختبراتية التي تطبق في العلوم الطبيعية أما اللغة فإننا نتحدث اليوم عن (كومبيتيشنال لنكويستكس وارتفيشل إنتليجنز) ولا يسع المجال لشرحها هنا. وكي أزيد قرائي تنويرا أحيلهم إلى جامعة هارفرد الأمريكية الشهيرة حيث يعمل علماء اللغة والإعلام والجغرافيا وغيرها من العلوم الإنسانية ضمن معهد ماساشوست للتكنولوجيا. إذا لا فرق أبدا بين العلوم من حيث الرصانة العلمية ومن حيث التطبيق للأساليب النظرية والمختبرات والتجارب العلمية. والميزة الأخرى التي ظهرت مؤخرا هي تداخل العلوم بكافة أصنافها. فطالب الطب مثلا قد يدرس اليوم علوم تحليل الخطاب (اللغة) وطالب الجغرافيا يدرس الكثير من المناهج المعتمدة في العلوم الطبيعية وطالب الأثار واللغة مثلا يدرس الإحصاء وغيره من الشؤون العلمية الصرفة.
ما أتي به كاتب المقال هراء وباطل من الناحية العلمية والأكاديمية. هذا غير مقبول ويمثل إستهانة بأبسط المبادىء العلمية في الوقت الحاضر . وأستميح صاحبه عذرا ولكن أقول إن حامل شهادة الدكتوراة من أي جامعة رصينة معتمدة لما كان قال ما قاله لأن مسائل علمية كهذه تدرس ضمن المناهج الأساسية وهناك كتب علمية معتمدة تدرس تقريبا في كافة الجامعات عن الحقيقة الإجتماعية وفسلفة العلم.
أليس هذا كافيا ان نطلق على هذه الكيانات الهزيلة "جامعات سوق مريدي وجامعات الواقواق" وعلى شهاداتها شهادات سوق مريدي؟
مطب بعد مطب
و المطب الأخر هو قوله إن الجامعات في الغرب لا تعترف بشهادات الجامعات العراقية العريقة. هذا قول باطل وهراء أيضا. إن الجامعات في الغرب ومنها الدول الإسكندنافية تعترف بالشهادة العراقية ولكن بعد إستفحال ظاهرة سوق مريدي وظاهرة الواقواق إتخذت الجامعات الغربية ووزارات التعليم العالي فيها إحتياطات كي تميز الشهادة المزورة مثل التي تمنحها الجامعات المفتوحة التي نحن بصددها والشهادات المعتمدة. وهذا حق.
وأنا شخصيا أتعامل بهذا الموضوع ولم يحدث أن رفضت السويد مثلا الإعتراف بشهادة عليا مصدقة ومعتمدة من جامعة عراقية عريقة. وهناك الالاف من العراقيين يعملون في السويد إستنادا إلى شهاداتهم العراقية. في جامعتنا هناك ثلاثة عراقيين واحد منهم رئس قسم الإحصاء والأخر مدير مركز أبحاث والأخر أستاذ في الهندسة كلهم إستندوا إلى شهاداتهم العراقية عند التعين.
المسألة ليست كما يريدها الأخ حبيب تومي ولا يجوز على الإطلاق أن نقارن بين شهادة صادرة من جامعة أكاديمية وعلمية معتمدة وجامعة غير معتمدة. المسألة هي وجود إختلافات في سوق العمل وأيضا مسألة العرض والطلب. الذي يحصل على شهادة الدكتوراة من جامعة عراقية لغة التدريس فيها العربية لا يستطيع العمل في بلد لغته السويدية مثلا. عليه إتقان اللغة الوطنية كشرط أساسي للعمل ومن ثم البرهنة ان الباحث لم ينقطع عن مسيرة العلم والأكاديميا من خلال أبحاثه وأطروحته.
التغني بالبطولات
وليتسع صدر الأخ حبيب بتذكيره أن التغني ببطولات من خلال المقالات شيء والعمل شيء أخر. فمن حقنا كابناء شعب واحد أن نتسأل كيف نصدقك وقولك أنه بإمكانك إعادة الأراضي التي إغتصبها الأكراد منا نظرا لمكانتك،كما تدعي، لدى السلطات الكردية وأنت لم تحرك ساكنا عندما تواطأت هذ السلطات مع الأسلاميين من الأكراد وحرقت ممتلكات ابناء شعبنا وروعتهم وأخيرا وفي تواطىء واضح لم تعاقب المسيئين والأنكى أنها لم تعوض المتضررين من أبناء شعبنا بطريقة منصفة؟ اليس من حقنا ان نسأل: أين كنت وأين أنت؟ أليس أغلب الذين وقع الظلم الكردي عليهم كلدان – من أبناء جلدتي وجلدتك؟
ولكن أستحلفك بالله ماذ كنت ستفعل وكم من المقالات كنت ستجتر وعبارت مثل سلب الحقوق والتهميش والشوفينية والإقصاء وغفلة من الزمن وإحتكار السلطة والمال والمنصب وغيرها كثير الذي قلما يخلو مقال لك منه لو ان – لا سامح الله –الذين إضطهدوا شعبنا في هذه الحادثة المؤلمة التي أقصمت ظهرنا كانوا من أشقائنا الأشوريين ؟ ليس الأشوريون فقط بل حتى نحن الكلدان الذين نختلف عنك توجها – لأننا نؤمن أننا شعب واحد لنا تراث وتاريخ ولغة وطقس وإرث ودين واحد – لا نسلم من قلمك ونحن لم نغتصب اراض شعبنا ولم نحرق دكاكينه او نروع أطفاله او نحرق كتبه وكنائسه ونقتل رجال دينه وننتف لحاهم ونطبق عليهم محاكم التفتيش كما حدث لملايين الكلدان من أبناء جلدتك وجلدتي لا سيما في الهند. إن قَتَلنا وذبَحنا وأحرقنا الغرباء إن كانوا أكرادا او غيرهم أمر مقبول لديك ولكن المكون الأشوري من أبناء شعبنا الذي نحن ومعه ومع أشقائنا السريان نشكل بودقة واحدة يستحقون كل العبارات السلبية التي تستخدمها رغم ان وجودنا جميعا بأسمائنا المختلفة على كف عفريت اليوم.
أين الشخصنة؟
ليس هناك شخصنة في الموضوع، كما يدعي الأخ حبيب. المشكلة لا تتعلق بشخص السيد حبيب وهو زميل عزيز. المشكلة هي الإصرار على الخطأ والباطل من قبله. هذا ما يدعونا إلى الرد وتوضيح بعض الأمور لشعبنا كي لا يتم إختطافه من قبل من لا إختصاص له. نحن كلنا كأبناء لشعب واحد علينا العمل كي نحافظ على وجودنا الذي صار على المحك – هذا الوجود اليوم لا يتحمل أي خطأ او نكسة لأنها ستؤدي إلى هلاكنا كشعب وأمة. ووجود شهادات مزورة في صفوفنا ونحن شعب صغير أمر خطير للغاية.
والمشكلة الثانية أيضا تتعلق بالضجيج الذي أثير حول شهادته المزعومة والمفارقات والمغالطات التي أعقبتها لا سيما فيما يخص اسماء المشرفين والمناقشين المزعومين والأطروحة المزعومة وغيرها من الأمورحيث لا هو يريد ان يقول لنا شيء عنها ولا المشرفون والمناقشون على إستعداد لتبنيه علانية بينما كل مشرف ومناقش يفتخر بطالبه والأطروحة التي قدمها وكذلك يفعل الطالب.
وأخيرا
ونحن في غضم الرد والرد المضاد دعني أختم هذا المقال لتوضيح مسألة مهمة يذكرها الأخ سيزار في مقاله الأخير (رابط 2 ) حيث يرد إسم جامعة مفتوحة في هولندا يديرها أستاذ عراقي. أخي سيزار هذه الجامعة حالها حال الجامعات المفتوحة الأخرى إن كانت من طائفة سوق مريدي او طائفة الواقواق. النصب والإحتيال ديدن هذه الكيانات. وأنت تعيش في الغرب وتعلم ان مسألة التسجيل لا سيما لدى الغرف التجارية او مصلحة الضرائب لا بد منها للحصول على عنوان وإلا كيف تعمل. ومسألة التسجيل بإستطاعة أي واحد منا القيام بها في الغرب من خلال الكمبيوتر وبدقائق. أي بإمكان أي واحد أن يسجل شركة او منظمة وتسميتها ما يشأ من خلال الإنترنت. ولكن يظن بعض الناس ان ذكر مسائل مثل " مسجلة في غرفة تجارة هولندا" قد تنطلي على البسطاء من الناس وهي كذلك وإلا لما دافع أي خريج من هذه الكيانات الهزيلة عنها او عن الشهادة التي تمنحها.
هل تعلم أخي سيزار ان عربة لبيع الطرشي ودكان لبيع الدوندرمة او السيكاير او المشروبات او النقانق يجب أن يكون مسجلا إما في غرفة التجارة او في مصلحة الضرائب في الغرب؟ واللبيب بالإشارة يفهم.
أختلف مع الأخ سيزار في نقطة واحدة. هذه الكيانات غير المعتمدة علميا وأكاديميا لا يجوز حتى مقارنتها بمطاعم الوجبات السريعة. مطاعم الوجبات السريعة لا تخدع الناس ولا تحتال او تنصب عليهم. نحن نتحدث عن "مطاعم" تتعامل بالسموم ووجباتها سم زعاف ولكن مع الأسف الشديد هناك من يتجرع هذا السم برحابة صدر ويصر أن ما تجرعه لبن وعسل.
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,631107.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,631337.0.html
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد