Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

البطريرك صباح: كلام البابا اقتباس و"الخضة" فرصة لفهم تاريخنا المشترك

19/09/2006

طيبن/

أوضح قداسة بطريرك القدس لطائفة اللاتين ميشال صباح ان العبارة التي قالها البابا بينيديكتوس السادس عشر أخيرا عن الاسلام والنبي محمد واثارت استياء في العالم الاسلامي، لم تكن سوى اقتباس لمناظرة بين الامبراطور اليوناني مانويل الثاني وعالم فارسي في القرن الرابع عشر، أراد الحبر الاعظم الاستشهاد بها للتأكيد ان التقدم العلمي ليس مبررا لترك الايمان.
وتساءل البطريرك، الذي استمع في المانيا الى المحاضرة التي القاها البابا، عمن أوصل كلام الحبر الاعظم الى اثارة فتنة بين المسلمين والمسيحيين، داعيا الى اغتنام هذه "الخضة" لاعادة قراءة" تاريخنا المسيحي والمسلم لنفهمه معا ونجعل له معنى واحدا مشتركا".
وهنا نص حوار معه وزعه المكتب الصحافي لبطريركية اللاتين في القدس:
•ماذا قال البابا بينيديكتوس السادس عشر في المانيا عن الاسلام؟ ماذا حصل بالضبط في محاضرة البابا بينيديكتوس السادس عشر في المانيا والتي أثارت العالم الاسلامي؟
- زار البابا المانيا الاسبوع الماضي، وزار بالتحديد ولاية بافاريا حيث ولد وترعرع ودرس وعلّم. وقد دعي الى القاء محاضرة في جامعة ريغينسبورغ حيث كان استاذا ونائبا للرئيس بين عامي 1969 و1971 واختار لمحاضرته موضوع "العلاقة بين الايمان والعقل".
•لماذا اختار البابا هذا الموضوع؟
- لأن البابا مهتم بأوروبا التي عدلت عن الايمان او هي آخذة بالعدول عنه، بحجة التقدم العلمي والقول ان العلم والايمان لا يتفقان. فهو يريد ان يبين ان لا تناقض بين العقل والايمان، وان التقدم العلمي ليس مبررا لترك الايمان. فاختياره لهذا الموضوع جاء ضمن الخط التعليمي الذي اتبعه منذ ان تبوأ رئاسة الكنيسة الكاثوليكية. وقد انتهى من محاضرته بالقول: ان التقدم العلمي ضروري ولازم ولا يقضي حتما بالتخلي عن الايمان. فالايمان والعقل يتكاملان. والحضارة التي تتخلى عن عنصر الايمان بالله تصبح عاجزة عن الحوار مع الحضارات الاخرى. ولهذا لا بد من ابقاء الايمان مع التقدم العلمي الكبير الذي حققته الانسانية.
•وكيف تطرق البابا في هذه المحاضرة الى الاسلام؟
- بدأ حديثه بكل بساطة، قال: قرأت كتابا نشر حديثا ويحوي مناظرة لاهوتية بين الامبراطور المسيحي اليوناني مانويل الثاني، امبراطور القسطنطينية، وعالم فارسي مسلم. وهو كتاب وضعه على الارجح الامبراطور نفسه بين السنوات 1394 و1402 أي في السنوات التي كان الاتراك المسلمون يحاصرون فيها القسسطنطينية. ومن هنا يفهم القارىء لهجة الامبراطور الهجومية على الاسلام. وقد أخذ البابا اقتباسا من هذا الكتاب كمدخل لحديثه، ليقول ان هذا الموضوع أي العلاقة بين الايمان والعقل موضوع مطروح في كل الديانات.
قضية المناظرة كانت فقط مدخلا للموضوع، وقد أورد اقتباسا من كاتب آخر فرنسي معاصر اسمه أرنالدز الذي يستشهد بالعلامة ابن حزم الاندلسي المتوفى في بلدته قرب أشبيلية عام 1064، والذي يعالج الموضوع نفسه، أي العلاقة بين العلم والايمان. كما استشهد ايضا بلاهوتي مسيحي آخر يتقارب موقفه من موقف ابن حزم وهو اللاهوتي دونس سكوت.
•وما المثير للاسلام في كل هذا؟
- يعالج الفصل السابع من المناظرة بين الامبراطور اليوناني مانويل الثاني والعالم الفارسي العلاقة بين الايمان والعقل، ويربطها بقضية استعمال العنف في الدين بصورة عامة. وفي المناظرة كلام واستشهاد من الشرائع الثلاث أي العهد القديم والجديد والقرآن الكريم. يتكلم الامبراطور على الجهاد ويقول: "ان نشر الايمان بالعنف هو أمر يناقض العقل. لأن العنف لا يتفق وطبيعة الله وطبيعة النفس البشرية. وان الله لا يرضيه الدم. وعدم الانقياد لما يقوله العقل مناقض لطبيعة الله... من أراد ان يهدي انسانا ما الى الايمان يفعل ذلك بالكلام الحسن من غير قوة ولا تهديد... لاقناع روح عاقلة لا يحتاج الانسان الى ذراع قوية او الى سلاح أيا كان أو الى أية وسيلة تهدد الانسان بالموت..." ثم ذكر جملة قالها الامبراطور في مناظرته وهي الجارحة في حق الاسلام. قال الامبراطور اليوناني في حديثه عن العنف مع مناظره الفارسي: "أرني أي خير أتى به محمد. انه لم يأت الا بما هو مسيء ومناقض للانسان، وانه نادى بنشر الدين بالسيف". يقول هذا الكلام الامبراطور المسيحي الواقع تحت الحصار التركي عام 1394، وليس البابا. ومن هنا يمكن القارىء ان يحلل الموقف.
•والآن ما رأيك في ردود الفعل في العالم الاسلامي والمسيحي؟
- أولا انا أتساءل: من أوصل الى الاعلام العربي والاسلامي هذا المقطع الصغير من هذه المحاضرة العلمية الموجهة الى اوروبا العلمانية وليس الى الاسلام؟ ألا يمكننا ان نشك في ان من ابرز هذه الاسطر القليلة في هذه المحاضرة يريد ان يحدث فتنة. ويريد ان يوجد في العالم الاسلامي ردود فعل يظهر فيه الاسلام بصورة تضاف الى الصور السلبية عن الاسلام في العالم اليوم؟
وثانيا يجب ان تكون ردود فعلنا على مضمون المحاضرة ككل: فالبابا يوجه كلامه الى أوروبا العلمانية وليس الى الاسلام. ويتكلم على موضوع العقل والايمان ولا يتكلم على الاسلام.
وثالثا لعل هذه "الخضة" تكون "خضة" حضارية فتدعونا مسيحيين ومسلمين الى أن نقرأ معا تاريخنا، المسيحي والمسلم، لنفهمه معا ونجعل له معنى واحدا مشتركا.
Opinions