التحالف الرباعي: مكاسب سياسية في ظل حكومة ضعيفة
آثار التحالف الرباعي الذي أعلن عنه مؤخرا بين حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الإسلامي العراقي الأعلى والحزبيين الكرديين الرئيسين الديمقراطي الكردستاني والوطني الكردستاني استغراب العديد من الأوساط السياسية والإعلامية المحايدة منها وحتى المسايرة للعملية السياسية في العراق، لا سيما أنه جاء في وقت شهد انسحاب وزراء جبهة التوافق العراقية من حكومة السيد نوري المالكي إلى جانب تصدعات أخرى مهمة في هذه الحكومة.ومبعث الاستغراب هو أن هذا التحالف جاء عقب مباحثات كان يُفترض أن تجد حلولا ومعالجات لانسحاب جبهة التوافق، مع محاولة رأب صدع التصدعات الأخرى بينما كان في الواقع عبارة عن اتفاق بين أطراف متحالفة أصلا سواء ضمن الحكومة أو البرلمان، وقد غابت عنه الأطراف المتقاطعة مع الحكومة والعملية السياسية كالتوافق وحزب الفضيلة والتيار الصدري.
لذلك فإن تحليل بسيط للموقف يقود إلى تفسير واحد لا ثان له، وهو أن هذا التحالف إنما يراد به تحقيق مكاسب سياسية للأطراف المشاركة فيه، وذلك في ظل حكومة ضعيفة يمكن تمرير الأجندات الخاصة بهذه الأطراف من خلالها بسهولة ويُسر.
فجناح حزب الدعوة الذي يقوده السيد المالكي يريد استمرار الأخير في منصبه حتى وإن كان ضمن حكومة مشلولة، لكي يتمكن من تحقيق المزيد من المكاسب من خلال نفوذه في العديد من المؤسسات الحكومية وما يتبع ذلك من مكاسب أمنية واقتصادية ومالية كبيرة، هذا إلى جانب تقوية موقفه في مواجهة الأجنحة الأخرى في حزب الدعوة، ولا سيما جناح الدكتور إبراهيم الجعفري.
والمجلس الإسلامي العراقي الأعلى يريد في التحالف فرصة جديدة لاستمرار وتكريس سياسته ومخططاته التي من أبرز ملامحها إقامة إقليم الوسط والجنوب والسيطرة على الثروات النفطية في هذه المنطقة من العراق.
أما مصلحة الحزبان الكرديان الرئيسيان فهي واضحة تماما وتتمثل في التأكيد على تطبيق المادة 140 من الدستور والمتعلقة بضم كركوك إلى إقليم كردستان العراق. حيث يدرك أطراف التحالف الأربعة أن تحقيق غاياتهم وأجنداتهم هذه في ظل حكومة ضعيفة ومتصدعة أسهل بكثير من تحقيقها في ظل حكومة وحدة وطنية قوية.
ولكن: ما موقف الإدارة الأميركية مما يحدث؟. الإجابة: لا يهم الإدارة الأميركية ما إذا كانت في العراق حكومة قوية أو ضعيفة.. مثلما لا يهمها مصير الشعب العراقي وأمنه واستقرار البلد بدليل سياستها المعروفة خلال السنوات الأربع الماضية.
لا بل أن وجود حكومة ضعيفة في العراق كحكومة المالكي الحالية قد يكون أفضل للولايات المتحدة.. ذلك لأن لها هي الأخرى أجندات ومصالح تريد تحقيقها.. ومن ذلك على سبيل المثال إقرار قانون النفط والغاز الذي يتيح لها الاستحواذ على النفط العراقي على المديين المتوسط والبعيد وهو لما يزل في بواطن آباره.
هذا تحليل بسيط لمجريات الأمور في الساحة العراقية. والأزمة السياسية في العراق لا زالت إذن قائمة.. وكمراقب محايد أتوقع للتحالف الرباعي هذا أن يبقى حبرا على ورق.. لأنه في الأساس لم يأت بجديد، وسيبقى العراقيون يدفعون الثمن من دمهم وأمنهم واستقرارهم. وعلى جميع القوى والأطراف السياسية الفاعلة في العراق أن تواصل إعادة النظر في مواقفها إذا كانت حقا تمثل هذا الشعب وتريد له الخير.. وكفى ضحكا على الذقون، ويبقى الأمل قائما في كل حين.. لأنه أولا وأخيرا: لا يصح إلا الصحيح.