الأستبداد يحتضر في امة العرب
هكذا انفجر الإعصار الجماهيري واسقط بدون أسلحة وفي زمن قياسي اعتى الدكتاتوريات في منطقتنا العربية والشرق الأوسط وفي مقدمتهم نظام حسني اللامبارك وبن علي وآخرين سيسقطون في ذات الطريقة وفي مقدمتهم العقيدين علي عبدالله صالح في اليمن ومعمر القذافي الذي جاءه الدور مثل كل دكتاتور كما تقول هتافات الثائرين الغاضبين .لم تنفع الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي وحتى الأسلحة الثقيلة في سحب إرادة الشعوب وتضحياتها لصنع حياة حرة كريمة ومعاقبة الطغاة على ما اقترفوه من ظلم وفساد استمر لعقود طويلة دون إن تجد الجماهير إذننا تصغي لسماع أنينهم ومعاناتهم وتنفيذ ابسط مطالبهم في الحياة وهي في كل الأحوال لا ترتقي إلى ابسط الحقوق التي تتمتع بها الحيوانات في الغرب .
وليس عجيبا إن نجد هؤلاء الجبابرة يستخدمون كل وسائل البطش والخارجين عن القانون لؤد وقمع الانتفاضة ويستخدمون التضليل السياسي والإعلامي لخداع الجماهير ويتظاهرون بالقوة ثم نرى انهيارهم المفاجئ بمجرد إن يزحف المحتجين لمقراتهم وقصورهم العامرة بالظلم والجهل والبطش .
إن ما يحدث في شرق وغرب الوطن العربي ابتداء من الشرارة التونسية ومرورا بالثورة المصرية والانتفاضة المستمرة في اليمن والبحرين واخرا وليس أخيرا ليبيا تعد انتقاله نوعية في تاريخ البشرية وستكتب بأحرف من نور في التاريخ المعاصر لان هذه الثورات ستغير خارطة المنطقة ولا تقل أهمية عن الثورتين الروسية والفرنسية بل إن روحها ستمتد وتصل إلى كل مدن العالم شرقية أو غربية .
إن هذه الدروس التي يعي حكمتها حتى الحجر الأصم تعد الفرصة الأخيرة لكل الحكام الطغاة والمستبدين ومهما تكون هويتهم وجنسيتهم بالتنازل عن عروشهم إلى سلطة جديدة هي سلطة الجماهير وعليهم إن يدركون إن الذي سقط ليس رؤساء الأنظمة فحسب وإنما الأنظمة بكاملها وبكل تفاصيلها السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية .
ولعل أجمل نتائج هذه الثورات يتمثل في تفجير روح الأمل والإرادة والقوة في أعماق المستضعفين والمحرومين الذين في كل بقاع العالم وكذلك تعميق روح الخوف والفزع في نفوس كل المتسلطين أو الذين جمعوا الثروات من السحت الحرام وكانوا يتولون ويتصدرون المجالس والمناصب بدون كفاءة أو نزاهة .
هكذا التاريخ يعيد تشكيل المعادلة ويعيد وضع الهرم إلى وضعه الصحيح لتكون الجماهير في القمة ويكون الحكام في الدرك الأسفل في الحضيض ومزبلة التاريخ .
firashamdani@yahoo.com