«البحارة».. ميليشيات جديدة تسطو على محطات وقود السيارات
02/07/2006 PNA- «البحارة» اسم جديد ظهر على الساحة العراقية، يطلق على مجموعة مسلحين يقومون بدخول محطات الوقود ونهب كميات هائلة من وقود السيارات، تصل الى الاف اللترات، تحت مرأى ومسمع الجميع، ثم بيعها في السوق السوداء.. ولا احد يستطيع التدخل.
وذكرت الشرق الاوسط انه في وقت تصطف فيه السيارات لمدة يومين احيانا للحصول على حصة صغيرة من الوقود، يقوم هؤلاء بدخول المحطة عنوة والتزود بكميات هائلة من الوقود، من دون التزام بالحصة المقررة او «الطابور»، ثم تباع هذه الكميات للمواطنين وتهرب الى الخارج لتدر ارباحا طائلة على هذه الجماعات.
واكدت مجموعة من المواطنين، ممن التقت بهم «الشرق الاوسط» اثناء تجوالها ومشاهداتها الحية لعملية بيع المشتقات النفطية ووقود السيارات الجارية في محطات تابعة لوزارة النفط العراقية في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد، ان عمليتي بيع وتوزيع الوقود في معظم محطات البترول، سواء في بغداد او عموم البلاد «تسيطر عليها مجموعات مسلحة تدعى البحارة». ويقولون ان «اغلب اعضائها من افراد في القوات الامنية العراقية»، واشاروا الى تواطؤ اصحاب بعض المحطات معهم، حيث يتلقون منهم رشاوى عالية مقابل التزود بأكبر كمية من الوقود. وقال سائق التاكسي عبد الرحمن القريشي، 58 عاما، الذي كان ينتظر دوره في احدى المحطات بجانب الرصافة، ضمن طابور طويل يمتد لمئات الامتار: «اتردد على هذه المحطة للتزود بالوقود بشكل يومي، وذلك بحكم حاجة سيارة الاجرة للوقود وبسبب قرب هذه المحطة من دار سكني (..) ألاحظ اشياء غريبة عجيبة تحصل في هذه المحطة تحت مرأى ومسمع افراد حماية المحطة والعاملين فيها، وهي قيام بعض الاشخاص الذين يطلق عليهم تسمية البحارة، يقومون بالتزود بكميات كبيرة من الوقود قد تصل الى الاف اللترات يوميا، مقابل رشاوى تقدم لكل العاملين في المحطة، من حماية واداريين وعاملي مضخات، وبالتالي بيعها في السوق السوداء وباسعار تفوق ضعف الاسعار التي اشتروا بها هذه الكميات من المحطات».
ولم يستبعد القريشي ضاحكا ان تكون «البحارة» ضمن عصابات المافيا الدولية، قائلا «تقوم تلك المجموعات بتهريب هذه الكميات الكبيرة لدول مجاورة من خلال عمليات تهريب منسقة، ووفقا لطرق مختلفة تحصل في منافذ حدودية مختلفة ايضا، تحت مرأى ومسمع الحكومة العاجزة عن اتخاذ اي اجراء بحق عمليات التهريب المتكررة، او العصابات التي تقوم بالتهريب».
فيما وصف ثائر البديري (33 عاما) هذه الجماعات «البحارة» بالميليشيات المسلحة التي هي الاخرى تعمل على اعاقة وعرقلة الحياة اليومية للعراقيين في البلاد، اضافة الى الميليشيات المسلحة التابعة للاحزاب، والتي تقوم بعمليات قتل واغتيال واختطاف على الهوية، قائلا: «لا يوجد فرق بين البحارة والميليشيات المسلحة التي تقتل على الهوية، فهذه ايضا تقوم بقتل المواطنين من خلال الاستحواذ على حقهم وحصصهم من المشتقات النفطية، كالبنزين والنفط الابيض، وبعدها تقوم ببيعها لهذه العوائل باسعار السوق السوداء، الامر الذي يضطر الاهالي لشرائها بسبب الحاجة الماسة للوقود في حياتهم اليومية». وقال البديري صاحب محل للحلاقة امام احدى المحطات في منطقة علاوي الحلة، «يتم الاتفاق بين البحارة ومنتسبي حماية المحطة على المبلغ الذي يتم بموجبه ادخال سيارة تحمل (10) خزانات سعة الواحدة منها (220) لترا وهو 100 الف دينار عراقي عن كل مرة دخول، يضاف اليها حصة عامل المضخة الذي يطالب هو الاخر بـ25 الف دينار و50 الفا اخرى تدفع لاحد اداريي المحطة، الذي يتسلمها في بداية الامر مقابل تزويد السيارة بهذه الكمية»، مشيرا الى ان بعض افراد البحارة هم منتسبون في قوات الامن العراقية، سواء في الشرطة او الجيش، «فبحكم القوة والسلطة التي يتمتعون بها فانهم يستغلونها للمتاجرة بالوقود، التي تدر عليهم ارباحا يومية تفوق رواتبهم الشهرية». وقال «ان احد افراد الشرطة الذين يترددون على محله ابلغه بأنه يترك دوريته المكلف بها ليقوم بادخال سيارة احد اقربائه، التي تتسع لـ(1500) لتر بعد التحوير، من المحطة الواقعة ضمن مسؤولية دوريته ليحصل بعدها على مبلغ 200 الف دينار بغضون ربع ساعة على اكثر تقدير».
من جانبه اوضح احد مديري المحطات الاهلية لـ«الشرق الاوسط»، مفضلا عدم ذكر اسمه، «انه قام في احد الايام بمنع اصحاب السيارات الضخمة، واغلبهم اعضاء في البحارة من التزود بالوقود، قام بعدها هؤلاء بالهجوم على المحطة بانواع مختلفة من الاسلحة وسيطروا عليها بالكامل.