الثورة البنفسجية : عرس وطلاق في يوم واحد
منذ اربعين عاما والشعب العراقي ينتظر هذه الثورة البنفسجية المتحضرة , وها هو يوم 7/3 /2010 يوم الانتخابات للسلطة التشريعية في العراق .عاش العراقيون بكل اطيافه ومكوناته فى الداخل والخارج يوما اذهل الداني والقاصي واعجزنا بأسلوب وصفه .فهو يوما ولا كل الايام فرحته لا توصف ولكنها تحس , و لونه مبهرا وملفت للانظار كجمال الزهور , طعمه لا يعرف تذوقه الا من ضحى وناضل وابتلى بجور وظلم الحكم الانفرادي والدكتاتوري , صوته لحنا منفردا أطرب كل حزين ومحروم , رائحته غطت المعمورة بعطر اريجيه الفواح بالنصر , كان عرس لا يثمن وانما يقاس بتاريخ التضحيات , رقصنا فرحا بنجاحه كالصلاة يوم العيد , السعادة به عرفناها مترجمة ببسمة على شفاه المنتخبين , عظمته جسدته وحد العراق من الشمال الى الجنوب , قيمته التاريخية انه سطر اعظم ملحمة شعبية تاريخيه بحب العراق قفزنا بها الى مستوى فاق كل التوقعات . يوما شملت فرحته الاصدقاء فأجادت اقلامهم وقرائحهم شعرا وادبا وتقيما تصدرت الصحف والقنوات الفضائية والمواقع الالكترونية .التهاني به اطربت الاسماع وبكل لغات العالم . يوما دحرنا به الاعداء فتقيئو ارهابا ودمارا ولكنهم لم يتمكنو من دحر ارادة العراقيين بتجسيد حرية الكلملة التى حررتهم من جور الطائفية والمحاصصة .يوما خلده شعب اقل ما يمكن وصفه انه تحصيل حاصل لتاريخ عريق .
هكذا كان يوم الانتخابات خرج فيه العراقيون من كل حدب وصوب يجمعهم هدفا واحدا هو حب العراق . يوما طلق فيه الشعب العراقي وبالثلاث الطائفية والفساد والتقسيم . يوما سيتغنى به الشعب وستذكره الاجيال طويلا لانه تعبير ارادي لشعب متعطش للحرية والحياة رغم كل الارهاب والدمار . يوما وضعنا فيه حجر الاساس لاول خطى الديمقراطية في المنطقة العربية وليس هذا بغريب على بلد مابين النهرين ان يكون رائدا بملحمتة الشعبية الانتخابية هذه , يوما اثبت للعالم ان العراقي اينما كان هو لا يزال قلبه ينبض بحب العراق ولم يثنيه عن هذا الحب لا المسافات ولا التهديدات ولا الارهاب ولا حتى الازعاجات التى صدرت من بعض مسؤولي المفوضية والجهات الدبلوماسيه بنسب متفاوته الا انة الشعور بمسؤوليه هذا اليوم الذي سيعلن به للعالم اننا سنكون او لا نكون . يوما كان للمرأه العراقية فيه حضورا لا يقل اهمية عن حضور اخيها الرجل .
هذا اليوم ترجم فعليا ان الشعب اراد الحياة فأستجاب له القدر وقدرنا بهذا النصر العظيم كانت للجهود المتضافره من قبل الشعب وعلى رأسها رجل المهمات , وقف بوجه كل التحديات التى ارادت للعراق الموت والدمار والخراب و بالرغم من كل الحصار والمحاصصة والطائفية والارهاب , لا يخاف بالحق لومة لائم وبغض النظر عن فوزه او فشله في الانتخابات القادمة الا انه فاز ضمنيا بقلوب أغلب العراقيين , هذا الرجل سبق وان ذكرناه في مقالة سابقة بعنوان : لنا في المالكي مآرب اخرى ! نعم هو السيد نوري المالكي وها هي اول المآرب التى تحققت بسعيه واصراره . وها انا احنى رأسي اجلالا وتقديرا واحتراما وشكرا لعراقيته الخالصة , فهو من وضع العراقيين على بر الانتخابات رغم كل الحواجز المميته انفة الذكر وتحققت الارادة الجماعية بأنتخاب السلطة التشرعية بأنسيابية متميزة ومعه كل الشرفاء والمخلصين .
الانتخابات جرت بشفافية ونزاهة وعلى مرأي ومسمع من العالم وبدقتها اخرست كل من يضرب على وتر الخروقات والتزوير والتشويه والارباك , ولنفرض هناك بعض ما يسمونها بالخروقات فهذا ليس عيبا وموجودا في اغلب الدول العريقة بالديمقراطية و التي لها باع طويل في هذا المجال ولكن وضعوا لها الحلول وعلى مسمع الاعلام العالمي والعربي والمغرض معا , فلتتركوا الشعب العراقي يا من تخيفكم منجزاته ودعوه ينعم بحريته !
ولكن نحن بأنتظار التشكيلة البرلمانية 2010 ويا ترى هل ستكون بمستوى الملحمة الشعبية الانتخابية , الشعب العراقي بكل اطيافه ومعتقداته تجاوز كل الخلافات والاشكاليات وقال كلمته , واملنا ورجائنا لساستنا ان يتجاوزا كل الاختلافات والاشكالات قدوة بالشعب ويشكلوا الحكومة بانسيابية لا تقل جودة عن انسيابية الانتخابات وبالسرعة الممكنة , فالانتخابات اهدت لنا مولودها البكر الا وهو اسس الديمقراطية بكل جدارة ويجب على كافة الائتلافات والكيانات السياسية المشاركة ان تكون على قدر من المسؤلية بحمايته ورعايته وتثبيت اقدامه واختيار الراعي الشرعي له لان وآد هذا المولود سيكون من اكبر الكبائر وجريمة لا تغتفر بحق الشعب العراقي . فالعراق هذه المرة ستكون له ردود افعال لا تقل مصداقية عن ثورته البنفسجية التى دفع ثمنها غاليا حقا . فالشعب العراقي بكل متاعبه وحرمانه ودماره خط سطرا ذهبيا للتاريخ فهل سيخط السطر الماسي برلمان 2010 هذا ما ستتمخض به الايام القادمة .
كثرة السينورياهات والتوقعات والاقاويل والاشاعات التي عبرت الحدود وتنوعت الاخبار بتنوع الانتماءات عن التشكيلة البرلمانية القادمة والفوز المحتمل لهذا او ذاك , و لكن مها قيل او سيقال ومها كانت التوقعات صائبة ام خاطئة الا انها اكيد ستفاجئ الجميع , وسيكون اسما على مسمى لسلطة تشريعية تعوض العراق ايام الحرمان التي يمر بها , أذن ما يهمنا وهذا هو اليقين ستكون افضل من البرلمان المنصرم بكل المقاييس وستكون على مستوى الحدث من التغير. فيا ساسة العراق اعملوا ليرئ الله عملكم والعراقيين وكونوا لنا عونا وليس فرعونا !
أ.د.أقبال المؤمن