الأعلام من أهم الركائز الأساسية لبناء المجتمعات
مما لاشك فيه أن الأعلام بمختلف وسائله يعد من أهم الركائز الأساسية والمهمة لبناء المجتمعات فكريا وأخلاقيا وعقائديا لما لهُ من تأثير مباشر وحقيقي على صقل وتهيئة وأعداد شخصية الفرد وذلك من خلال الخطاب الموجه إليه أو المادة التي تطرح بين يديه أوعلى مسامعه .الكلمة والصورة لها وقعها على أذن ونظر المستمع والمشاهد ولها مردودها الأيجابي أو السلبي على نفس وروح وعقل وفكر المتلقي .
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن شريحة واسعة جدا من عموم المجتمعات المتمدنة أو غير المتمدنة منها تقع تحت تأثير سايكولوجي وبشكل يبدو لاأرادي على تغير مجموعة الأفكار والأيدلوجيات التي نشأ ودرج عليها الأنسان خصوصا بما يتعلق بالممارسات والسلوك العقائدي والعرف الأجتماعي لبيئته .
ما أود الأشارة إليه أن الوسائل الأعلامية الحديثة تعتبر من المؤسسات التربوية المهمة والخطيرة بنفس الوقت على تربية غرائز ونزعات الأنسان .
ومما لايخفى على أحد أن هناك تسابق أن لم نقل معركة حامية الوطيس بين الخطاب الديني والخطاب العلمي أو العلماني لو صحّ التعبير.
وكل يريد أن يكسب تلك المعركة ، وكل واحد من إولئك الخصوم لهُ أهدافه ومبرراته ووسائله الدفاعية والهجومية أيضا .
مايقلق العقلاء والمعتدلين أن المتشددين من كلا الطرفين قبلوا وأستكانوا لقبول معركة غير شريفة يروح ضحيتها الكثير من الأمـّعات والساذجين المنخرطين في سلكهم .
عندما تحوّل المناظرة الفكرية والأطروحة العلمية من ساحة النقاش الحر الديمقراطي الشفاف الى ساحة الصراع الجسدي وطاحونة الحرب العضلي قطعا سيضمر العقل ويتلاشى الفكر ليبرز أمامه الظفر وينشط عند ذاك الناب .
تأمل أذا كيف سيكون حال المجتمع في مواجهة مشاكله السياسية والدينية والوطنية وقضاياه المصيرية عندما يقف رجل الدين يحمل معولا ويخفي تحت عمامتهِ سما
وتأمل كيف ستكون النتائج عندما يستعد لتلك المعركة البشعة ذلك السياسي العلماني والديناصور الكيمياوي بدروعه وراجمة صواريخه .
هل سيبقى مجال للمنطق ... للعقل... للتفكير ... لتفهّم الآخر والأستفادة من نتاجاته العقلية ونظرياته العلمية في أجواء يملئها الحب والتسامح والمعرفة ؟؟
هل حقا سيستفيد المجتمع ويرتقي أدبيا وخلقيا في خضم تلك النزاعات البربرية والأساليب الوحشية ؟؟
أم أن الأنسان الذي يفترض به أن يكون أنسانا فعلا سيتحول الى مجتمع غابي وحشي لايفهم سوى لغة الدم والعنف ؟؟
كثير من الحيوانات لاتعرف الكراهية حتى الجوارح والضواري منها حتى أن دخل في حياتها بعض شواذ الفكر الأنساني فغذاها بتلك النزعة العدوانية أرضاءا لنزواته ومطامحه الأنانية .
الحق... الحق أقول لكم ليتنا بقينا فطريين ساذجين خيرٌ من أن نجلب العار لأنفسنا ولأنسانيتنا بأرتقاءنا وتطورنا البشري المزعوم.
نعم ، تطورت أساليبنا في العظ ونسينا كيف نقبـّل أحد .
صحفنا تركل وتشتم وتلفزتنا تنعى وتولول والثكالى والمساكين والأطفال يبكون ولا أحد يبكي عليهم .
لستُ متشائما لكن واقع حالي لايبدو متفائلا .
كيف وماينفق من أجل الحروب والعراك لسنة واحدة يغطي ثلاث أضعاف ماينفق من أجل الصحة والتعليم لبلدان العالم أجمع لبضعة سنين ؟؟؟
أملي أن أجد واحات أخرى ومنابر ثانية تنشد السلام تنضمّ لواحتكم ومنبركم الأعلامي الحر .
تمنياتي لكم ولكل شعوب الأرض بالخير والمسرة في عامهم الجديد .
ياس خضير محمد الشمخاوي
الأمين العام رئيس منظمة حوار الديانات
yas_alshamkhawi@yahoo.com البريد الألكتروني