Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

البصرة ونتائج صولة الفرسان : ( يامن تعب .. يامن شقا .. يامن على الحاضر لقى)

الملف برس ــ البصرة – رشيد الفهد
اذا كانت صديقة الملاية تعني احدا باغنيتها الشهيرة ( يامن تعب يامن شقى يامن على الحاضر لقى ) فان الشيوعيين في البصرة هم المستفيد الاول من نتائج صولة الفرسان ، اذ فجاة تغيرت الصورة باكثر من 180 درجة، فما يعيشه الشارع البصري اليوم يكاد يمثل مرحلتين مختلفتين تماما .. مرحلة ماقبل صولة الفرسان ومرحلة مابعدها . والسبب معروف اما النتيجة فهي التي لم يكن بوسع احد التكهن بها .
ولعل من ابرز ما كان يدور في اذهان الفرقاء والمراقبين على حد سواء منذ اليوم الاول لسماعهم انباء صولة الفرسان هو طبيعة النتائج التي ستظهرها العملية خارج سياقاتها الامنية وتحديدا السياسية منها ومدى تاثير ذلك على ميزان القوى السياسي داخل البصرة ومن ثم امتداد التداعيات جراء العملية الى الميزان السياسي داخل البلاد برمتها.
وبرغم وجود العديد من المؤشرات على ارض البصرة تثبت بشكل لا ريب فيه ميلان الميزان العسكري لصالح الحكومة وبالتالي لقوى الحكومة من خلال انحسار نفوذ الجماعات المسلحة المناوئة على مختلف مسمياتها وبالتالي عدم قدرتها على مواصلة المجابهات المسلحة بعد الايام الاولى من العملية وما افرزته من نتائج هي ليست في صالح الجماعات، الا ان ذلك لا يعني ان الميزان السياسي اصبح على ما يرام لصالح الحكومة او القوى المؤيدة للعملية من داخل وخارج الحكومة.
واذا كان من المتعذر الحصول على ارقام دقيقة تشير الى اعداد المقبوض عليهم او ممن قتلوا او فروا خلال العملية الا ان المؤكد ان اعدادهم لا تتجاوز المئات في كل التقديرات اذا اخذنا بنظر الاعتبار قائمة المطلوبين المتضمنة-230- أسما فقط،وهذا يعني ان القاعدة الواسعة التي ارتكز عليها قادة الجماعات لا تزال موجودة بكثافة وهي باختصار الاعداد الكبيرة من سكان المناطق الفقيرة من البصرة ذات الكثافة السكانية العالية مثل الكرمة والقبلة والحيانية والكزيزة وخمسة ميل ومناطق اخرى التي تعد معاقل للتيار الصدري.
هؤلاء اذا اعتقدنا انهم تخلوا الان عن حمل السلاح وهو اعتقاد يحتاج الى سجال كبير فان الاعتقاد الجازم انهم سيظلون متمسكين باتجاههم السياسي نتيجة التثقيف المستمر قبل وبعد الاطاحة بالنظام السابق مما يعني بقاءهم بشكل او باخر داخل اللعبة السياسية بقوة في مرحلة يفترض اننا نسميها مرحلة العمل السياسي السلمي، فالى صالح من سيمنح هؤلاء اصواتهم في الانتخابات القادمة ؟ وما هو عنوانهم القادم ؟وهل يستطيع خصومهم ان يمنعوا حصول نتائج ليست في صالحهم؟ الاجابة على هذه الاسئلة هي التي ستبين على وجه الدقة طبيعة المرحلة القادمة مرحلة الصراع السياسي السلمي كما يصفها المتفائلون جدا الذي تلعب فيه الارقام لعبتها.
هل الشيوعيون قادمون ؟

دفعت عملية صولة الفرسان البصريين للتعبير بشكل معلن عن مشاعر الرضا ازاء الشيوعيين واصفين اياهم بالمثقفين غير الملطخة ايديهم بالدماء او المال الحرام وذلك خلال احاديثهم اليومية التي تتردد على السنتهم حول الاوضاع في المدينة. الجديد في هذه الاحاديث خلوها من الاتهامات للشيوعيين بالالحاد على عكس ما كان يقال في الفترة ما قبل وبعد الانتخابات،ويبدو ان محنة البصريين خلال السنوات القليلة الماضية هي التي اوصلتهم الى هذه النتيجة، وهي محنة عسيرة مروا خلالها بابشع اشكال الاضطهاد النفسي والجسدي حسب راي العديد من البصريين.
هذه المشاعر لم تكن مفاجئة اذا ادركنا وجود اداء غير مسؤول لبعض الاحزاب المتنفذة في البصرة مما انعكس ذلك على مواقف البصريين الامر الذي تنبا به بعض رجال الدين محذرين من عواقب هذا الاداء وانعكاساته حتى على الاسلام نفسه.
وبما ان الحزب الشيوعي كان خارج دائرة الصراع في البصرة فقد ظهر بشكل لا يمكن لاحد ان يوجه اليه اية اتهامات تتعلق بعمليات الاغتيال او التهريب او الفساد او اية انتهاكات لحقوق الانسان وهذا يعد سببا رئيسيا لمشاعر رضا البصريين عن الحزب.
الاسلاميون هم السبب
الاوضاع الصعبة التي عاشها البصريون خلال السنوات القليلة الماضية التي تعد من اصعب المحن تجسدت في عمليات الاغتيال التي طالت فئات لم يسلم منها حتى ممن خارج دائرة الصراع على النفوذ، نساء وحلاقون واكاديميون واطباء ومثقفون طالتهم يد الغدر.
البصريون اتهموا في احاديثهم جهات اسلامية بانها تقف وراء ما يحصل، لكنها احاديث كانت غير معلنة حتى جاءت صولة الفرسان ونتيجة للتصريحات التي افاد بها رئيس الوزراء نوري المالكي والبيانات التي افاد بها القادة الامنيون كاشفين تورط قادة احزاب اسلامية بعمليات الاغتيال والتهريب والانتهاكات ضد حقوق الانسان جعلت هذه الاحاديث معلنة من جانب البصريين دون خشية ما زاد من انتشارها على نطاق واسع.
الاحزاب العلمانية والعلمانيون المستقلون تتردد الاشارة اليهم على لسان البصريين في احاديثهم واصفين اياهم باحسن الاوصاف، بالرغم من تفاوت مفهوم العلمانية،فالمثقفون يفهمون العلمانية على نحو مختلف عما يفهمه البقية لكن الجميع يبرأ العلمانيين عما حصل من حوادث شهدتها البصرة لا تقل بشاعة عن سابقاتها طيلة العقود الماضية .
وفي الثقافة الشعبوية التي ترسخت في اذهان الكم الواسع من البصريين وعلى الاخص الفقراء في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية كانت العلمانية بالنسبة اليهم الى حد ليس ببعيد تعني الكفر وفي الحد الادنى من المفهوم تعني عدم التدين،هذا ما اوحى اليهم بعض رجال الدين الصغار المنخرطين في العمل السياسي ممن تنتابهم المخاوف من العلمانيين.. كان هذا هو الهاجس الاكبر في الفترة التي سبقت الانتخابات.
لكن الثقافة الشعبوية هذه مرت في مرحلة نوعية نستطيع تحديد مسارها الجديد اثناء صولة الفرسان حين تبين للجميع ان العلمانيين لا يمكنهم ان يشكلوا مصدر تهديد لاحد ولا يمكن لاحد ان يحمل العلمانية مسؤولية ما جرى،بل المسؤول حسب ما تتناقله احاديث البصريين هذه الايام هو من كان يعول عليه في تقديم الحلول وتخليص البصرة من واقعها المؤلم وتوفيرالامن و الامان لسكانها وهي الاحزاب الاسلامية التي كان ينظر اليها قبل الانتخابات على انها هي المنقذ والمخلص.
ويبدو ان بعض رجال الدين كانوا يتوقعون ذلك التغيير المحتمل في الاذهان فقد حذر الكربلائي وكيل السيد السستاني في احدى خطبه وكذلك الشيخ محمد اليعقوبي من المخاطر الناجمة من اداء الاحزاب الاسلامية وانعكاس ذلك على الاسلام نفسه حتى ذهب الشيخ اليعقوبي في احدى خطبه معلنا عدم رفضه للعلمانية معتقدا انها لا تتقاطع مع مضامين الاسلام.
وبرغم من عدم معرفة فقراء البصرة معرفة تامة بوجود اتجاهات مختلفة للعلمانية يمكن ان تبدأ من الدكتاتورية مرورا بالديمقراطية وانتهاءا بالليبرالية الا ان السنوات الماضية وما رافقها من ماسي جعل البعض منهم يتمنى لو ان دكتاتورا يحكم البلاد في مؤشر يعكس حجم المأساة،فيما تمنى اخرون ان يحكم العلمانيون البلاد وان يصوتوا لهم في الانتخابات القادمة،لكن صولة الفرسان بما انها جاءت من جعبة المالكي وهو رئيس لحزب اسلامي اعادت للاسلامية السياسية شيئا من الروح وجنبتها ضياع كان يحتمل ان يكون الى الابد.
زيادة رصيد الاحزاب العلمانية لدى البصريين طالت الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحركة الوفاق الا ان حصة الاسد كانت للشيوعيين اكثر من سواهم،كان ذلك في المرتبة الاولى اما الثانية فقد كانت لاحزاب علمانية اخرى ومنظمات مدنية على اختلاف مهامها ممن يعرف قادتها بغير الاسلاميين،حتى بات النظر الى حالق الذقن بطريقة مختلفة عما كانت عليه في الماضي، في اطار ردود الافعال من مرحلة ما قبل صولة الفرسان وهي مرحلة سيئة الصيت.
Opinions