التأريخ الحقيقي لبداية السنة الآشورية : 6759
لكل أمة ثقافتها ولكل ثقافة أصولها ومميزاتها، وبما أن الأمة الآشورية اليوم هي امتداد ثقافي للعراق منذ آلاف السنين، لذلك فإن الآشوريين لا يزالوا يتقلدون بالكثير من التقاليد القديمة ومنها رأس السنة الآشورية : "ريش شاتين" - (rêš šatin) والتي يسمونها اليوم بالآشورية الحديثة "ريش شيتان". أما احتفالات رأس السنة الآشورية فكانت تسمّى "آكيتو" والتي كانت تجري طقوسها الدينية في "بيت أكريبي" (بيت الصلاة) وكان هذا معبد مردوخ في مدينة بابل (عرف في أكذوبة التوراة ببرج بابل) - أما خلال فترة احتفالات "آكيتو" فكان يسمّى مؤقتاً بـ "بيت آكيتي" وكانت آكيتو تأخذ مكانتها في باقي المدن الآشورية أيضا وأههمها نينوى.كثيرا ما تناول الكتاب الآشوريون في السنوات الأخيرة، تفسير هذه المناسبة وهذا يعدّ انعكاسة إيجابية من ناحية الإهتمام والتعمّق في التقاليد الآشورية الممارسة حتى اليوم، وقد أدّى اهتمام الآشوريين بهذه المناسبة إلى دفع قسم آخر من أبناء الأمة الآشورية باتجاه ممارسة هذا الإحتفال المقدّس وبشكل خاص من كانوا بعيدين عن تاريخهم وثقافتهم الآشورية على امتداد عشرات السنين لأسباب عدة، منها ظلم الأنظمة المتخلفة في الشرق الأوسط ومواعظ رجال الدين المفسدة للأجيال والإختلاط في مجتمعات غريبة وغيرها من الأسباب التي لا متسع لذكرها نظرا لكثرتها ... ولكن ها نحن اليوم رغم كل المصاعب نرى الآشوريين بكافة طوائفهم ومن مختلف انتماءاتهم المناطقية يحتفلون جميعا بآكيتو.
من الجدير بالذكر أن تأريخ يوم رأس السنة الآشورية كان يعتمد على عدة عناصر طبيعية وأهمها القمر، فقد كان معلوما بأن شهر "نيسانو" (نيسان) يبدأ بحسب التقويم الآشوري (سواء في بابل أو نينوى) بليلة الإعتدال الربيعي، وقد قمنا بكتابة بحث حول معاني "آكيتو" وأصولها، ووقعنا بنفس المغالطة، إلا أنّ المدوّنات الأثرية تبقى المرجع الأوّل والأخير ومنها الألواح المسمارية في متحف لندن.
لم يهمل الآشوريون تدوين أي شيء يتعلق بميزاتهم القومية، وقد تركوا لنا إرثا ثقافيا لا تزال أجيال البشرية ترتوي منه، إلا أنه من الجيـّد أن يُعطى أجدادنا حقهم على الأقل بفهم نواياهم ومعتقداتهم، بخصوص آكيتو، فإن ما تذكره الألواح الآشورية يؤكد بشكل لا يقبل الجدل، بأن اليوم الأول من السنة الآشورية يبدأ مع اكتمال "القمر الجديد" في آذار، أي مع إنتهاء شهر آذار "القمري" الذي يقع بين قمرين جديدين وطول هذه الفترة كان أقل من ثلاثين يوم، والتقويم الوحيد الذي لا يزال يستعمل هذا النظام هو التقويم الهجري لدى المسلمين.
وعند الشعوب القديمة كان الشهر القمري يبدأ مع القمر الجديد وهو ما نراه في الصورة أعلاه “New Moon”. ومن الجدير بالذكر يأن طول هذه الفترة كان حوالي 29 يوم و 12ساعة و44 دقيقة و3 ثواني يتوسطها اكتمال القمر (Full Moon) مرّة واحدة شهريا، مما يعني بأننا لا نستطيع تحديد تاريخ مرقـّّم ارأس السنة الجديدة لأن القمر الجديد سيتغيّر تاريخه الرقمي كل سنة بالتقويم الحديث.
وبالعودة إلى الألواح الآشورية نأخذ اللوحة K-15، وننقل ما جاء فيها بالترجمة المعتمدة من قبل المتحف : "في السادس من نيسانو، تساوى الليل مع النهار. زوج من 6 ساعات نهار وزوج آخر من ستة ساعات ليل... فليبارك نابو ومردوخ سيدنا الملك" ، والمقصود هنا بأن الإعتدال الربيعي صادف في اليوم السادس من السنة.
أما اللوحة K-709 قترجمتها : " في الخامس عشر من نيسانو تساوى الليل مع النهار. زوج من 6 ساعات نهار وزوج آخر من ستة ساعات ليل... فليبارك نابو ومردوخ سيدنا الملك" والمقصود هنا بأن الإعتدال الربيعي صادف في الخامس عشر من نيسان.
إن تشابه العبارات في اللوحتين يقودناإلى استنتاج حول احتمال وجود مدونات حول كل سنة كونها على ما يبدو ديباجة تتكرر ولا يتغـيّـر فيها سوى تاريخ الإعتدال وهذا دليل قاطع على أن الأول من نيسانو لم يكن تاريخا ثابتاً.
أما بخصوص اليوم، فمن الأنسب الإحتفال برأس السنة الآشورية في الأول من نيسان تحديداً (نيسان الحديث) كونه اليوم الذي طالما احتفلت به الأمة الآشورية وباعتيار "نيسان الحديث" شهر الخيرات والبركة، وإذا كان الفرس يحتفلون برأس السنة الفارسية (نوروز) في الحادي والعشرين من آذار، فهذا باعتمادهم على "الإعتدال الربيعي" أو بداية فصل الربيع، وهذا شأنهم.
وتصادف هذه السنة بداية السنة الآشورية 6759، عند بداية القمر الجديد في آذار، أي اختفائه كلياً من مجال الرؤية ليظهر اعتبارا من السابع والعشرين بشكل هلال رفيع جداً، وهكذا فإن القمر الجديد لآذار/2009 يبدأ في 26/03/2009 وقددته الأرصاد الفضائية بتمام الساعة الرابعة وخمس دقائق عصراً (16:05 PM)
نتمنى للشعب الآشوري أينما تواجد، أطيب التمنيات بمناسبة السنة الآشورية الجديدة 6759 راجين من آشور تعالى أن يرعى شعبه الذي كان أول من عرفه ومجـّـده.
للمزيد من المعلومات عن رأس السنة الآشورية ونبوءاتها حول مجيء السيد المسيح، الرجاء النقر على الرابط التالي :
http://www.bethsuryoyo.com/currentevents/AGNisan6752/NisanArabic.htm
ملاحظة : شكر خاص للسيد روبرت بابا من الولايات المتحدّة الذي كتب بحثا مختصراً داحضا فيه نظرية بداية رأس السنة الآشورية بـ"الإعتدال الربيعي" (التي كنـّا ندعمها)، وذلك بالإعتماد على براهين قاطعة استعملناها في الأسطر أعلاه، وهي ترجمات اللوحات الآشورية في المتحف البريطاني.
آشور كيواركيس - بيروت