Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الانتخابات وقراءة في معايير اختيار الأقدر والأكفأ

إن محاولة استقراء سريعة لسيل الدعايات الانتخابية المنتشرة هذه الأيام في اغلب محافظات العراق يوصلنا الى فرضيتين رئيستين تحاولان إماطة اللثام عن ظاهرة إقدام أعداد كثيفة من المرشحين لخوض غمار هذه الانتخابات، أولى تلك الفرضيتين وكما تلخصه مضامين رسائل دعايات المرشحين الانتخابية تفيد بوجود رغبة صادقة في نفوس المرشحين لأداء خدمة عامة بكفاءة ومقدرة عاليتين، وبغض النظر عن مدى واقعية ومصداقية الشعارات المتشابهة التي تتبناها لافتات أولئك المرشحين على اختلاف مرجعياتهم الثقافية والسياسية فان مجرد الإعلان عن وجود الرغبة الصادقة لأداء خدمة للناس تظل فرضية مثالية لا يمكن أن تشكل وسيلة إقناع جيدة لعامة الناخبين لاسيما وان التجربة الانتخابية في العراق ما عادت بكرا وقد سبقتها واحدة لم تكن شعاراتها لتتقاطع جذريا مع شعارات المرحلة الراهنة.

أما الفرضية الثانية فتفسر الأمر برمته على أساس كونه وظيفة مرموقة متاحة للكثير من المتقدمين بشرط الحصول على أهلية مالية وقانونية محددة، ولاشك في كون هذه الفرضية تنم عن واقعية ودراسة وافية للظروف الموضوعية التي تحيط أجواء العملية الانتخابية الراهنة، كما أن هذا التفسير من ناحية ثانية لا يقدح في شخصية المتقدم المؤهل ولا في مشروعية طموحاته ؛ بيد انه يزيد من تعقيد مشكلة كسب الأصوات لديه لكون النزعة المثالية مازالت تتحكم الى حد كبير في عقول العدد الأكبر من المواطنين.

ولمحاولة تجاوز هذه المحنة وتدارك تداعيات تركز النظرة المثالية في أذهان الناخبين على المرشح المؤهل او بعبارة ادق -طالب الوظيفة العامة- أن يتبع سياسة الكشف عن سيرته الذاتية بجميع تفاصيلها التي من شانها استمالة هيئة الناخبين لامضاء عقد الوظيفة المنشودة، إذن فلابد للمرشح ان لا يكتفي بإحراز الشروط التي نصت عليها لوائح وتعليمات قانون المفوضية العليا للانتخابات بل عليه إشهار كل ما يصب في صالح اختياره من قبل مواطنيه ومن ذلك ما يأتي:

1- إبراز المؤهلات العلمية والفكرية والمهارات المناسبة لنيل وظائف الرقابة والتشريع والاشراف على مؤسسات الدولة، مع ذكر التاريخ الوظيفي أو المهني للمرشح إن وجد.

2- ذكر أهم النشاطات والمشاركات الثقافية والسياسية التطوعية السابقة.

3- بيان البرنامج السياسي والاقتصادي للمرشح مع إيضاح نقاط التشابه والاختلاف مع برامج المرشحين الآخرين.

4- عمل حلقات نقاشية تخص أوضاع الساعة من خلال أجهزة الإعلام لاسيما المحلية منها لإثبات سعة الاطلاع والقدرة على الرصد والتحليل والبرهنة على المعرفة التامة بدقائق الأحداث الجارية فضلا عن إقامة مؤتمرات صحفية يدعى لها صحفيون مستقلون وناشطون مدنيون.

5- التعريف بالخلفية العشائرية أو المناطقية للمرشح بالإضافة الى عرض المرشح لأرقام هواتفه الشخصية وعنوانه البريدي لكي يتسنى للناخب أن يتوفر على معلومات وافية تتعلق بحياة المرشح الخاصة مثل امتلاكه لأكثر من جنسية واحدة وطبيعة سمعته العامة ومدى تواصله الاجتماعي ومستواه المعاشي وطريقة إدارته لأسرته ومستويات التحصيل الدراسي لأبنائه..الخ

6- الدعوة الى مناظرات مع المرشحين الآخرين يحضرها اكبر عدد من الناخبين.

7- تقديم كشف حساب بمصادر تمويل حملته الانتخابية وتوثيق حوادث الخروقات القانونية التي تصدر عنه أو ضده إن وجدت.

8- متابعة المرشح او ممثل كيانه السياسي للمستجدات التي قد تصدر عن مكاتب المفوضية العليا للانتخابات لاسيما ما يتعلق بتفسير النصوص واللوائح القانونية الخاصة بالعملية الانتخابية تفسيرا سياسيا....

9- أما فيما يخص أعضاء مجالس المحافظات السابقين والمرشحين لدورة ثانية فعليهم فضلا عن ما ذكر في أعلاه إثبات نجاحهم الوظيفي خلال الأربع سنوات الماضية.

وبقدر ما يتعلق الأمر بالناخب أو من ينوب عنه فان المطلوب منه تتبع سير المرشحين المحتملين لنوال صوته الثمين، وإهمال من يتقاعس عن جعل سيرته الخاصة غير ميسورة للرأي العام ؛ إذ ما أراد أن يكون اختياره في هذه المرة مرهونا بأكبر عدد من المزايا التي يحصل عليها المرشح المحظوظ على ضوء النقاط السابقة وليس موكولا الى السلبية أو العاطفة المحضة أو العشوائية في الاختيار.

ولابد للناخب ان يضع نصب اختياره قدرة المرشح وكفاءته العالية على تقديم الخدمات المطلوبة لوظائف مجالس المحافظات ويتوخى الحذر في ايكال تلك الوظائف الحساسة الى العنوان الخطأ، وهذه الآلية تنفع عموم الناخبين سواء من يفضل اختيار مرشح معين أو قائمة بعينها فلا فرق في النهاية بين المرشح في كيان منفرد وبين المرشح ضمن قائمة تضم أسماء عديدة مادامت المعايير المعتمدة في التفاضل لنيل الوظائف العامة تسير وفقا لميزان دقيق يحدد المرشح الأفضل أو المرشحين في القائمة الأفضل بناء على قاعدة إحراز المتقدمين لأعلى علامات النجاح في امتحانات القدرة والكفاءة في أداء مسؤوليات الوظيفة المطلوبة لا أكثر من ذلك ولا اقل.

* مركز المستقبل للدراسات والبحوث

http://mcsr.net




Opinions