Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

التحالفات الانتخابية وعوامل الرخاوة والتماسك

لطيف القصاب/
نسلم مقدما بحقيقة أن التجربة الديمقراطية العراقية تسير بخطى حثيثة نحو الإمام واكبر شاهد يدعم هذا الرأي ان القسم الأعظم ممن كان تهيج أعصابه لفظة الانتخابات بات منخرطا في المجاهرة بدعوة الناخبين الى صندوق الاقتراع ولم يتبق من الجيش المعادي لمظهر الديمقراطية هذا الا بقايا الفكر القاعدي وهؤلاء ما عادوا يمثلون بكل أشكالهم وأشلائهم سوى فرقة يكاد الشارع العراقي يجمع على ضآلتها وربما ضلالتها ايضا.

لكن ثمة مشكلات أعاقت تقدم التجربة في الماضي القريب وستظل الى امد غير معروف تحكم قبضتها في مجريات ومآلات الإحداث خاصة في نطاق القوى السياسية العربية ومن يدور في أفلاكها، من ذلك انفراط عقد التحالفات المستندة الى حسابات تكتيكية كما هو الحاصل قبل وبعد كل موسم انتخابات لاسيما الانتخابات النيابية، اذ سرعان ما تأخذ نظرة الاستئثار ببعض الشركاء إلى إعلان الانشقاق والسعي باتجاه تشكيل جبهات أخرى ليس مهما أن تكون مغايرة أو مماثلة في توجهاتها الفكرية لسابقاتها بقدر ما يهم أن تكون مختلفة من حيث تبدل الزعامات.

قد يتبادر إلى الأذهان أن النزعة الانفصالية بين معظم القوى السياسية التي تشكل المشهد الانتخابي الحالي آخذة بالاضمحلال بدليل وجود ظاهرة رسائل التنازل المتبادلة عن كرسي الوزارة التي يبعث بها (إعلاميا) بين الحين والآخر غريم سياسي لغريم سياسي آخر غير أن هذا الموضوع لا يمكن حمله على محمل الجد إلا بعد انكشاف جميع النتائج الانتخابية وبعض النوايا السياسية طبعا.

وعليه فان قدر التشرذم بين التحالفات السياسية الراهنة قدر لا مفر منه ونحن هنا نحاول استباق الأحداث وقياس أحجام هذا التشرذم على الأقل في ما تسميه صحيفة لوس انجلوس الأمريكية بالأقزام الأربعة الذين سوف يخرجون فائزين من المضمار الانتخابي ولكن ليس منتصرين تماما، وهم قائمة ائتلاف دولة القانون وقائمة الائتلاف الوطني والقائمة العراقية وقائمة التحالف الكردستاني غير أننا سوف نستبدل بالقزم الكردي قائمة ائتلاف وحدة العراق لكي يتناسب الكلام هنا مع فكرة المقال التي استندت إلى تقييم تحالفات القوى السياسية العربية ومريديها من القوميات العراقية الأخرى.

وبقدر ما يتعلق الأمر بالقائمة الأخيرة أي قائمة وحدة العراق فان بوادر الانشقاق بانت مبكرا على هذه القائمة (المتحدة) من حيث عدم اتفاق الأطراف الرئيسة المؤسسة لهذا التحالف الانتخابي على شخصية القائد الفعلي لقائمة وحدة العراق هل هو الشيخ احمد ابو ريشة ام وزير الداخلية جواد البولاني ام رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني؟

فكل من هؤلاء لا يرضى بمنح منصب الزعيم لغيره وان حاول الإيحاء بأنه قيادي واحد من عدة قيادات، وان التحالف يُقاد بروح الفريق الواحد، ونستطيع أن نجزم مقدما بان عناصر هذا التحالف هم الأكثر ميلا لفكرة التخلي عن بعضهم والبحث عن شركاء بدلاء، وسوف يلوذ ذوو النفوذ منهم بعرى الانفصام واللجوء إلى إنشاء تحالفات سياسية جديدة حتى مع التيقن بالحصول على مكاسب اقل؛ كراهية إن يصب الحكم في من يكون قائدا لهذا التحالف في مصلحة واحد من اؤلئك الثلاثة على وجه التحديد.

أما القائمة العراقية فان طبيعة الدعم الإقليمي العربي المركز لهذه القائمة والنظرة البرغماتية التي ساقت الكثيرين من الساسة مختلفي المشارب والانتماءات إلى هذا التجمع بالذات قبل الانتخابات ستفضي بعدد كبير منهم نسبيا إلى الانشقاق عن هذه القائمة والسعي من اجل إنشاء كتلة مؤسسة وفقا لطابع قومي ومذهبي معين وستكون لأعضاء الحزب الإسلامي الفائزين بفضل الانضواء تحت هذه القائمة اليد الطولي في صناعة الانشقاق المرتقب والسعي لتشكيل تجمع على أساس مذهبي معروف، وسوف تزداد فرص هذا الانشقاق كلما تأكدت القناعة لدى البعض بان حظوظ علاوي السياسية لا تؤهله بالظفر بمنصب رئاسة الوزراء.

أما قائمة الائتلاف الوطني فان طبيعة الخسارة السياسية التي لحقت بالمجلس الإسلامي العراقي الزعيم التاريخي لهذا التحالف ودخول التيار الصدري ذي الجماهيرية الواسعة حليفا قويا بعد خصومة مزمنة مع قطب الرحى في هذا التحالف سيضع أكثر من عصا في دواليب الاتحاد إذا لم ينتهج الأعضاء إستراتيجية بعيدة الأمد تتجاوز الإحن والضغائن الموروثة والمكتسبة، وإذا لم يفلح المتحالفون في محاولات إيجاد صيغة تتجاوز حالة الغالب والمغلوب وهذا فرض ممجوج في اللغة السياسية المتداولة.

وبالنسبة لأقوى التحالفات وادعاها الى التماسك كما نظن فهو تحالف اتحاد دولة القانون نظرا لطبيعة العناصر المشكلة لهذا التحالف والتي لا تخرج بغالبيتها عن منتمين الى تنظيم سياسي هو حزب الدعوة الإسلامية لايتوقع في اكثرهم غير الانصياع الى قرارات الامانة العامة او شخصيات سياسية ستبقى مدينة بالوفاء لمن أوصلها أو أبقاها في سدة النفوذ أو شخصيات عشائرية لن يضر خروجها كثيرا اذا ما قررت الخروج بالعدد الإجمالي لهذا التحالف.

* مركز المستقبل للدراسات والبحوث

http://mcsr.net

Opinions