التشكيلات الشعبية تجربة مرحلية ناجحة..ينقصها الدعم والتنظيم
النجاح الكبير الذي تحقق على الساحة الامنية، وما نجم عنه من تحسن ملحوظ تمثل في عودة اعداد هائلة من العوائل المهجرة داخل العراق او التي نزحت الى دول الجوار وغيرها من البلدان. وكذلك تحسن الاداء في بعض الامور الخدمية على المستوى الداخلي، وانفتاح الدول العربية والأقليمية على العراق مع تغير كبير نحو الأفضل في مواقف كانت مترددة منذ اكثر من اربع سنوات. هذه النجاحات وغيرها ما كانت لتتحقق لولا مشاركة قطاعات واسعة من ابناء شعبنا الصابر في مواجهة الموجات الارهابية ومجابهة هجماتها الشرسة باقدام وضراوة وذلك من خلال التشكيلات الشعبية والجماهيرية في محافظات العراق والعديد من مناطق بغداد غير المستقرة والتي نظمت على شكل مجالس صحوة او تجمعات انقاذ باشراف ومبادرة الخيرين من رجال الدين وشيوخ العشائر والوجهاء في تلك المناطق والمحافظات. فالتجربة الشعبية التي بدأت كتطبيق ميداني في محافظة الأنبار وأوقد شعلتها الشيخ الشهيد عبد الستار ابو ريشة امتدت لتصل تدريجيا الى مناطق سقطت فعلا بيد عصابات القاعدة واستعصى أمر اعادتها على يد القوات المسلحة مثل العامرية والأعظمية والدورة والتي اصبحت معاقل ارهابية تهدد العاصمة بغداد وضواحيها ولكنها وبفضل مجالس صحوة جماهيرها استعادت وضعها الطبيعي وتم تطهيرها على يد ابنائها من رجس تلك العصابات الحاقدة.ونجاح تجربة هذه المجالس واللجان الشعبية جعلها ظهيرا مخلصا ورديفا مساندا لقواتنا المسلحة من حرس وطني وشرطة وطنية واثبت على ارض الواقع جدوى هذه التشكيلات ما يستدعي تنظيم وتقنين مسألة تسليمها ودعمها ماديا ولوجستيا وأعلاميا لتشجيع ما تبقى من مناطق غير مستقرة على الأستفادة من هذه التجربة ودفع جماهيرها على الأقتداء بأخوتهم الذين طهروا مناطقهم من نفايات القاعدة ورجس الدخلاء الوافدين. فها هي المدن التي تم تطهيرها على يد ابنائها بمساعدة القوات المسلحة تنعم بالهدوء والاستقرار ولم تتكرر فيها عمليات القتل والتهجير والخطف بينما تشهد باقي المناطق التي تحررت على يد القوات المتعددة الجنسية عودة للأرهابين بين حين وآخر. وهذا يدل دلالة واضحة على ان مبادرة ابناء المناطق تأتي بنتائج افضل وسيطرة على الأمور اكثر جدية. ومن هنا يتوجب على المسؤولين استثمار هذا الأستعداد الحقيقي للتعاطي مع مسألة مكافحة وطرد الأرهاب وصولا لتحقيق المصالحة الوطنية والبدء بعملية البناء. هذا التجاوب الذي اخذت تتنامى وتتصاعد اصوات مختلف الشرائح الداعية له بعدما وضحت الصورة لدى الجميع وبان زيف ادعاءات قوى الضلالة والخراب التي ارادت تخريب العراق وتمزيق وحدة شعبه بطوائفه المتآخية. والذي يجعل عملية دعم اللجان الشعبية ومجالس الانقاذ ومجالس الصحوة على اهمية كبيرة كون القوات المسلحة العراقية ما زالت غير متكاملة الجاهزية والاستعداد. خاصة وان الجيش العراقي قد تعرض الى حالات متعددة من التفكك والاضعاف بسبب الحروب المتوالية التي زجها فيها النظام السابق وما تعرضت له المؤسسة العسكرية العراقية من دمار خلال المواجهة في حرب عاصفة الصحراء وحرب تحرير العراق وقبلها الحرب العراقية الايرانية وحرب احتلال دولة الكويت وآخرها حل الجيش تماما والبدء بعملية التأسيس الجديدة التي واكبت اعمال الخراب والنهب والخطف واحتلال المدن العراقية على يد موجات الارهاب الوافد من خارج الحدود وبموجات شرسة مدعومة ماديا ولوجستيا واعلاميا من جهات مغرضة. هذه الامور تجعل من عملية تشجيع واسناد المبادرات الشعبية والجماهرية حاجة ملحة ناهيك عن الخاصية التي يتميز بها ابناء المناطق بمعرفة جلية بالثغرات الامنية في مناطقهم والتي تستثمرها العصابات الاجرامية. وكذلك غيرة ابناء تلك المناطق وحماسهم حين يشعرون انهم جزء من عملية تهدف الى حمايتهم وتطهير مناطقهم من براثن دخلاء يحاولون تخريب بنيتهم الاجتماعية وتلويث اخلاقهم وهتك اعراضهم. وهذا ما لا يمكن تحقيقه على يد قوات عسكرية نظامية اعدت لخوض معارك على الجبهات وضرب اهداف واضحة مثل القوات المتعددة الجنسية. وعليه فان ابناء العراق ادرى بتركيبة مناطقهم وتداخلاتها وخنادقها جغرافيا وطوبوغرافيا وعادات وتقاليد ونسيجا متشابكا وهم اولى بتطهيرها وحمايتها والحفظ على اصالتها وعليهم يقع وزر التفريط فيها وتضييعها كما يقع على الحكومة مسؤولية تقديم الاسناد والدعم والتسليح.
h_mosawy@yahoo.com