البصرة .. مدينة الاغتيالات المنسية
هل يجوز لنا أن نبتدع أصطلاح الاغتيالات الهادئة .. ربما لا .. ولكنه حال البصرة اليوم ..أغتيالات كثيرة منسية .. لايسمع بها أحد .. ولا تكتب عنها جريدة مطبوعة يقرؤها الناس ..أهل المقتول يندبون سوء طالعهم ويسكتون خوفا أن يطال الغدر فردا آخرا من العائلة .. هناك قتل مستمر ودم يسيل ولا يعرف أحد لماذا .. قرأنا منذ أيام في هذا الموقع عن أغتيال جامع القمامة في حي المشراق بالبصرة القديمة .. أدعى القتلة أن الزبال كان رجل أمن .. وهذا هو العذر الدائم .. عذر الجبناء ممن يغتالون الناس في الظلام .
أكتب اليوم عن حادثة قتل ثانية .. ولن أقتصر على التلميح بل سأذكر الاسماء الصريحة كي يعرف الجميع ..
منذ أسبوعين وجدت جثة زميل لنا ملقية على كومة زبالة خلف جامعة البصرة .. في ضاحية القبلة التي صارت مكبات زبالتها مرمى للجثث أيضا .. من هو القتيل .. انه ليس مساعدا لصدام .. ولم يكن رجل أمن .. ولا تلطخت يداه بالدماء .. وليس وهابيا أو تكفيريا .. أنه الدكتور كاظم مشحوت .. الاستاذ في كلية الزراعة .. كان الرجل معاونا للعميد قبل الاحتلال..وكان حزبيا شأنه شأن كل أساتذة الكلية الاخرين .. ولكنه لم يكن أعلاهم درجة في ذلك الحزب المشؤوم .. أملت عليه وظيفته أن يكون رفيقا .. لكن عشرات غيره أيضا رفاق .. نصف شيعةالبصرة رفاق حزبيون .. يشهد كل من عرف الدكتور كاظم أنه كان رجل علم .. أفضل مائة
مرة من كثيرين في كليته ممن أستقووا اليوم بالميليشيات المسلحة وهم كالطبول الجوفاء ..نالوا شهاداتهم بمكارم معروفة لا نريد التطرق اليها .. هؤلاء كنا نتندر عليهم بتسميتهم دكاترة التصنيع العسكري !!
قتل الدكتور كاظم مشحوت .. ثلاثة جبناء جاءوا لمنزله مساءا وأصطحبوه ثم ألقوه ميتا في صباح اليوم التالي .. فماذا فعلنا نحن زملاؤه حيال ذلك .. كل الذي أستطعناه أن ذهبنا الى عائلته وقرأنا على روحه الفاتحه .. يخاف الكل أن يتحدث عن الحادث .. لماذا .. لان المليشيات الشيعية المسلحة حرمت حتى نعيه في الجامعة .. هل كان مجرما .. هل كان سفاحا .. ليكن ماكان .. الا يوجد في هذا البلد المنكوب قانون .. الا يعرف في العراق شيئأسمه القضاء .. لماذا لايحقق أحد في القتل .. ولكن لماذا نفتح جاعورتنا بالصياح أذا كانوزير الداخلية ووزير ( الامن ! ) يعرفان ويسكتان .. الميليشيات الشيعية التي تصول وتجول في البصرة معروفة .. ولكن حبلها على الغارب !
جامعة البصرة ولشديد الاسف تديرها فعليا الميليشيات المسلحة .. أتحدى أي شخص يقول غير هذا .. انها ساحتهم وميدان سطوتهم .. يبدلون العمداء ويغيرون المدراء .. ويعرف العاملون في الجامعة كيف أزاح هؤلاء عميد كلية الزراعة السابق و أبدلوه بمن يريدون رغمأنف الوزارة .
البصرة أبتلت بلاءا أسودا .. ظاهرها وادع وهادئ وداخلها يغلي .. يمقت القادمون الجدد كل عراقي أصيل .. يكرهون الحرية ويقتلون بأسم الدين .. يسيطر على البصرة المجلس الاعلى وجيش بدر والميليشيات الملتفة حوله .. هؤلاء ولدوا في الرحم الايراني و فطموا على الثدي الايراني وأشتد ساعدهم برعاية الفقيه الولي .. ثم عبروا الحدود الينا .. لهم عين على العراق تقتل وتسلب وتنهب .. وعين على ايران تخدم وتلبي ما يطلب .. هؤلاء لايحبون العراق .. عمائمهم تسكنها الشياطين .. عمائم ليس لها في الدين غير الاسم..