الخطر الكبير يحدق باللاجئين العراقيين في الاردن وسوريا
16/03/2007الجيران/
يخشى كثير من العراقيين الذين لجأوا الى الاردن باعداد كبيرة من ان تعمد السلطات الاردنية الى ابعادهم الى بلدهم.
ويتحدث العراقيون بقلق عن حافلات الشرطة البيضاء التي تسير في شوارع العاصمة الاردنية بحثا عن العراقيين المقيمين بشكل غير شرعي في الاردن، حيث يتم اعتقالهم ثم ابعادهم الى العراق ليواجهوا مصيرا مجهولا.
ولكن موضوع الاعتقال والتسفير، شأنه شأن اي موضوع آخر يتعلق بالعراقيين في الاردن، يتسم بالكثير من الشائعات واللغط - والقليل من الحقائق.
لا يعلم احد العدد الحقيقي للاجئين العراقيين الذين يتخذون من الاردن ملاذا لهم من العنف الذي يجتاح بلدهم، ولكنه قد يناهز المليون شخصا.
واذا اضفنا الى هذا العدد عدد مماثل لجأ الى سوريا المجاورة نجد انفسنا امام اكبر نزوح جماعي يشهده الشرق الاوسط منذ النزوح الفلسطيني عام 1948.
ولكن النزوح العراقي يختلف عن غيره بكونه غير مرئي. فلا معسكرات لاجئين، ولاتجمعات كبيرة للعراقيين - الا اذا عرفت اين تبحث عنهم.
دأب الاردن على السماح للعراقيين بالدخول دون اعتراضات تذكر، ولكن النزوح الجماعي يشكل حملا ثقيلا لهذا البلد الصغير ذي الخمسة ملايين نسمة.
ولقد حصل الاردن نتيجة موقفه هذا على الثناء من اطراف عديدة، ولكن الثناء وحده لا يكفي حيث لم تتقدم اية دولة اخرى بعروض لمساعدة الاردن على التعامل مع هذه المشكلة.
اما الآن، وبعد مرور اربع سنوات على الغزو والاحتلال الامريكي للعراق دون ان تظهر في الافق اي اشارة الى استتباب الامن في العراق، فإن علامات الضيق والتبرم بدأت بالظهور في الاردن.
صراع يومي
قانونا، تعتبر اقامة الغالبية العظمى من العراقيين في الاردن غير شرعية، حيث لا يمنحون اذون عمل ويصعب عليهم تسجيل اطفالهم في المدارس كما لا يتمتعون بالخدمات الصحية.
نتيجة لذلك يجد العراقيون صعوبات كبيرة في توفير لقمة العيش في بلد غريب، خصوصا عندما تبدأ مدخراتهم بالنفاد.
عادل وسهام وولديهما
فعلى سبيل المثال، كان عادل وزوجته سهام يتمتعان بمستوى معيشة لابأس به في بلدهما العراق. فعادل كان يعمل مترجما لدى القوات البريطانية في البصرة بينما كانت سهام تعمل مهندسة في احدى المنظمات غير الحكومية.
ولكنهما اضطرا الى ترك العراق مع ولديهما منذ اشهر بعد ان هددا بالقتل.
يعيش عادل وسهام وولديهما اليوم في شقة متواضعة تقع في زقاق ضيق في مركز العاصمة الاردنية عمان.
حدثتني سهام عن بيتها الكبير الذي تركته ورائها في العراق، وعن الاثاث الجميل والسيارة التي كانت تقودها قبل مجيئها الى المنفى.
اعتقلوه واخذوه الى مقر شرطة عمان وبعد اسبوع واحد سفروه الى العراق. لا اعلم ان كان حيا ام ميتا
فهد - لاجئ عراقي
واعتذرت لأنها لم تتمكن من تقديم قطعة حلوى مع القهوة التي اعدتها لي، كما اعتادت ان تفعل عندما كانت في العراق.
تحدثت الى ابنهما فهد، الذي يقضي اوقاته في مشاهدة التلفزيون لعدم تمكنه من متابعة دراسته. يقول فهد إنه لا يستطيع مبارحة الشقة خوفا من ان تعتقله الشرطة وتعيده الى العراق.
يقول فهد: "احد اصدقائي، واسمه علاء، يعمل رساما. اوقفته الشرطة قبل اسابيع وطلبوا منه ابراز بطاقة هويته. ولأنه لم يكن يحمل بطاقة، اعتقلوه واخذوه الى مقر شرطة عمان وبعد اسبوع واحد سفروه الى العراق. لا اعلم ان كان حيا ام ميتا."
جو من الرعب
التقيت بجودي ميلر، وهو راهب امريكي يعيش ويعمل منذ سنوات عديدة بين العراقيين في احدى الاحياء الفقيرة في عمان.
وصف ميلر مزاج العراقيين الذين يلتقيهم بشكل يومي هكذا: "انهم يعيشون في خوف مستمر مما يؤدي الى اصابتهم بعوارض صحية بسبب الضغوط النفسية التي يتعرضون لها."
ويضيف ميلر: "اينما ذهبوا يصاحبهم الخوف من ان يعتقلوا ويسفروا الى العراق. فاذا ذهبوا الى محطة الحافلات وشاهدوا سيارات الشرطة وهي تعتقل العراقيين يصابون بالهلع. وسرعان ما تنتشر الاشاعات بين العراقيين مما يزيد الطين بلة."
"على المدى القصير قد تنجح هذه الاجراءات (الاردنية) في خفض عدد العراقيين الموجودين هنا عن طريق اعادتهم الى العراق،" يقول ميلر.
ويصف ميلر كيف ان الشرطة القت القبض على احد اصدقائه العراقيين واعادته الى العراق في غضون ايام. وبعد عودته، اختطف هذا الصديق وعذب ثم قتل.
لقد شاهدت هذه الحافلات التي يكبل فيها العراقيون بالاغلال
سائق أجرة
عرفني صديق عراقي في عمان على سائق سيارة اجرة يعمل على طريق بغداد عمان.
قال السائق إنه شاهد بأم عينيه حافلات تابعة للشرطة الاردنية وهي تعيد العراقيين المطرودين الى الحدود العراقية.
قال السائق: "لقد شاهدت هذه الحافلات التي يكبل فيها العراقيون بالاغلال. كان واضحا انهم يعادون الى العراق."
قد تكون اعداد العراقيين المسفرين صغيرة، ولكن الخوف من التسفير منتشر جدا في اوساط العراقيين في هذا البلد.
من جانبها، تنفي الحكومة الاردنية اعتماد سياسة تسفير العراقيين.
ملاذ آمن
إن مشكلة اي نزوح للاجئين هو الاعتقاد بأنه مؤقت. ولكن ما هو تعريف المؤقت؟
الامير الحسن بن طلال
الاردن بلد رسمت ملامحه الهجرات الفلسطينية المتتالية. وهو بلد يفخر بسمعته كملاذ آمن، ولكنه يخشى موجة اخرى من اللاجئين الجدد قد تقيم فيه بشكل دائم.
يقول الامير حسن بن طلال ولي عهد الاردن الاسبق: "إن مشكلة اي نزوح للاجئين هو الاعتقاد بأنه مؤقت. ولكن ما هو تعريف المؤقت؟"
يشرح روب برين، مدير مكتب مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في العاصمة الاردنية، مخاوف الاردنيين بالقول: "للسلطات الاردنية مخاوف حقيقية ومشروعة على الامن في هذه البلاد، كما تخشى من احتمال انفراط لحمة المجتمع الاردني. فمن غير المقبول - لا في الاردن ولا في غيره - ان يسمح لهذا العدد الهائل من اللاجئين الذي يعادل 15 في المئة من مجموع سكان البلاد بالبقاء فيها بشكل دائم."
رسائل متناقضة
دأب الاردن على توصيل رسائل متناقضة الى ضيوفه من العراقيين، فيرحب بهم تارة ويسعى الى عدم جعل ترحيبه دافئا تارة اخرى.
فبينما تنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات شهريا على الحرب في العراق، لا تتجاوز ميزانية المفوضية العليا للاجئين الـ 60 مليون دولار للعام الحالي - وهو ضعف ما كانت تتقاضاه في العام الماضي.
من جانبها، اعلنت واشنطن منذ ايام عن نيتها استقبال 7000 لاجئا عراقيا، وهو عدد - رغم انه يزيد عما كانت الولايات المتحدة تستقبله في السنوات الماضية - لا يزال صغيرا جدا. اما بريطانيا، فلم تعبر عن استعدادها لاستقبال اي من اللاجئين العراقيين.
لحد الآن، كان الاردن وحلفائه في الغرب يرون انه في مصلحتهم التقليل من وقع مشكلة اللاجئين. فالنزوح العراقي لم يسبب مشاكل جدية في الاردن، الامر الذي يسجل لصالح الطبيعة المضيافة لشعب هذا البلد.
فالعراقيون، رغم مشاكلهم، يشعرون بالامتنان للملاذ الآمن الذي يوفره الاردن لهم.
وبانعدام الامل في تحسن الحالة في العراق على المدى المنظور، يبدو ان اللاجئين العرقيين سيمكثون في الاردن لفترة قد تطول.