Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الجريمة والثواب – عدالة اله أم إنسان

zaidmisho@gmail.com
مهما اختلفت القوانين بين الدول ، إلا إنها تلتقي بأهم نقطة وهي العقاب لمن يخالف ، على هذا الأساس سنّت القوانين المدنية وأسست المحاكم ودُرِّس القانون وأختص البعض ليكونوا محامين وآخرين قضاة . وأتخذ الميزان المتساوي الكفين رمزاً للعدل بين جميع البشر مهما أختلفت إنتماءاتهم وأعراقهم ماداموا يحملون جنسية البلد الذي يخضعون لقانونها .

قد يرتشي بعض القضاة أو قد يخطئون كونهم بشر ، إلا أنهم سيتعرضون للمحاسبة متى عرف بأمرهم ، كونهم وأمام عدالة القانون ليسوا أفضل من غيرهم .

ففي الدول المتحضرة والتي تراعي حقوق الإنسان ، تشرّع القوانين لضمان حرية الشعب وتعدّل في كل فترة إن وجد ثغرات أو استجدت أمور تحتاج إلى بنود إضافية تضمن حرية المواطن على أن لاتتعرض لحرية الآخر ، لذا يحاسب كل من يتعدى على حرية الآخرين ، وأقول يحاسب ولايكافئ . ذلك أن الإنسان محدود بطبيعته وغير كامل ، فكيف نصدّق أن هناك إلهاً يطلق عليه صفات الكمال ومع هذا فإن له قوانين يكافيء بها المجرمين والمخالفين ؟

بعد فترة من إستلام صدام لسدة الحكم أصدر مرسوماً يقتضي منح مكافأة عشرة دنانير على ماأذكر لمن يقتل كلباً أو قطاً ، فامتلأت مراكز الشرطة بعشرات الألوف من القطط والكلاب التي ذهبت ضحية قرار مجرم بحق الحيوانات ومن ثم تطورت الأمور لتعلق أنواط الشجاعة على الصدور بأعداد كبيرة وتمنح الهدايا الثمينة وقروض بناء وتوهب قطع الأراضي ، لمنْ كان مساعداً للسلطات من خلال تقديم التقارير والقبض على الأبرياء والزج بهم في السجون لأي سبب ومصادرة الأموال والإعدامات بغير محاكم والمقابر الجماعية لكل شخص كان سبباً بإراقة دم بريء ، ولاأقصد بأن ذلك هو نهج عام . وصحيح كان هناك امتيازات لكثير من الشرفاء ، إنما لاتقارن مع ما يمنح للسيئين ، وقد عرف إسلوب صدام بأنه دكتاتوري ويوصف بالمجرم ويطلق عليه شتى النعوت المبتذلة إستحقاقاً ، هذا على الأرض .

في العالم الآخر ، وما يطلق عليه باطلاً بالسماء كون الأرض سماءً للنجوم والكواكب الأخرى ، يقال بأن هناك إلهاً عادلاً يعاقب الآثمين ويجازي بالخير الصالحين وهو موجود في كل مكان ، وتكفي فكرة معاقبة الآثمين بعقاب شديد لننعت هذا الإله بالجزار ، فكيف لإنسان عاقل ان يصدّق بأن هذا الإله يجازي المجرمين خيراً ؟

قتل أبرياء وتفجير النفس وسط ناس مسالمين ، وفصل الرأس عن الجسد وتحقير الآخر المختلف فكراً وإطلاق تسمية كفار لمن لايتبع دين الآخر والإقتناع بأن المؤمن بحالة حرب أبدية حتى يسلكن الجميع نفس طريقهم الإيماني ، كل تلك الممارسات وغيرها ثوابها قصور في الجنة وجوارٍ يلبين الحاجات الجنسية لرجال تفوق قدراتهم الجنسية بأربعين ضعفاً لمن يعيش في الأرض ، عدا مضاجعة الغلمان ! وخدم وحشم وألذ الموائد تعد لهم ، وكلما زاد الإجرام زادت الهبات والعطايا عبارة عن رذائل وفحش مشرّع . هذا قناعة الكثير من المجرمين ، وهذا هو إلههم العادل ، فكيف يكون إذن الإله الغير عادل ؟

صباح هذا اليوم الأحد 5-12-2010 رأيت ورقة مستنسخة فيها صورة ملونة لكلبة أضاعها أصحابها ظهيرة يوم أمس ، إسمها أنجيل وعمرها 19 عاماً لاترى بوضوح ولاتسمع جيداً ولايوجد أسنان في فمها ، ومع ذلك يبحثون عنها بحرقة قلب ويناشدون من يراها الإتصال بهم على رقمهم الخلوي ورقم البيت الموجود أسفل الصفحة .

إنهم كفار كندا ، يتألمون لفقدانهم كلبة هرمت ومرضت ولم يبقى في جسدها جزء معافى ..

ذهبت للكنيسة من منتصف الظهيرة ، وإذا بوفد من المتطوعين يأخذون عينة من اللعاب لوجود شخص بحاجة إلى فصيلة دم نادرة يعاني من سرطان الدم وهناك خطورة على حياته ، وهو عراقي ويبلغ من العمر 26 عاماً ، وقد أخذت عينات في الأيام القليلة الماضة ولم تتطابق بالرغم من عددها التي تجاوز 1400 عينة . مشهد إنساني متكامل ، أشخاص يعملون بالمجان لجنسيات مختلفة يضحون بوقتهم من أجل إنقاذ شاب لايمت لهم بصلة ، وأفواج من المتبرعين يتمنون مطابقة نوع دمهم مع المريض .

طويت صفحة اليوم وبدأت نهاراً جديداً متأملاً بما حدث ليلة أمس شاكراً كل من كان له الفضل بوصولي إلى هذه الدولة التي يفيض شعبها بالإنسانية ، وكانت الفاجعة بأن اتلقى خبراً سيئاً ... قتل رجل في الخامسة والثمانين من عمره وزوجته البالغة من العمر السابعة والثلاثين والتمثيل بجثثهما .. كونهم مسيحيين .

ولأن الضحيتين تربطني صلة قرابة معهم وإن كانت بعيدة ، فقد علمت بأنهم قطعوا أنف الرجل وحفروا مكانه علامة الصليب وكذلك في بطنه ، هذا مارآه ورواه إبنه بينما لم تتم الموافقة على رؤيته والدته للتشوهات التي أحدثوها بوجهها وجسدها .

تم ذلك برعاية ألله أكبر ووعوده الساقطة بإستحواذ المجرمين بأجمل المومسات في جنة الخلد . والمقارنة شرّعت أبوابها لمن يرغب بإنسانية الكفار وحيونة مثل هؤلاء المنحطّين مدعي الإيمان .

إنه الإله العادل الذي يكافىء الأشرار ويرمي الأبرار بعذاب ابدي ، فما أقبحها من عدالة ! والإنسان في دول الكفر قد وضع القوانين التي تكفل المساواة بين البشر ، فما أنزهها من عدالة !

فأيهما تُحتَرَم أكثر ، عدالة الإنسان في دول الكفر أم عدالة إله أخرق صنعه بعض الأغبياء وصدقوه ؟


Opinions