الحـــوار ... والإقــناع ..!!
أن الجدل والنقاش والإقناع هما عمليات تشكل مفاصل لديناميكية العمليات الحوارية . وهي المحور الرئيسي والأساس في كل تلك الاتصالات والاجتماعات التي ترافق أنشطة وأعمال لجان التحاور .و تكمـن أهميتها على الأقــل من ناحية استحواذها للزمن الذي يفرد لها خلال فترات الحوار وصولاً إلى اتفاقات ونقاط مٌرضية لتسوية الخلافات والاختلافات في وجهات النـظر بين جميع الإطـراف .
ان طبيعة الاختلافات ونوعها ، هما من يحـدد الأدوار والوسائل التي يمكن من خلالها اختيار الآليات و المنهجية التي ستسير عليها العملية التحاور ، لأنها تمثل المعضلة المعقدة من وجهة نظر الأطـراف المتخاصمة .
ومن العيب والخطأ أن ينظر البعـض إلى أن عملية الحـوار ، نوع مـن أنواع التكتيكات لتساوم ، وهـذا يعـد جـزء من الحقيــقة ، وليس الحقــيقة كلــها .
ولكنها تعـد عملية مستقلة ، لابد لــنا أن نلجأ لتحليل لهــذا المفهوم من حـيث الدراسات اللغوية و الاتصالية .
• فالــجدل أو الحــوار هـو في الأصل أنشطة شفهية تـتطلب مضموناً جوهرياً ، معـقـداً نسبياً ، بمعنى انه شيء يستحق بــذل الجــهد والجــدول حــولــه .
الجـدل أو الحـوار كـــما قلـنا أنه عملية تهــدف إلى بعـدين هامـين هـما :
( حــل المشكلة و الإقـــناع ) .
يلعب الحـوار والجــدل دوراً هــاماً ، في إيجاد نوع من التفاهم المتبادل ، للأطراف المخـتلفة في وجهة النـظر . ربما يوفـر الحــوار من الأجــواء ما تساعد على إمكانية خــلق رؤية مشتركة حــول جــوهر الاخـــتلاف . وهذا لا يعني بالضـــرورة تطابق الرؤى ، أو إيجاد رؤية واحدة، أنما هذه العملية ستقودنا رحاب واسع من العصف الذهني الذي سيسهم في تنقية الأجواء.
• أما الأمر الأخـر فيتعلق بلغة الحوار - لعـل الاتفاق على محددات أكثر وضحاً وأكثر مرونة ، لإيجاد لـلـغة مشتركة وموحــدة أو مصـــطلحات ورمــوز، يــتم على أساسها الحـــوار .
أن وضـــوح الهـــيكل الإدراكي يسهل عمــلية تبــادل الاقتــراحات ، وفي ظـل غياب ذلـك ، يـسود التباطـؤ في عـملية الحــوار .
• أن خلق أجواء التــفاهم المتبادل أو إزالة سوء الفهم الذي يقـــتضي من الإطراف جــدل المــطول في اغلب الحالات، وهــنا لا ينــبغي عليـنا المبالغة في أن نجـعل من الدوافــع النــفسية والشخصية محــور أساسي للـــنزاعــات و الاخـــتلافات .
وهذه تعـد من الأخــطاء الشائعة والفادحة التي يقع فيها الأطــراف أثـناء الحـوار، ولـكن ما يغـفل عن الأذهـان أن الدوافع الأساسية يجـب أن تكون فــكرة عامة - كالمساواة أو العـدالة أو المنـفعة المشتركة . لا كما يضنها البعض على أنه منافـع ومأرب شخصية .
أو كما قـد يـراها البعض بأنها إجــراءات تقيــميه لإقامـة وحـدة ســياسية أو انــتقـاديه، وما من حـل لـكسر حلــقة سـوء الـفهم ، إلا أن نجـعل من اقـتراحاـت الأستاذ " رابو بورت " دلـيلا نهتدي به المسمى ب "جولة تبادل الأدوار" بمعنى أن يفـترض الأطـراف المختلف في الرأي، كــلاً منهما مكان الأخــر . أن يسأل نفسه كيف كـنت سـأتصـرف إذا ما كـنت في موقـع الخـصـم !؟ .
أن محاولات عـرض الـذات وشـرح وجهة النـظر، يقـودنا إلى كـسب تعـاطـف الـطرف الأخــر والعـكـس صـحـيح .
أن محــاولة إزالة الغـموض في يـطرح من المطالب وسـوء الفهـم ، يجـعـلنا نـجـتاز العـوائق النــفسية ويدفع بدرجة كبـيرة إلى الفرص المتاحة إلى توصلـنا إلى أتفاق منصـفة ومحــددة .
وفي الحــوارات والمـفاوضات المعـقدة قــد يبــادر أحـد الأطــراف إلى خــلق الـمــبدأ الذي سيتم على أساسـة الاقــتراب من موضــوع الحـوار وفي هــذه الحالة تحـسب له، وليس علـيه ، وكونه المبادر الأكثر شجـاعة .
لذا.. يـرى منـظرو السياسـة أن هــناك مبدءا أساسية لـنجاح أي عـملية حـــوار ، أن يكون هـناك راعي للعملية ، وان تـتوفـر الـندية ، أن تحٌــدد الثـــوابت ، ويمكن حيـنها أن نقـول عملية الإقـــناع تمت بنــجاح .
ومن الممكن ولأضـــير أن يكون رئــيس الجمهـورية على سبيل هـــو الراعي والـداعي لمـثل هكــــذا حــوار بشـــرط أن يصبح رئيـــساً لكـل الأحــــزاب ، وليس رئيسـا للـطـرف الخـصم كما يـتصوره البعـض .
على الأطـراف الأخـرى ينـبغي علـــيها، أن تعــي حـجـمها الحقــيقي في السـاحـة و أن لا تصـطاد في الـماء العــكر ، وأن تـنـاور عـلى المـدى الـبعــيد ، من أجـل نــيل استحـقاقها بـطـرق السلمية والمشروعـة . وأن تعــيد ترتـيب أوضـــاعها الداخــلية بما يجـعـلها تخـوض تـنافـس متــكافئ في المـرات القـادمة ، فـرب العـزة قـد بنـاء السمــوات والأرض في ســــتة أيـام ..!
كاتب وباحـث - اليمن