الحلقة الثامنة نينوى والموصل المسيحية
تكلمنا بالحلقة السابعة عن نينوى عاصمة الدولة الاشورية واسماء بقية العواصم الاشورية ، وكذلك عن العصر الذهبي الذي مرت به مدينة الموصل في العصر الاتابكي . ان نينوى العاصمة الثالثة المقدسة للاشوريين ،يبدو انها أنشئت في مكان كالاه {كالح} التي حلت محل اشور القديمة ، وظلت نينوى العاصمة بالرغم من ان سرجون بنى دور شاروكين ، وبلغت أوج عظمتها في ظل حكم سنحاريب واشور بانيبال . وقد كشفت التنقيبات الاخيرة في الموصل عن اكثر معالمها ، ويعتبر ـ تل قوينجق ـ وتل النبي يونس {يونان} والسور الحجري من ابرز معالم هذه المدينة الاثرية ، وان الحفريات التي تمت خلال القرن الماضي من قبل الاوربيين ، قد ملاءت متاحف لندن واللوفر وشيكاغو بانفس الاثار القديمة واهمها ، ومن ضمن ذلك كانت مكتبة اشور بانيبال وقد كشفت مديرية الاثار في الاونة الاخيرة قصر سنحاريب وبدات بصيانة قاعدته .لااستطيع ان افصل في مقالاتي هذه بين الموصل ونينوى وقد سميت الموصل ضمن إحدى المدن في محافظة نينوى في العقود الاربعة الاخيرة ، كما ان سهل نينوى الممتد من شرق الموصل او الساحل الايسر لمدينة الموصل والذي يمتد الى زاخو ودهوك وشمالها وجميع المدن والقصبات ضمن هذا السهل والتي معظمها الى الوقت الحاضر مدن وقصبات مسيحية يأمل المسيحيون في الوقت الحاضر ، وخاصة بعد التفجيرات الاخيرة لكنائسهم في بغداد وكركوك وقبلها بعام في بغداد والموصل . وهجرة مسيحيي الجنوب الى الشمال وخارج العراق بسبب المضايقات التي يعانون منها في عملهم ورزقهم وحياتهم الاجتماعية .
ساتكلم في هذه الحلقة عن الموصل منذ سقوط بغداد عام 1258 على ايدي المغول حيث عاثوا بها فسادا ،وقتل المعتصم اخر خلفاء بني العباس ، لكن هذه الاحداث لم تثر ردود أفعال على اهالي الموصل آنذاك بسبب تحالف حاكم الموصل الداهية لؤلؤ مع الغزاة الجدد ويتبنى سياستهم الميالة الى المسيحيين . لقد تبادل الفرنج والبابوات السفراء مع ملوك المغول،وكان سفراء الغرب يتكونون من الرهبان الفرنسيسكان او الدومنيكيين ،وسفراء الخانات من مسيحيي منطقة الموصل . ان هذه المراسلات الاولى المتبادلة عن طريق هولاء السفراء تظهر رغبة الفرنج في عقد معاهدة عدم الاعتداء مع المغول تحمي اوربا من هجوم شبيه بالهجوم الذي شن على هنكاريا سنة {1240ـ1241} . اما ألبابوات فانهم يحثون الخانات على الاهتداء الى الايمان المسيحي ، ولكن هل كانت دولة المغول جنة المسيحيين ، يجب ألا يستهان يالتاثير الذي يتلقاه الخانات المغول الاولون ومن وزرائهم المسيحيين ومن زوجاتهم المسيحيات ، فكان للملك كلجوك تلك الفترة وزيران مسيحيان وهما {قداق وجنيقاي} . اما النساء المسيحيات في ذلك العصر ، منهن الوصية توراكلتا زوجة كلجوك اغول قايميش ، التي احتفظت بالسلطة بعد وفاة زوجها وابنتها شيرين .وهناك ايضا زوجة تولومي ، وام موكا وكانت مسيحية وتدعى {سويور كاكتاني بيكي}، وكانت عقلية المغول ولو تاثروا بالديانة المسيحية تميل بطبيعتها الى الخرافات حسب اعتقاداتهم السابقة .
الفترة التي مرت على الموصل بعد وفاة بدر الدين لؤلؤ
في سنة 1259 توفي لؤلؤ ، فخلفه إبنه الملك الصالح اسماعيل ، وعادت الأضطرابات الى المنطقة فبعد عام دخل الموصل أحد القادة المتحالفين مع الامير الجديد واسمه علم الدين سنجر حيث قتل بعض المسيحيين ،إلا أن المحنة الكبيرة جاءت سنة 1262 حينما ثار الملك اسماعيل على المغول ، فاخذت جيوشه ثم جيوش المغول تمارس اعمال القتل والنهب ، فجاءت اولا هجمة جنود الملك اسماعيل الذين انتقموا من المسيحيين للسرعة التي تعاونوا بها مع العدو المغولي ، واستنادا الى ماجاء في ابن العبري فان هولاء الجنود داهموا بيوت المسيحيين واستولوا عليها وقتلوا كل الذين رفضوا اعتناق الاسلام .
وحدث ان هناك عدد كبير من أبناء الشعب جحدوا عن ايمانهم ، ثم جاءت ردود فعل المغول فتم الاستيلاء على الموصل ، واخضعوا الملك اسماعيل لعذابات شرسة ، وقطع ابنه الاوسط من وسطه شطرين ، واصبحت مدينة الموصل عرضة للسلب والنهب ولمختلف انواع الفوضى طوال ثمانية ايام {حسب كتاب نصارى العراق } . فهرب العديد من الارثدوكس من الموصل ونينوى وشكلوا لهم جالية في اربيل وشيدوا لهم بهمة الاسقف السرياني الشرقي دنخا ، كنيسة على اسم مار بهنام ودارا اسقفية ، وماوى للرهبان . وظلت الموصل بعد هذه الفترة في إضطرابات تارة وهدوء . حسب وضع الحكام والضروف الخارجية . كما سننطرق الى ذلك بالحلقة التاسعة .