Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

البطريرك لويس روفائيل: هل نحن في حلم؟

لقد أنزل بطريرك كنيسة المشرق الكلدانية لويس ساكو سلاما وبردا على قلوب أبناء كنيسة المشرق بتسمياتها ومذاهبها المختلفة. لقد أدلى في مقابلته الأخيرة (رابط 1) بتصريحات حول الوحدة والشفافية لا أظن أننا كنا نحلم ان نسمعها يوما ما من أحد رؤسائنا الكنسيين.  هذه التصريحات بث فيها البطريرك فسحة أمل كبيرة في شعبنا وكنائسنا وبرهن وفي فترة قصيرة لا تتجاوزاسابيع قليلة  منذ تسنمه سدة البطريريكة أننا امام زمن جديد قد يعيد لنا مجد كنيستنا المشرقية ويجمعنا ويحمينا من التشتت والضياع الذي نعانيه.

لقد اثلجت صدورنا ولا فظ فوك وأنت بعدك في أسابيعك الأولى تقول أنك مستعد للتنازل عن المنصب في سبيل وحدة شعبك المشرقي المسيحي لا بل انك على إستعداد لتغير الإحتفال بأحد ألأعياد الكبيرة كي تلتقي مع أشقائك ليس في منتصف الطريق بل أنك على إستعداد للذهاب إليهم في اخر الدنيا من اجل الوحدة، أسمى وأعز هدف لدى الغالبية الساحقة من أبناء وبنات شعبنا.

لن يخيب ظننا؟

نعم لم يخب ظني حتى الأن عندما حالفني الحظ كي أكون أول مسيحي مشرقي يرتجل كلمة التهاني في يوم تسنمك للمنصب وقلت فيها بلغتنا السريانية الجميلة: هانو يوما دعوذ مريا، تاو نذوص ونحدى به؟ هذا هو اليوم الذي صنعه الرب تعالوا نفرح ونتهلل به.

أقوالك وكلماتك صوب الوحدة أظن أنها اليوم تجعل كل أبناء وبنات كنيسة المشرق يصرخون ويرتلون هذين البيتين اللذين إستقيتهما من المزامير.

لنكن بمستوى المرحلة

أملي ان نكون كلنا بمستوى هذا الخطاب وهذه الخطوة الشجاعة ومن هذا الموقع أمل كما يأمل كل أبناء وبنات شعبنا أن يضع البطريرك دنخا والبطريرك أدي يديهما بيدك والثلاثة سوية تلتقون في القريب العاجل وفي بيان أولي مشترك تضعون خارطة طريق لوحدتنا يبدأ بالعودة إلى إسم كنيستنا التاريخي المجيد وهو كنيسة المشرق وترسلون رسالة رعوية مشتركة بتوقيع كنيسة المشرق. رسالة كهذه أظن انها ستهدىء مخاوفنا وتمنحنا الطمأنينة على مستقبلنا كشعب وكنيسة مشرقية عظيمة.

ماذا عن البيت الكلداني؟

وبخصوص البيت الكلداني وكنيسته المشرقية فإن الخطوات التي إتخذتموها حتى الأن مذهلة حقا (عدا في نقطة واحدة سأتي عليها أدناه). لأول مرة تدخلون الشفافية من أوسع ابوابها في كنيستنا وتشيرون بجراءة لا يمتلكها إلا القادة الشجعان إلى إختلاسات  وفساد ومخالفات وفوضى سميتها  "عبي بالخرج" ومن ثم تقولون أن أمورا مثل هذه حدثت في مؤسسة الكنيسة الغربية – الفاتيكان – الذي يحاول اليوم جهده إستئصالها – حقا لم نر شفافية بهذا المستوى في صفوف شعبنا... أمور مؤسساتية كنسية مثل هذه وكثير غيرها كان كاتب هذه السطور يشير ولايزال  إليها مع ذلك كان يأتينا ولا يزال هجوم من المستفيدين والطائفيين والمذهبيين ومن الذين لا يميزون بين الكنيسة كمؤسسة يجب أن تدار بشفافية وأخلاق وعدالة إنسانية والكنيسة كرسالة إنجيل، إنجيل المسرة والرجاء الصالح. نأمل أن تبسط هذه الشفافية ذراعيها كي تشمل كل إبرشية وخورنة كلدانية في اي مكان من العالم. أملنا فيكم كبير.

نقطة خلافية مهمة

وتبقى نقطة واحدة. إنني لست مداحا أبدا إلا في محله وأقول إنني أخالفكم الرأي فيما ذهبتم إليه من حيث الهوية الكنسية المتمثلة بالأدب الكنسي والليتورجي لكنيستنا المشرقية. أقول ذلك من باب حرية والرأي والنقد البناء والجدال والحجة والحوار حيث ان المسيح وافق أن يحاور ويجادل الخطاءة والعشارين والزناة والفريسيين وحتى الشيطان الذي أراد أن يجربه. فإن كان سيد ورب الكل قبل بالجدال والحوار بهذا الشكل فيجب أن يتسع صدرنا لبعضنا بغض النظر عن مناصبنا لأننا في اي حال من الأحوال عبيد بطالون مسعانا الأول والأخير هو ملكوت السماء الذي لن نحصل عليه إلا من خلال الإنجيل والمسيح وصليبه وليس من خلال مذاهبنا ورجالات دينها وغيره.

 وعليه أرى ان الموقف الذي إتخذتموه منذ توليكم سدة البطريركية وفي اللقاء الأخير – بالطبع هذا الموقف له جذور تاريخية لن نغوص في تفاصيلها – لا  يمثل ما تريده الغالبية الساحقة من أبناء وبنات كنيستنا المشرقية وكذلك لا تفعله أي كنيسة كاثوليكية غير مشرقية.  ونحن في الغرب ونجوب العالم. كل كنيسة محلية لها لغتها وليتورجيتها ووصف الذين يريدون الحفاظ على هويتهم الكنسية مع مراعاة الظروف العصرية أي وصفك لنا نحن محبي هويتنا ب "المحافظين والمتعصبين للتراث كتراث" إتهام باطل وغير موفق وفي غير محله.

تعريف غير سليم

هذا ليس تعريفا سليما للمتعصب او التعصب. المتعصب هو الذي يفرض لغة أجنبية وطقوسا دخيلة وأناشيد من تراث الغير وتقاليد الأخرين على هوية أخرى. أما إن كان صاحب هوية ويغادر هويته ويفرض على نفسه وأخرين من بني قومه هوية ولغة وطقوسا أخرى بأي عذر كان فهذا ليس متعصبا بل أكثر من ذلك بكثير ... الذي يتعصب لهويته ولغته وطقوسه وأناشيده هو الإنسان الحكيم وغير المتعصب لأن هذا حق منحته له الطبيعة والتاريخ ومنحه له الله والإنجيل. هذا الحق لا يتنازل عنه الكردي اوالعربي اوالأفريقي اوأي شعب أخر كنسيا وهوية وإن جرت محاولة تهميشه تحت اية ذريعة يوصف القائمين بذلك بالمتعصبين ويلقون مقاومة شديدة.

لنتمثل بالإنجيل

الإنجيل يقول بعد حلول الروح القدس تلمذوا كل بلغته وأنا أقول نعم بلغته أي لغتي ولغة المئات الالاف من الكلدان وليس لغة انفار قليلة من الذين يدعون العروبة ويفضلون العربية لا سيما في صفوف الإكليروس اوالكرد او الفرس إن وجدوا في صفوفنا. تلمذونا بلغتنا وبأدبنا وليتورجيتنا حفظكم الله كما قال لنا ولكم الإنجيل.

أنا أجوب الدنيا وقلما ابق دون أسرار وأقول حتى القبائل الأفريقية التي للتو خرجت من الغابات ودخلت المسيحية (الكثلكة) لا تقبل اليوم ان يهمش تراثها من رقص وأنغام وطبول وموسيقى ولغة  وأناشيد في ممارساتها الكنسية وحتى إيقوناتها وصورها للمسيح والتلاميذ وغيرهم سمراء وسوداء اللون ذات شعر مجعد.

قبيلة الزولو – وحضرت قداسها في جنوب أفريقيا – تعلمت الكتابة قبل عقود ودخلت المسيحية قبل سنين تحافظ وتتعصب لتراثها ولغتها وتدخلهم في ممارسة مسيحيتها فكيف لشعب إستنبط الشعر الحر 1700 سنة قبل أوروبا و2000 سنة قبل العرب، تريدهم اليوم ان يستبدلوا تراثهم بالفارسية والكردية والعربية؟

جدلية الوحدة والتراث والهوية

وأنتم تنشدون الوحدة يجب ان تكون وحدتنا ذات هوية مسيحية مشرقية حقيقية بكل ما تمثله من تراث وليتورجيا بالشراكة الإيمانية والإنجيلية مع الكنيسة الجامعة للمكون الكلداني الكاثوليكي ولبعض أشقائنا الأشوريين الكاثوليك.

إن دخل الفرس والكرد المسيحية فهذا حقهم ان يحتفظوا بتراثهم ولغتهم وتقاليدهم ولكن أن تفرضوا علينا الفارسية والكردية كما فرضتم العربية في كثير من الأحيان قسرا ودون مبرر فهذ أمر أخشى أنه سينسف كل ما تريدون بناءه.

الكلداني الكاثوليكي، إن قمتم، كما فعل ويفعل البعض – دون ذكر الأسماء –بالتعريب والتكريد والتفريس سيتغرب عن كنيسته الكلدانية كما يحدث اليوم في السويد مثلا وغيرها من الأماكن حيث تطغى العربية والعروبة دون وجه حق لأن الغالبية تتحدث السورث لا سيما الجيل الجديد.

وهكذا ترى الناس الذين غربتهم هذه السياسة وأفقدتهم هويتهم الكنسية المشرقية يغادرون الكنسية الكلدانية زرافات بعضهم إلى الكنيسة السويدية الكاثوليكية وأخرون كثيرون إلى الإنجيلية. بيد أن تواجدهم الكثيف في الكنيسة السويدية لم يجعل هذه الكنيسة أن تقبل إدخال حرف من هويتنا وليتورجيتنا ولغتنا وأناشيدنا رغم ان نسبة السويديين الكاثوليك لا تتجاوز 10 في المائة من مجموع عدد الكاثوليك في البلد هذا. وينطبق نفس الشيء على كل الكنائس المحلية الكاثوليكية ولا تشذ عن هذه القاعدة إلا الكنيسة المشرقية الكلدانية وبعض الكنائس الشرقية الأخرى.

إن خسرت كنيستنا المشرقية الكلدانية – وهذا ما أخشاه – هويتها المشرقية المتمثلة بلغتها وليتورجيتها فإنها ستخسرخسارة عظيمة وتنهي نفسها بنفسها.

ولهذا فإنني رغم سعادتي الغامرة بالرئاسة الجديدة والخطوات التي إتخذتها حتى الأن فإنني أخشى كثيرا من شعار" التجدد" الذي رفعته. هذا الشعار ليس جديدا. له سوابق كارثية على كنيستنا ولا نريد أن نؤشر او نفصح عن الذين أدخلوه بهذا الشكل الفج في كنيستنا لأننا شعب صغير ولكن نتيجته كانت ان صار لكل واحد طقسه وصلاته وترجمته وأناشيده لأن لو سمحت بكل اللغات – وهذا ما لاتقبله أي كنيسة محلية حتى المتكونة من قبائل أفريقية للتو دخلت المسيحية – منحت الفرصة للإرتجال والإرتجال أخطر شيء على أية مؤسسة وعدو الشفافية.

رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,652165.msg5949424.html#msg5949424

Opinions