Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

التهرب من الانتماء والجذور ...!!

1
ولد في هذه المدينة الاغترابية وشرب وما زال يشرب من مياه نهر "يارا" الذي يجري في وسط المدينة كما شرب ابائه واجداده من مياه دجلة والفرات ويتكلم اللغة الانكليزية وهي لغة وطنه ويعرف اسم رئيس الوزراء ويتابع بعض البرامج التلفزيونية في القنوات المختلفة وعندما اجتاحت اعاصير الفيضانات ولاية "كويزلاند" حزن كباقي الشعب الاسترالي وتمنى لو كان سنه يسمح بالتطوع للمساهمة في مساعدة اهل المدينة المنكوبة ويعلم ان الدولة خسرت المليارات من الدولارات بسبب هذه الكارثة الطبيعية ويتابع مباريات كاس العالم ويسهر مع والده عندما تجري مباراة المنتخب العراقي مع اي فريق اخر ويعلو صوته بكلمة "كول .. كول"عندما تخترق الكرة العراقية مرمى الفريق الاخر ويرتدي الفانلة المطرزة بالوان العلم العراقي ويتكلم لغة العراق ويعرف الاكلات العراقية المشهورة مثل "الدولمة" و"كبة الموصل" و"البرياني" ويسال قبل كل عيد عن "الباجة" ومشتقاتها ويعرف بغداد ويستمع الى والدية عندما يتحدثان عن ذكرياتهم الجميلة في تلك العاصمة الحبيبة ويعرف مسقط راس جده في تلك البلدة الصغيرة التي تقع في احضان سهل نينوى المترامي الاطراف كما يميز صوت كاظم الساهر بين اصوات الفنانين عندما يستمع الى الاغاني العربية ويعلم ماذا تعني كلمة "العيب" ويصف بعض زملائه في المدرسة بانهم "غير مؤدبين" لانهم لا يعرفون كلمة "العيب" ويبقى استرالي المولد والولاء والوطن ومازال تواقا لزيارة وطن ابائه واجداده ولكن يعلم بان هناك مخاطر كثيرة تحيط لمن يذهب الى الوطن وهناك انفلاتا امنيا في انحاء الوطن ومازال ينتظر تحسن الظروف لزيارة ذلك الوطن الذي مازال جريحا لانه وطن الجذور و الانتماء.
2
الكثير من العراقيين اختاروا المنفى لاسباب سياسية او هربا من الانفلات الامني في وطنهم ولكن "خ.." غادره منذ السبعينات من القرن الماضي لاسباب لم يفصح عنها !! وتسكع عدة سنوات في شوارع وارصفة احدى دول الخليج بكفالة "خليجي"وحاله حال كافة الوافدين من دول العالم لا يستطيع يوما ما ان يحلم بالحصول على الاقامة الدائمة او كمواطن درجة رابعة او خامسة وحاله كالوافد الفلبيني او التايلندي الذي يعمل في "مختلف الاعمال" ومصيره الطرد في اي لحظة يفكر "الكفيل" بالغاء"الكفالة"ولهذا لابد ان يحفظ على ظهر قلب ويردده لكفيله في كل مناسبة "هذا كله من خيرك" وعليه ان لا تتعثر قدمه او يزل لسانه في اي حديث مع "عمه"او عمله والا يغادر البلد مطرودا ويدون اسمه في جداول الممنوعين من الدخول الى البلد !! واحيانا عليه الطاعة حتى لو كانت على حساب كرامته!!
ومن سوء الحظ عندما تجمعك صدفة مع هذا النموذج في جلسة مع الاصدقاء فتجد ان كلامه لا يخلو من النكات البذيئة ويقهقه بشكل همجي وياكل بشكل همجي ويشرب بشكل همجي وصوته يفتقد الى الاداب العامة وعندما يكون الحديث عن العراق او احد من الحاضرين يتكلم عن ذكرياته في بغداد او المقاهي البغدادية في "شارع ابي نؤاس" والمطلة على نهر دجلة الخالد وايام الصبا والشباب والدراسة الجامعية ،يصاب "خ.." بهستريا ولا تلتقط شئ مفيدا من حديثه سوى الحقد على الوطن وانواع من السباب والشتائم !! ويصمت الجميع وتتجه الانظار الى هذا "النموذج" الذي لم يرى احد مثله في الجالية وهنا يهمس احد الجالسين باذن من يجاوره :
- هل هذا عراقي !
- نعم يا صاحبي ولكن ناكر الوطن.
- ولكن هذا اتهام خطير .
- كيف اتهام خطير.
- لان الذي يتنكر لوطنه يتنكر لعائلته واصله وعرضه ثم اردف قائلا .
ومَنْ يظم الأوطان أو ينسَ حقها * تَجِئْه فُنُون الحادثات بأظلم
ثم اكمل حديثه قائلا:
- ايها العراق لك الله من هؤلاء المنافقين الذين يتجارون بمعانتك ويهربون من تاريخك وحضارتك

mattikallo@hotmail.com
Opinions