Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الحقوق القومية المشروعة للشعب الكلداني

(إنني افتح نوافذي للشمس والريح ولكني أتحدى آية ريح تقتلعني من جذوري )
المهاتما غاندي
لكل أمة من الأمم تاريخها وحضارتها وماضيها سواء كان ذا قيمة عالمية ومؤثرا في حضارات العالم أو غير مؤثر تاركا بصمة في تاريخ الشعوب أو مهمشا لا قيمة له إلا حضارة وماض. فالحديث عن القومية حديث ذو شجون، تشدنا إليها الكتابة دوما، وإعادة البحث والإبحار كلما سنحت الفرصة للتعريف أكثر وأكثر وما يشعر المرء به من عظمة الارتباط، قوة الانتماء، وضرورة التواصل مع القوم. تظهر الحاجة لإعادة تعريف الهوية حينما تنهار السياسات الشمولية التي تريد إخضاع المجتمع لنمط خطي من التفكير والانتماء والتطلعات. وللهوية القومية ضمنيا تعاريف متعددة حسب العلم الذي يبحث فيها،كان علم النفس أم علم الاناسة أو علم الاجتماع. وسنقتصر هنا على تعريفها في مجال علم الاجتماع السياسي، تتفق اغلب التعريفات بأنها مجموعة الخصائص التي يتمكن للفرد عن طريقها أن يعرف نفسه في علاقته بالجماعة الاجتماعية التي ينتمي إليها والتي تميزه عن الأفراد المنتمين للجماعات الأخرى، هذه الخصائص أو المميزات الجمعية لا تتكون صدفة أو بقرار في لحظة تاريخية ما بل تتجمع عناصرها وتطبع الجماعة بطابعها على مدار تاريخ الجماعة من خلال تراثها الإبداعي وطابع حياتها ( الواقع الاجتماعي ) وتعبيرات خارجية شائعة مثل( الرموز والعادات والتقاليد واللغة واللهجة ) واهم مكونات الهوية، هي تلك التي تنتقل بالوراثة داخل الجماعة، وتظل محتفظة بوجودها وحيويتها بينهم مثل الأساطير والقيم والتراث الثقافي، سواء كانت الجماعة تعيش على أرضها التاريخية أو موزعة في ارض الشتات على هذه البسيطة
تحدثنا مرارا وتكرارا فلم نجد تفسيرا، بغير دوافع الجهل البغيض، إضافة إلى سبب مهم أخر هو قلة المعرفة والإلمام بتاريخ حضارات بلاد الرافدين... من رحم الطين الفخاري ولدت حضارة بابل الكلدانية القديمة، فكانت سهلا اخضر يرمز إلى الحياة والنضارة، مجبولة بالأساطير والحكايات، تمثل رمزا تعريفيا للعراق في سائر أرجاء المعمورة... وتتضح ضحالة الثقافة التاريخية والصلة بين التراث الانثروبولوجيي الماضي والحديث وسط كثير ممن يوصفون بالمثقفين وهي احدى العوائق الرئيسية أمام وحدة مجتمعنا (الكلداني والسرياني والأشوري ) والآمر لم يقف عند حد الضحالة فحسب، بل تجاوزها إلى مرحلة تعمد إزالة الآخر عن قصد، وهو ما يسميه علماء الاجتماع والانثروبولوجي بالقصور الذاتي، وهو يأتي دائما نتيجة لجهل أو تجاهل واقع اجتماعي وتاريخي لغرض سيطرة لونية ثقافية محددة، ولقد أشاروا إلى ذلك في مقالات سابقة من على هذا المنبر العديد من الكتاب الكلدان.
يبلغ عدد الكلدان أكثر من مليون ونصف المليون نسمة ينتشرون في الشرق الأوسط وفي أرجاء المعمورة، ويتمركزون بكثافة في وادي بلاد الرافدين، ويعتبر الكلدان على كثرتهم جزءا لا يتجزءا من النسيج الاجتماعي العراقي، شاركوا أخوانهم العرب والأكراد والتركمان في مختلف أنشطة الحياة بصورة طبيعية، شاركوا إخوانهم العراقيين السراء والضراء وقدموا التضحيات والشهداء، وعانوا من ظلم حكامه أسوة ببقية إخوانهم العراقيين، ورفدوا وطنهم بشخصيات بارزة ساهمت في بنائه، وتبوأ بعضهم مناصب قيادية وسياسية مهمة في وطنهم العزيز.
الكلدان قوم يحق لهم اختيار طريق حياتهم وشكلها ومبادئها وأفكارها التي لا يجوز لأي شخص أو أية جهة أن تمارس الوصاية عليهم إلا من يحمل الهوية الكلدانية أو يعترف بالكلدانية كقومية عريقة ذات جذور تاريخية عميقة في بلاد الرافدين طالما التزم مبدءا المساواة كما تنص عليه اغلب الدساتير الديمقراطية المعاصرة. وكما يجري الحديث عن الديمقراطية باعتبارها مجموعة آليات تتكفل بإقامة حياة سياسية سليمة وتؤسس لعلاقة طبيعية بين أبناء الشعب العراقي بكافة مشاربهم ومذاهبهم، وهذه الآلية بدورها تمنح الإنسان حرية الاختيار، وترفض الطريقة التي تمكن بواسطتها أو من خلالها أي شخص أو أية مجموعة من صنع تسمية هوية قومية جديدة هجينة أو أي تسمية أخرى على حساب التسمية الكلدانية التاريخية. أن النفس البشرية تأبى الشعور بالهامشية والمظلومية... يجب أن تتحول الديمقراطية بعد سقوط الصنم من مجرد شعار سياسي إلى حالة واقعية فعلية على أساس التركيبة القومية، ويتم في هذا المسعى إقرار الحقوق الكاملة للشعب الكلداني في الدستور الفيدرالي العراقي الموحد وفي دستور إقليم كوردستان، واليوم عندما يطالب الشعب الكلداني بحقوقه القومية، فإننا نجد عدد من الذين أيدوا وبحماس الحقوق القومية والدينية لكافة شرائح الشعب العراقي المحرومة أيام المعارضة ضد النظام الدكتاتوري السابق، وما ان سيطروا نجد عددا... يتنصلون من شعاراتهم ووعودهم ويقفون موقف الضد من جميع معاهدات حقوق الإنسان والمواثيق الدولية

wadizora@yahoo.com

Opinions