الجزيرة السورية لم تكن يوما أرضا كردية
لو كان للأكراد تواجد في الجزيرة فلماذا لم يتركوا لنا أي اثر يجعلنا نغيير نحن وكل الأثريين والباحثين قناعتنا التاريخية...الحكومة السورية لم تأخذ الأرض من الأكراد لتعطيها إلى العرب الغمر وإنما وزعت عليهم أراض من أملاك الدولة، التي تكونت بعد قانون الإصلاح الزراعي
كان السكان الأكراد الأكثر استفادة من قانون الإصلاح الزراعي حيث وزعت عليهم الدولة أراضي زراعية في مئات القرى التي كانت تعود ملكيتها أصلا إلى ملاكين عرب وسريان
كردستان تاريخيا:
لم يذكر التاريخ البعيد ولا القريب ولا حتى المتوسط أي كلمة تشير إلى كردستان كدولة أو وطن له كيان مستقل، حتى المكتبة الألفية الإسلامية (للإخباريين المسلمين) لا توجد فيها أية كلمة تشير إلى هذا المصطلح وان كان قد وردت في بعض الكتب إشارات مقتضبة إلى الكرد على أنهم أعراب الفرس أي ما معناه بأنهم لم يكونوا يوما سكان أصليين في هذه المنطقة التي لم يكن لهم فيها عبر التاريخ أية مملكة أو دولة، وحتى الإمارات التي يتغنون بها (كانت عبارة عن أقطاعات) لا يعود تاريخها إلى أكثر من مئتي عام ولم تعمر طويلا لأنها أصلا تكونت نتيجة ظروف استثنائية احتلالية بمباركة من العثمانيين المتوحشين الذين جلبوهم من أواسط أسيا (كأنكشاريين) واستخدموهم حراسا لمكتسباتهم وما لقب الاغا الذي أغدقه العثمانيون على زعمائهم ، سوى تأكيد على أنهم جلبوا من خارج المنطقة للحد من توسع المد الصفوي ، سيما وان كلمة اغا التركية (معناها بالعربية رئيس الحراس) وإذا كانت هذه هي الحقيقة لكلمة كردستان تاريخيا ، لا نعلم من أين جاء هؤلاء بمصطلح كردستان الغربية التي يقصدون بها طبعا الجزيرة السورية والتي لم تكن يوما أرضا كردية وإنما هي متجذرة في سوريتها، ونحن لا نسوق هذا الكلام من دون وقائع أو إثباتات وإنما استنادا إلى الحقائق الأثرية فالحجارة لا تجامل أو تتعاطف مع احد، ففي محافظة الحسكة التي يوجد فيها ألف تل اثري لا توجد فخارة واحدة مهما قل شانها تشير بصورة أو بأخرى إلى الأكراد،حيث جميع التلال المكتشفة على سبيل المثال لا الحصر (تل ليلان- شبات انليل العاصمة الشمالية للملك الآشوري شمشي حدد) (تل براك –تل موزان- حمو كر- تل عربيد- تل محمد ذباب (شمشي ايلونا) جميعها تؤكد بان المنطقة كانت اكادية آشورية أرامية، مع تواجد لآثار حثية وحورية أو سوبارتية ثم رومانية وهلنستية في فترات متفاوتة وبالتأكيد ما يحاول تسويقه بعض المشوهين للتاريخ بان السوبارتيين والحثيثين والحواريين هم أجداد الكرد، هو كلام عار عن الصحة لان جميع الأثريين قد وصلوا إلى حقيقة هذه الشعوب التي قدمت إلى المنطقة كشعوب محتلة (لفترة من الزمن) ثم انقرضت وان كان البعض يشير إلى أن الحثيثين هم أجداد الأرمن وفي بعض الأحيان أجدادا للترك، وبالطبع لا نعلم الحجة التي جعلت الكرد ينسبوا فيها أنفسهم إلى هذه الأقوام مع العلم بان اللغة المتروكة على الألواح الفخارية لا تمت بشكل أو بأخر إلى اللغة الكردية (اللغة الكردية مجموعة لهجات السوراني لا يفهم على الباديني أو الكرمانجي) التي لم يكن لها يوما حرفا تكتب به، ففي شمال العراق يكتبون بالحرف العربي وفي تركيا يكتبون بالحرف اللاتيني،وكما أن نسب الأكراد أنفسهم للميدين (بدأ الأكراد ينسبون أنفسهم في العقود الأخيرة للميدين) هو كلام بعيد كل البعد عن الحقيقة لأنهم أي الميدين هم فرس اقحاح والتاريخ الفارسي القديم والحالي يؤكد هذه الحقيقة التي لا يمكن أن يغطيها الغربال الكردي، هذا من جهة ما يخص الجزيرة السورية تاريخيا (قبل الميلاد) ،أما ما يخصها في هذا الجانب بعد الميلاد فموقع تل تنينير الواقع بالقرب من الحسكة والمكتشف من قبل البروفسور الأمريكي مايكل فولر فيه الحقيقة الكاملة التي تدحض أي ادعاء كردي في تواجدهم التاريخي في المنطقة، فهذا التل الذي يعود إلى نينوى 5، مرت فيه حضارات متعاقبة من اكادية وآشورية وهلنستية، كانت أخرها الحضارة العربية، وانتهت هذه المدينة العامرة في عام 1401 نتيجة الهجمات المغولية التترية على البلاد، وجميع الآثار المكتشفة فيها تؤكد بأنها كانت مسكونة من قبل السريان الآشوريين وأبناء عمومتهم العرب وذلك من خلال الألواح المكتوبة التي عثرت في خرائب ديرها وكنيستها وجامعها وخانها وحمامها وسوقها التجاري، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال وجيه لو كان للأكراد تواجد قبل هذا التاريخ في المنطقة فلماذا لم يتركوا لنا أي اثر يجعلنا نغيير نحن وكل الأثريين والباحثين قناعتنا التاريخية.
تواجد حديث:
أمام هذه الحقائق التاريخية التي لا تشوبها أي شائبة ويؤكدها الحجر ولا تنفيها الشجر فإننا لم نلحظ أي تواجد تاريخي للأكراد في الجزيرة السورية في العصور الغابرة والمتوسطة، أما ما يخص تواجدهم في العصر الحديث في مدن وبلدات الجزيرة السورية فهو لا يعود إلى أكثر من خمسة أو ستة عقود ولم يكونوا بهذه الكثرة ( تقدر نسبتهم الآن في عموم محافظة الحسكة ما بين 30 إلى 33 بالمئة من السكان ذات الغالبية العربية التي ازدادت في الآونة الأخيرة نتيجة الغزارة في الولادات بسبب تعدد الزوجات والاستفادة من التطور الصحي الذي وفرته الدولة لكل أبناء الوطن) حيث أن معظمهم قدم للبلاد من جنوب شرق تركيا وشمال العراق (وهذه المناطق أيضا كانت مناطق آشورية كلدانية سريانية وتغير شكلها الديمغرافي بسبب المذابح المتتالية وبسبب الهجرة بعد عام 1914 ) ولم يسكن الكرد في بداية قدومهم للمنطقة المدن وإنما احتلوا وبمباركة عثمانية بعد عام 1914 الكثير من قرى السريان المتواجدة في الجزيرة السورية ونذكر من هذه القرى قرية بيازة (تعود ملكيتها الى ال روهم) قرية خزنة (تعود ملكيتها الى ال شنكالي) قرية كندك سيد (تعود ملكيتها لآل حبش) حلوة (جميع سكانها كانوا سريانا قتل اغلبهم والبقية الباقية هجرت دينها عنوة واستكردت ومنهم عائلة تيشي وملكي وبدا) قرية محركان (تعود لآل شماس وسهدو وحررت من الأكراد بعد عام 1930) وكما أن شيوخ العشائر العربية في تلك الفترة وبعدها بقليل قاموا بجلب العديد من الفلاحين الأكراد إلى القرى التي كانوا يملكونها للعمل فيها كفلاحين ومنها على سبيل المثال وليس الحصر قرى سبع جفار وطبكة وباب الحديد وشبك.
القامشلي سورية:
ومن الشعارات التي أطلقها وحاول تصدريها الغوغائيين عبارة :مدينة قامشلو الكردية وسري كاني الكردية (أي راس العين) وهنا نسال هؤلاء متى كانت هاتين المدينتين التاريخيتين (القامشلي امتداد لنصيبين التاريخية) مدنا كردية ومعهما مدينة المالكية أو ديريك لا فرق، لماذا تشوهون الحقائق التاريخية بهذا الشكل الواضح، (الأكراد في شمال العراق حولوا اسم مدينة اربيل الآشورية- أربعة أيلا- و معناها باللغة العربية الآلهة الأربعة- إلى اسم كردي وسموها هوليير)، فذاكرة إعادة بناء هذه المدن من قبل السريان (وهم سوريون اقحاح) وأبناء عمومتهم العرب، ليست بعيدة، فلو عدنا إلى ثلاثين أو أربعين سنة ماضية لما وجدنا في هذه المدن ومن ضمنها بلدات عامودا والدرباسية وقبور البيض سوى أعداد قليلة من الأكراد لم تكن تتجاوز نسبتهم في أحسن الأحوال في (القامشلي أكثر من خمسة في المئة) وفي المالكية (عشرة في المئة) وفي الدرباسية نفس النسبة) وأيضا بلدة عامودا التي هي فعلا الآن بلدة كردية من حيث عدد السكان (كانت الغالبية فيها سريانية-عربية) وينطبق ذلك أيضا على مدينة راس العين التاريخية (ريش عينا) التي يسكنها الكثير من العائلات الجاجانية، عداك عن كون غالبية محيط هذه المدن والبلدات محيط عربي مكون من العشائر العربية التي استمرت في التواجد بالجزيرة السورية رغم مرورها خلال الاحتلال العثماني بفترة فراغ سكاني، وأمام هذه الحقائق التي يعرفها الغريب والقريب، والتي تؤكد بان الأكراد قوم وافد إلى المنطقة (وتقبله الشعب السوري بنفس الدرجة التي تقبل بها العديد من الأعراق الأخرى من ارمنية وتركمانية وشركسية وجاجانية) وهنا نسأل من هو المحتل، كما نسال سؤال آخر، يتواجد الآن في ألمانيا حوالي ثلاث مائة ألف كردي و سوف يصل عددهم بعد خمسين عام إلى ثلاثة ملايين، فهل سيقلق هؤلاء الدولة الألمانية ويطرحون مصطلهحم القادم (كردستان ألمانيا)
كل متر مربع لكل السوريين:
ومن الأقاويل الساذجة التي يرددها أيضا المتعصبين من الكرد أن الحكومة قد أخذت الأراضي منهم وأعطتها للعرب الغمر التي جلبتهم من الرقة لكي تكون من خلالهم توازن ديمغرافي وحزام عربي، وبالطبع هذا الكلام عار عن الصحة ولا يمت قيد أنملة للحقيقة، أولا لان كل متر مربع من سوريا يعطي الحق لأي مواطن سوري في العيش عليه بحرية تامة، فابن السويداء يحق له العيش في الرقة أو الحسكة أو اللاذقية أو حمص أو درعا أو القامشلي وعلى العكس فان أبناء هذه المدن لهم الحق في العيش في أية مدينة سورية تستهويهم، لان الوطن وطن الجميع، وثانيا أن العرب التي يطلق عليهم الغمر لم يتركوا أراضيهم وقراهم بمحض من أرادتهم، وإنما نتيجة غمرها بمياه سد الفرات الذي هو مرفق حيوي هام أفاد كل أبناء سوريا شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، أما الأمر الثالث وهو الأهم: أن الحكومة السورية لم تأخذ الأرض من الأكراد لتعطيها إلى العرب الغمر وإنما وزعت عليهم أراض من أملاك الدولة، التي تكونت بعد قانون الإصلاح الزراعي، الذي كان قد حدد الملكية الفردية للشخص الواحد بمئة هكتار، وهنا لا بد من التوسع في هذا الموضوع أي قانون الإصلاح الزراعي الذي طال أولا شيوخ القبائل العربية ولا سيما شمر وطي وجبور و الملاكين السريان وكان الأكراد الأقل تضررا من هذا القانون خاصة وأنهم بالأصل لم يكونوا من ملاكي الأراضي الواسعة في الجزيرة (ما عدا عدد محدود من الملاكين في مناطق القحطانية والمالكية وعامودا والدرباسية والجميع يعلم جيدا بان الاغا حاجو قد قدم إلى قبور البيض بعد عام 1920 هربا من الأتراك) لا بل كان السكان الأكراد الأكثر استفادة من قانون الإصلاح الزراعي حيث وزعت عليهم الدولة أراضي زراعية في مئات القرى التي كانت تعود ملكيتها أصلا إلى ملاكين عرب وسريان، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قرى: تل عدس وباب الحديد وشبك وحداد وخربة البئر وقصروك (الدولة أعطت الفائض من أراضي هذه القرية لفلاحين أكراد من قرية الالقوس) وأيضا رجم عيار- أم كهيف -بحرية –عابرة ومعبدة (تعود ملكية هذه القرى قبل قانون الإصلاح الزراعي إلى شيوخ قبيلة شمر دهام الهادي وميزر وعيونان المدلول وعبد الرزاق الصفوك وهذال) وقرى الحمر والدامرجي وابو خزف (وتعود ملكية هذه القرى إلى ال عبد الرحمن شيوخ قبيلة طي) وأيضا قرى أم حجرة وتل العبدو سيد علي وتل شعلان وقبور الفاضل وخاشوكة وبهية و باب الخير والداودية صفيا وسلمانية والب ي زاري (وتعود ملكية هذه القرى الى شيوخ قبيلة جبور من ال المسلط والزوبع) هذا غيض من فيض، ولو أجرينا مسح جغرافي للقرى التي يسكنها الآن (الغمر) لوجدنا اغلبها عائد أما لعرب شمر أو طي أو لعائلات سريانية ومنها نذكر تل علو رقم 1 تل علو رقم 2 تل علو رقم 3 محركان- ملا عباس- تل شامو- روتان- ما يؤكد بان الحكومة لم تأخذ أراضي من المواطنين الأكراد كما يدعون وإنما وزعت الأراضي الزائدة عن حقوق الملكية للفرد الواحد والتي حددت بمئة هكتار والفائض منها أصبح أراضي أملاك دولة ومن الأخيرة تم التوزيع على الفلاحين الغمر بنفس المقياس التي تم التوزيع فيه على الفلاحين الأكراد والعرب والسريان الآشوريين والأرمن واليزيديين، وهنا نعود لنسأل من جديد هل تكون الدولة بذلك أخذت الأراضي الزراعية من الأكراد أم أن الحقيقة وأمام الوقائع التي ذكرناها تكون قد أخذتها من العرب وأعطتها للأكراد.
الجهاد لأبناء القامشلي:
أما ما يخص نادي الجهاد الذي بدأ الغوغائيون يطلقون إلى جانبه اسمه عبارة الكردي، (نادي الجهاد الكردي) فهذا كذب جديد يضاف إلى سلسلة الأكاذيب التي أتحفنا بها، فلو عدنا إلى تاريخ الرياضة في مدينة القامشلي لما وجدنا فيها اسما لشخص كردي واحد، حيث كانت الرياضة في فترة الخمسينات مقتصرة على أبناء القامشلي الأصليين من سريان وأرمن وعرب، حيث كان هناك أربعة أندية هي الرافدين والهومتمن والعربي (الأخير كانت تمارس فيه فقط كرة سلة) وثم نادي الشبيبة، إضافة إلى هيئة رميلان واغلب الإداريين واللاعبين كانوا من السريان والأرمن والعرب، وعندما حصل فريق رميلان على كاس الجمهورية عام 69 كان اللاعبون بغالبيتهم من السريان، وبعد صدور المرسوم التشريعي رقم 38 لعام 1971 التي تم فيه دمج الأندية الأهلية تكون نادي الجهاد من كوادر هذه الأندية وحين صعد إلى الدوري الممتاز عام 1978 لم يكن يحوي في صفوفه أي لاعب كردي، وحين شارك في أول دوري ممتاز كان في صفوفه لاعبين أكراد (عبدو أبو الشكر وعلي طاهر) ولان أبناء مدينة القامشلي لم تكن لديهم أية نظرة عنصرية لهذا قامت إدارة النادي في ضم أي موهوب مهما كان عرقه (على مبدأ لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا في التقوى) إلى أن بدأ العنصر الكردي يتغلغل رويدا رويدا في صفوف الجهاد (ربما بشكل منظم) ما كان له الدور في الأعوام الثلاثة الأخيرة في جعل الأقلية أكثرية والأكثرية أقلية (طبعا على مستوى اللاعبين) فيما بقي الجهازين الفني والإداري مكون من تشكيلة تمثل كافة شرائح المجتمع، وهنا نقول للغلاة من الغوغائيين (منتخب فرنسا أو هولندا يضمون في صفوفهما العديد من اللاعبين الأفارقة هل ذلك يعني بان هذين المنتخبين يجب أن نقول عليهما بانهما منتخبين أفريقيين) ونفس الحالة تنطبق على العديد من الأندية الأوربية التي تضم في صفوفها لاعبين من مختلف الدول، ختاما نقول هل نسي هؤلاء بان نادي الجهاد تعود ملكيته للدولة (منظمة الاتحاد الرياضي العام) وبالتالي هو مرفق عام مثل بقية المرافق التي يستفاد منها العامة من كل أطياف المدينة، المدينة التي استنكرت بقوة ما بدر من الغوغائيين تجاهها وتجاه بقية المدن من أعمال وتخريب والتي كانت أقساها حرق العلم السوري والتعدي على رموز الوطن، وكأن لسان حال رياضيها يقول للبعض من الأحزاب الكردية من فوضكم في الدفاع عنا ومن أعطاكم الحق في استخدام نادي الجهاد للتعبير عن أحقادكم، مشوهين اسمه الناصع وأوصلتموه إلى ا ل درك الأسفل أمام الرأي العام علما بان جماهير هذا النادي المجتهد كانت مضربا للمثل في خلقها وأخلاقها قبل خمسة عشر عاما وللحديث بقية.