الازمة الاقتصادية العالمية والخروج من عنق الزجاجة ..؟؟
لم تظهر لحد الان نتائج مؤتمرقمة مجموعة العشرين الذي انعقد في لندن في الشهر الماضي ، والذي كان مثارجدل وتسائل من المهتمين بالشان الاقتصادي والمالي في العالم ..لان الطروحات التي قدمت والنتائج التي توصلوا اليها لحل الازمة التي تعصف باقتصاديات العالم عموما لم تكن بمستوى الطموح الذي كان الملايين من البشر ينتظرونه من اجتماع القادة في لندن ..
فقرارضخ الملايين الدولارات لتعزيز رساميل القطاع المصارف والبنوك وشركات السيارات والتامين والعقارات وغيرها ..لا يمكن ان تكون هي الحل لهذه الازمة...والدليل على ذلك ان الازمة لازالت في تفاقم مستمر لحد الان ..
وكما هو معروف بان منشأ الازمة ومصدرها هو امريكا ، ومنها عمت اثارها وانعكاساتها الدول الاخرى ، مما جعل البعض يعتقد بان الازمة مفتعله وهي صناعة امريكية بامتياز الهدف منها اثبات قوة امريكا و سيطرتها على العالم بدون منافس وهي التي تؤثرعلى مجمل حركة المتغيرات في العالم....
فان اخذنا هذا بنظرالاعتبار سنجد بان جانب من هذا الراى صحيح اذا ان هذه الازمة اثبتت ما للدورالامريكي من تاثير كبيرعلى مجمل اقتصاديات العالم ومنها الدول ذات الاقتصاديات الثابته والمستقرة كالاتحاد الاوروبي والصين واليابان وكوريا الجنوبية ..التي كان البعض يراهن على انها الدول التي يمكنها ان تنافس امريكا وتقف في وجه الطموح الامريكي ....ولكن الواقع اثبت بان هذه الدول لم تستطيع الوقوف بوجه هذه الازمة او ان تبتعد عن اثارها .. بل كانت كتابع لحركة المتغيرات الامريكية وسائرة في فلك الاقتصاد الامريكي بدون اية استقلالية ..بعكس الازمات الاقتصادية التي كانت تعصف دول العالم فكان لامريكا الدور الاساسي في اخراج تلك الدول من ازمتها.. ولكن عندما عصفت الازمة بامريكا لم نجد اية دولة استطاعت ان تقدم لامريكا ما يمكن ان تتجاوز به ازمتها..
من هنا نستطيع القول بان امريكا اثبتت سيطرتها على مجمل المتغيرات في العالم ، والواقع يثبت بان اقتصاديات العالم مرهونه بمدى الاخفاقات والنجاحات للسياسة الاقتصادية والمالية الامريكية ..
ومهما قيل في تبريرات الازمة وانعكاساتها فان تاثيرها السلبي كان ولا زال واضحا بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والمعاشي للمواطن الامريكي ..اذا يجب ان تقرأ الحالة وفق هذا المنظور..
فابعاد الازمة ومسبباتها يمكن ان تكون ....
1- احداث سبتمر 2001 وما احدثه من المتغيرات على الساحة السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية الامريكية ..
2- الحرب في افغانستان والعراق ومحاربة الارهاب ...
3- نظام الكوتا الذي سمح للدول ان تغرق الاسواق الامريكي بالبضاعة رخيصة الثمن لتنافس البضاعة الامريكية في الداخل والخارج ..
4 - اخفاق الشركات الامريكية في اعادة سيطرتها على الاسواق الامريكية لمنافسة البضاعة الاجنبية في السوق ..
5- هجرة رؤوس الاموال الامريكية الصناعية واقامة مشاريع في
دول اخرى ..
6- الكساد الاقتصادي والبطاله في سوق العمل ..
7- سوء الادارة والفساد المالي ..
8- القروض العقارية والاساءة في استخدامها وطريقة منحها..
9 - دورالنقابات العمالية وامتيازاتها داخل سوق العمل ..
10- التهرب الضريبي ..
بطبيعة الحال هذه الاسباب وغيرها كثيرة ، الا انها تبقى حلقات متداخله ومتفاعله مع بعضها ، قد تكون بعضها اساسيات في تفعيل الازمة وغيرها مكملة لتفاقمها ، لذا يجب ان تقرأ مع بعضها اولا وان تعالج كل فقرة على حدى ثانيا للحد من تاثيرها على الحلقات الاخرى ..
احداث سبتمر2001 كان لها الاثر الكبير في حركة السوق وانعكاسها على حركة الاقتصاد الوطني عموما اذ بسببها بدأ الاقتصاد يتحول من اقتصاد سلمي الى اقتصاد حرب ، فكانت الحرب على الارهاب في افغانستان والعراق وفي الدول الاخرى كبدت امريكا ولا زالت الاف الملايين من الدولارات عكست اثارها على الاقتصاد عموما في مجرى المتغيرات في حركة السوق ، كما احدثت المضاربات المالية في سوق اوراق المالية الاسهم والسندات الى افلاس بعض الشركات ، وتذبذب اسعار الطاقة ( النفط ) وانخفاض قيمة ( الدولار ) ، وتطبيق نظام الكوتا الذي سمح بفتح الاسواق الامريكية لتغرق ببضاعة وسلع رخيصة من مناشئ مختلفه لتنافس البضاعة الامريكية في الداخل والخارج ، كان لهذه الاسباب ان تعاني الشركات الامريكية الكبرى من ازمة حركة الاستثمار والتشغيل والتسويق للبضاعة المنتجة من قبلها وخاصة شركات السيارات التي بداة معانتها منذ تسعينات القرن الماضي وقبلها عندما اضطرت الى نقل بعض خطوط الانتاج من معاملها ومصانعها الى دول العالم الثالث للاستفادة من رخص اجوراليد العاملة في تلك الدول قياسا على اجور العمل التي يتقاضاها العامل الامريكي والامتيازات التي يتمتع بها اعضاء نقابات العمال على حساب العمل والانتاج ، بالاضافة الى امكانية التهرب الضريبي بشكل او باخر ..
ادى ذلك بطبيعة الحال الى الاستغناء عن الالاف من العاملين والموظفين في تلك الخطوط فشكلوا العاطلين عن العمل عبئ ثقيلا على الاقتصاد والائتمان المصرفي وحركة النقد عندما توقفوا عن تسديد الاقساط المستحقه الدفع كاقساط الرهن العقاري والتامين والصحة وغيرها .. مما سبب ركود في حركة السلع والبضاعة في السوق وعجزفي المتداول النقدي في سوق المال لعدم الوفاء بالالتزامات المالية المتبادلة .....
اصاب الشركات الكبرى ومنها شركات ( السيارات ) عجزفي ميزان المدفوعات عندما لم تتحمل اقتصادياتها المالية الخلل الذي نتج عن عدم التوازن بين العرض والطلب في حركة السوق .. فاستغنت الشركات عن الالاف العاملين لديها لتقليل المصاريف والحد من نسبة الخسائر ، في الوقت الذي سبب هذا الاجراء تفاقم البطالة وزيادة جيش العاطلين عن العمل سبب الزيادة في ازمة الشركات الاستثمارية والمصارف والبنوك وشركات التامين لعجزالعاطلين عن العمل من تسديد فواتيرمستحقة الدفع ، فانعكس ذلك بمجمله على حركة المتغيرات الاساسية في تقيم السلع والبضاعة في الداخل والخارج ، وكان من الطبيعي ان يعكس ذلك على حركة سوق العقارات الذي اصابه الركود بسبب تفاقم ازمة البطالة ، اخذت البنوك العقارية والرهنية بعرض تلك العقارات التي كانت قد سدت اقيامها من قبل تلك البنوك لصالح المنتفعين بتلك العقارات وشاغليها ، وعندما عجزوا هولاء عن تسديد تلك القروض اضطرت البنوك والمصارف الى عرض تلك البيوت والعقارات بعد اخلائها من ساكنيها الى اعلان عن بيعها باثمان اقل بكثير من قيمتها الحقيقة او من مبلغ القرض اصلا . الا ان حركة البيع ولشراء للعقارات كانت هي الاخرى قد اصابها الركود بسبب الوضع العام لحركة السوق التجاري والعقاري والمصرفي..
من هنا تفاقمت الازمة بشكل كبيرومؤثرفعدم تسديد الديون والقروض المستحقه الايداء شل حركة الائتمان للبنوك والمصارف ووقف اعمالها بسبب ما اصابها من عجز في الائتمان ولعدم وجود ضمانات لتعويض الخسائرالمتحققه ،ادى الى عدم امكانية الوفاء بتنفيذ الالتزامات المتقابله مع الغير فسبب ركود في حركة السوق وتباطى في حركة التعاملات التجارية والمصرقية اليومية ..
للخروج من عنق الزجاجه
على الدولة ان تعمل في دعم الشركات لاخراجها من الضائقه المالية التي تعانيها وايجاد بدائل وظيفية للحد من ظاهرة الفساد المالي والاداري الذي يعم الكثير من تلك الشركات ..
وكما هو معروف ان الركود الاقتصادي في سوق التجارة والمال يحدث بسبب الاختلال في تداول السلع والبضاعة في السوق وفق قانون العرض والطلب ، فالركود في حركة السوق دفع الشركات الى تقليص الانتاج والاستغناء عن الاف العمال والموظفين ، مما سبب العجز في ميزان المدفوعات والوفاء بالمديونية للبنوك والمصاريف وبيوت المال والشركات ، فادى الى افلاس الكثير
منها ..ومن هنا بداءة الازمة تتفاقم يوما بعد يوم ..
1- لكي تعاد الامورالى نصابها الطبيعي والخروج من هذه الازمة يتطلب مساعدت العمال في انشاء معامل صغيرة مدعومه من الدولة واستثمارها من قبلهم لامتصاص البطالة وتامين العيش لهم ..
2- المساهمة في اعادت عجلة الانتاج في الشركات الصناعية والمعامل والمصانع لتحقق ديمومة في عمل الشركة وتامين ارجاع العمال الى عملهم ومنح قروض واعانات مخصصه لدعم عجلة الانتاج ..
3- تحويل وجه الصرف المقرره لتلك الملايين التي تزعم الدول ان تقدمها للشركات لاخراجها من ازمتها ، مثل هذه العون والمسانده لشركات هي على وشك الافلاس سوف لا يحقق الهدف المنشود من مساعدتها بتلك المبالغ ، لانها قد توجه تلك الاموال الى ابواب الصرف الاخرى و في غيرمحلها ، منها تسديد التزامات الشركة
( الديون ) تجاه الغير ، وهذا طبعا لا يساهم في اخراج الشركة من ازمتها الحقيقية ..
4- الازمة الحقيقية تحدث عندما تتوقف خطوط الانتاج عن العمل ، فمتى تم للشركة امكانية تسويق وتصريف بضاعتها على الوجه الاكمل عندها تستطيع تشغيل خطوط الانتاج ..
5- تصعيد وتيرة العمل لتامين دخل ثابت للعمال يستطيع تسديد الاقساط المستحق عليه ان كانت اقساط عقارية او التزامات مالية تجاه الشركات وبيوت المال الاخرى ...
6- احداث التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل والانتاج مطلوب ، وهذا التوازن في مثل هذه الظروف لايتم الا بتدخل الدولة كطرف له القدرة في امتصاص الفائض السلعي والخدمي في سوق العمل والانتاج ، بمعنى ان يكون للدولة دور في حركة السوق للحد من ظاهرة الكساد التي تسود الاقتصاديات عموما ..
مثلا شركات صناعة السيارات عجزت عن تسويق منتوجها من السيارات سبب لها ازمة مالية ، فلتغطية خسائرها وفق حسابات الكلفة من ربح وخسارة ، تم الاستغناء عن الالاف من العمال ، الذين بدورهم عجزوا تسديد ديونهم وقروضهم العقارية منها بشكل خاص .. فلولا البطالة لما عجز العمال عن تسديد ديونهم وما كان للبنوك والمصارف والشركات الائتمان ان تخسر الملايين من الدولارات وتعجز عن الوفاء تجاه غيرها فسببت عجزفي حركة السوق والى كساد عام في الاقتصاد ....فدخول الدولة بملايين من الدولارات في السوق لامتصاص الفائض من السلع سيساهم في اعادة عجلة الانتاج وتشغيل المصانع والقضاء على البطالة ..
وقد يطرح البعض تسائل ماذا ستفعل الدولة بتلك السلع والبضائع هل ستفتح دكاكين لتسويقها وبيعها ...؟؟ نعم يمكن للدولة بدلا من تتحمل الملايين من الدولارات في دعم شركات خاسرة قد لاياتى ثمارها ، ان تقوم باستغلال تلك الاموال في تحريك السوق وفق عملية اقتصادية مبرمجه للحد من ظاهرة الركود الاقتصادي ، فتسوق تلك البضاعة والسلع باسعار مدعومه واقساط مريحة وميسره للمواطنين مادام لديهم عمل يضمن التسديد قيمتها ...
والقسم الاخر من تلك البضاعة يمكن للدوله ان تسويقها لدول اخرى وخاصة الدول التي يقدم لها الدعم والمساعدة والاعانات ، فامريكا تمنح اموال طائله للبلدان فقيرة او محتاجة فيمكن لها بدلا ان تقدم لهم تلك الاموال النقدية التي بطبيعة الحال تصرف في تلك البلدان بغير محلها ، ان تقدم لها مساعدات من تلك البضاعة والسلع وهي بطبيعة الحال بامسى الحاجة اليها.....بذلك تؤمن استمرارية عجلة الانتاج وتدفق السلع والبضاعة الى السوق وتشغيل اليد العاملة .. وثانيا دعم ومساندت الدول الفقيرة بسد احتياجاتها من تلك البضاعة والسلع .. بهذا يمكن ان نحقق الموازنه بين العرض والطلب للحفاظ على استقرار السوق ،
لان البطاله مرتبطة بالانتاج والانتاج مرتبطة بالتسويق والتسويق مرتبط بحركة السوق وحركة السوق مرتبطه بالوضع الاقتصاد العام ، فالاساس ان يكون للاقتصاد العام دورفي تحقيق الموازنه بين الدخل القومي والاقتصاد الوطني ، فدخول للدولة في السوق تستطيع التحكم في حركة المتغيرات وابعاد شبح الكساد في التداول السلع والمنتوجات عندما تستوعب الفائض منها من حركة السوق ..
ليحقق بذلك التوازن في معايير طرح النقد للتداول بعمليات المضاربة وحركة المتغيرات للسوق الاقتصادية والمالية على المستوى الوطني والدولي بشكل عام ..
قد يشكل هذا مخرجا للخروج من الازمة الاقتصادية الراهنة التي تعم بلدان العالم قاطبة ..
يعكوب ابونــا..........................20 /5 /2009